تفسير المزمور 123 للقمص أنطونيوس فكري
آية (1): “إِلَيْكَ رَفَعْتُ عَيْنَيَّ يَا سَاكِنًا فِي السَّمَاوَاتِ.”
كل مَنْ اقترب من الله وعرفه يتواضع أمام عظمته ومحبته وقداسته، ويشعر أنه لا شيء، وهنا نرى المرتل يرفع عينيه ولكن في انسحاق، فهو على الأرض حيث الخطية والله في السماوات ساكنًا في النور والقداسة والمجد. الله في السموات هو الله القدير الذي لا يستحيل عليه شيء فلمن يلجأ المؤمن إلاّ إلى هذا الإله القوي طالبًا المعونة. حقًا الله قدير لكن الله يعطي حين يشاء (آية 2)، وفي الوقت المناسب بحسب مراحمه وليس لاستحقاقنا.
آية (2): “هُوَذَا كَمَا أَنَّ عُيُونَ الْعَبِيدِ نَحْوَ أَيْدِي سَادَتِهِمْ، كَمَا أَنَّ عَيْنَيِ الْجَارِيَةِ نَحْوَ يَدِ سَيِّدَتِهَا، هكَذَا عُيُونُنَا نَحْوَ الرَّبِّ إِلهِنَا حَتَّى يَتَرَأَّف عَلَيْنَا.”
العبد ينظر لسيده وهكذا الأمة لسيدتها، ويشعر أنه مِلْكْ لسيده، وسيده له الحق أن يمنحه أو يعاقبه، فهو لا ينتظر سوى رحمة سيده. وأن نكون عبيدًا لله فهي عبودية تحرر. بل أن الابن الضال كان مستعدًا أن يقول لأبيه إجعلني كأحد أجرائك ولكن أمام محبة أبيه الفياضة لم يقل هذا الجزء الذي كان قد أعده. علينا وإن “فعلنا كل البر أن نقول أننا عبيد بطالون” (لو10:17)، وننظر لله كغير مستحقين والله حينما يريد أن يعطي فليعطي، وحينما يريد أن يؤدب، فنحن عبيده. التواضع والإنسحاق هما حماية لنا من الكبرياء المُهْلِك، بل هو الطريق لِسُكْنَى الله فينا “لِأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْمُرْتَفِعُ، سَاكِنُ ٱلْأَبَدِ، ٱلْقُدُّوسُ ٱسْمُهُ: «فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلْمُرْتَفِعِ ٱلْمُقَدَّسِ أَسْكُنُ، وَمَعَ ٱلْمُنْسَحِقِ وَٱلْمُتَوَاضِعِ ٱلرُّوحِ، لِأُحْيِيَ رُوحَ ٱلْمُتَوَاضِعِينَ، وَلِأُحْيِيَ قَلْبَ ٱلْمُنْسَحِقِينَ” (إش15:57).
الآيات (3، 4): “ارْحَمْنَا يَا رَبُّ ارْحَمْنَا، لأَنَّنَا كَثِيرًا مَا امْتَلأْنَا هَوَانًا. كَثِيرًا مَا شَبِعَتْ أَنْفُسُنَا مِنْ هُزْءِ الْمُسْتَرِيحِينَ وَإِهَانَةِ الْمُسْتَكْبِرِينَ.”
هذه يقولها المسبيين العائدين الذين شبعوا هوانًا من البابليين، ويقولها كل خاطئ تائب شبع سخرية من إبليس أثناء فترة خطيته.
وهذه الآية نبوة عما حدث للمسيح وهو على الصليب من هُزء وسخرية.