رؤ3: 19 إني كل من أحبه أوبخه وأؤدبه، فكن غيورًا وتب
“إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُورًا وَتُبْ.”(رؤ3: 19)
+++
تفسير أنبا بولس البوشي
من الرؤيا: «قال اكتب لملاك كنيسة اللادقية: هكذا يقول الأمين الشاهد الحق، رئيس خلائق الله. إني عارف بأعمالك، وأنك غير بارد ولا حار بل فاتر، وإلا كنتُ أزيل ذكرك، لأنك تقول إني غني وليس أنا محتاجا لشيء. ولا تعلم أنك ضعيف شقئ فقير عار أعمى عريان. وأنا أشير عليك أن تشتري مني ذهبا مسبوكا لتستغني به، وثيابا بيضا تلبسها لئلا يظهر سوء عورتك، وذرورا تكحل به عينيك لكي تبصر. فإني أنا أبكت وأؤدب الذين أنا أحبهم. فغر الآن وثب، لأني هو ذا أنا واقف على الباب وأقرغ. فالذي يسمع ويفتح لي الباب، أدخل معه إلى الوليمة، وهو أيضاً معي على كرسي، كما غلبتُ وجلست مع الآب على كرسيه، من له أذنان سامعتان فليسمع ما يقوله الروح للكنائس» (رؤ3: 14-2).
التفسير: «أوعز إلى رئيس كنيسة اللادقية قائلاً: هكذا يقول الشاهد الأمين الحق»، وهذه اللفظة مختصة بالثالوث القدوس، لأن الآب يسمى الحق كما كتب: «ليعرفوك أنك أنت الإله الحق وحدك» ، وعن ذاته قال (المسيح): «أنا القيامة والحق والحياة ، وعن الروح القدس قال: «روح الحق الذي من الآب ينبثق . ولهذا أثبت المعنى ها هنا أيضاً.
وقوله: «رئيس خلائق الله» لأجل التجسد، كما يقول الرسول بولص: «ليكون الابن بكرا لإخوة كثيرين» . فانظر الابن الوحيد كيف صار بكرا لإخوة كثيرين، لأن الوحيد ليس له من يشبهه، والبكر يدل على إخوة. فهو وحيد بالحقيقة مساوي الآب في الجوهر، وقد صار بكر ورئيس ومتقدم كل الخيرات بالتجسد، وهو باقي وحيد الآب إذ له شرف اللاهوتية لم يزل.
فلهذا قال: «إني عارف بأعمالك»، أعني أنه عالم بكل أعمال البشر، وقوله «غير بارد ولا حار» عني (أنه) ليس فيه برودة الأمم ولا قوة حرارة الإيمان بحسن الأعمال، وعرفه (أنه) لولا (أن) فيه بقية رجاء، كان يبيد ذكره من سفر الحياة.
وقوله: «إنك تقول إني غني وليس أنا محتاجا لشيء» عني إهماله التعليم والبحث على ما يجب به خلاص النفوس، وفاتر النية لأجل ما يجب وينبغي، لتكون السيرة فاضلة ملائمة لاسم النصرانية. ثم عرفه أنه بالضد ذلك لكونه قد قنع بما هو فيه من التهاون وظن أنه الكمال. فقال له: «أنت شقي فقير أعمى عريان» وهذه العاهات تختص بالنفس وأنواع فقرها من ذوات الله.
فقال: «أنا أشير عليك»، يا لهذا التحنن وكيف هو ممزوج بكثرة التنازل والاستعطاف، وهو قوله: أنا أشير عليك، كمثل صديق يشير على صديقه الخاص به بما ينفع نفسه. وما هي المشورة؟ قال: أن تشتري مني لا من غيري. وبأي شيء تشتري؟ إلا بالاتضاع والطلبة. وما الذي تشتري؟ قال: «ذهبا مسبوكا»، ومن خصائص الذهب المسبوك أنه لا يوجد فيه شيء من الدغل ولا من الخمل ، بل إبريز نقي مصفى، عني بهذا الأعمال الفاضلة النقية من كل رياء ومجد فارغ وطلب مجازاة عالمية، بل من أجل الله خاصة تكون أعماله بأسرها. وهكذا يرث غنى ملكوت الله التي لا ينالها فقر.
ثم قال: «وثيابا بيضا تلبسها لئلا يظهر سوء عورتك» عني بهذا نقاوة النفس والجسم، بالعفة المتشبهة بالله. كما يقول الرسول المنتخب بولس: «أنتم الذي انصبغتم بالمسيح، للمسيح لبستم»
ثم قال: «وذرورا تكحل به عينيك لتبصر» عني النظر الباطن الذي للنفس، إذا قبلت الذرور الذي هو كلام الله، القاطع منها كل غشاوة، التي تسبب لها ظلمة المعصية وتسلك في سبيل غير مستقيمة، وتعثر وتسقط. فالذي يقبل هذه الذرور يضيء جداً بأعمال الفضيلة، ويصقل عيني عقله، وقلبه يتنقى، ويكمل عليه المكتوب: «طوبى للنقية قلوبهم فإنهم يعاينون الله» (مت5: 8).
ثم جذب عقولنا كي نقبل كلامه بفرح، ونأخذ تأديبه ببشاشة للمنفعة، فقال: «لأني أبكت الذين أحبهم». عني أن الأب لا يؤذب إلا ابنه الخاص به ليكون مستقيما ويرث كل ما لأبيه، لئلا يصير غريبًا منه. ثم قال: «فغر الآن وثب» عني غيرة على البنوة الفاضلة ليكون ابن الإله وشريكا في الميراث.
ثم عرفنا كثرة اجتهاده وعنايته بنا وأنه يريد لنا الخلاص بالحقيقة أكثر مما نريده نحن لأنفسنا، فقال: «لأني هو ذا واقف على الباب وأقرع، فالذي يسمع ويفتح لي أدخل معه إلى الوليمة وهو أيضاً معي». أنظرت الآن يا محب الأدب محبته لجنسنا، وقوله إني واقف على الباب غير متهاون بأمركم، لأنه أسلم ذاته عن الكافة . وقرعه الباب أعني أنه يقرع أسماعنا بالتعليم دائماً، وهو قوله المحق ما نطق به على أفواه أنبيائه ورسله بتأييد الروح القدس. فالذي يسمع من الأقوال المحيية ويفتح باب قلبه يحل الرب المسيح فيه، كما قال عز قائل: «الذي يحفظ وصيتي، أنا والآب نأتي وعنده نتخذ المنزل». وقد ذكر في الإنجيل: «طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم وقرع يفتحون له للوقت» وما يتلو ذلك . وعني بالوليمة الملكوت، التي أعدها الرب لحافظي وصاياه.
وقوله: «الذي يغلب» عني قهر الرذيلة بعمل الفضيلة. قال: «أنا أعطيه أن يجلس معي على كرسي»، عني أنه يملك معه إلى الأبد. وقال أيضاً كما يقول الرسول: «إنّا إذا صبرنا معه سنملك معه»، وقال أيضاً: «ندخل حتى نتجاوز حجاب الباب، موضع سبق ودخل بدلنا يسوع وصار رئيس كهنة إلى الأبد ، عني بهذا التجسد. وكذلك قال الرب له المجد: «كما غلبت وجلست مع الآب على كرسيه»، هذه اللفظة قيلت على التجسد الذي به غلب الشيطان وداس الموت وسبى الجحيم وفتح الفردوس، وهيأ لنا طريقا إلى الملكوت، وأعطى لنا سبيلاً أن نغلب بمعونته، ثم أصعد الجسد الذي كان ساقطا تحت الهاوية إلى العلا سماء السموات، فوق الملائكة والرؤساء والقوات، وأخضع تحت قدميه كل شئ ، له المجد دائماً.
