في 6:2  الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله 

 

الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. (في 6:2)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

“الذي إذ كان في صورة الله،

لم يُحسب خلسة أن يكون معادلًا لله” [6].

لو أن يسوع مخلوق بشري وعادل نفسه بالله لحسب مسلكه هذا خلسة، سرق مجد الله، ونسب لنفسه ما لله. لكنه إذ هو كلمة الله المتجسد، فما فعله هو من قبيل حبه وتواضعه.

إذ كان في صورة الله“… كان المستخدمة هنا تصف الإنسان الذي له مميزات وصفات معينة وهذه الصفات لا يمكن أن تتغير أو تتبدل, فمثلا زكا كان قصير القامة فهي صفة ثابتة فيه لن تتغير.

كان في صورة الله” فهو يقصد أن السيد المسيح كان ولا يزال هو الله في ذات جوهره بلا تغيير ولا تبديل. وليس معنى قول الرسول عن السيد المسيح إنه “كان في صورة الله” إنه فقد هذه الصورة عندما أتخذ صورة العبد. كلا، إنه يملك صورة الله قبل التجسد وبعد التجسد وإلى الأبد. وهنا يثور السؤال: السيد المسيح الذي له صورة عبد هل فعلًا وحقيقة صار عبدًا له جسد بشري وروح بشرية مثلنا؟ نعم وبلا شك إنه صار عبدًا حقيقيًا.

لم يحسب خلسة“: هذا التعبير معناه إن السيد المسيح ليس في حاجة إلى خطف المساواة بالله، لأنه يملكها إذ هو مساوي للآب في الجوهر, وعندما يعتبر نفسه إنه مساوٍ للآب فلا يُعد هذا سرقة أو اختلاسًا لأن مساواته للآب وأزليته مع الآب هي حقيقة صادقة.

*     ليت ذاك الذي لا يستطيع بعد أن يرى ما سيظهره الرب يومًا ما لا يطلب أولًا أن يرى ما يؤمن به. إنما ليؤمن أولًا أن تُشفى العين التي بها يرى. فإن ما يُعلن لأعين العبيد هو فقط شكل العبد، لأنه إن كان الذي “لم يُحسب خلسة أن يكون معادلًا لله” [6] يمكن أن يُرى الآن أنه معادل لله بواسطة الذين يرغب هو في شفائهم، لم تكن هناك حاجة أن “يُخلي نفسه آخذًا صورة عبد”. ولكن إذ لا يوجد طريق به يمكن رؤية الله، وإنما يمكن أن يُرى الإنسان، لهذا فإنه صار إنسانًا، حتى بهذا يُرى فيشفي ما لا يُمكن به أن يُرى. فإنه هو نفسه يقول في موضع آخر: “طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله” (مت 5: 8)[73].

القديس أغسطينوس

*     بالتدبير صار بيننا في شبهنا “وأخذ صورة عبدٍ“، ومع ذلك فهو من فوق. قال بوضوح مخاطبًا اليهود: “أنتم من أسفل أما أنا فمن فوق؛ أنا لست من هذا العالم” (يو 8: 23). وأيضًا قال: “ليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان” (يو 3: 13)[74].

القديس كيرلس الكبير

*     وإن كان مشتركًا في طبيعتنا كإنسانٍ فهو لا يزال في نفس الوقت فوق كل الخليقة كإله[75].

القديس كيرلس الكبير

*     “قد تركت بيتي. رفضت ميراثي. دفعت حبيبة نفسي ليد أعدائها” (إر 12: 7). لاحظ إذًا أن ذاك الذي هو في “صورة الله” (في2: 6) جالس في السماوات، وأنظر إلى بيته الذي يفوق السماوات، ولو أردت أن ترى أيضًا ما هو أعظم وأعلى من ذلك، فإن بيته هو الله: “لأني في الآب” (يو 14: 11). “لقد ترك أباه وأمه” (مت 19: 5). ترك أورشليم السمائية، وجاء إلى الأرض، قائلًا: “قد تركت بيتي. رفضت ميراثي”.

كان ميراثه في الواقع في الأماكن التي تُوجد فيها الملائكة والصفوف التي توجد فيها القوات المقدسة.

“دفعت حبيبة نفسي (نفسي الحبيبة) ليد أعدائها”. دفع نفسه لأيدي أعداء النفس، لأيدي اليهود الذين قتلوه، لأيدي الملوك والرؤساء المجتمعين ضده، فإنه: “قام ملوك الأرض وتآمر الرؤساء معًا على الرب وعلى مسيحه” (مز 2: 2)[76].

العلامة أوريجينوس

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية 6: “ الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله “.

خلسة: هى كلمة نادرة جداً فى اليونانية. ووردت مرة واحدة فى الكتاب المقدس، ومرة واحدة فى الكتابات اليونانية. ولها أكثر من ترجمة:

  1. بمعنى الخطف أو السلب  robbery.
  2. بمعنى التشبث أو التلهف.

ولقد اعتمدت بعض الترجمات المعنى الأول، والبعض اعتمد المعنى الثانى.

كان: تعنى فى اليونانية يوجد أو يستمر، فيسوع هو الله فى الجوهر قبل التجسد وبعده. الكلمة تشير لشخص الإنسان الذى ينفرد به وهو لا يتغيّر ولا يتبدل مهما تغّير شكل هذا الإنسان، فشخصه هو شخصه لا يتغيّر.

فى صورة الله: صورة (مورفى باليونانية) جاءت بمعنى شكل، وتعنى الصورة الجوهرية لشىء ولا تتغير قط. فمثلاً الصورة الجوهرية للإنسان هى الإنسانية. صورة هنا هى التعبير عن الكيان الذى يعنى جوهر الطبيعة أو الطبيعة الجوهرية وليس الشكل ولا المظهر بل الصفات الأساسية لله التى تستعلنه، هو صورة الله غير المنظور (كو15:1) + (2كو4:4) + (عب3:1). إذن المسيح هو صورة الله وقائم من البدء لذلك يقول المسيح ” أنا والآب واحد“. ويقول ” من رآنى فقد رأى الآب“. وإذا كانت كلمة “صورة” المستخدمة هنا تعنى عدم تغيّر جوهر الشخصية بتغير الشكل الخارجى، فالمعنى يصير واضحاً أن جوهر ألوهية المسيح لم يُصب بأى تغيير بسبب التجسد.. هو الله ظهر فى الجسد.

خلسة: إذا اعتمدنا الترجمة الأولى وهى (الخطف والسلب) كما فى العربية يكون المعنى أن المسيح فى جوهره واحد مع الآب، ولذا لم يكن فى احتياج لأن يختلس لنفسه المساواة بالله، فهو الله. وإذا اعتمدنا الترجمة الثانية كما فعلت ترجمة (جيروزاليم بيبل) الإنجليزية. يكون المعنى أن المسيح بالرغم من كونه أصلاً في صورة الله، إلا أنه لم ينظر لمساواته مع الله على أنها ربح أو غنيمة يتشبس بها، ولكنه أخلى ذاته آخذاً صورة عبد (2كو8: 9). وهذه الترجمة متمشية مع كلام بولس الرسول بأن لا نتمسك بما لنا من حقوق بل نتخلى عنها كما عمل المسيح. وهذه الترجمة الثانية تترجم الآية هكذا “إذ كان فى صورة الله لم يحسب مساواته لله ربحاً يتمسك به. معادلاً لله: تفيد معنى المساواة.

 

فاصل

زر الذهاب إلى الأعلى