يو11: 21 فقالت مرثا ليسوع: يا سيد، لو كنت ههنا لم يمت أخي

 

“فَقَالَتْ مَرْثَا لِيَسُوعَ:«يَا سَيِّدُ، لَوْ كُنْتَ ههُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي!” (يو11: 21)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 

“فقالت مرثا ليسوع:

يا سيد، لو كنت ههنا لم يمت أخي”. (21)

وهي نفس الكلمات التي قالتها أختها فيما بعد (٣٢)، مما يكشف أنهما لم يكونا بعد يدركا شخص السيد المسيح كما ينبغي، أنه حاضر في كل مكان. لقد حملت إيمانًا أنه كان قادرًا بحضوره أن يمنع الموت من الاقتراب نحو أخيها، كما آمنت بحنوه وترفقه. كان إيمانها كالقصبة المرضوضة التي لن يقصفها يسوع المسيح، بل يسدنها ويدعمها.

“لكني الآن أيضًا أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه”. (22)

عادت مرثا تلوم نفسها وتصحح حديثها مع السيد المسيح، فإنها تؤمن بأنه حتى بعد موت أخيها إن طلب السيد من الله (الآب) شيئًا، أي إقامته، فسينال طلبته. لم تجسر وتقول أن يقيم أخاها، لكنها طلبت ذلك بطريق غير مباشر، وتركت له أن يحكم في الأمر، إن كان يقيم لعازر أم لا.

آمنت أنه إن طلب من الله شيئًا يعطيه إياه، ولم تدرك أنه هو الحياة، له الحياة في ذاته، وأن ما يفعله إنما بقوته، لأنه واحد مع الآب.

v أرأيت حكمتهما (مريم ومرثا) السماوية؟ وإن كان عزمهما ضعيفًا، لكنهما عندما أبصرتا السيد المسيح لم تنهارا في الحال في العويل، ولا إلى فجائع الندب، ولا إلى النوح، وذلك كما يعرض لنا نحن إذا رأينا أقوامًا من معارفنا داخلين عندنا في حال نوحنا. إذ اعتبرتا السيد المسيح معلمًا، لأنهما آمنتا به. لكنهما جهلتا شرفه السامي واقتداره بالقول: “أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه”. فخاطبتاه كمن يخاطب من هو ثابت في الفضيلة فينال ما يطلبه.

القديس يوحنا الذهبي الفم

فاصل

تفسير القمص متى المسكين

 

 

21:11- 24 فَقَالَتْ مَرْثَا لِيَسُوعَ: «يَا سَيِّدُ لَوْ كُنْتَ هَهُنَا لَمْ يَمُتْ أَخِي. لَكِنِّي الآنَ أَيْضاً أَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا تَطْلُبُ مِنَ اللَّهِ يُعْطِيكَ اللَّهُ إِيَّاهُ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «سَيَقُومُ أَخُوكِ». قَالَتْ لَهُ مَرْثَا: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي الْقِيَامَةِ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ».

