رو1: 9 فإن الله الذي أعبده بروحي في إنجيل ابنه…

فَإِنَّ اللهَ الَّذِي أَعْبُدُهُ بِرُوحِي، فِي إِنْجِيلِ ابْنِهِ، شَاهِدٌ لِي كَيْفَ بِلاَ انْقِطَاعٍ أَذْكُرُكُمْ،“(رو1: 9)

+++

تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم

فإن الله الذي أعبده بروحي في إنجيل ابنه، شاهد لي كيف بلا انقطاع أذكركم متضرعا في صلواتي ” (9:1).

2ـ هذا الكلام خارج من أحشاء الرسول المملوءة رأفة، ويكشف عن روح تتمتع بالرعاية والأبوة. لكن ما معنى هذا الذي قاله ولأي سبب يدعو الله شاهدا؟ لقد أراد أن يعبر لهم عما بداخله، ولأنه لم يكن قد رآهم حتى ذلك الوقت، فإنه لم يدع أي إنسان لكي يكون شاهدا ، ولكن دعى ذاك الذي يفحص القلوب، شاهد.

إذن بعدما قال إنهم محبوبون، أراد أن يدلل على هذا ، لذا قال إنه يصلي لہم بلا انقطاع، وأنه يأمل أن يأتي إليهم، ولما كانت هذه الدلائل غير معلنة ، فإنه لجأ إلى شهادة أمينة. وهنا يمكن أن نتساءل هل يستطيع أحد منكم أن يزعم بأنه يتذكر كل ملء الكنيسة عندما يصلي في بيته؟ لا أعتقد، لكن القديس بولس يصلي إلى الله، لا لأجل مدينة واحدة، بل لكل المسكونة ، وهذا حدث لا مرة واحدة أو مرتين أو ثلاث مرات، لكن بلا انقطاع. ولن يحدث أن يتذكر المرء إنسانا معينا، إلا اذا كانت هناك محبة كبيرة تربطه به، ولهذا يذكره دوما في صلواته. أرأيت إن صلواته هذه هي دليل واضح على محبته الكبيرة تجاه الجميع.

وعندما يقول إن الله هو “الذي أعبده بروحي في إنجيل ابنه” يوضح لنا تواضعه تحت نعمة الله، لأن نعمة الله سمحت له بأمر عظيم جدا، وهو أن يبشر، ويظهر هذا التواضع بوضوح، لأنه ينسب كل شيء لمعونة الروح، لا لإمكانياته الخاصة. واستخدامه تعبير ” إنجيل ابنه” قصد به إظهار نوع الخدمة. وبالحقيقة إن طرق الخدمة كثيرة ومتنوعة، تماما مثل طرق العبادة. تماما كما في حالة الممالك، فالجميع خاضعون لواحد فقط هو الذي يملك، ولا يقدمون جميعهم نفس الخدمات، لكن واحد يهتم بخدمة وإدارة الجيوش، وواحد يدبر المؤن، وآخر يحفظ أموال الخزانة، هكذا أيضا في الأمور الروحية؛ واحد يعبد الله بأن يخدم ويدبر حياته حسنا، وآخر يتعهد خدمة الغرباء، وآخر يقوم برعاية من لهم احتياج. ومثل هذا الأمر نجده في حالة الرسل أنفسهم، هؤلاء الذين كانوا مع استفانوس ويخدمون الله، البعض في رعاية الأرامل، وآخرون في التعليم. ومن بين الرسل أيضا كان الرسول بولس يخدم الله بواسطة كلمة الإنجيل، وهذا كان أسلوب خدمته ولهذه الخدمة أرسل.

ولذلك فإنه لا يدعو الله شاهدا فقط، لكنه يتكلم عن خدمته التي تعهد بها، موضحا أن قيامه بهذه الخدمة العظيمة، لا يجعله يدعو ذاك الذي استأمنه على هذه الخدمة شاهدا، إن لم يكن لديه هذا اليقين وهذه الثقة. بل أراد ، أن يوضح أن محبته ورعايته لهم هو أمر ضروري. ولكي لا يقولوا له من أنت ومن أين أتيت، وكيف تقول أنك تعتني بمدينة كبيرة، ولها مكانة قيادية بين المدن، نجد أنه أوضح أن قيامه بمثل هذه الرعاية وهذا الإهتمام هو أمر ملح بالنسبة له. إذ كانت الضرورة موضوعة عليه، لكي يكرز هناك بالإنجيل. وكان يشعر باحتياج أن يذكر هؤلاء الذين كرز لهم بلا انقطاع.

الله الذي أعبده بروحي” هذه العبادة هي أسمى بكثير من العبادة الوثنية والعبادة اليهودية. لأن العبادة الوثنية هي عبادة كاذبة وجسدية، بينما العبادة اليهودية هي عبادة حقيقية، لكنها هي أيضا جسدية، لكن العبادة الكنسية هي عكس العبادة الوثنية، وأسمى بكثير من العبادة اليهودية. لأن عبادتنا ليست بذبائح وعجول ودخان ورائحة شواء، لكن هي عبادة روحية. هذا ما أعلنه لنا المسيح قائلا: “الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا “[يو4: 24]

 ثم يقول: ” في إنجيل ابنه ” لقد قال سابقا “المفرز لإنجيل الله (الآب)”، هنا يقول “إنجيل ابنه” أي أن هذا الإنجيل هو إنجيل الابن، لأنه تعلم من السيد له المجد أن كل ما للآب هو للابن وكل ما للابن هو للآب. لأن المسيح يقول “كل ما هو لي فهو لك. وما هو لك فهو لي.

” كيف بلا انقطاع أذكركم متضرعا في صلواتي “: هذا دليل محبة حقيقية. وما يقوم به الرسول بولس هو أمر واحد له عدة جوانب: “أنه يذكرهم” وهو يذكرهم “بلا انقطاع”، وهذا التذكر هو محور “صلاته” وأخيرا هو يفعل هذا، لأجل أمور عظيمة.

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

بجانب كشفه عن جوانب نجاحهم يعلن حبه نحوهم بالصلاة من أجلهم، مشهدًا الله نفسه على أعماقه المتسعة نحوهم: “فإن الله الذي أعبده بروحي في إنجيل ابنه، شاهد لي كيف بلا انقطاع أذكركم” [9].

لم يكن ممكنًا أن يذكر المخدومين، حتى وإن كان لم ينظرهم بعد حسب الجسد، بالصلاة الدائمة غير المنقطعة لو لم يكن قلبه وفكره وكل طاقاته قد تكرّست وأُفرزت لله، هذا ما عناه بقوله “أعبده بروحي”، أي أضع نفسي بكل طاقاتي الروحية والنفسية والجسدية للعبادة لله والتمتع بإنجيله.

يعلق القديس يوحنا الذهبي الفم على هذه العبارة موضحًا نقطتين، هما: 

أ. الرسول وهو يكرز بالإنجيل يعبد الله بالروح والحق: [لأن طريق خدمتنا ليس بخرافٍ وتيوسٍ ولا بدخانٍ وشحومٍ، وإنما بنفسٍ روحية، كقول المسيح: :”الله روح والذين يسجدون لله فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا (يو 4: 24).]

ب. يخدم إنجيل الابن الذي هو بعينه إنجيل الآب: [قال قبلاً أنه إنجيل الآب، أما هنا فيقول إنجيل الابن، فلا اختلاف بين القولين، إذ تعلّم الرسول من الصوت الطوباوي أن ما للآب هو للابن، وما للابن هو الآب، إذ قيل: ما هو لي فهو لك، وما هو لك فهو لي (يو 17: 10).]

تفسير القمص متى المسكين

9:1 «فإن الله الذي أعبده بـروحـي في إنـجـيـل ابنه، شاهد لي كـيـف بلا انقطاع أذكركم » .

«أعبده بروحي»: λατρεύω ἐν τῷ πνεύματί μου

ق. بولس يفرق بين العبادة بحسب الفروض والواجبات الموضوعة مع الترتيبات التقليدية المسلمة، وبين العبادة بالروح . فكل عبادة بالجسد يرتفع بها ليجعلها عبادة بالروح على أساس نظرية الخـتـانـة للقلب والأذن في مقابل ختانة الجسد . فالثانية بدون الأولى غزلة، والأولى بدون الـثـانـيـة ظهارة وقداسة : «لأننا نحن الختان الذين نعبد الله بالروح، ونفتخر في المسيح يسوع ولا نتكل على الجسد …» (في 3:3)، «لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديا ولا الختان الذي في الظاهر في اللحم ختاناً … بل ختان القلب بالروح … الذي مدحه ليس من الناس بل من الله . » (رو 2: 28و 29)

هنا ق. بولس يقصد من قوله : « أعبده بروحي» ، عبادة القلب التي تنفرد بها روح الإنسان في داخله دون أن يظهر بها للناس ، فهي عبادة صادقة جداً لأنها تخلو من أية مظاهر أو ادعاء أو افتخار، هي في الحقيقة انسحاق قلب وخضوع للنعمة بإحساس وجود الله في الداخل .

