في1:1 بولس وتيموثاوس عبدا يسوع المسيح إلى جميع القديسين في المسيح يسوع
1بُولُسُ وَتِيمُوثَاوُسُ عَبْدَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، الَّذِينَ فِي فِيلِبِّي، مَعَ أَسَاقِفَةٍ وَشَمَامِسَةٍ: 2نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“بولس وتيموثاوس عبدًا يسوع المسيح،
إلى جميع القدّيسين في المسيح يسوع،
الذين في فيلبّي مع أساقفة وشمامسة” [1].
يسجل القديس بولس اسم تلميذه تيموثاوس معه في الافتتاحية كمن هو شريك معه في الرسالة. فقد كان مزمعًا أن يرسله إليهم ليخبره عن أحوالهم، فيتعزى ويفرح (في 19:2). هذا وقد كان تيموثاوس معروفًا لديهم (أع 3:16، 10-12)، شارك الرسول في رحلتيه إلى فيلبي، وكانت له مكانة خاصة لدى الكنيسة هناك. على هذا الأساس سجل اسمه في الرسالة، وإن كان لم يساهم في كتابتها.
“بولس وتيموثاوس عبدا…” يمثل بولس الرسول حياة التواضع, إذ وهو المعلم وكاتب الرسالة يقرن اسم تلميذه باسمه دون تفرقة أو تمييز، مساويًا تلميذه بنفسه. ويمثل تيموثاوس التلمذة المستمرة والجهاد الدائب والمثابرة إلى النفس الأخير.
لم يسجل القديس بولس لقبه أنه “رسول” في هذه الرسالة ولا في رسالته إلى أهل تسالونيكي ورسالته إلى فليمون، لأن رسوليته لم تكن موضوع شك لدى المُرسل إليهم. ولأن أهل فيلبي لم يحتاجوا أن يتذكروا سلطانه الرسولي.
يدعو الرسول نفسه وتلميذه عبدي يسوع المسيح، فإنهما لا يطلبان مركزًا خاصًا في الكنيسة، ولا تشغلهما السلطة، إنما كانا يفتخران بعمل الرب الذي قبلهما عبدين له يتممان مشيئته.
لماذا يلقب الرسول بولس نفسه في هذه الرسالة ب “عبد” فقط؟
1- لأنه يفتتح الرسالة بما يناسب المؤمنين الذين وجهها إليهم.
2- لأنه كان مزمعًا أن يتحدث عن ابن الله الذي أخلى نفسه آخذًا صورة عبد.
3- يشعر بولس بملكية الله له، لقد اشتراه بدمه الثمين فصار عبدًا له.
4- كانت كنيسة فيلبي ثمرة طاعة بولس لسيده.
* يدعو نفسه عبدًا لا رسولًا. بالحقيقة يا لعظم هذه الرتبة أيضًا، وذروة كل الصالحات، أن يكون الشخص عبدًا للمسيح، وليس مجرد مدعوًا هكذا. بالحقيقة عبد المسيح هو إنسان حرٌ من جهة الخطية، وبكونه عبدًا حقيقيًا لا يكون عبدًا لآخر، إذ لا يود أن يكون عبدًا نصف نصف (أي يشارك عبوديته للمسيح عبوديته لآخر)[1].
* كم من سادة يخضع لهم ذاك الذي يهجر السيد الواحد؟! ليتنا لا نترك السيد الواحد الحقيقي. من يريد أن يترك ذاك الذي قُيد بسلاسل حقيقية، لكنها سلاسل الحب التي تهب حرية ولا تقيد؟ هذه السلاسل التي يفتخر بها من يُقيدون بها، قائلين: “بولس عبد يسوع المسيح وتيموثاوس“. حين نُقيد بواسطته، نصير في مجدٍ أعظم عن أن نكون أحرارًا من آخرين[2]
“إلى جميع القديسين في المسيح يسوع” [1] يكثر الرسول من ذكر كلمة “جميع” و”جميعكم” (25,8,7,4:1؛ 2: 26) لأنه يريد أن يوجه نظرنا إلى الابتعاد عن الانقسامات والتحزبات.
* أراد اليهود أيضًا أن يدعوا أنفسهم قديسين حسب الوحي الأول (العهد القديم) حيث دُعوا شعبًا مقدسًا, شعبًا خاصًا لله (خر 6:19؛ تث 6:7 إلخ). لهذا أضاف: “إلي القديسين في المسيح يسوع“، فإن هؤلاء وحدهم هم قديسون، وأما الآخرون فدنسون[3].
لا عجب إن أشار إلى الشعب نفسه ودعاهم “جميع القديسين في المسيح يسوع” قبل إشارته إلى الأساقفة والشمامسة.
وقد جاءت كلمة “أساقفة” تقابل Presbyters وهي تضم الأساقفة والكهنة معًا. ويرى القديس يوحنا ذهبي الفم أن لقب أساقفة يضم الأساقفة والكهنة، لأن فيلبي ليست بالمدينة الكبرى التي يمكن أن يُسام عليها أكثر من أسقف. هذا ويرى أن الأساقفة يحسبون الكهنة والشمامسة شركاء معهم في الخدمة[4].
يقول القديس يوحنا ذهبي الفم أن الرسول اعتاد في رسائله أن يكتب إلي الكنيسة، ولا يشير إلي رجال الكهنوت، فيما عدا هذه الرسالة، وذلك لأنهم بعثوا إليه أبفرودتس من قبلهم، كما قدموا له عطايا[5].
“نعمة لكم، وسلام من الله أبينا،
والرب يسوع المسيح” [2].
النعمة هي الهبة أو البركة أو العطية المجانية التي يهبها الله للإنسان، والسلام الإلهي الذي يفوق كل عقل وكل تصور. غالبًا ما يقدم في البركة الرسولية نعمة الله وسلامه الإلهي الفائق العقل، ليس من عنده، وإنما من الله الآب بالابن الرب يسوع المسيح.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آيات 2،1: “ بولس وتيموثاوس عبدا يسوع المسيح إلى جميع القديسين في المسيح يسوع الذين في فيلبي مع أساقفة وشمامسة. نعمة لكم و سلام من الله ابينا و الرب يسوع المسيح “.
بولس: بعد إيمان بولس اختار اسمه اليونانى (أما شاول فهو اسمه العبرى). وبولس يعنى الصغير، وربما يكون هذا لتواضعه أنه اختار اسم الصغير (أف8:3)، أو إعلاناً عن حياته الجديدة فى المسيح يسوع فلقد إستخدم إسماً جديداً، وربما لأنه صار رسولاً للأمم فقد استخدم الإسم اليونانى. والرسول هنا لم يصّرح بلقبه الرسمى كرسول للمسيح كما فعل فى معظم رسائله، فأهل فيليبى أصدقاء له لا يَشُكَّون فيه ولا فى رسوليته وهكذا فعل فى رسالته لأهل تسالونيكى. وتيموثاوس: هو مساعد بولس فى كرازته لأهل فيليبى، وتيموثاوس معروف عندهم، ولكن كاتب الرسالة هو بولس فقط، فهو يستخدم ضمير المفرد المتكلم بعد ذلك، أما تيموثاوس فهو يرسل سلامه فقط. ومن تواضع بولس أن يذكر اسم إبنه معهُ على قدم المساواة. عبدا: فالمسيح اشتراهما بدمه، والمسيح حين يشترى أحداً فإنه يحرره ويطلقه حراً، بل يعتبره ابناً، ولذلك اختار حتى أقرباء المسيح بالجسد (يعقوب ويهوذا) لقب عبد للمسيح (يع1:1) + (يه1)، ولم يقولا إخوة يسوع بالجسد فهم يعلمون أن العبودية للمسيح تحرر، أمّا العبودية للشيطان ففيها مذلة وهوان. العبودية لله تحرر والدليل أن الله يترك الملايين تنكره وتهين إسمه. بينما العبودية لأي شهوة تذل.
جميع القديسين فى المسيح: قديس أى أفرز نفسه عن كل ما للعالم وصار للرب يسوع عبداً مستعداً دائماً لطاعة أوامر سيده، خصص تفكيره وكل طاقاته له. ونحن إذ نشعر بمحبة المسيح نستعبد أنفسنا له، لمحبته. فى المسيح: تعبير خاص ببولس الرسول يشير للاتحاد بالمسيح والثبات فيه (بالإيمان والمعمودية…). ونلاحظ أنه لا قداسة إلا في المسيح يسوع.
أساقفة: كان لقب أسقف يطلق على القسوس (وقيل عن الرسل قسوس (1بط 1:5) وهذه مترجمة شيوخ). ولقب قسوس يُطلق على الأساقفة (أع17:20، 28). شمامسة: مع القسوس يساعدون الأسقف.
نعمة وسلام: نعمة: “خاريس” وهى التحية اليونانية بمعنى: أرجو أن تحصل على نعمة غنية تناسب حاجتك، فالنعمة هى عطية حسنة مجانية. وسلام: هى التحية عند اليهود. والمعنى أن يحل السلام على السامع كعطية إلهية.
والنعمة فى المسيحية هى إشارة لكل البركات التى حَلَّتْ علينا بسبب تجسد المسيح وفدائه. وأعظم البركات التى حصلنا عليها هو الروح القدس، ومن ثماره السلام. وبولس تعوّد على استعمال هذه التحية ليشير أن المسيح للجميع (يهوداً ويونانيين أى أمم). وفى المسيح وحده ننال النعمة من الآب كهبة مجانية لخلاصنا والتى بها نقتنى السلام كدليل للعمل الخلاصى فينا أى المصالحة.
من الله أبينا والرب يسوع: الآب والإبن فى مساواة جوهرية يمنحان النعمة والسلام. والآب هو العامل الأول لخلاصنا بمحبته، والابن الكلمة عامل فى خلاصنا بتجسده. والله هو أبينا (يو 12:1) ونصلي له قائلين أبانا.