رؤ 1:12-6 و ظهرت اية عظيمة في السماء امراة متسربلة بالشمس و القمر تحت رجليها

 

1وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا، 2وَهِيَ حُبْلَى تَصْرُخُ مُتَمَخِّضَةً وَمُتَوَجِّعَةً لِتَلِدَ. 3وَظَهَرَتْ آيَةٌ أُخْرَى فِي السَّمَاءِ: هُوَذَا تِنِّينٌ عَظِيمٌ أَحْمَرُ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ. 4وَذَنَبُهُ يَجُرُّ ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ فَطَرَحَهَا إِلَى الأَرْضِ. وَالتِّنِّينُ وَقَفَ أَمَامَ الْمَرْأَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَلِدَ، حَتَّى يَبْتَلِعَ وَلَدَهَا مَتَى وَلَدَتْ. 5فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ. وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ، 6وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ لِكَيْ يَعُولُوهَا هُنَاكَ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا. (رؤ 1:12-6 )

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

“وظهرت آية عظيمة في السماء،

امرأة متسربلة بالشمس، والقمر تحت رجليها،

وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبًا.

وهى حُبلى تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد” [1-2].

من هي هذه المرأة التي لها هذا الوصف؟ والتي ولدت الابن؟ والتي قاومها إبليس وقد هربت منه؟ والتي لا يزال يقاومها ويقاوم نسلها إلى أن يُطرح في البحيرة المتقدة بالنار؟ أقرَّ آباء الكنيسة الأولى أن هذه المرأة التي ولدت لنا الرب يسوع هي الكنيسة التي هي جماعة المؤمنين منذ عهد الآباء، أي منذ آدم إلى نهاية الدهور.

يقول الأسقف فيكتورينوس: [إنها كنيسة الآباء والأنبياء والقديسين والرسل التي كانت تتسم بالتنهدات والآلام حتى رؤية السيد المسيح، ثمرة شعبها بالجسد الذي وعدوا به زمنًا طويلاً، آخذًا الجسد من نفس الشعب. والتحافها بالشمس يشير إلى رجاء القيامة في ظلمتهم. والقمر (تحت رجليها) يشير إلى سقوط أجساد القديسين تحت إلزاميّة الموت غير المنتهي… وهم منيرون كالقمر في ظلمتهم. والأكاليل من الإثنى عشر كوكبًا هو جوقة الآباء الذين منهم أخذ السيد المسيح جسدًا.]

لكن للأسف أخذ بعض المحدثين الغربيين ونقل عنهم بعض الشرقيين مثل هذا التفسير بصورة مشوهة فنادوا بأن هذه المرأة هي الشعب اليهودي وأن ما يتبع هذا خلال الإصحاحات (12-14) إنما يخص الشعب اليهودي. لكن يليق بنا أن نفهم “الكنيسة” في المفهوم الآبائي السليم من نفس التفسير السابق أنها كنيسة الآباء والأنبياء والقديسين والرسل.

بدأت الكنيسة بآدم ودخل في عضويتها الآباء مثل إبراهيم واسحق ويعقوب وأخنوخ… وفي وقت الناموس انضم إلى عضويتها الشعب اليهودي ومعه بعض الأممين الداخلين الإيمان. في هذه الفترة جاء ربنا يسوع متجسدًا من الكنيسة، كنيسة العهد القديم، من اليهود، لكن خرج اليهود كيهودٍ من العضوية في الكنيسة، إذ انحرفوا عن الإيمان رافضين الخلاص، وبهذا لم يعودوا شعبًا مؤمنًا أو كنيسة أو إسرائيل، بل صاروا غير مؤمنين، وهم بهذا لم يغلقوا باب الكنيسة ولا ماتت بموتهم ولا انحرفت، لكن دخل الأمم كامتداد للكنيسة. وبهذا فإن الحديث عن المرأة يخص الكنيسة الواحدة التي فوق حدود الزمن والجنس. فالحديث في هذا الأصحاح يخص الكنيسة منذ نشأتها إلى نهاية الأجيال.

وحينما نقول “الكنيسة” لا نستطيع أن نفصلها عن العذراء مريم التي ارتبطنا بها في شخص السيد المسيح كأم جميع الأحياء. فهي أيضًا كما يقول الآباء الأولون هي المرأة الملتحفة بالشمس والقمر تحت رجليها، إذ سكنها ربنا يسوع شمس البرّ، ونالت مجدًا سماويًا… التي ولدت الابن البكر.

وبنفس الروح وبغير أي تعريج نقول إن ما رآه الرسول في هذا الإصحاح يخص كنيسة العهد الجديد، لأنها غير منفصلة عن كنيسة العهد القديم، ولا مستقلة عنها، بل ينسب لها آباء العهد القديم والأنبياء والناموس والمواعيد. فإذ جاء ربنا يسوع متجسدًا من العذراء مريم أو من اليهود، إلا أنه يمكننا أن نقول أنه جاء متجسدًا من الكنيسة التي تعتز بعضوية العذراء مريم، والتي امتدت إلى الوراء حتى حملت في عضويتها جميع الذين جاء الرب منهم متجسدًا.

ويقول الأب هيبوليتس: [واضح جدًا أنه قصد بالمرأة المتسربلة بالشمس الكنيسة التي أمدها بكلمة الآب إذ بهاؤها يفوق الشمس.]

ويشير بقوله “القمر تحت رجليها” إلى كونها قد تجلت بمجد سماوي يفوق القمر. كما تشير العبارة “وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبًا” إلى الإثنى عشر رسولاً الذين أقاموا الكنيسة. وأما القول بأنه من أجل ابنها “تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد” فيعني أن الكنيسة لن تكف عن أن تحمل في قلبها “الكلمة” الذي يضطهده غير المؤمنين في العالم. هذه هي الكنيسة التي وصفها ربنا قائلاً: “من هي المشرقة مثل الصباح جميلة كالقمر. طاهرة كالشمس. مرهبة كجيش بألوية” (نش 6: 10).

هذه الكنيسة يقاومها إبليس، إذ يقول: “وظهرت آية أخرى في السماء، هوذا تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان” [3].

إنه منذ خلقة الإنسان ولا يكف إبليس “التنين” عن حسده له. هذا التنين العظيم “أحمر” وكما يقول الأسقف فيكتورينوس إن هذا اللون بسبب عمله، لأنه “كان قتَّالاً للناس من البدء” (يو 8: 44)، فهو لا يكف عن التخريب والتدمير بين البشرية محاولاً إهلاك أولاد الله. وله سبعة رؤوس، أي دائم التفكير في هذا القتال. وله عشرة قرون، أي يستخدم كل شدة قوته وسلطانه الممتد على الأرض لإفساد الإيمان. وعلى رؤوسه سبعة تيجان، إذ ينصب نفسه ملكًا في قلوب الأشرار مسيطرًا على أفكارهم ونيَّاتهم وحواسهم وتصرفاتهم …

ويرى الأسقف فيكتورينوس أنه عندما يأتي ضد المسيح في أواخر الأزمنة سيخدع 10 ملوك (10 قرون) يستخدمهم في تحطيم الإيمان.

“وذنبه يجر ثُلث نجوم السماء،

فطرحها إلى الأرض،

والتنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد، حتى يبتلع ولدها متى ولدت” [4].

يري البعض أن في هذا إشارة إلى أن ضد المسيح يخدع ثلث المؤمنين ويضللهم، لكن الأسقف فيكتورينوس يُرجح أن التفسير الأصوب هو أن الشيطان في سقوطه جذب إليه عددًا كبيرًا من الملائكة فسقطوا معه من السماء (يه 6). وفي هذا ينكشف لنا خطورته وتحفزه للإهلاك والإفساد.

ولم يقف عند إسقاطه لبعض الملائكة وتضليله للبشر، بل ظن أنه يُميت الرب يسوع، لكنه إذ هو ليس من زرع البشر لم يغلبه الموت، بل قام الرب من الأموات في اليوم الثالث، مقيمًا إيانا من قبر الخطية، مُصعدًا مؤمنيه إلى حيث هو قائم. لهذا يقول الرائي:

فولدت ابنًا ذكرًا عتيدًا أن يرعى جميع الأمم بعصا من حديد،

واختطف ولدها إلى الله وإلى عرشه” [5].

هذا الذي أراد إبليس افتراسه، هو راع يضم في حظيرته جميع الأمم، يسحق قوى الشر بعصا من حديد. وها هو في العرش الإلهي يرفع فيه البشرية الساقطة إلى الأعالي. هذا بالنسبة للسيد المسيح أما عن حال الكنيسة في غربتها فيقول الرائي:

“والمرأة هربت إلى البرية، حيث لها موضع معد من الله،

لكي يعولها هناك ألفًا ومئتين وستين يومًا” [6].

إنها الكنيسة الهاربة دومًا من وجه إبليس لتعيش متقشفة في برية هذا العالم، تنتظر مسكنها الجديد، أورشليم السمائية، المعد لها من الله. ومدة الألف ومائتين وستين يومًا أي حوالي ثلاث سنين ونصف ترمز إلى كل أيام الغربة التي يقضيها المؤمنون على الأرض.

في كنيسة العهد القديم نجد إيليا هاربًا من وجه ايزابل ثلاث سنين ونصف. وفي كنيسة العهد الجديد نجد العذراء مريم مع ربنا يسوع يرافقهما يوسف النجار هاربين من وجه هيرودس الذي أثاره إبليس (وقد قيل أنهم بقوا ثلاث سنين ونصف). وفي فترة ضد المسيح أيضًا تعاني الكنيسة منه حوالي ثلاث سنين ونصف هاربة في البراري والجبال من شدة الضيق.

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية 1 “و ظهرت اية عظيمة في السماء امراة متسربلة بالشمس و القمر تحت رجليها و على راسها اكليل من اثني عشر كوكبا”.

 إمرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها = هذه الصورة تذكرنا بسفر نشيد الأناشيد، الذى هو حوار بين العريس (المسيح) والعروس (الكنيسة) وفيه يصف العريس عروسه بأنها “جميلة كالقمر طاهرة كالشمس” وهى جميلة لأنها كالقمر، والقمر يعكس نور الشمس، والشمس إشارة للمسيح شمس البر. فكما هو نور للعالم (يو12:8) فهى نور للعالم (مت14:5) هى تستمد جمالها منه، بل هى تعكس جماله. هو سر جمالها. وهى طاهرة كالشمس لأنها متسربلة بالشمس. لا يظهر عريها ولا خطاياها، فهى طالما فى عريسها المسيح لا يظهر منها سواه “قد صالحكم الآن فى جسم بشريته بالموت ليحضركم قديسيين وبلا لوم ولا شكوى أمامه” (كو22،21:1) لقد لبست المسيح (رو14:13).

آية عظيمة فى السماء = فهذه العروس سماوية

  1. تصلى أبانا الذى فى السموات إذا أباها سماوى.
  2. سيرتها فى السماوات (فى 20:3).
  3. عريسها أقامها معه وأجلسها معه فى السماويات (أف6:2). وهى آية، فكيف تكون وهى أرضية. وتحيا فى نفس الوقت فى السماويات. هذا لأن عريسها فى وسطها “ها أنا معكم كل الأيام إلى إنقضاء الدهر” (مت20:28) وبحسب وعده “لأنه حيثما إجتمع إثنان أو ثلاثة بإسمى فهناك أكون فى وسطهم” (مت20:18).  وإذا عريسنا السماوى فى وسطنا فنحن نكون فى السماء.

والإمرأة هى الكنيسة. وهناك من قال أنها العذراء ولا خلاف بين الرأيين، فالعذراء هى أم المسيح، وجسد المسيح هو كنيسته. والكنيسة ليست هى كنيسة العهد الجديد فقط، بل هى كنيسة العهد القديم والعهد الجديد. والمسيح أتى ليجعل الإثنين واحدا (أف14:2). وعلينا أن نفهم أنه ليس هناك دين يهودى ودين مسيحى، فالدين المسيحى هو إمتداد وتكميل للدين اليهودى والمسيح ” ما أتى لينقض بل ليكمل ” وكنيسة العهد الجديد هى إمتداد لكنيسة العهد القديم. هما جسد واحد بلا إنفصال. المدخل لهذا الجسد هو رقم 12

12= 3     [ (1) المؤمنين بالله مثلث الأقانيم   ] × 4 (كل العالم)

            [ (2) الذين يعمل فيهم الروح القدس الأقنوم الثالث ] هو رقم يشير للعمومية    

            [ (3) الذين لهم قيامة من موت الخطية ]   ويشير لكل العالم.

 

ولذلك نلاحظ أن كنيسة العهد القديم مؤسسة على 12 سبطا. وكنيسة العهد الجديد مؤسسة على 12 تلميذا. وكلاهما جسد واحد تمثله هذه المرأة.

إذا كنيسة العهد الجديد هى إمتداد لكنيسة العهد القديم، ولكن من رفض الإيمان بالمسيح من اليهود خرج من الكنيسة ولم يعد يحسب من شعب الله.

ولاحظ أن الكنيسة مكانها فى السماء، تعيش غريبة على الأرض. والأرض أو العالم شبه بالبحر، فمياهه (ملذاته) مالحة تصيب كل من يشرب منها بالعطش، وأمواج البحر تشبه العالم فى أنه يرفع الإنسان يوما ويخفضه يوما. والعالم مشبه بالبحر، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش فى البحر، بل هو سيموت.

متسربلة بالشمس = المسيح هو شمس البر (ملا2:4). وبولس الرسول يقول إلبسوا المسيح  (رو14:13). إذا الكنيسة لها صورة عريسها أى صورة المسيح.

والقمر تحت رجليها = القمر إشارة للقديسيين، فالقمر يعكس نور الشمس، ويستمد ضياؤه من الشمس، وهكذا القديسين هم نور للعالم إذ يعكسون نور المسيح الذى فيهم. وكونهم تحت قدميها فهذا يشير لموت القديسين سواء بإستشهاد أو موت طبيعى فالموت موضوع لكل إنسان (عب27:9).

على رأسها إكليل من إثنى عشر كوكبا = هم المؤمنين بالله فى كل الأزمنة، وهم تاج جهاد الكنيسة دائما، هم يضيئون جبين الكنيسة وينشروا نورها فى كل العالم بإيمانهم وقداستهم. وقد يكونوا هم الأسباط أو تلاميذ السيد المسيح (12) ويمكننا فهم الصورة السابقة تاريخيا. فكون المرأة تلد إبنا ذكرا كما سيأتى فى آية 5. فالإبن الذكر هو المسيح، وتكون المرأة هنا هى كنيسة العهد القديم (الشعب اليهودى). وبعد أن تلد الإبن الذكر لا يعود هناك يهودى وأممى، بل الكل كنيسة واحدة هى القمر. وكون القمر تحت رجلى المرأة فهذا يعنى أنه بعد أن أدت كنيسة العهد القديم دورها وولد منها المسيح جاءت الكنيسة، بمعنى أن الكنيسة تاريخيا تأتى بعد الشعب اليهودى، وهذا تم التعبير عنه بأنها تحت رجلى المرأة.

 

آية2 “و هي حبلى تصرخ متمخضة و متوجعة لتلد”.

وهى حبلى = الكنيسة أم ولود، ولكن ولادتها لأبنائها تكون بصعوبة  = تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد = هكذا قال بولس الرسول “يا أولادى الذين أتمخض بكم إلى أن يتصور المسيح فيكم” (غل19:4). وبالنسبة لكنيسة العهد القديم فقد كانت تصرخ لتلد المسيح قائلة ليتك تشق السموات وتنزل (أش1:64) والمسيح أتى فعلا منهم وبالذات من سبط يهوذا. واليهود كانوا فعلا متلهفين لمجىء هذا المخلص الذى وعدوا به زمنا طويلا، بل حتى السامريين كانوا ينتظرونه كما قالت السامرية للسيد “أنا أعلم أن مسيا الذى يقال له المسيح يأتى” (يو25:1).

 

آية 3 “و ظهرت اية اخرى في السماء هوذا تنين عظيم احمر له سبعة رؤوس و عشرة قرون و على رؤوسه سبعة تيجان”.

 آية آخرى فى السماء = فالشيطان أصله من السماء وسقط (أش12:14-15) + (مز11:28-17)  هوذا تنين = إشارة لقوته الهائلة وقوته.

أحمر = فالسيد المسيح قال عنه كان قتالا للناس من البدء يو 44:8. وكان السبب بخداعه لأبوينا الأوليين آدم وحواء فى هلاك البشر. لذلك ففى نفس الآية يو 44:8 التى يقول فيها السيد عن الشيطان أنه كان قتالا للناس من البدء، يضيف أنه كذاب وأبو الكذاب وأنه ليس فيه حق، فبخداعه أهلك البشر. ولكم أثار أيضا إضطهادات دموية ضد المؤمنين سال فيها دم كثير.

وهو لا يكف عن التخريب والتدمير محاولا إهلاك أولاد الله. فالرأس إشارة للفكر.

له سبعة رؤوس = رقم 7 هو رقم الكمال والمعنى أنه دائم التفكير فى القتال. وقد تشير الرؤوس السبعة للسبعة الممالك التى يعمل فيهم إبليس ليضطهدوا شعب الله كما سيأتى ذكره فى إصحاح 17، وما يؤيد هذا أن على رؤوسه سبعة تيجان = فهو يتحكم فى ملوك هذه الدول ليثيروا إضطهادا ضد شعب الله. وكون ان له 7 تيجان ففى هذا إشارة إلى أنه ينصب نفسه ملكا فى قلوب الأشرار، ويسيطر على أفكارهم وتصرفاتهم.

وعشرة قرون = القرن رمز للقوة، فهو يستخدم كل شدة قوته ضد شعب الله لإفساد الإيمان. وقد تعنى العشرة قرون 10 ملوك يساندون الوحش عند ظهوره لتحطيم الإيمان. وقد يفهم رقم 10 على أن عمل الشيطان دائما هو الحث على كسر الوصايا العشر.

 

 آية 4 “و ذنبه يجر ثلث نجوم السماء فطرحها الى الارض و التنين وقف امام المراة العتيدة ان تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت”.

 نجوم السماء = نفهم من هذا أن الشيطان، الملاك الساقط جذب معه ثلث الملائكة فصاروا شياطين (يه 6). وربما تشير لنجاحه فى إسقاط عدد كبير من المؤمنين. فطرحها إلى الأرض = لم يعودوا بعد إلى السماء، وصار مجال عملهم الأرض. وهو حاول أن يبتلع المسيح الذى سيولد، إبتداء من إثارته لهيرودس ليقتل المسيح الطفل فقتل أطفال بيت لحم وحتى محاولته أن يمسك نفسه عند موته على الصليب كما تعود أن يمسك كل نفوس بنى آدم ليأخذهم عند موتهم إلى الجحيم. لكن المسيح الذى بلا خطية إنتصر عليه وأمسكه، وذلك شرحه السيد المسيح حينما قال ” رئيس هذا العالم يأتى ولبس له فى شىء (يو30:14).  فالمسيح لم يقبل من يده أى خطية. ولذلك قام المسيح من الموت منتصرا على الموت وعلى إبليس. ونرى فى الآية الآتية صعود المسيح بجسده للسماء ليعد لنا مكانا.

 

آية 5 “فولدت ابنا ذكرا عتيدا ان يرعى جميع الامم بعصا من حديد و اختطف ولدها الى الله و الى عرشه”.

فولدت إبنا ذكرا = هو المسيح وهو ذكر لأنه عريس الكنيسة. عتيدا = مزمعا أن يرعى جميع الأمم بعصا من حديد = رمز العدل والقوة والإقتدار، وهذا ما قيل فى (مزمور 9،8:2) عن المسيح الذى أراد إبليس إفتراسه، والمسيح هو الراعى الذى يضم إلى حظيرته جميع الأمم، ويسحق قوى الشر بعصا من حديد.

وإختطف ولدها إلى الله = هذا إشارة لصعود المسيح بالجسد للسماء ليرفع البشرية الساقطة للأعالى. وقوله إختطف إشارة لأن لاهوته المتحد بناسوته هو الذى رفع الناسوت للسماء.

 

 

آية 6 “و المراة هربت الى البرية حيث لها موضع معد من الله لكي يعولها هناك الفا و مئتين و ستين يوما”.

 المرأة هربت إلى البرية = هى الكنيسة التى تعيش فى العالم كأنه برية، حاسبة إياه أنه برية، غير مهتمة بملذاته، بعيدا عن ضجيج العالم، شاعرة بغربة فى هذا العالم، كما نصلى فى القداس قائلين “ونحن الغرباء فى هذا العالم”. وهذه الكنيسة التى تحيا فى العالم حاسبة أنه خراب بالنسبة لها (شرور العالم) يلاطفها الله قائلا “لكن هأنذا أتملقها وأذهب بها إلى البرية وألاطفها” (هو14:2).

حيث لها موضع معد من الله = فالله يعد لكل منا مكانا يعيش فيه وله عمل يشهد به لله. لكى يعولها = روحيا ورعاية وماديا كما عال بنى إسرائيل بالمن فى سيناء وإحدى صور الهروب هى صورة هروب الرب يسوع مع أمه العذراء إلى ارض مصر. وقيل أنهم أقاموا فى مصر ثلاث سنوات ونصف. فمن يريد أن يهرب من التنين يذهب إلى البرية.

الف ومئتين وستين يوما = أى 3.5 سنة. وهذا الرقم يعنى أنه وضع مؤقت لأن الهروب للبرية هو وضع مؤقت غير دائم، فالكنيسة ستحيا فى صراع لكن ليس على الدوام، بل ستأتى النصرة فى النهاية… وكأن المسيح مازال يردد “أما قدرتم أن تسهروا معى ساعة واحدة” (مت40:26). ونلاحظ أن الـ1260 يوما هى مدة سيطرة ضد المسيح أو مدة حكمه (رؤ2:11) لذلك قد تفهم هذه الآية أن الكنيسة ستهرب من وجه ضد المسيح فعلا إلى الجبال والبرارى من شدة الضيق وهناك يعولها الله. ولكن هذا لن يتضح الآن وإنما سيعلن فى وقته، ووقتها سنفهم ما علينا عمله، بل سنكتشف من كلمات سفر الرؤيا التى سيتضح معناها وقتها فهى مكتوبة الآن بصورة شفرية، وستنحل الشفرة وقتها وسنفهم إلى أين نهرب. وهناك فى البرية سيعولوها = لأن فى وقت الضيقة العظيمة الله سيعول كنيسته (بواسطة ملائكته) بطريقة ما. ولاحظ كما سنرى فى إصحاح (13) أن أولاد الله لن تكون لهم سمة الوحش التى بها يبيعون ويشترون، فهم سيكونون غير قادرين على أن يحيوا وسط المجتمع. فلابد أن يجد الله طريقة بها يعول شعبه فى البرية كما كان يعول القديس الأنبا بولا بواسطة غراب، فالله لابد أنه سيحفظ كنيسته وسط هذه الضيقة العظيمة. إذا الآية تفهم بطريقتين:-

  1. الـ3.5 سنة هى مدة رمزية تشير لكل أيام غربة الكنيسة على الأرض.
  2. وتفهم حرفيا أنها مدة فعلية تهرب فيها الكنيسة للبرارى أيام ضد المسيح.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى