رو10: 3 لأنهم إذ كانوا يجهلون بر الله…
“لأَنَّهُمْ إِذْ كَانُوا يَجْهَلُونَ بِرَّ اللهِ، وَيَطْلُبُونَ أَنْ يُثْبِتُوا بِرَّ أَنْفُسِهِمْ لَمْ يُخْضَعُوا لِبِرِّ اللهِ.“(رو10: 3)
+++
تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم
” لأنهم إذ كانوا يجهلون بر الله ” (رو3:10).
أيضا هذا الكلام يظهر غفرانا، لكن الكلام اللاحق يظهر إدانة شديدة جدا، وينقض أي مبرر من الممكن أن يقال. ” ويطلبون أن يثبتوا بر أنفسهم، (لذلك) لم يخضعوا لبر الله “. وقد قال هذا الكلام لكي يبين أنهم إنخدعوا بالأكثر بتأثير الرغبة في النزاع، وفي السلطة، وكذلك الجهل الشديد، إذ أنهم لم يثبتوا ولا حتى في هذا البر، الذي يأتي من تنفيذ وصايا الناموس. لأنه بقوله: “ويطلبون أن يثبتوا” يظهر ذلك بالتحديد. وهذا ما لم يشر إليه بوضوح، لأنه لم يقل إنهم فقدوا كل بر، لكنه ألمح إلى هذا برؤية كاشفة أو بنظرة ثاقبة، وبحكمة لائقة به. لأنهم إن كانوا يطلبون أن يثبتوا بر أنفسهم، فمن الواضح جدا أنهم لن ينجحوا في ذلك، إن لم يخضعوا لبر الله الذي فقدوه. وقد أطلق الرسول بولس على هذا البر الذي يريدون تثبيته، بر أنفسهم، إما لأن الناموس لم يعد صالحاً، أو لأنهم اعتمدوا على جهدهم وأتعابهم، بينما دعى البر الذي يأتي بالإيمان، بر الله، لأنه يعتمد على نعمة الله بالكامل، ولا يمكن نواله بالجهد، بل بعطية الله. أما أولئك الذين يقاومون الروح القدس بصفة دائمة، ويجاهدون لأجل التبرير بالناموس، فلن ينالوا الإيمان. ولأنهم لم يقبلوا الإيمان، فإنهم لم يحصلوا على البر الذي بالإيمان، ولأنهم أيضا لم يستطيعوا أن يتبرروا بالناموس، يكونوا قد فقدوا البر من كل جهة.
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“لأنهم إن كانوا يجهلون برّ الله،
ويطلبون أن يُثبتوا برّ أنفسهم،
لم يخضعوا لبرّ الله” [3].
يحاول أن يعطيهم عذرًا: “جهلهم برّ الله“، لكنه يحوّل العذر إلى اتهام ضدّهم يقوم على كبريائهم واعتداءهم بالذات: “برّ أنفسهم“. جهلهم لا يقوم على ظروف خارجية قهريّة، وإنما على فساد داخلي يدبّ في النفس.
حينما تتضخم “الأنا ego” تملأ القلب، فلا تطيق آخر في داخله، حتى إذ تديّنت تعمل لحساب ذاتها المغلقة، فتطلب تثبيت “برّ نفسها” عِوض اتساعها بالحب لتقبل نعمة الله واهبة البرّ بالإيمان. يحدّثنا إشعياء النبي عن هذا البرّ الذاتي، قائلاً: “قد صرنا كلنا كجنس، وكثوب عُدة كل أعمال برنا، وقد ذبلنا كورقة وآثامنا كريحٍ تحملنا“ (إش 64: 6).
v يقول الرسول بولس أن المسيح بالنسبة لنا برّ (1 كو 1: 30)؛ وبالتالي من يجوع إلى هذا الخبز إنما يجوع إلى البرّ النازل من السماء، الذي يهبه الله، وليس الذي يصنعه الإنسان لنفسه. فلو أن الإنسان لا يصنع لنفسه برًا لما قال الرسول نفسه لليهود: “إذ كانوا يجهلون برّ الله، ويطلبون أن يُثبتوا برّ أنفسهم، لم يخضعوا لبرّ الله” [3]… برّ الله لا يعني أن الله بارّ، وإنما يعني البرّ الذي يهبه الله للإنسان فيجعله بارًا بالله. مرة أخرى، ما هو برّ هؤلاء اليهود؟ البرّ الذي هو من عمل قوتهم والذي افترضوه، فحسبوا أنفسهم كما لو كانوا مكمِّلين للناموس بفضائلهم الذاتيّة.
القدّيس أغسطينوس
v الله وحده هو البارّ والذي يبرّر، يهب الإنسان البرّ.
إنهم يطلبون أن يُثبتوا برّ أنفسهم، بمعنى أنهم يظنّون بأن الصلاح هو من عندهم لا عطيّة إلهية. بهذا “لم يخضعوا لبرّ الله”، لأنهم متكبرون ويحسبون أنهم قادرون على إرضاء الله بذواتهم لا بما لله.
القدّيس أغسطينوس
v قال هذا عن اليهود الذين في اعتداءهم بذواتهم احتقروا النعمة، ولم يؤمنوا بالمسيح أنه يقول بأنهم أرادوا أن يُقيموا برّهم، هذا البرّ الذي من الناموس، لا أنهم ينفّذون الناموس، بل يقيمون برّهم في الناموس، عندما يحسبون في أنفسهم أنهم قادرون على تنفيذ الناموس بقوتهم، جاهلين برّ الله، لا البرّ الذي لله بل البرّ الذي يمنحه الله للإنسان.
القدّيس أغسطينوس
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية (3): “لأنهم إذ كانوا يجهلون بر الله ويطلبون أن يثبتوا بر أنفسهم لم يخضعوا لبر الله.”
يثبوا بر أنفسهم= لم يعرفوا عمل الله فيهم. لم يخضعوا لبر الله= هذه ليس معناها أن الله بار، بل البر الذي يهبه الله للإنسان فيجعله باراً بالله. محاولتهم لإثبات بر أنفسهم راجعة لكبريائهم أي فسادهم الداخلي، فحينما تتضخم الأنا وتملأ القلب، لا تطيق آخر في داخله، وحتى إذ تدينت تعمل لحساب ذاتها المغلقة تطلب تثبيت بر نفسها، عوض إتساعها بالحب لتقبل نعمة الله واهبة البر بالإيمان. هؤلاء ظنوا أن الصلاح والبر من عندياتهم وليس هو عطية إلهية، لهذا لم يخضعوا لبر الله إذ أنهم متكبرون. وفي إعتدادهم بذواتهم إحتقروا النعمة، فلما أتي المسيح لم يؤمنوا به. هم طلبوا بر ذواتهم والمجد لذواتهم (يو42:5،44). وفقدوا محبتهم لله لذلك تخلي عنهم (رو28:1 + 2أي1:15،2).
- تفسير رسالة رومية 10 – القديس يوحنا ذهبي الفم
- تفسير رسالة رومية 10 – القمص تادرس يعقوب ملطي
- تفسير رسالة رومية 10 – القمص متى المسكين
- تفسير رسالة رومية 10 – القمص أنطونيوس فكري
- تفسير رسالة رومية 10 – الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف
- تفسير رسالة رومية 10 – د/ موريس تاوضروس
- تفسير رسالة رومية 10 – كنيسة مارمرقس مصر الجديدة