تفسير ابن كاتب قيصر
17- (14) واكتب إلى ملاك كنيسة اللاذقية هذا ما يقوله الحق الشهيد الأمين والحقيقي رأس خليقة الله (15) أعرف أعمالك وأنك لست كثيفا ولا لطيفا فإن كنت أنت ماء باردا أولا حـارا (16) فكن هكذا ماء فاترا لا أنت ماء سخن ولا أنت ماء بارد لئلا أقطعك طرفك (17) لأنك تقول إنى أنا غنى ولست أحتاج إلى أخذ شيء وما تعلم أنك أنت ضعيف وشقى وأنت متصدق ومسكين أعمى عريان (18) وأشير عليك أن تبتاع ذهبا منى مسبوكا بالنار لتستغنى وثيابا زاهية ألبسك لئلا تظهر فضيحة عريك وذرورا أجعله في عينيك لتبصر ظاهرا (19) لأنى أنا الذين أحبهم أؤدبهم وأعلمهم فغر في الخير وتب (20) لأنى هوذا واقف على الباب وأقرع فمن يسمع ويفتح الباب لي أدخل معه وأكل معه وهو معى (21) من يغلب أنا أمنحه أن يجلس معى على كرسى كمثلى لما غلبت جلست مع أبي على كرسيه (22) من له أذنان أن يسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس.
قوله : «اكتب إلى ملاك كنيسة اللاذقية [3]» معلوم أن ملاكها رئيسها والمدينة مشهورة.
قوله : « هذا ما يقوله الق الشهيد الأمين والحقيقي » الحق صفة لسيدنا بما هو إله وقد ذكرنا علة الوصف بالمصدر دون اسم الفاعل والشهيد الأمين وصف له بما هو إنسان : أما شهيد ، فلأنه قتل صلبا بالجسد من أجل دعوة الخلق لمعرفة الحق ، وأما أمين ، فلأنه لم يمل ولم ينحرف عن الصواب في قوله ، ولا عن الفضل في فعله ، ولم يحد عن المجموع في تعليمه . وفي هذا أدى الأمانة كاستحقاقها . ولهذا قال بعد ذلك : « والحقیقی» ، فنسبته إلى الحق لتأكيد هذه المعاني المشار إليها.
قوله : «رأس خليقة الله » يريد بالرأس الرئيس الحاكم ، وهي لغة معروفة مستفاضة في الشريعة ، أعنى تسمية سيدنا بالرأس . وأصل ذلك التشبيه والتمثيل أن للرأس الرئاسة والاستيلاء على بقية البدن ، ولذلك جعل محلها في أعلاه مشرفة عليه . وفي ذلك يقول بولس الرسول : « وجعله رأسا للبيعة التي هي جسده » ، وفي الفصل التاسع من رسالته إلى أهل كولوسي «كما أن المسيح رأس الكنيسة وفيه وهو رأس جميع الرؤساء والمسلطين » وفي الفصل السادس عشر منها(كو2: 19) : «وتفتخر باطلا ولا تتمسك بالرأس الذي منه جميع تركيب الجسد » . ويريد بخليقة الله المخلوقات السمائية والأرضية البسيطة والمركبة ، لأنه تعالى أخضع له الكل وجعله وارثا للكل وحاملا للكل.
قوله : « أعرف أعمالك وأنت لست كثيفا ولا لطيفا » يريد بالأعمال العبادة كما قلنا . ويريد بالكثيف الخاطيء ، لأن حد الكثافة الوضيعة أنها قوة طبيعية يتحرك بها الجسم إلى الوسط بالطبع . كذلك الخاطيء ينحط مع جواذب الطبيعة ويرسخ معها إلى أسافل الحضيض ، كالحجر الذي يطلب مركزه ويهوى إلى أسفل فيكون جثمانيا ؛ فهذا وجه المناسبة من المعنيين ويريد باللطيف الصالح ، وحد اللطافة الوضيعة أنها قوة طبيعية يتحرك بها الجسم عن الوسط بالطبع ، وهكذا الصالح متعال عن أوساخ الطبيعة وجواذب الشهوات ، مترفع عنها ، فيكون روحانيا فلذلك ليس هو بمغرق في الإصلاح ولا بمتهافت ساقط في الشرور ، بل متوسط بين هذين الطرفين واعلم أن لفظة كثيف وثقيل في اللغة القبطية واحدة وهي 2opy وكذلك C3140 تدل بالوضع على السخن وبالاستعارة على اللطيف إطلاقا لفظة لاسم الملزوم على اللازم .
قوله « فإن كنت أنت ماء باردا أولا حارا (16) فكن هكذا ماء فاترا لا أنت ماء سخن ولا أنت ماء بارد » ، يريد بالماء البارد القليل الغيرة في الصالحات أو العادم لها ، بدليل قوله بعد ذلك : «فغر في الخير وتب » قوله : « يريد بالماء الحار المفرط الغيرة المتهورة زيادة عما ينبغي ، ليقابل طبیعتی الحار والبارد مقابلة التضاد . ويريد بالماء الفاتر المعتدل بين طرفي الإفراط والتفريط ، فلذلك قال : «لا أنت ماء سخن ولا أنت ماء بارد » لأن أفضل الأمور ذوات الطرفين أوساطها ؛ فكأنه قال : كن غيورا في مكان الغيرة ساكنا في مكان السكون ، كما أنت في الأعمال متوسط بين الصلاح والطلاح وليس الطلاح بطرف للصلاح فيكون التوسط فيه فضيلة ، بل هو مباين له وقد كان ينبغى خلاف ذلك ، وهو أن تتوغل في الصلاح وتهمل الطلاح بالكلية ، وتكون في الغيرة وسطا.
قوله : «لئلا أقطعك من طرفك »[4] ، هذا توعد له إن أصر على أمرين ، أحدهما : الميل إلى بعض الشرور ، والثاني : قلة الغيرة في الخير . ومراده بالطرف العنق أو الرأس لأن لفظة مشتركة في اللغة القبطية بين الطرف والقلب ، لأنها جاءت في مثل الغنى والعازر بمعنى طرف ، إذ قال : «يبل طرف أصبعه »(لو16: 24) ، وجاءت في مثل ولدى صاحب الكرم : أكل قلبه بمعنى ندم(لو21: 32) . وقد ترجمها بعض المترجمين في هذا الموضع : الوسط ، مستعارة من القلب ، لأن قلب كل شيء وسطه ، وهو جائز على بعد ، وترجمتها بالطرف أولى لما قلناه ، ولكون هذا القول في معرض الوعيد لا يجوز أن يكون رمزا على شهادته.
قوله : «لأنك تقول إنى أنا غنى ولست أحتاج إلى أخذ شيء» ، أي أن هذا الرئيس يقول كذلك في نفسه عن نفسه. والغني هو الإكثار بقول مطلق ، إما من مال أو علم أو فضيلة علمية . ويقابله الفقر ، وهو عدم توفر هذه أو قلتها . والمراد بالغني هنا أشياء جزئية خاصة توهم هذا الرئيس إنه غنى بها ، ودلت عليه قرائن يأتي ذكرها وتفصيلها ، وتلك ستة أوصاف فاضلة : أولها : غيرة ويقابلها إهمال وثانيها : تواضع ويقابله ترفع وثالثها : صبر ويقابله خور ورابعها : تيقظ عقلى ويقابله تغفل وخامسها : علم ويقابله جهل وسادسها : استعداد للبقاء رالبر ويقابله استعداد الفناء بالشر.
قوله : «وما تعلم أنك أنت ضعيف وشقى وأنت متصدق ومسكين أعمى عريان» ، معان عامة أطلقها باللغة الروحانية على ستة معان خاصة ، دلتنا هذه على تلك الستة الأوصاف الفاضلة المتقدم ذكرها . أما الضعيف فوصف الضعيف في الغيرة وفي غيرها ، وأراد به الضعيف في الغيرة خاصة ، يعم وهو المهمل ، بدليل قوله بعد ذلك : «فغر في الخير» . وأما شقى وضف يعم شقاوة الترفع أي الكبرياء وغيره ، وأراد به الترفع خاصة بدليل قوله : «وتب » أي هذه الخلة الذميمة التي تهدم كل فضيلة . وأما متصدق فوصف يعم تصدق المال عن فقر ، والجاه عن ذل ، والصبر عن خور ، وغير ذلك . ومراده الخور خاصة لأن صاحبه يلوذ بمن يراه ، ويستعين به كأنه متصدق منه محتاج إليه ، وإن لم يستفد بذلك شيئا والصبور ثابت صامت كأنه مستغن بما فيه المعاضدة بغير الله ؛ ولذلك قال : « وأشير عليك أن تبتاع منی مسبوكا بالنار لتستغنى» ، وسنعيد تفسير هذا بعد . وأما مسكين المسكنة في التيقظ العقلي كأنه عديمه أو مقل منه . وهذا هو التغفل لقلة نقاء القلب وكثرة كدره . فأما المتيقظ بعقله فهو متصل بالإلهيات مشاهد كمالها ، وعنه يقول الإنجيل : «طوبي للنقية قلوبهم فإنهم يعاينـون الله . وفيما يقول في الرؤيا : «لأني هوذا واقف على الباب وأقرع فمن يسمع ويفتح الباب لي أدخل .. وما يلى ذلك» ، فقد توقف الدخول على شرطين : السماع والفتح . والسماع هو الطاعة والفتح هو الاستعداد كما مضى تفسيره فيما كتب به إلى ملاك كنيسة فيلودلفيا ، وسنزيد ذلك بيانا فيما يأتي . وأما أعمى فوصف عمى البصر وهو معروف ، وعمى البصيرة وهو الجهل . ومراده الثاني بدليل قوله : « وذرورا أجعله في عينيك لتبصر ظاهرا » ، وسنذكر تفسير هذا في مكانه . وأما عريان ، فيريد بالعرى جسد الفناء لأن الناس في الدنيا بحسب أعمالهم على ثلاثة أقسام : قسم أخيار ، وقسم أشرار ، وقسم ممزوج خیره بشره وفي الآخرة يكونون على قسمين لا غير لأن القسم الثالث يميز ، فمن غلب خسره كان من القسم الأول ومن غلب شره كان من القسم الثاني . وإلى هذين القسمين أشار الإنجيل المقدس بقوله : «إن الحاكم يقسم الخراف عن يمينه والجـداء عن شماله ويرسل أولئك إلى النعيم ويصرف هؤلاء إلى الجحيم ».
فأصحاب اليمين باستعدادهم تكون أجسادهم روحانية باقية منيرة لا تتألم ولا تقبل الفناء الذي هو الموت الثاني ، فهذا الجسد الشريف سماه بولس جسد البقاء بقوله : «وإذا لبسنا جسد البقاء لا نعرى بعد » وسماه الجسد الروحاني بقوله : « يموت بجسد جسمانی ويقوم بجسد روحانی » ، وسمت هذه الرؤيا الأجساد من جهة كونها باقية تلبس ثيابا ، ومن جهة شرفها واستضاءتها زاهية ، ولذلك قال : « ثيابا زاهية» . وأصحاب الشمال باستعدادهم تكون أجادهم جسمانية مظلمة قابلة للموت الثاني والآلام الشديدة ، فهذه الأجساد سماها بولس نفسانية وسمتها الرؤيا عريا في قولها : «کی لا تظهر فضيحة عريك» ، لأن العرى يستلزم الفضيحة ، والخطايا تستلزم الخزى.
قوله : «وأشير عليك أن تبتاع ذهبا مني مسبوكا بالنار لتستغنى » أما إشارته عليه فدليل على تفويض الاختيار وعدم الجبر على عدم الخير أو الشر ، ولكنه من غير إلزام أشار إشارة مصلحة ، إن قبلها السامه فله ، وإن أباها فعليه . وأما الابتياع فمعاملة ومعاوضة ، إن فعل صالحا جزى خيرا وإن فعل طالحا جزى شرا . والذهب يريد به الصبر الجميل والتجلد عند حلول الحوادث والتجارب ، لأن خاصية هذا المعدن الصبر على نيران السبك وفنون الامتحان ، وأما الذي يعطيه قبالته كأنه ثمنا له أو عوضا عنه ، فهو التوكل عليه والتسليم إليه والتصميم على أن لا يخلص سواه . وكونه مسبوكا بالنار ، أي مجربا ممتحنا خالصا لا شبهة فيه . وأما استغناؤه به فعن من يتوكل عليه من الرؤساء أو يستعين به من البشر ، وهو قول المزمور : «لا تتكلوا على الرؤساء ولا على بني البشر » ، وتقدير النص هكذا : أشير عليك أن تتوجه إلى ، وتتوكل على ، فأعطيك صبرا خالصا تخلص به وتستغنى عن أي أحد تحتاج إليه أو تستعين به في ذلك.
قوله : «وثيابا زاهية ألبسك لئلا تظهر فضيحة عريك» ؛ أما الصياب فقد عرفت أنها جسد البقاء ؛ وأن زهوها هو استضاءتها وشرفها . واللباس والظهور والفضيحة على ظاهرها .والعرى هو جسد الفناء . وتقدير القول : اشتر منى جسدا باقيا مستلزما لسعادة الأبد مضيئا كيلا يظهر خزيك فى موقف الدينونة بجسد الفناء المظلم المستلزم للشقاء .
قوله ‘: «وذرورا أجعله فى عينيك لتبصر ظاهرا» يريد بالذرور الاستعداد للكشف ؛ لأنهكما أن الذرور يجلو البصر للإبصار . هكذا الاستعداد يجلو البصيرة للكشف . ويويد بعينيه بصيرته لا بصره ؛ ولكنه لما ذكر ذرورا حسن أن يذكر بصرا على سبيل الاستعارة . والدليل على أنه أراد البصيرة لا البصر ؛ قوله : «لأنى أنا الذين أحبهم أؤدبهم وأعلمهم» ؛ والعلم يكون بمعنى الكشف لا الإبصار بالحاسة . وأما الإبصار فيريد به الإدراك العقلى ٠ يدليل قول هذا الريسول : فأما من يعمل الشر فإنه لا يرى الله»”’ والله لا يُرى بالحس . ويريد بقوله ظاهرا أى صحيحا لا ريب فيه ؛ ولا هو من الخيال والوهم ؛ فعن هذه احترز بقوله ظاهرا قوله : «لأنى أنا الذين أحبهم أؤدبهم وأعلمهم» . المحبة على ظاهرها ؛ وأما تأديبهم فبالتجارب ليظهر فيهم جوهر فضيلة الصبر . وأما تعليمهم فبإفاضة الكشف عليهم.
وقوله : «فغر فى الخير وتب» قد مضى تفسيره.
قوله : «لأنى هوذا واقف على الباب وأقرع فمن يسمع ويفتع الباب لى أدخل معه وآكل معه وهو معى» . الوقف على الباب بريد به شدة القرب والدنو ؛ بدليل قول مرقس الرسول ؛ «فإذا رأيتم هذه الأمور فاعلموا إنه قد قَربَ على الأبواب»”‘ . وأما القرع فيريد به الإنذار بواسطة رسله وكتبه.
وأما السماع فيريد الطاعة ؛ وكثير ما جاء كذلك . وأما فتح الباب فهو الاستعداد والتأهيل والقبول.
وأما قوله : « أدخل معه» ، فيريد بذلك : أفيض عليه الروح وأضىء عقله . فلذلك قال هذا الرسول في إنجيله : « ونأتي ونتخذ عنده المنزل » وقوله : « وآكل معه وهو معى» ، يريد بالأكل إدراك الإلهيات ونيلها والعلم بها . فإن الجوع والعطش قد جاءا بمعنى الشوق إليها في قول الرب على لسان عاموس النبي لبني إسرائيل «هوذا أيام تأتى يقول السيد الرب أرسل جوعا في الأرض لا جوعا للخبز ولا عطشا للماء بل لاستماع كلمات الرب». أراد بالشوق التلهف إلى إدراك الإلهيات وإذا كان الجوع والعطش هما الشوق إليها ، فتبين أن الأكل والشرب هو النيل منها وللشرب والأكل معان أخر غير هذا لا نطيل بذكرها فنخرج عن المقصود.
قوله : «من يغلب أنا أمنحه أن يجلس معى على كرسى» ، الغلب قد تقدم إنه الظهور إلى آخر هذه الحياة في علم الحق وعمل الخير والصبر على التجارب . والمنحة على ظاهرها والجلوس يريد به الكرامة والوقار . وهذا الكرسي الذي يجلس عليه هذا الغالب ، يريد به الرفعة والتمييز الموهوب له من الله تعالى ، وإضافته إلى سيدنا إضافة الملك وإلى هذا إضافة اختصاص ، بخلاف الكرسي المضاف إلى الآب ، فإنه يريد به الجلالة والعظمة والأبهة والملك وما أشبه ذلك . وإضافته أيضا إضافة ملك قوله : «كمثلى لما غلبت جلست مع أبي على كرسيه» ، هذا مثل القول المتقدم ، وللمماثلة ثلاث جهات : أحدها الغلب ، وثانيها الجلوس ، وثالثها إن الجلوس على كرسى ويكون تقدير جملة القولين من علم وعمل وصبر إلى المنتهى ممن أنذرتهم فأطاعوا واستعدوا أفضت عليه روح الحكمة والمعرفة ورفعته وأكرمته وميزته كما غلبت أنا فأعطاني أبي الجلالة والعظمة وكل سلطان في السماء وعلى الأرض وبقية الفص تقدم تفسير مثله وقد كمل بكماله تفسير الرؤيا الأولى.
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
إلى ملاك كنيسة لاودكية 14 – 22.
- من هو؟
“اكتب إلى ملاك كنيسة اللاودكيين” [14]، وهو أوريليوس أو الشهيد سفاريوس الذي امتدحه يوسابيوس.
- وصف الرب
“هذا يقوله الأمين الشاهد الأمين، الصادق، بداءة خليقة الله” [14]. يقدم الرب نفسه للكنيسة التي اتسمت بـ “الفتور الروحي” بهذه الصفات ليسندها:
أ. الآمين: وهي غير “الأمين”، وتعنى “الحق”، وقد وُصف الله بذلك كما في (إش 65: 16) إن في الرب يسوع “النعم، وفيه الآمين، لمجد الله بواسطتنا” (2 كو 1: 20)، لهذا فإن الكنيسة المتحدة بمسيحها تعمل به، فيكون فيها أيضًا النعم وفيها الآمين، أي متسمة بالحق، شاهدة له بلا فتور، لمجد الله.
ب. الشاهد الأمين الصادق: وفي اليونانية تعنى “الشهيد”. وكما شهد الرب للآب شهادة صادقة أمينة عملية فشهد بالكلام إذ هو “المعلم الحقيقي“، وبالسلوك إذ هو “أبرع جمالاً من بنى البشر“، وبالحب إذ “بذل نفسه على الصليب“، هكذا أرسل تلاميذه قائلاً: “وتكونون لي شهودًا” (أع 1: 8). بنفس الشهادة الصادقة التي له.
والشاهد الأمين لا يدخر جهدًا في إبراز الحق وإعلان ما رآه وسمعه مهما كلفته شهادته.
ج. بداءة خليقة الله: والترجمة للكلمة اليونانية تعنى “رأس”، أي لها حق الإدارة والتدبير والعمل، فلا يكف عن الاهتمام بخليقته. إنها رئاسة حب عامل، إذ قيل عنه: “وإياه جعل رأسًا فوق كل شيء للكنيسة التي هي جسده، ملء الذي يملأ الكل في الكل” (أف 1: 22-23) يهَب لجسده نموًا في كل شيء. فكيف يعمل الرأس هذا كله ويبقى الجسد أو أحد أعضائه خاملاً! إذن كل فتور روحي هو إهانة موجهة للرأس مباشرة!
- حال الكنيسة
“أنا عارف أعمالك،
أنك لست باردًا ولا حارًا.
ليتك كنت باردًا أو حارٌا.
هكذا لأنك فاتر ولست باردًا ولا حارًا
أنا مزمع أن أتقيأك من فمي” [15-16].
وماذا يعنى بالبارد والحار والفاتر؟
الرأي الأول: البارد هو غير المؤمن الغارق في الشر، والحار هو المؤمن الملتهب بنيران محبة الله، وأما الفاتر فكما يقول الأسقف فيكتورينوس: [إنه ليس بغير مؤمن ولا مؤمن، بل هو كل شيء لكل أحد.] يحيا بلا مبدأ بارد مع الباردين، وحار مع الحارين.
الرأي الثاني: البارد هو من يمتنع عن الخطية بدافع الخوف من العقاب، والحار هو من يمتنع عنها من أجل محبته للرب، وأما الفاتر فهو خالٍ من الخوف ومن الحب.
الرأي الثالث: يرى كاسيان أن الفاتر هو المتردد بين الفضيلة والرذيلة، يريد الفضيلة لكن يجبن عن الجهاد، ويكره التعب من أجلها.
الرأي الرابع: أن البارد هو من يدرك في أعماق نفسه ضعفه وسقطاته كالمرأة الزانية والعشار واللص وأنبا موسى الأسود ومريم المصرية. هذا سرعان ما يلتهب بالله “النار الآكلة“، ويصير إنسانًا حارًا بالروح. أما الفاتر فيغط في نوم عميق يظن في نفسه أنه بار وتلميذ للرب ومخلص ولا حاجة له بعد إلاّ أن يكرز ويبشر للآخرين دون أن ينحني ليسمع ويتعظ ويوبخ. يا له من مسكين لأنه مخدوع!
يقول يوحنا كاسيان: [رأينا كثيرين من الباردين رهبانًا وعلمانيين تحولوا إلى حرارة روحية، لكننا لم نرى فاترين صاروا حارين.]
ويقول أغسطينوس: [أنني أتجاسر فأقول أنه خير للمتكبرين أن يسقطوا في عصيان واضح مشهور حتى يحزنوا في نفوسهم لأن سقوطهم هو بسبب فرحهم بذواتهم. فبطرس كان في حال أفضل حين بكى وهو غير مكتفٍ بذاته عما كان عليه حين كان متجاسرًا معتدًا بذاته. هذا ما أكده المرتل الطوباوي بقوله: “املأ وجوههم خزيًا فيطلبون اسمك يا رب” (مز 83: 16).]
ويرى أغسطينوس أن الله سمح بفضيحة العذارى المؤمنات حين اقتحم البربر مدينة روما لأن هؤلاء كن قد أُصبن بالكبرياء فنزع الرب عنهن مديح الناس وسمح لهن بفقدان بتوليتهن لينحنين ويبكين فينزع عنهن فتورهن ويغتصبن المديح السماوي غير المنظور.
الرأي الخامس: وهو للأب دانيال وقد كتب مناظرته يوحنا كاسيان معالجًا موضوع “الفتور الروحي” من جميع نواحيه، موضحًا كيف أن الفتور يمكن أن يكون بسماح من الله لخيرنا، أو بسبب حرب شيطانية، أو بسبب إهمالنا التدريجي. كما عالج كل نوع على حدة، ومنعًا للتكرار أرجو الرجوع إليه.
أما عن خطورة الفتور فيظهر من قول الرب “أنا مزمع أن أتقيأك من فمي”. الإنسان الفاتر لا يستريح في فم الله، ولا يطيق أن يسمع كلمته، كما لا يطيق الله أن يرى أحدًا فاترًا.
لهذا يقول القديس إيرونيموس أن المخلِّص لا يحب شيئًا بين بين (half and half).
كما يقول [بينما لا يشاء الله موت الخاطئ بل أن يتوب ويحيا فإنه يبغض الفاترين ويسببون له قيئًا سريعًا.]
ولماذا يتقيأ الله الفاترين؟ “لأنك تقول أني أنا غني وقد استغنيت، ولا حاجة لي إلى شيء، ولست تعلم أنك أنت الشقي والبائس وفقير وأعمى وعريان” [17].
- الشعور بالغنى وبالتالي الاستغناء عن الله. إذ لا يدرك الفاتر ضعفه فلا يشعر بحاجته إلى برّ الله ونعمته فيصير كالفريسي المتكبر لا يدرى ماذا يحتاج من الله!
- يظن أنه سعيد مع أنه خالٍ من الشركة السرية مع الله، وبالتالي فهو بائس إذ تزول يومًا ما كل عبادته المظهرية ويتكشف عريه وعماه وفقره وشقاؤه.
- العلاج والمكافأة
أولا: “أشير عليك أن تشتري مني ذهبًا مصفي بالنار لكي تستغني” [18].
لا علاج للفتور إلا بالعودة إلى الرب للشراء منه… أي ينتزع الإنسان من ذاته التي يدور حولها، ليركز نظراته وقلبه تجاه الله ليشترب منه احتياجاته. وصعوبة هذا العلاج أن يتخلى الإنسان عن ذاته ليتقدم كمحتاج إلى الرب. والصعوبة الثانية أن الشراء “بلا فضة وبلا ثمن” (أش 55: 1) “متبررين مجانًا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح” (رو 3: 24).
وماذا يشتري؟
أ. يشتري الذهب المصفى بالنار، أي يقتني الإله المتجسد، ذاك الذي افتقر وهو غني لكي نستغني نحن به (2 كو 8: 9)، ذاك الذي احتمل نار الألم على الصليب ليغنينا بكل الفضائل الخفية.
ويرى ابن العسال أن الذهب هو الصبر المُقتنى بالآلام، كما أنه الحب الحقيقي الباذل الذي نناله بربنا يسوع.
ب. “وثيابًا بيضًا لكي تلبس، فلا يظهر خزي عريتك” [18]، ونحن في المعمودية لبسنا الرب يسوع. وهو وحده الذي ينزع عارنا ويسترنا ببره، إذ يهب الكنيسة “أن تلبس بزًا نقيًا لأن البز هو تبررات القديسين” التي هي من عمل نعمته.
ج. “وكحل عينيك بكحل لكي تبصر” [18]. وماذا يكون الكحل الذي يفتح العينين لترى أعماق كلمة الله وحكمته إلاّ الروح القدس الذي فتح أذهان التلاميذ ليفهموا الكتب! ويرى الأب غريغوريوس (الكبير) أنه هو التأمل في الوصايا الإلهية التي تنير العينين.
ثانيا: “إني كل من أحبه أوبخه وأؤدبه، فكن غيورًا وتب” [19]. فالفاتر متى تقبل تأديبات الله وتوبيخاته ينسحق قلبه بالتوبة، وينفتح أمام الله الذي يرجو الدخول فيه، إذ يقول “هانذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي، وفتح الباب، أدخل وأتعشى معه وهو معي [20]. وكأن الفاتر في ليل مظلم يريد الله أن يدخل لينير قلبه ويجعله مثمرًا فيجد فيه ثمرًا نفيسًا (نش 4: 16).
إنه يقترب من القلب كما اقترب من تلميذي عمواس، فكان يحدثهما، وإذ ألزماه أن يمكث معهما لأن النهار قد مال اتكأ معهما وانفتحت أعينهما وعرفاه (لو 24).
يا لحب الله فإنه يختفي وراء باب وصيته حتى كل من يفتح قلبه للوصية يتجلى الرب فيه. وكما يقول القديس مرقس الناسك: [يختفي الرب في وصاياه فمن يطلبه يجده فيها.]
وكما يقول القديس أمبروسيوس: [السيد المسيح واقف على باب نفسك، اسمعه يتحدث مع الكنيسة.]
إنه يقول “افتحي لي يا أختي يا حبيبتي، يا كاملتي، لأن رأسي امتلأ من الطل، وقصصي من ندى الليل” (نش 5: 2). وهو لا يقف وحده بل تسبقه الملائكة تقول “ارفعوا الأبواب أيها الملوك” وأية أبواب؟ يقول في موضع آخر: “افتح لي أبواب البرّ” (مز 118: 19). لنفتح له أبواب البرّ، أبواب الطهارة، أبواب الشجاعة والحكمة.
وما هي مكافأة فتح الباب للرب؟
“من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي،
كما غلبت أنا أيضًا وجلست مع أبي في عرشه.
من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس” [21-22].
وجلوس الابن في العرش الإلهي هو أمر طبيعي، أما جلوسنا نحن فمن أجل وحدتنا بالرب وارتباطنا به، إذ نلنا به كل ما يشتهي الآب أن يقدمه لنا.
نحن لا نقدر أن نحتمل هذا المجد، لكن الابن له هذا المجد. تخلى عنه ثم عاد فأخذه لكي ننال نحن به غاية المجد الذي لا تحتمله البشرية.
شكرًا للابن الذي ترك كل شيء وصار كواحدٍ منا، حارب إبليس وانتصر وتكلَّل وتَمجَّد لكي به يصير لنا هذا كله فيه.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
كنيسة لاودكية
من الناحية التاريخية فهذه الكنيسة تشير لأيام الكنيسة الأخيرة، ايام إطلاق الشيطان وظهور ضد المسيح. ولاودكية تعنى حكم الشعب وهذا يعنى أن الكنيسة تبدأ فى مسايرة رغبات الناس. لن تعود الكنيسة هى المثل الأعلى، بل تردد ما يريده الناس. فإن رفضوا الصوم ألغت الكنيسة الأصوام كما فعلت كثير من الكنائس.
ووصل الأمر لأن يدخل للكنيسة أسوأ ما فى العالم، فلقد رأينا فى الأيام الأخيرة أساقفة لبعض الكنائس تم تعيينهم وهم يجاهرون بأنهم شواذ جنسياً. بل أنه فى بعض البلدان يطالبون الآن بحذف الآيات التى تهاجم الشذوذ الجنسى من الكتاب المقدس. هنا نفهم معنى حكم الشعب، فالكنيسة تحكم حسبما يريد الناس. وما نراه الآن هو مقدمة لما سيحدث فى ايام ضد المسيح.
كنيسة لاودكية تشير لكنيسة الأيام الأخيرة التى يسودها فتور عام ويكثر فيها الإرتداد. وقال عنها السيد المسيح أنه لكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين (مت12:24) وقال أيضا عن هذه الأيام “متى جاء إبن الإنسان ألعله يجد الإيمان على الأرض” (لو8:18) فسمة هذه الأيام الأخيرة نقص المحبة لله وللناس ونقص الإيمان. لذلك سينحل الشيطان فى نهاية الأيام لمدة يسيرة تسبق المجىء الثانى للسيد المسيح (رؤ3:20). والله سيحل إبليس وفقا لما قاله الكتاب “الرب يعطك حسب قلبك ويتم كل رأيك” (مز4:20). وذلك لأن الناس فى تلك الأيام سيكونون غير طالبين لله ولا خاضعين له. وهذا ما نرى بداياته الآن من صراعات على المادة حتى بين الإخوة،والجرى وراء الشهوات العالمية، ونعلم أن العالم كله قد وضع فى الشرير (1يو19:5). وكما عرف سليمان الحكيم بقوله ” باطل الأباطيل الكل باطل ” فمن يجرى وراء العالم فهو يجرى وراء الباطل.
ومن الناحية الروحية فهذه الكنيسة تعانى من حالة فتور. ولنرى بعض التعريفات :
الحار:- هو المملوء بالروح القدس، ومملوء من محبة الله ويتلذذ بعشرته، ومحبا لكل الناس حتى أعدائه. مملوء فرحا وثمار الروح الباقية (غل 23،22:5).
الفاتر:- هو من كان حارا وبدأ يبتعد عن مصدر الحرارة، فبدأ يبرد. وهنا فمصدر الحرارة هو الله. فالفاتر هو من كان حارا وإبتعد عن الله.
البارد:- هو من لم يسمع عن الله ولم يعرفه مثل شاول الطرسوسى وموسى الأسود ومثل هذا يسعى الله وراءه ليعرفه بنفسه (شاول الطرسوسى وموسى الأسود والخصى الحبشى) والبارد أيضا هو من تخطى مرحلة الفتور وصار باردا لكنه كالإبن الضال وكالمرأة الخاطئة شعر بالهوة التى تردى فيها وعاد لله شاعرا بخطيته مقدما توبة، مبللا قدميه بدموعه كالمرأة الخاطئة وبطرس والعشار ومريم المصرية.
والسؤال هنا ما الذى جعل إنسانا حارا يترك الله فيفتر؟ الإجابة واضحة
أنه وجد أن العالم ألذ كما قيل “ديماس تركنى إذ أحب العالم الحاضر” (2تى10:4) لذلك نجد المسيح هنا وقد قدم نفسه على أنه الآمين = وهى كلمة عبرانية غير كلمة الأمين Honest.
أما الآمين فتعنى الحق. فهناك صراع بين الحق والباطل علينا. المسيح الحق يقول أنا الحق فإتبعونى والعالم ورئيسه إبليس يخدعنا بملذاته الباطلة. هنا نرى المسيح يقول عن نفسه الشاهد الآمين الصادق = فالمسيح هنا كأنه يرجو شعبه أن يصدقوه هو فما يقوله من وصايا هى الحق، وتقودهم للحياة الأبدية، ولا يسيروا وراء أوهام الباطل. فهو الذى يحبهم حقيقة وما يقوله من وصايا هدفها خلاص نفوسهم. أما عدو الخير فهدفه خداعهم بملذات الدنيا الباطلة والنهاية هلاك أبدى معه فى بحيرة النار (رؤ15،10:20).
وقارن بين من يسعى وراء الباطل أى ملذات الدنيا وبين المعروض على من يغلب أى عرش الله وهذا حق. ومن يغلب هو من يترك الباطل طالبا الحق، رافضا العالم وملذاته. يختار المسيح. وقول المسيح أنه الشاهد الصادق هى دعوة لنصدق أقواله ونعمل بوصاياه، وكل ما قاله هو أمين فيه ولا غرض له سوى خلاص نفوسنا. وهذا فى مقابل الكذاب وابو الكذاب رئيس هذا العالم الذى يغرينا بملذاته فنترك المسيح الحق. والمسيح هو الشاهد لنا بمحبة الآب وهو الأمين فى خدمته على الأرض بجسده ليخلصنا. وهو الصادق = فى كل ما قاله ووعد به وهو الطريق والحق والحياة فمن يسير وراء الحق سيجلس فى العرش الإلهى وهذا هو الوعد لهذه الكنيسة. ومن يسير وراء الباطل يصير باطلا مثله. والمكافأة لن تكون فقط فى الحياة الأبدية فى عرش الله، بل فى هذه الحياة أيضا، فمن يفتح قلبه للحق ويستجيب لفداء المسيح يدخل المسيح معه فى علاقة حب وينير قلبه ويملأه فرحا فى شركة حلوة لذيذة قال عنها المزمور “ذوقوا وأنظروا ما أطيب الرب”. وهذا ما تم التعبير عنه بالعشاء الذى سيكون بين المسيح وبين النفس التى تختار أن تفتح له ولا تفتح قلبها للعالم، ولكن هل يعنى كلامنا هذا أن لا نعمل لنأكل ؟!
قطعا لا يعنى هذا، بل نعمل ونسعى، ولكن لا تكون المادة هدف حياتنا، بل يكون الله هدف حياتنا. ولنتذكر أن الله طلب أن نعمل ستة أيام واليوم السابع يكون راحة لحساب الله فى صلوات وتسابيح. إذا لنعمل ستة أيام ولكن ليكن للرب نصيبه كل يوم، ونقضى مع الرب يوما بكامله كل اسبوع. لنعمل فى العالم ولا يستعبدنا العالم، ولا يكون العالم هدفنا ما أجمل قول أحد الخدام حين سألوه عن وظيفته فقال أنا خادم بكنيسة كذا وأعمل مهندسا لأكل لقمة عيش. وأما من ينسى الله وينغمس فى شهواته المادية فهو يعيش فى صراع بلا أفراح وبلا تعزيات داخلية، يحيا فى قلق وإضطراب وما أجمل قول المزمور “الرب يعطى لأحبائه نوما”.
بداءة خليقة الله = بداءة معناها أرشى وهى تعنى رأس خليقة الله. وبداءة أى الذى تأخذ الخليقة بداءتها منه، هو أصل كل الخليقة وله سلطان عليها. لاحظ أنه لم يقل أول مخلوقات الله. وقالها بولس الرسول بكر كل خليقة (كو15:1) فإنه فيه خلق الكل. وقالها يوحنا فى إنجيله به كان كل شىء وبغيره لم يكن شىء مما كان (يو3:1). المسيح هنا يقدم نفسه بسلطان إلهى فهو أصل الخليقة. وبهذا السلطان الإلهى يعد من يغلب بأن يكون مكانه العرش. والمسيح كرأس للخليقة ورأس للكنيسة يود لو نلتصق به ونختاره بحريتنا رأسا وقائدا ومدبرا (أف23،22:1).
ولكن مشكلة هذه الكنيسة إنها فى فتور، محبتها ليست حارة، القلب منقسم بين محبة المسيح ومحبة العالم. والله يريد القلب كله “يا إبنى إعطنى قلبك”. ومن يعطه القلب فهو كرأس للخليقة سيدبر ويهتم بكل أموره. هذه الكنيسة إختارت الباطل وتركت المسيح الرأس المدبر لتبحث عن لذة العالم فدخلها الفتور.
ليتك كنت باردا = من لم يسمع عن المسيح يسعى المسيح وراءه ليعرفه ذاته، هذا حدث مع المرأة السامرية، وأرسل فيلبس للخصى الحبشى. أما الخاطىء الذى شعر بخطيته مثل المرأة الخاطئة فقد تبررت بدموعها والإبن الضال ألبسوه الحلة الأولى إذ عاد تائبا وبطرس بعد أن أنكر بكى فعاد لدرجته الرسولية. فمن يعود لله يعود لمصدر الحرارة ويصير حارا.
لأنك فاتر أنا مزمع أن أتقيأك = الماء الفاتر يثير الجهاز الهضمى فيتقيأه المرء والفرق بين البارد والفاتر روحيا أن البارد شعر بخطيته وعاد تائبا أما الفاتر فهو لا يشعر ولا يدرى أن حالته سيئة، بل يظن أن حالته جيدة وأنه مقبول أمام الله، ولا يشعر بإحتياجه للمسيح، راضى عن نفسه بدون مبرر. لا يطلب معونة من الله، هو يحيا على ذكريات ماضى إنتهى إذ إبتعد عن الله. هو مخدوع.
لأنك تقول إنى أنا غنى وقد إستغنيت ولا حاجة لى إلى شىء = هذا شعور الفاتر أنه فى غنى عن الإلتجاء بالصلاة للمسيح طالبا المعونة. و المسيح يقول له الحقيقة = ولست تعلم أنك أنت الشقى والبئس وفقير وأعمى وعريان. وهذا حال كل من يجرى وراء العالم. فالعالم باطل وأحسن تفسير لكلمة باطل هو ظاهرة السراب وفيها يجرى الإنسان وراء أوهام ويموت من العطش دون أن يحصل على شىء، وفسرها سليمان أيضا بأن العالم هو قبض الريح فما حصلت عليه من العالم مهما كان كأنك قبضت على هواء، ولا تجد شيئا فى يديك. هذا إنسان يحيا فى خداع لذلك يظهر له المسيح فى شكل أنا بداءة كل خليقة أى هل تظن أنك غير محتاج لى..! ابدا… أنا أصلك وأصل كل خليقة، كيف تستغنى عنى. هذا يقال لكل من هو شاعر أنه بماله ومركزه قادر أن يستغنى عن الله. هذا الملاك عكس ملاك ساردس. فملاك ساردس خدع الآخرين أما هذا فخدع نفسه. وبداية التغيير أن تعرف الحقيقة أنك فقير وبائس… الخ. فالمسيح لا يغنى غنيا ولا يشبع شبعانا بل يعطى لمن يريد أى لمن يشعر بإحتياج إليه.
الشقى = مهما تذوق الإنسان من ملذات العالم، ماذا يفعل وكيف يتعزى أمام مشاكل العالم، كيف يتعزى بملذات العالم لو علم أنه مريض بمرض قاتل ولا يوجد من ينكر أن العالم ملىء بالآلام. والمسيح يقول لهذا الشخص ستصبح شقى لو أصابتك هذه الآلام بدون تعزياتى (العشاء معى) ولن ينفعك كل العالم.
فقير = فمهما إمتلكنا من مال فيوجد مشكلات لا يحلها المال. هل نستطيع بأموالنا مهما زادت أن نشترى الملكوت ونشترى أبديتنا بل حتى نشترى صحتنا على الأرض
بائس = فهو يعيش فى عالم مؤلم دون تعزيات إلهية. فالله مصدر التعزيات.
أعمى = لا يرى الحقيقة، ترك الحق أى الله ينبوع الماء الحى وذهب وراء الباطل أى سراب، ذهب وراء أبار مشققة لا تضبط ماء.
عريان = عدو الخير يسهل لنا طريق الخطية لكنه يتلذذ بأن يفضحنا، أما المسيح فهو الذبيحة التى إستترنا بها، كفر عن خطايانا ليستر علينا. بل يمنع عدو الخير من أن يفضحنا. المسيح وحده يستر على عبيده. لكن من يصر على طريق الخطية منفصلا عن الله يتركه الله فيفضحه إبليس. لذلك نحن نصلى صلاة الشكر. فلنشكر صانع الخيرات… لأنه سترنا ودارى على عرينا والبسنا رداء بره. ألبس الإبن الضال الحلة الأولى. كما ستر على آدم بالذبيحة، أما العالم فهو ورق التين الذى لا يستر أحد بل يتركه عاريا.
ولاحظ أن هذا الكلام موجه لكنيسة اللاودكيين التى تشير للأيام التى يظهر فيها ضد المسيح ويضيق على أولاد الله فلا يستطيعون البيع ولا الشراء. وربما يلجأ البعض لترك الإيمان ليعيشوا فى سهولة والله ينبههم هنا بأن العالم لن ينفعهم، هو وحده يستر عليهم ((رؤ17:13) البيع والشراء لمن له سمة الوحش).
وهذا الفاتر نجد المسيح مهتما به ويعطى له نصائح للخروج من حالة الفتور هذه والعجيب أنه يقول له = إنى كل من أحبه أوبخه = فهو ما زال يحبه بالرغم من فتوره ولم يرفضه. ويوجه له نداؤه = كن غيورا وتب = الله يتضايق من الفاتر لأن الفاتر لا يستريح فى عشرته مع الله (فقد حرارة عشرته مع الله). صار لا يطيق ان يسمع كلام الله، فهو كان يحيا مع الله ثم تركه إذ أحب العالم الحاضر. ولكن مع هذا فالله لا يريد أن يتخلى عنه بل يوجه له هذه الرسالة وينصحه بان يعود لحرارته أو غيرته وليتحرك قلبه ويعود يختار الله الحق ويترك الباطل. هذه دعوة للتوبة وبكل دقة يقول فيها ما معناه لا تتضايق من كلامى فأنا مازلت أحبك. وإن كان كلامى قاسيا فلكى أبصرك بخطورة وضعك والخطر المحيط بك.
أشير عليك أن تشترى منى ذهبا مصفى بالنار لكى تستغنى = المسيح يعلم أنه فقير، إذا كيف يشترى ذهبا ؟ الحل أن المسيح يعطيه مجاناً لكن لمن يشعر أنه محتاج إليه. كما قال إشعياء ” أيها العطاش…. هلموا إلى المياه والذى ليس له فضة تعالوا إشتروا وكلوا بلا فضة وبلا ثمن (أش 1:55).
ولكنه يقول له إشترى حفظا على كرامته بدلا من أن يقول له سأعطيك مجانا.
والذهب هو الحياة السماوية أو هو المسيح نفسه إلهنا السماوى الذى تألم وإجتاز نيران الصليب، ثم قام ليعطينا حياته (غل20:2) فنحيا بحياته هنا على الأرض حياة سماوية. والبداية أن نغصب أنفسنا على إقامة علاقة مع المسيح.
- بالتوبة.
- بالصلاة بلجاجة – فملكوت السموات يغصب (مت12:11).
ولماذا أغصب نفسى على التوبة أى ترك الخطية، ولماذا أغصب نفسى على الصلاة؟
الإجابة: الشعور بالإحتياج. ولنفكر للحظات، سنجد أنفسنا فى عالم ملىء بالمخاوف، ولا تعلم ماذا سيأتى به الغد، ومتى وكيف نغادر هذا العالم وأين سنذهب بعد ذلك؟ وحينئذ سندرك أننا نحتاج لحماية الله فنلجأ له ونقيم معه علاقة بالتغصب. لكن سرعان ما تتحول هذه العلاقة لعزاء وفرح وصداقة = أتعشى معه وهو معى = ونبدأ حياتنا السماوية هنا، والشبع بالمسيح وهذا هو الحق والنهاية مجد فى السماء = من يغلب فسأعطيه أن يجلس معى فى عرشى وثيابا بيضا لكى تلبس فلا يظهر خزى عريتك = المسيح يعرض عليه ثيابا بيض، هذه التى أعطوها للإبن الضال حين عاد تائبا. المسيح يعرض عليه أنه وحده قادر أن يستر عليه فى الأرض وفى السماء، أما من يستتر بالعالم يفضح. ولاحظ أن ملاك لاؤدكية هو أسوأ السبع الملائكة والمعروض عليه أعظم عرض أى عرش المسيح فإنه يوجد أعظم رجاء لأعظم خاطىء.
كحل عينيك بكمل لكى تبصر = كحل العين مادة طبية تستعمل للإبصار وفى بعض الترجمات جاءت مرهم للعين. وكانت لاودكية مدينة غنية تشتهر بهذه الصناعة أى كحل العين (تزداد به قوة الإبصار) والثياب (ولاحظ الإشارة للثياب البيض) والمعنى، فلقد قال له المسيح سابقا أنه أعمى والأعمى محتاج لأن يشفى بصره بكحل. والمقصود الإمتلاء بالروح القدس الذى يعطى إستنارة. فيبصر حقيقة نفسه. وهذا يتطلب نقاوة القلب بالتوية واللجاجة فى طلب الروح القدس. ومن يعود له إبصاره الروحى سيميز بين الحق والباطل ويختار الحق.
إذا بداية الإصلاح من حالة الفتور:
- التغصب على التوبة.
- ما الذى يدفعنا لذلك؟ الخوف من الأبدية.
- الصلاة بلجاجة.
- ما الذى يدفعنا لذلك؟ الشعور بالإحتياج “إن عطش أحد فليقبل” (يو37:7-39).
- طلب الإمتلاء من الروح القدس فيعطينا إستنارة تساعدنا على إتخاذ القرار الصحيح.
- ويأتى بعد هذا حلاوة العشرة مع المسيح وينتهى التغصب ونلاحظ أن البداية الحقيقية هى من المسيح الذى نجده يصور نفسه هنا واقفا على الباب يقرع، منتظرا من يفتح له. فالبداية هى من المسيح والإستجابة منى. وهذه الصورة للمسيح الذى يقرع على الباب متفقة مع (نش2:5). والرب يقرع باب قلوبنا بإنذارات كلمة الله وبإحساناته تارة وبالتجارب المحيطة بنا تارة أخرى. ولاحظ حرية الإختيار إن سمع أحد صوتى (نش4:5) ما يمنعنا من السمع هو تداخل صوت الله من أصوات العالم والشيطان والذات والشهوات.
من يغلب = نحن فى صراع فى هذا العالم بين الحق (المسيح) والباطل (العالم) والحق ينادى علينا ويقرع أبواب قلوبنا. ومن يختاره ويثبت فيه يتلذذ بعشرته (العشاء).
ويحيا فى فرح حقيقى على الأرض. والنهاية مكان فى عرش الله. والمسيح إفتدانا بدمه لأجل هذا. لذلك فمحبة العالم عداوة لله (يع4:4) أى من يترك الله يجرى وراء ملذات الدنيا فهو يرفض الله ومجد الله ومحبة الله ويعيش معذبا، ومهما جمع من أموال ونال من ملذات الدنيا فهو إما سيتركها أو تتركه لذلك فهى باطل (السراب).
أما من إختار المسيح فهو يعيش فى عزاء حقيقى وفرح حقيقى والنهاية مجد حقيقى (حق)
ولاحظ أن عطايا الله بفيض فالفقير والأعمى والشقى يعطيه ذهبا مصفى بالنار بل يجلس معه فى عرشه. حقا يعطى بسخاء ولا يعير. وما نحصل عليه هنا من عشاء مع المسيح هو عربون المجد هناك.
تفسير كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة
ع19: لما كان كلام الرب لهذا الأسقف ولهذه الكنيسة كلامًا شديدًا وإنذارًا صعبًا يعود هنا ويوضح أن سبب كل كلامه هو الحب، فكما يؤدب الأب أولاده ولو بالتوبيخ الشديد أحيانًا، فإن كل ما يرجوه هو توبتهم وعودتهم عن ضلالهم حتى يتمتعوا بالحياة معه ولا يفقدوا خلاصهم، ويؤكد هذا المعنى أيضًا القديس بولس في رسالته للعبرانيين “الذي يحبه الرب يؤدبه” (عب12: 7).
كن غيورًا .. وتب: أي عليك أن تهتم بخلاص نفسك وتبذل في ذلك الجهد وإرجع بالتوبة إلى سيرتك الأولى.
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 3 للأنبا بولس البوشي
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 3 لابن كاتب قيصر
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 3 للقمص تادرس يعقوب ملطي
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 3 للقمص أنطونيوس فكري
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 3 كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة
رؤ3: 18 | سفر الرؤيا | رؤ3: 20 | |
الرؤيا – أصحاح 3 | |||
تفسير رؤيا 3 | تفاسير سفر الرؤيا |