يو6: 40 …أن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية…
“32فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ مُوسَى أَعْطَاكُمُ الْخُبْزَ مِنَ السَّمَاءِ، بَلْ أَبِي يُعْطِيكُمُ الْخُبْزَ الْحَقِيقِيَّ مِنَ السَّمَاءِ، 33لأَنَّ خُبْزَ اللهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ». 34فَقَالُوا لَهُ:«يَا سَيِّدُ، أَعْطِنَا فِي كُلِّ حِينٍ هذَا الْخُبْزَ». 35فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا. 36وَلكِنِّي قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ قَدْ رَأَيْتُمُونِي، وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. 37كُلُّ مَا يُعْطِينِي الآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ، وَمَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا. 38لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 39وَهذِهِ مَشِيئَةُ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَانِي لاَ أُتْلِفُ مِنْهُ شَيْئًا، بَلْ أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. 40لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ».” (يو6: 32-40)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“لأن هذه مشيئة الذي أرسلني:
أن كل من يرى الابن ويؤمن به
تكون له حياة أبدية،
وأنا أقيمه في اليوم الأخير“. (40)
v إن خلاصنا ونجاتنا من الموت واستعادتنا إلى الحياة هي عمل الثالوث القدوس كله… من خلال الثالوث القدوس كله تأتي الصالحات لأجلنا، فيكون الله الآب هو كل شيء في الكل بالابن في الروح القدس.
v من يمن به يأكل الخبز الحيّ.
v لماذا يركز دومًا علي القيامة؟ لكي لا يحكم الناس علي عناية الله خلال الأمور الحاضرة وحدها، كمن لا يتمتعون بالثمار هنا، فيحل بهم القنوط، وإنما يلزمهم أن ينتظروا الأمور القادمة. كما لا يستخفون بالله لأنهم لا يعاقبون علي خطاياهم، بل يتطلعوا إلي الحياة الأخرى. الآن هؤلاء الناس لا يقتنون شيئًا (من شرهم)، أما نحن فيلزمنا أن نقتني بالآلام ربحًا وذلك بتذكرنا المستمر للقيامة… إنه توجد قيامة، وهي علي أبوابنا وليست بعيدة عنا ولا علي مسافة منا.” لأنه بعد قليل جدًا سيأتي الآتي ولا يبطئ “(عب 10: 37).
تفسير الأب متى المسكين
40:6- لأَنَّ هَذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابن وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ».
واضح هنا أن المسيح يشرح الإجابة على نفس سؤال الجليليين له: ما هو عمل الله الذي يمكن أن نفعل؟ كما أنه هو إعادة توضيح لرد المسيح: هذا هو عمل الله. أن تؤمنوا بالذي هو أرسله أي تصدقوه!!
والاضافة التي أضافها المسيح جديدا في هذه الآية هي كيفية الإيمان به: «كل من يرى الابن», كذلك، الإيمان به: تكون له الحياة الأبدية (منذ الآن)»، ويكمل فعل هذه الحياة، واستعلانها بتجلي الجسد الروحاني في اليوم الأخير: «وأنا أقيمه في اليوم الأخير»، وهذه الآية تأتي لتوضيح وتأكيد آية سابقة بنفس المعنى: «ولكني قلت لكم إنكم قد رأيتموني ولستم تؤمنون» (يو36:6). فالإضافة الجديدة توضح لهم أن عدم الايمان به, أي عدم تصديقه بعد أن رأوه يعمل مشيئة الله وسمعوه يتكلم بكلام الله وأكلوا البركة الإلهية من يديه، معناه أنهم رفضوا مشيئة الله، وحرموا أنفسهم من الحياة الأبدية.
«كل من يرى الابن»: كلمة «يرى» هنا لا تمت إلى النظر الطبيعي بالعين ولكنها رؤية بالقلب والفكر الروحي المدرب بالكلمة. وتأتي باليونانية ( ) واضحة جدا لتفيد هذا المعنى. وهي تمت إلى معنى التأمل الذي نسميه في التدريب التصوفي «التاورية»، وفيها يرتقي الفكر إلى رؤية الحقائق الإلهية حيث يستنير الفكر بالنور الإلهي الداخلي. وهذا المعنى يوضحه المسيح مرة أخرى في آية تالية: «الذي يراني يرى الذي أرسلني. أنا قد جئت نورا إلى العالم حتى كل من يؤمن بي لا يمكث في الظلمة.» (يو45:6-46)
التدرج في هذه الأية هام للغاية, فالرؤية توصل إلى النور, أي التأمل القلبي والذهني في المسيح وأقواله وأعماله بعمق وتمعن, والذي يكشف بسهولة الله الذي في المسيح والذي هو أرسله، فيرى الإنسان الحق الإلهي و يصدقه ويؤمن به و يدخل في الاستنارة الإلهية المحيية.
هذه ليست عملية معقدة ولا تعتمد على أي مجهود بشري، بل إن مجرد قبول المسيح والإيمان به يصل بهذه العملية إل أقصاها بدون حساب زمني: «بنورك (يارب) نرى نورا … لأن عندك ينبوع الحياة.» (مز9:36)
فمن الرؤيا إلى النور إلى الحياة، هذه هي القاعدة الإلهية في المسيح بالإيمان: «بعد قليل لا يراني العالم أيضا (ستنحجب حقيقة المسيح عن العالم بواسطلة عثرة الموت على الصليب) وأما أنتم فترونني إني أنا حي فأنتم ستحيون.» (يو19:14)
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية (40): “لأن هذه مشيئة الذي أرسلني إن كل من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير.”
كل ما مضى كان رد المسيح على الجليليين “ماذا نعمل” والمسيح يشرح أن العمل هو عمل الله وليس عملهم هم. وكل ما هو مطلوب منهم أن يصدقوا ويؤمنوا بالمسيح. وكل من لا يؤمن يكون قد رفض مشيئة الله الآب. فالخلاص متوقف إذاً على إرادتي. كل من يرى الإبن= ليس بالعين البشرية ولكنها رؤية بالقلب والفكر الروحي فاليهود رأوه ولم يؤمنوا ونحن لم نراه بالجسد لكن نؤمن به. ولابد أن نرى الإبن هكذا أولاً حتى نؤمن به فنحن لن نؤمن إلاّ بمن نعرفه ونثق فيه. وهذا يأتي بالتأمل في كلمة الله المكتوبة في الكتاب المقدس فنرى الإبن كلمة الله برؤية عقلية فنؤمن به ثم نشبع به ونرتوي. والكلمة يرى باليونانية تشير لرؤية الحقائق الإلهية حيث يستنير الفكر بالنور الإلهي الداخلي. ومن يرى المسيح هكذا تكون له حياة وقيامة. وهذا ليس عمل صعب فمجرد قبول المسيح والإيمان به يصل بهذه العملية إلى أقصاها بدون حساب زمني. حياة أبدية= تبدأ من هنا على الأرض.