إش54: 11 أيتها الذليلة المضطربة غير المتعزية…
“أَيَّتُهَا الذَّلِيلَةُ الْمُضْطَرِبَةُ غَيْرُ الْمُتَعَزِّيَةِ، هأَنَذَا أَبْنِي بِالأُثْمُدِ حِجَارَتَكِ، وَبِالْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ أُؤَسِّسُكِ،”(إش54: 11)
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
سرّ تسبيحنا إننا كنا كعاقر وهبنا الله كثرة من البنين، وكمستوحشة متروكة وجدت الرب نفسه عريسًا لها، وأيضًا كمدينة خربة قام الرب بتجديدها وإعادة بنائها.
“أيتها الذليلة المضطربة غير المتعزية هأنذا أبني بالأثمد حجارتك وبالياقوت الأزرق أؤسسك، واجعل شُرفك ياقوتًا وأبوابك حجارة بهرمانية وكل تخومك حجارة كريمة” [11-12].
يا لها من صورة رائعة تكشف عما وصلت إليه البشرية من انحطاط وما حل بها من مجد فائق لا يُنطق به، كانت كمدينة خربة مهدمة، حُسبت في ذل وحل بها الاضطراب بواسطة العدو الذي سبى شعبها وافقدهم كل رجاء فصاروا بلا تعزية، الآن يقوم الرب ببنائها هكذا:
أ. يبني بالاثمد حجارتها، علامة القوة والمتانة. هذه الحجارة هي النفوس التي قبلت الإيمان بالمخلص فصارت حجارة حية في هيكل الرب، لا يقدر عدو الخير أن يُحطمها
أو ينتزعها!
ب. الأساس من الياقوت الأزرق. الأساس هو ربنا يسوع السماوي (الأزرق)، حجر الزاوية الذي يضم الكل معًا فيه.
ج. الشرُف من الياقوت الشفاف إشارة إلى مجد المؤمن الداخلي القائم على بر المسيح والحياة المقدسة فيه، ينعكس على الشرفات الخارجية.
د. الأبواب التي من الحجارة البهرمانية، تُشير إلى تقديس الحواس واهتمامنا بها دون تحطيمها أو الاستخفاف بها.
هـ. كل التخوم حجارة كريمة تُشير إلى التقديس الكامل للنفس مع الجسد.
و. كل سكانها يُحسبون تلاميذ الرب وبنيها مملوئين سلامًا [13]، إذ يتتلمذ أعضاء الكنيسة المخلصين على يديْ الرب نفسه خلالها، يختفي أمامهم كل كاهن أو معلم ليروا الرب نفسه عاملاً في الجميع. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [انظر كرامة الإيمان، إنه ليس من بشر ولا من إنسان إنما بواسطة الله يتعلمون هذا!… لا تعني البنوة هنا “كل” (كل بنيكِ تلاميذ الرب) بطريقة مطلقة، إنما تعني كل من لهم الإرادة. فإن المعلم يجلس مستعدًا أن يمنح ما لديه للجميع ويسكب تعليمه للكل[587]]. ويقول القديس أغسطينوس عن نعمة التعلم بواسطة الله: [تُدعى هذه النعمة “تعلمًا” فإن الله يعلم من يدعوهم حسب غرضه واهبًا إياهم أن يعرفوا ما يجب أن يفعلوه، وفي نفس الوقت أن يعملوا ما يعرفوه[588]]. وكأن التعلم بواسطة الله كعطية إلهية يحمل شقين متكاملين: المعرفة الروحية الحقة، التمتع بالعمل والممارسة لهذه المعرفة في حياتنا اليومية. يهبنا أن نعرف الحق ونحياه فيه!
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آيات (11، 12) أيتها الذليلة المضطربة غير المتعزية هاأنذا ابني بالاثمد حجارتك و بالياقوت الأزرق أؤسسك. و اجعل شرفك ياقوتا و ابوابك حجارة بهرمانية و كل تخومك حجارة كريمة.
هكذا كان وضع الكنيسة قبل المسيح حينما كانت مرفوضة = ذليلة بسبب العبودية. ومضطربة = بسبب هجر الروح القدس مصدر السلام لها وهى كمدينة كانت خربة. هاأنذا أبنى بالأثمد حجارتك = الحجارة هي النفوس البشرية التي تطهرت بدم المسيح وصارت حجارة حية في هيكل الرب (1 بط 2 : 5) والأثمد هو الحجر الذي يكتحل به (يصنع منه كحل العيون لتزيد قوة إبصارها) والمعنى أن يكون شعب المسيح مبصراً له عيون روحية ترى بالروح القدس. وبالياقوت الأزرق أؤسسك = إذاً الأساس سماوي،فالأساس الذي تبنى عليه الكنيسة هو المسيح. واللون الأزرق لون السماء. والشرف ياقوت = الشرف هي الجزء الذي ننظر منه للخارج. و هناك لونين من الياقوت: 1) الأزرق وكما قلنا أنه إشارة للسماويات، فمن هذه الشرف يتطلع المؤمنين للسماويات هكذا أعطى الله المؤمنين أن ينظروا للسماويات من الآن ولكنه ينظرونها كما فى لغز كما في مرآة. 2) الشفاف وهذا إشارة لقداسة القلب ونقاوته وبر الإنسان. وبدون هذا لا يرى أحد السماويات ” طوبى لأنقياء القلب. لأنهم يعاينون الله” (مت5:8). إتبعوا السلام مع القداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب (عب 12 : 14) وتخومك حجارة كريمة = أي أسوارك = تخومك = والمقصود أنها محاطة بالفضائل، فهي كنيسة جميلة مجيدة طاهرة. وتشير للتقديس الكامل للنفس والجسد. أبوابك حجارة بهرمانية = الأبواب هي الحواس وهى مقدسة أيضاً.