«في إنجيل ابنه» :

لقد أصبح إنجيل المسيح ، أي الأخبار السارة التي تختص بالمسيح ، من جهة الموت والقيامة والخلاص الذي أكمل، هي حدود و بنود عبادة ق. بولس وخدمته وكرازته وتقواه التي يقدمها الله ، عوض حدود و بنود الناموس .

« شاهد لي كيف بلا انقطاع أذكركم » :

ق. بولس يستشهد الله على ما كان في فكره وما كان في ضميره دائماً كلما وقف للصلاة أمام الله أو كلما جاء ذكر روما في مخيلته ، هذا يعبر عنه بقوله : «بلا انقطاع » :

+ « فإن الله شاهد لي كيف أشتاق إلى جميعكم في أحشاء يسوع المسيح . » ( في 1: 8)
+ « ولكني أستشهد الله على نفسي أني إشـفـاقـاً عـلـيـكـم لـم آت إلى كـورنـثـوس.» (2کو 1: 23)

+ «فإننـا لـم نـكـن قـط في كلام تملق، كمـا تـعـلـمـون ولا في علة طمع ، الله شاهد .» ( 1تس 2: 5)

+ «أنتم شهود والله كيف بطهارة وببر وبلا لوم كنا بينكم أنتم المؤمنين . » ( 1تس 2: 10)
+ «الله أبو ربنـا يـسـوع المسيح، الذي هو مبارك إلى الأبد، يعلم أني لست أكذب . » (2کو 11: 31)
+ « والذي أكتب به إليكم هوذا قدام الله أني لست أكذب فيه. » (غل1:20)

والقديس بولس يستشهد الله هنا في رسالته إلى أهل رومية ليؤكد لهم أنه ـ ودون أن يعلموا أو يـطـلـبـوا ـ كان يصلي وكان يذكرهم أمام الله طالباً دائماً أن تفسح له مشيئة الله للذهاب إليهم ، ولـكـن مـنع. ونحن نعلم أن الروح القدس هو الذي كان يفتح ويغلق طريق الخدمة أمامه حسب نعمة الله وتدبيره .

+ «وبعـد مـا اجـتـازوا في فريجية وكورة غلاطية منعهم الروح القدس أن يتكلموا بالكلمة في آسيا . » (أع 16: 6)
+ «فلما أتوا إلى ميسيا حاولوا أن يذهبوا إلى بثينية فلم يدعهم الروح . » (أع 16: 7)

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية (9): “فان الله الذي أعبده بروحي في إنجيل إبنه شاهد لي كيف بلا انقطاع أذكركم.”

أعبده بروحي= وقارن مع عبادتكم العقلية (رو1:12). وطالما نسمع هنا عن عبادة بالروح، فقطعاً توجد عبادة بالجسد. هذه هي عبادة الفروض والواجبات، هي ممارسات بدون قلب. كمن يصوم ويتباهي أمام الناس أو حتى أمام نفسه بأنه صام أكثر من الجميع، وهكذا في مطانياته وصلواته ولكن مثل هذا يُعِّرفْ شماله ما تفعله يمينه. وخطورة هذا النوع من العبادة أنه لو صادفت هذا الإنسان تجربة، سريعاً ما يلوم الله أنه سمح له بهذه التجربة، ولم يذكر له خدمته وعبادته وأصوامه وصلواته.. وهذه جربها بولس الرسول في يهوديته (فهذه طريقة الفريسيين في العبادة) ولم تشبعه ولم تعطه فرحاً وسلاماً.

أمّا العبادة بالروح، فهي عبادة يقودها الروح، هي عبادة في القلب، ولا تظهر أمام الناس، بلا مظاهر ولا إدعاء، بل في إنسحاق للقلب وخضوع لصوت الروح القدس، والروح القدس لا يجبر أحد علي شئ، بل هو يقنع الإنسان المؤمن إقناعاً عقلياً بكل ما سيقوم به في عبادته (لذلك فلقد سميت عبادة عقلية رو1:12) وبهذا تكون العبادة بحرية الإرادة أي بكامل حريتنا، وبإرادتنا، وبإختيارنا، من كل القلب وبكل رغبة وشوق ويضع الإنسان كل طاقاته الروحية والنفسية والجسدية في خدمة الله والروح يقود كل شئ، والإنسان يكرس كل شئ لله.

فمثلاً يفتح الروح عيني المؤمن علي صورة المسيح المصلوب، ويقنع المؤمن قائلاً هل تتمتع بالطعام اللذيذ والمسيح متألم، هنا يقدم الإنسان صوماً لا ليتباهي به بل ليشترك مع المسيح في ألمه، هنا يكون كأم رفضت أن تأكل لمرض إبنها، وذلك عن حب، ليس طمعاً في أجر ستحصله منه لذلك فمن يقدم هذا النوع من العبادة، لن يطالب الله حين وقوعه في تجربة، بأن يرفع عنه التجربة مذكراً الله بأعماله. فمن يعبد بالروح هو يقدم عبادته لله عن حب ليس طمعاً في اجر. ومثل هذا يتلذذ بعبادته وتشبعه عبادته، فالحب مشبع. وهكذا في الصلاة، فالإنسان يبدأ بأن يغصب نفسه (جهاد) تم تبدأ النعمة عملها فيتلذذ الإنسان بصلاته ولكن في مرحلة التغصب، يسمع المؤمن صوت الروح القدس، معلناً له حب المسيح له، لقد بذل المسيح لأجلك، أفلا تقف للصلاة وتفرح قلب الله بك. ولو إستجاب وإقتنع بصوت الروح القدس لوجد لذة في صلاته. فهل لو كان يتلذذ في صلواته سيطالب الله بأجر مع أن الله قد أعطاه هذه اللذة. لاحظ أن بولس الرسول في مسيحيته قد إختبر هذا النوع من العبادة، فإختبر الفرح والسلام الذي يفوق كل عقل. بل أن الروح القدس في هذا النوع من العبادة يعطي للمؤمن أن يشعر بمشاعر وأحاسيس حب الله فيبادله حباً بحب، وربما لا يجد كلمات يعبر بها عن هذا الحب الذي ملأ قلبه فيئن فقط (رو26:8). والعبادة بالروح لا تكون بالضرورة باللسان فقط، بل في شركة عميقة مع الله، هي شركة بلا إنقطاع تنفيذاً لقول الرسول “صلوا بلا إنقطاع” (1تس17:5). هي شركة في الإستيقاظ وهي في النوم “أنا نائمة وقلبي مستيقظ” (نش2:5) وهي في المنزل وفي الكنيسة، في العمل وفي الطريق.

ولكن من قصة إيليا (امل12:19،13) نسمع أن إيليا إستمع لصوت الله في الهدوء، فكيف نسمع صوت الله وسط ضجيج العالم. لابد لنا من وقفة هادئة في المخدع يومياً، في صلاة وفي تأمل للكتاب حتى نسمع صوت الروح القدس في داخلنا. وكيف نسمع صوت الروح القدس ونحن غارقين في الخطايا التي تغلق حواسنا الروحية، إنما لأنقياء القلب فقط إمكانية رؤية الله وسماع صوته (مت8:5) فلن نسمع صوت الروح في داخلنا ما لم نقدم توبة أولاً. وكيف نسمع صوت الروح القدس إن كنا في صلاتنا نتكلم طوال الوقت، لذلك علينا ان نصمت بعض الوقت لنعطي فرصة للروح القدس أن يتكلم. وحساسية أذاننا تزداد مع الوقت، وتضيع الحساسية إذا عاندنا صوت الروح القدس، وتزداد الحساسية حين نخضع لصوته. وإذا استمعنا لصوته يعطينا الإقناع العقلي. إذاً العبادة بالروح هي عبادة عقلية.

ومن يقدم عبادة بالجسد لا يري في نفسه غير أنه كامل، إذ أنه يفعل كذا وكذا، أما من يقدم عبادة بالروح، فإن الروح القدس يفتح عينيه علي خطاياه وعدم إستحقاقه، لذلك يقول بولس الرسول “الخطاة الذين أولهم أنا” (1تي15:1). وبينما من يقدم عبادة بالجسد نجده يلوم الله إذا وقعت له تجربة، نجد من يعبد الله بالروح، إذا جاءت عليه تجربة يقول أنا أستحق هذا وأكثر، لأنه يري خطاياه، بل سيشعر بفرح لأنه طالما أن الله يؤدبه، إذاً هو يحبه (عب6:12). بل إن أتاه خير يشعر بأنه لا يستحقه، كما صرخ بطرس “أخرج يارب من سفينتي” (لو8:5) إذ شعر بأنه خاطئ لا يستحق كل هذه الخيرات.

بلا إنقطاع أذكركم= الذي يصلي بالروح لا يهتم بنفسه بل هو مشغول بالآم وخلاص نفوس الآخرين، يشكر علي توبة فلان، ويبكي علي خطية فلان، لأنه سيهلك بسببها، ويصرخ لشفاء فلان، يطلب السلام للعالم المضطرب المتألم. مثل هذا سيتشبه بالله في إهتمامه بالناس.

في إنجيل إبنه= هذه العبادة بالروح تظهر أيضاً في كرازتي وخدمتي وتبشيري بإنجيل المسيح.

تفسير د/ موريس تاوضروس

“فإن الله الذي أعبده بروحي في إنجيل ابنه شاهد لي كيف بلا انقطاع أذكركم» (رو1: 9)

إن العبادة الحقيقية،، العبادة التي يجب أن تصدر من باطن الإنسان ومن روحه، ولاتكون مجرد عبادة خارجية ظاهرية. إن الرسول يتحدث هنا عن العبادة التي تصدر من أعماق الإنسان ومن باطن عقله (أي عبادة مؤسسة علي الاقتناع العقلي) ، ومن إرادته (أي عبادة صادرة عن حرية وإخـتـيار) ومـن وجدانه (أي عـبـادة صادرة من كل القلب وبكل رغبـة وشـوق) ، وإلي هذه الـعـبـادة الروحية أشار الرسول في مواضع أخري من رسائله. في الرسالة إلي فيلبي يقول الرسول انعبد الله بالروح؛ ، وفي الرسالة الثانية إلي تيموثيؤس يشير الرسول إلي الخدمة بضمير طاهره  وفي الرسالة الي العبرانيين يقـول «نخدم الله خدمـة مـرضـية بـخـشـوع وتقـوي . وفي الرسالة الأولي الي تسالونيكي يقـول أيضا فإننا لم نكن قط في كلام تعلـق كما تعلمون ولا في علة طمع، الله شاهد.

ومن مميزات العبادة الروحية، أنها عبادة حارة، لاتفتر ولا يعتريها هزال، بل تتم بلا توقف وبلا انقطاع،  هي خدمة متواصلة، لاتعرف المهادنة ومن أجل ذلك هـم أمام عرش الله ويخدمونه نهارا وليلا في هيكله:  كذلك فيها تذكر دائم للآخرين :أذكركم، واحساس مستمر بالمسئولية نحو الغير الا أزال شاكرا لأجلكم ذاكرا إياكم في صلواتي. 

تفسير كنيسة مارمرقس مصر الجديدة

ع9-10: هنا يلفت نظرنا القديس بولس إلى العبادة الوحيدة المقبولة أمام الله، وهي العبادة بالروح (يو4: 23، 24). وفيها يسلك المؤمن بحسب وصايا الإنجيل، عاملًا كل شيء بالمسيح ومن أجله، واضعًا في قلبه أن الله ناظر لكل أعماله وأفكار قلبه حتى التي لا يراها الناس. لذلك يحاول الإنسان الروحي دائما وعلى قدر طاقته أن يرضى قلب الله بحب. وهذا عكس العبادة الشكلية التي يهتم فيها الشخص بالتدين أمام الناس فقط لنوال مدحهم، بينما يكون قلبه خاليًا من أي محبة أو مخافة لله.

وإذ علم بولس الرسول أن مسرة قلب الله هي أن يعود الخطاة إلى حضن الآب، اشتعل قلبه بحب أبوي، متشبها بمسيحه كراعٍ يبحث عن خرافه. فبولس يذكر مسيحيى روما كل حين، ويصلى لأجلهم، متمنيا أن يزور روما ليبشر بها ويثبت المؤمنين فيها.

رو1: 8 رسالة رومية رو1: 10
رسالة رومية – أصحاح 1
تفسير رومية 1 تفاسير رسالة رومية

 

زر الذهاب إلى الأعلى