مت ٢٢،٢١:٨ دع الموتى يدفنون موتاهم
21وَقَالَ لَهُ آخَرُ مِنْ تَلاَمِيذِهِ:«يَا سَيِّدُ، ائْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ أَبِي». 22فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اتْبَعْنِي، وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ». (مت ٢٢،٢١:٨)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
المثال الثاني: “وقال له آخر من تلاميذه: “يا سيّد ائذن لي أن أمضي أولًا وأدفن أبي. فقال له يسوع: اتبعني ودع الموتى يدفنون موتاهم“ [21-22].
إن كان الكاتب الأول قد تقدّم ليتبع السيّد وبسبب تمسكه بفكره المادي ورياء قلبه حُرم من التمتّع بالتلمذة له، فإن هذا الكاتب الآخر كان يمثّل الأمم الذين مات آباؤهم في عبادة الأوثان، وفي شعور بالعوز والاحتياج تقدّموا يطلبون التلمذة له. لقد قبلهم السيّد من أجل عطشهم وجوعهم للبرّ، سائلًا إيّاهم أن يتركوا الموتى أي يتركوا آباءهم الذين فقدوا حياتهم الروحيّة وعاشوا كأموات.
لعلّ هذا الكاتب كان مشتاقًا أن يتبع السيّد، وكأن العائق هو أباه الذي في سن الشيخوخة، فطلب السيّد منه أن يأذن له أن يبقى مع والده حتى يموت وعندئذ يكرِّس حياته له. طلب السيّد منه أن يترك الأموات حسب الروح أن يدفنوا من يموت حسب الجسد، أمّا هو فيتفرّغ للخدمة. وكأن السيّد أراد أن يميّز بين الأموات حسب الجسد والأموات حسب الروح. خدمة دفن الأموات حسب الجسد أمر سهل يمكن للجميع أن يقوموا به، أمّا ما هو أهم، فهو دفن الأموات حسب الروح مع السيّد المسيح ليقوموا معه، أي خدمة الكرازة بالمسيح المصلوب القائم من الأموات حتى ينعم الأموات بالروح بالقيامة الروحيّة. بمعنى آخر يسأله السيّد ألا يبكي على الميّت حسب الجسد، حتى وإن كان والده، إنّما يبكي على الميّت حسب الروح، وإن كان ليس قريبًا له حسب الدم أو الجنس!
* فلتبكِ بالأحرى على الذين يتركون الكنيسة بسبب جرائمهم وخطاياهم، الذين يسقطون تحت الدينونة بسبب أخطائهم[414].
* كان هناك ميّت يحتاج إلى دفن، ووجد أموات أيضًا يدفنون الميّت. واحد ميّت بالجسد والآخرون أموات بالروح.
* كيف يحدث موت للنفس؟ عندما لا يوجد إيمان! كيف يحدث موت للجسد؟ عندما لا توجد النفس! إذن فنفس النفس هو الإيمان. يقول المسيح: من آمن بي، وإن كان ميّتًا بالجسد، فإنه يحيا في الروح، حتى يقوم الجسد أيضًا ولا يموت بعد[415].
* كما أن الجسد يموت بفقده النفس التي هي حياته، هكذا تموت النفس بفقدها الله الذي هو حياتها.
* يريدنا أن نموت لكي نعيش، فإنّنا نعيش لكي نموت!
تفسير القمص أنطونيوس فكري
هذا الشخص كان يفكر فى أن يتبع المسيح لكنهمرتبك ببعض الأمور فلربما كان له والد شيخ وكان ينتظر موتهليدفنه ثم يتبع المسيح. فهو حسن النية مشتاق للتلمذة، لكنعاقته الواجبات العائلية. مثل هذا يشجعه المسيح ليتخذقراره، لذلك نسمع السيد يقول له إتبعنى وهنا يصرحبمشكلته ويقول له السيد دع الموتى يدفنون موتاهم= أىدع الموتى روحياً (الذين يرفضون أن يتبعوننى) يدفنون الموتىجسدياً
(أى يدفنوا أباك حين يموت بالجسد طبيعياً). والمسيح هنا لايدعو للقسوة مع الوالدين، بل معنى قوله أن هناك كثيرينسيقومون بهذا الواجب ولكن إتبعنى أنت. ومن شفى حماةبطرس قادر أن يدبر كما قلنا كل إحتياجات تلاميذه بما فيهادفن موتاهم. ولربما لو بقى لدفن والده تنطفأ الأشواق المباركةللتلمذة التى كانت داخله ويعوقه العالم. كثيراً ما منعتالعواطف البشرية كثيرين من تبعية المسيح. دعوة المسيح لهذاالشخص تعنى أنا أريدك لأعمال اعظم من دفن الموتى. منيريد أن يصير تلميذاً للرب عليه أن يترك أهل العالم يعيشونحياتهم العادية، أما هو فيكرس نفسه لخدمة الملكوت. فتلميذالمسيح كرس حياته لخدمة الأحياء، ليس لخدمة الموتى، هوبخدمته يقود الناس للحياة وهذا أهم.قطعاً السيد لن يمنعهمن دفن والده إذا مات، لكن المقصود عدم التعطل عن الخدمةبسبب التعلقات العاطفية الزائدة، والإنشغال بميراث الميتوتقسيمه.. الخ. ومراسيم العزاء اليهودية تمتد لشهور.