‏مرثا تطرح انفعالها أمام الرب في صورة إيمانية بسيطة، مع حسرة على حاجة فلتت من يديها ومن يد الزمن. ولكن عادت تتعلق برجاء. والرجاء دائماً أبداً يغطي قصور ما لم يحققه الزمن، رجاء يستند، لا على الإيمان الشخصي فقط، بل وعلى العلم بقدرة المسيح, «أنا أعلم», مرثا ألقت بكل ما تبقى لها من أمل على وعد المسيح: «من آمن بي ولو مات فسيحيا»، مستندة على يقينها أن طلب المسيح مستجاب لدى الله. وهنا تكرر مرثا حضور الله إزاء طلب المسيح مرتين: «أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إيا،»، وذلك تأكيدا للعلاقة التي تربط المسيح بالله.
‏ثم، لا بد أن أحد التلاميذ أسر إليها بقول المسيح لهم: «أنا أذهب لاوقظه». لذلك اشتد يقينها بأن شيئاً عظيماً سيحدث على يدي المسيح، فبدأت تستحث الرب على ذلك، مؤكدة له أنها على يقين أن «كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه». لقد انطلق إيمانها مع هذه الكلمات، يحلق بقوة الرجاء في قوة الحياة التي يمكن أن يهبها المسيح, ولكن كيف؟ لم تجرؤ مرثا أن تطلب علانية ما يعز على أي إنسان طلبه. ولكن الحبة التي كانت تتأجج في قلبها كانت تضيء أمامها المجهول، وأن لا شي ء مستحيل لدى الرب.
‏«وكل» التي قالتها مرثا من عمق أعماق قلبها كفيلة بأن تغطي كل شي ء حتى القيامة من الموت: «أنا أعلم أن كل ما تطلب…«. و«كل» تترجم بالإنجليزية: whatsoever أى «مهما»
«قال لها يسوع: سيقوم أخوك. قالت له مرثا: أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير»: المسيح يتكلم عن القيامة كقوة إلهة فيه، سيستعلنها في شخصه كحقيقة حاضرة لا يحصرها زمان ولا تحدها أية قوة في العالم، وسيمارسها تجاه الموت ليلغي وجوده علنا، ويُظهر الحياة كقوة ‏غالبة ومنتصرة من داخل الموت.
‏والغاية من قول المسيح هذه الحقيقة: «سيقوم أخوك»، هو ليعلن لمرثا أن الموت ليس هو العدو ‏الذي ينتصر فوق الحياة، إذ توجد القيامة التي تبطله، يقولها هنا المسيح كخبر، قبل أن يكمله كفعل, ليصير هذا هو معيارنا الجديد بالمسيح يسوع تجاه الموت: «سيقوم اخوك». وفعلاً فإن مرثا أخذت قول المسيح كتعليم وفلسفة، وليس كعمل سيتم تجاه الميت. فوافقت عليه وشرحته حسب تقديرها الإيماني, كحقيقة عامة معروفة، وليس كفعل شخصي: «أنا أعلم أنه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير».
‏وبهذا تكون مرثا قد أخذت قول المسيح على مستوى التعزية ليس إلا، وذلك حسب أصول المجاملة في حالة الموت. وعززته باستذكار التعليم اليهودي من جهة قيامة الأجساد، الذي كان الفريسيون يعلمون به ضد الصدوقيين الذين لم يكونوا يؤمنون بالقيامة على وجه الإطلاق (مر18:12, أع8:23). وهذا التعليم اللاهوتي اليهودي ظهر بوضوح منذ القرن الثاني قبل اليلاد: «وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون، هؤلاء إلى الحياة الآبدية وهؤلاء إلى العار للازدراء الآبدي.» (دا2:12)
‏وقد دخلت هذه الحقيقة الإيمانية كجزء في العبادة الرسمية اليومية حيث تقال في البركة الثانية ضمن الثماني عشرة بركة: [أنت الجبار إلى الآبد يا رب، أنت الذي تحيي الموتى].
‏ولكنها كانت حقيقة مفهومة من جهة الأمور الأخروية, ولا تدخل قط في مفهوم إمكانية القيامة في الحاضر، الأمر الذي حققه المسيح لنفسه وللآخرين.
‏وهكذا أراد إنجيل يوحنا أن يضع في مقابلة ومواجهة: قانون الإيمان اليهودي، تجاه قانون الإيمان المسيحي، من جهة التعليم بالقيامة. فالأول يرى القيامة مجرد مقولة إيمانية في أمور أخر الزمان، والثاني يراها حقيقة خلاصية حاضرة الآن وكل يوم، في المسيح، وبالمسيح. وهذا هو رد المسيح الاستعلاني.

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

الآيات (21-24): “فقالت مرثا ليسوع يا سيد لو كنت ههنا لم يمت أخي. لكني الآن أيضًا اعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه. قال لها يسوع سيقوم أخوك.”

ربما حملت كلمات مرثا نوع من الإيمان المحمل بالشك، وربما هي تقصد أنك أنت يا رب مازلت في نظري قادر على الشفاء بالرغم من أنك لم تأتي لتشفي أخي. وربما كان لها أمل يشوبه الشك في أن يقيم السيد أخيها ولكنه أمل بعيد إذ قد إنتن، لذلك قالت. لو كنت ههنا = ولكن نرى هنا أن إيمان قائد المئة أقوى من إيمان مرثا.. “قل كلمة فقط فيبرأ الغلام”. فهو آمن أن قدرة المسيح على الشفاء تتحدى المكان (مت8:8). وهنا نسمع إيمان مرثا بالقيامة. وغالبًا دخلت فكرة القيامة لليهود من (دا 2:12+ 2مك9:7، 14) كلام مرثا لو كنت ها ههنا فيه ثقة في يسوع أنه قادر على الشفاء لو كان موجودًا. لكنه يعني أن يسوع قادر أن يمنع الموت ولكنه لا يقدر أن يعطي حياة. ولكن كلامها لا تذمر فيه.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى