رو5: 16 وليس كما بواحد قد أخطأ هكذا العطية…

 

وَلَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ قَدْ أَخْطَأَ هكَذَا الْعَطِيَّةُ. لأَنَّ الْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ، وَأَمَّا الْهِبَةُ فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ.“(رو5: 16)

+++

تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم

” وليس كما بواحد قد أخطأ هكذا العطية لأن الحكم من واحد للدينونة وأما الهبة فمن جرئ خطايا كثيرة للتبرير ” (رو5: 16).

ماذا يعني هذا الكلام؟ يعني أن الموت والدينونة يمكن أن تسببهما خطية واحدة، بينما نجد أن النعمة قادرة على أن تمحو ليس فقط خطية واحدة، بل وتلك الخطايا التي ظهرت بعد الخطية الأولى. ولكي لا تكون عبارات مثل (كما) و(هكذا) توازي بين الخير والشر في المستوى، ولكي لا تعتقد عندما تسمع اسم آدم أن ما محي هو فقط الخطية الأولى التي اقترفها آدم، فإن الرسول بولس يقول إنه قد محيت خطايا كثيرة. وما الذي يوضح ذلك؟ الذي يوضحه هو أنه بعد الخطايا الكثيرة التي اقترفت فيما بعد أي بعد الخطية الأولى التي سقط فيها آدم في الفردوس، انتهى الأمر إلى قبول عطية التبرير، وحيث يوجد بر فحتما ستتبعه حياة وخيرات لا تحصى، تماما كما يحدث في حالة الخطية فحيثما توجد خطية يتبعها موت، لأن البر هو شيء أكثر من الحياة، إذ هو جذر أو أصل الحياة.

إذن من حيث إن هناك هبات كثيرة قد منحت بعطية البر وأن الخطية الأولى ليست هي فقط التي محيت، بل وكل الخطايا الأخرى، فهذا قد برهن عليه الرسول بولس بقوله: “وأما الهبة فمن جرى خطايا كثيرة للتبرير”. وبذلك يكون قد برهن بالضرورة على أن الموت قد قضي عليه نهائيا. ولأنه قال بعد ذلك إن الثاني (أي آدم الثاني) أعظم من الأول (أي آدم الأول)، فهناك احتياج أن يبرهن على هذا مرة أخرى . فطالما أن بخطية إنسان واحد أقتيد الجميع إلى الموت، كما سبق وأشار إلى ذلك، فبالأولى كثيرا ستستطيع نعمة الواحد (أي نعمة المسيح) أن تخلص الكثيرين . ثم دلل على أنه ليست الخطية الأولى فقط هي التي محيت بواسطة النعمة بل جميع الخطايا الأخرى، ولم تُمحى الخطايا فقط، بل أعطي البر أيضا. وعلى قدر ما تسبب آدم في الأضرار، على قدر ما , كانت عطايا المسيح وفيرة ولا تحصى . ومع أنه أشار إلى كل هذه الأمور، إلا أنه يحتاج هنا أيضا لتقديم برهان أوضح. كيف قدم هذا البرهان؟ قدمه بقوله:

” لأنه إن كان بخطية الواحد قد ملك الموت بالواحد فبالأولى كثيرا الذين ينالون فيض النعمة وعطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح” (رو5: 17).

فاصل

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

وليس كما بواحد قد أخطأ هكذا العطية، 

لأن الحكم من واحد للدينونة، 

وأما الهبة فمن جري خطايا للتبرير” [16].

يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: 

[للخطية قوتها إذ تجلب الموت والدينونة، وأما النعمة فلا تبرر خطية واحدة فحسب إنما الخطايا التي تبعتها أيضًا. ولئلا يُفهم من الكلمتين “كما”، “هكذا” تساوى البركات مع الشرور، ولئلا عند سماعك “آدم” تظن أن الخطية التي ارتكبها آدم هي وحدها التي تُغفر، لذلك يقول: من جري خطايا كثيرة للتبرير… فقد تحقق التبرير بعد ارتكاب خطايا بلا حصر بعد الخطية التي أُرتكبت في الفردوس.

حيث يوجد البّر تتبعه بالضرورة الحياة بكل وسيلة، ويرافقه بركات بلا حصر، وذلك كما أنه حيث توجد الخطية يحدث الموت. البرّ هو أكثر من الحياة، وهو أصل الحياة…

سبق فقال أنه إن كان بخطية واحد مات الكل فبالأولي نعمة الواحد لها سلطان أن تخلص…عاد فأوضح أن النعمة ليست فقط تنزع الخطايا وإنما تهب البرّ. فالمسيح لم يقدم خيرًا بقدر ما جلب آدم من أضرار، وإنما أكثر جدًا بما لا يُقاس.]

إن كنا قد ورثنا عن آدم عصيانه، إنما حملنا هذه الطبيعة فينا، لذا جاء السيد المسيح بنعمته يقدم لنا “طاعته” لنحياها، فنحمل طاعة المسيح فينا، لا كفضيلة خارجية وإنما كطبيعة تمس كياننا، إذ يقول الرسول: “لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جُعل الكثيرون خطاة هكذا أيضا بإطاعة الواحد سيجعل الكثيرون أبرارًا” [19]. هذه الطبيعة المتبررة الجديدة، طبيعة الطاعة للآب بابنه، تحمل انعكاسا علي كل تصرفاتنا فنشتهي الطاعة لو أمكن للجميع، وكما يقول القديس إمبروسيوس: [إذ كان هو مطيعًا، ليتهم يقبلون تدبير الطاعة، الأمر الذي نلتصق به، قائلين للذين يثيرون الشر ضدنا من جهة الإمبراطور: “نحن نعطي ما لقيصر لقيصر، وما لله لله”. نقدم الجزية لقيصر ولا ننكرها، وننتمي للكنيسة التي لا تخص قيصر، فإن هيكل الله لا يمكن أن يكون من حق قيصر.]

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية (16): “وليس كما بواحد قد أخطأ هكذا العطية لأن الحكم من واحد للدينونة وأما الهبة فمن جرى خطايا كثيرة للتبرير.”

معني الآية بترجمة أبسط “ولكن العطية التي حصلنا عليها من المسيح لا تعادل الدينونة التي وقعت علينا بسبب آدم، فالدينونة التي وقعت علينا هي الموتولكن ما حصلنا عليه هو المجد والميراث والحياة الأبدية والبنوة.. الخ“. لأن الحكم من واحد للدينونةالواحد هو آدم والموت هو الدينونة أما الهبة فمن جري خطايا كثيرة للتبريرأمّا الهبة التي أعطاها المسيح كانت لغفران خطايا كثيرة (بل هي خطايا كل البشر في كل مكان وكل زمانوذلك ليتبرر الإنسان، ويصير باراً (ليس غفران الخطايا فقط بل إمكانية صنع البرإذاً النعمة والخطية ليسا متشابهان لأن المسيح والشيطان ليسا متساويانالموت دخل بسبب خطية واحد، ولكن هبة المسيح صارت لغفران كل خطايا العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى