تفسير المزمور 18 للقديس أغسطينوس

عظة في المزمور السابع عشر (بحسب السبعينية)
نشيد الخلاص

الكنيسة المتحدة بيسوع المسيح والمنتصرة على مكائد الأشرار، تتبنى كلمات داود بعد أن نجّاه الربّ من شاول ومن أعدائه، وتُبارك الله الذي نجاها من إبليس ومن أشراكه الشهوانية.

1- «للغاية، لداود عبد الربّ» (18: 1) ، أي للمسيح الذي هو ببشريّته يد الله القوية كلّم الرب بهذا النشيد، يوم أنقذه الرب من أيدي جميع أعدائه ، ومن يد شاول (18: 2 ، راجع 2صم 22: 11). كان شاول هذا ملك اليهود الذين طلبوه ملكًا عليهم. وكما أنّ داود يعني اليد القوية، فإن شاول يعني الطلب السؤال). والحال، فإننا نعرف كيف طلب ذلك الشعب من الربّ ملكًا (1صم 8: 5)، فأعطي له، بحسب مشيئته هو لا بحسب مشيئة الرب.

2 – إذاً، هو المسيح المتحد بالكنيسة، أو المسيح بكليته، رأسًا وجسدا، يهتف: «أحبّك يا ربّ يا قوّتي» (18: 2)، أي أنني أحبك لأنك تقوّيني.

3- «أنت ياربّ حصني وملاذي ومنقذي» (18: 3). أنتَ الذي حفظتني لأني إليك لجأت، وإليك لجأت لأنك أنقذتني. «الربّ عوني وعليه توكلت» (18: 3). أنت ياربّ وهبتني نعمة أن أدعوك، لكي أتوكل عليك . أنت حافظي، وقرن خلاصي وفادي» (18: 3). أنت حافظي لأنني لم أُغالِ بالتوكل على نفسي ولم أرفع عليك قرن كبريائي. بل فيك وجدتُ القوّة، أي الحصن المنيع لخلاصي. وكشفتها لي من أجل أن تفتديني.

4 – «أدعو الربّ ،وأسبّحُه، فأُنَجِّى من أعدائي» (18: 4) . لا لأطلب مجدي، بل لأطلب مجد الربّ أدعوه، فلا أخشى أن تعود علي ضلالات الإثم بالسوء.

 

5- «آلام الموت»، أي الآلام الجسدية، «اكتنفتني، وسيول الفجور هالتني» (18: 5). ثارت بوجهي، لحظة، كثرة المنافقين، كسيل أمواء الشتاء التي تفيضُ لتهدأ بعد حين، وجهد الأئمة ليُرهبوني. 

6- «حاصرتني آلام الجحيم» (18: 6). أي أن الذين حاصروني ليُهلكوني استخدموا أسلحة الحسد القاتلة التي تودي إلى جحيم الخطيئة. وشباك الموت نُصبت لي فكانوا يُحذرونني، وكانوا أوّل الساعين إلى الإيقاع بي، فارتد الشرّ عليهِم. إن حبائل الموت هذه، تقبض على الناس الذين توقع بهم، لِتَبَجُحهم بذلك البرّ الكاذب، وبذلك الاسم الباطل الخالي من كل حقيقة، الذي يتباهون به أمام الوثنيين.

7 – «في الضيق دعوت الربّ، وإلى إلهي صرخت، ومن هيكل قدسه سمع صوتي» (18: 7) سمع صوتي في قلبي الذي يسكنه، والصرخة التي أطلقتها أمام وجهه (18: 7)، تلك الصرخة التي لا تسمعها آذان البشر، والتي أصعدها في باطني أمام وجهه، «بلغت مسمعيه» (18: 7).

8- «ارتجّت الأرض لها وتزلزلت» (18: 8). فعندما مُجد ابن البشر، ارتج الخطأة وتزلزلوا. «وتزعزعت أساس الجبال» (18: 8) فالآمال التي بناها العظماء على خيور هذه الحياة تزعزعت . «مادت من اضطرام غضب الربّ» (18: 8) ، لئلا يترسّخ الأمل، بعد، بالخيور الأرضيّة، في قلوب البشر.

9- «من اضطرام غضبه تصاعد عصف دخان» (18: 8-9). مست البشر الندامة لرؤيتهم وعيد الربّ للمنافقين، فصعدوا إلى السماء أدعية ودموعا. «اشتعلت من وجهه نارٌ آكلة» (18: 9): بعد الندامة اضطرمت نار المحبة التي أشعلتها معرفة الربّ. «واتقد جمرٌ» (18: 9). لما لم يعد للذين هلكوا وغرقوا في لجج الظلمات الباردة، لا نار الأشواق المقدّسة ولا نور البرّ، عادوا فاقتبلوا نار الحياة ونورها.

10- «طأطأ السموات ونزل» (18: 10). وَضعَ الصديق الذي اتضع إلى حدود الضعف البشري. وكانت الظلمات تحت قدميه (18: 10): أعمى الأشرار بمكرِهم فلم يعرفوه، هم الذين استطابوا الأرضيات، والأرض تحت قدمي الربّ، وهي موطئ لقدميه .

11- «اعتلى الكروبين وطار» (18: 11) ارتفع فوق ملء العلم، لئلا يبلغ إليه أحدٌ إلّا بالمحبة لأنّ المحبّة كمال الناموس (رو 13: 10). وللحالِ بدا مُغلقًا على الذين أحبوه، لئلا يظنوا أن بوسعهم أن يفهموه من خلال الصور الزمنية. «وكان طيرانه أسرع من الرياح» (18: 11)، أي أن السرعة التي بدا فيها مُغلقًا على الفهم، تتجاوز الفضائل التي هي، للروح، بمثابة الأجنحة التي ترتفع بها عن مخاوف الأرض في بقاع الحرّية.

12- «اختار الظلمات حجابًا له» (18: 12): اختار عتمة الأسرار المقدّسة، الرجاء اللامنظور في قلوب المؤمنين، ليحتجب فيها، لكن من غير أن يتخلّى عنهم. يحتجب أيضًا في الظلمات التي ما زلنا نسلكها بالإيمان لا بالعيان (2كو 5: 7) ما دمنا نرجو ما لم نره بعد، وننتظره بالصبر. «ومظلّتُه حوله»: أي أنّ الذين يتوبون ويؤمنون به يُحيطونه من كل جانب ؛ هو في وسطهم، لأنه يُفيض عليهم نعما متساوية، ويسكن فيهم في هذه الحياة، كمن يسكن في مظلة .« وفي سُحب الجوّ مياه داكنة» (18: 12): لا يتصوّرَنَّ أحدٌ أنّ فهم الكتب يوفّر له ذاك النور الذي سنتمتع به عندما ننتقل من الإيمان إلى العيان. ثمة شيء مظلم في تعليم الأنبياء، وعند كل مبشر بكلمة الله .

13- «مقارنَةٌ بنور وجهه» (18: 13): أي مقارنة بذلك البهاء الذي سيسطع به لدى تجلّيه لنا . سحُبُه مرّت»: ها إِنّ رسُلَ كلمته لم يعودوا منحصرين في أنحاء اليهوديّة، بل انطلقوا إلى الأمم. «ها قد انهمر بَرَد وجمرُ نار»: إنّها صورة الملامات التي ستنهمر كالبرد على القلوب المتحجّرة؛ لكن إذا كانت الأرض لينة خصبة، أو كانت النفس تقيّة ورعة فإنّ البَرَد يتحوّل إلى قطرِ ندى؛ أي أنّ ذاك الوعيد القاسي كالجلمود، والزهيب المدمّر كالصاعقة، يتحوّل تعليمًا يُروي الظمأ ؛ وبنار المحبّة تنعم القلوب بحياة جديدة. هذا ما تُحدِثه سحب الربّ في الأمم .

14 – «أرعد الربّ من السماء» (18: 14) : أسمع الربّ صوته لذلك القلب البار الذي كان الإيمان يبعث فيه الحياة لكي يُبشّر بالإنجيل وأسمع العليّ دوي صوته لكي يبلغ إلينا، ومن أعماق لجج بشريتنا، نسمع صوت السماء.

15– «أرسل سهامه فشتتهم» (18: 15): أرسل الإنجيليين على أجنحة القوّات، فشقوا في طيرانهم سبلا قويمة، لا بقواهم الذاتية، بل بقوّة الذي أرسلهم وشتت الذين أرسلوا إليهم، فكانوا لبعضهم نفحة حياة للحياة، وللآخرين نفحة موت للموت (2كو 2: 16). وأكثر الصواعق فأذهلهم : أي أن معجزاته أذهلتهم.

16– «فظهرت ينابيع الماء الحي» (18: 16). عندها ظهر الذين حوّلهم تبشيرهم إلى ينابيع ماء حي يفيض للحياة الأبدية (يو 4: 14). وانحسرت آساس المسكونة، إذ ذاك عُرف ما كان محجوبا عند الأنبياء الذين هم أساس العالم المرتبط بالله بالإيمان. «مِن زَجْرِك يا الله عندما صرخت: «لقد اقترب منكم ملكوت الله» (لو 10: 9). ومن عصف غضبك الصاخب عندما قلت: «إن لم تتوبوا هلكتم جميعكم عل هذا النحو» (لو 13: 5).

17- «أرسل من العلاء واقتبلَني» (18: 17): ذاك حين دعا، من بين الأمم، الكنيسة ميراثه التي لا وصمة فيها ولا جعدة (أف 5: 27)؛ وانتشلني من المياه الغامرة أي من وسط الشعوب .

18- «أنقذني من أعدائي الأشدّاء» (18: 18). نجاني من أولئك الأعداء الذين لهم سلطان لأيذائي وتكدير عيشي في هذه الدنيا . “ومن مبغضي لأنهم قَوُوا عليَّ” (18: 18) لأني كنت أجهل الربّ إذ كنت خاضعا لسلطانهم.

19- «بادروني في يوم بليّتي» (18: 19): كانوا أوّل المسيئين إلي، فيما كنت أعنى تحت ثقل جسد مائت. «فكان الربّ عضدي»: أي أن الرب كان عوني عندما زعزعت مرارة البلية أساس الملذات الأرضية وقوّضتها.

20- «قادني الربّ إلى الرُّحْب» (18: 20) : حين كنت في ضيق قادني الربّ إلى رُحبِ الإيمان الروحيّة. وخلصني لأنه رضيَ منّي». حتى قبل أن أختاره خلصني من أعدائي الأشداء، الذين يحسدونني على حبي له، وأنقذني من الذين يُبغضونني الآن، لأنه هو الذي أبتغيه.

21- سيكافئني الربّ بحسب برّي (18: 21). أي أنه سيكافتني بحسب استحقاق إرادتي الصالحة، هو الذي كان أوّل من رحمني قبل أن تكون لي تلك الإرادة. وسيُئيبني بحسب طهارة يديَّ ، أي بحسب طهارة أعمالي هو الذي أعطاني السلطان لأعمل الخير، عندما أدخلني رُحْبَ الإيمان.

22- لأنّي حفظت طُرُق الربّ (18: 22)، لكي أجد فيها، وافرةً، تلك الأعمال الصالحة التي يصنعها الإيمان، وتكون لي الشجاعة لأستمر فيها.

23- «ولم أعص إلهي، لأنّ أحكامه كلّها أمام عيني» (18: 22- 23). تلك الأحكام التي هي ثوابُ الأبرار وعقاب الخطأة، والبلايا التي تؤدب، والتجارب التي تمتحن هي التي أجعلها على الدوام أمام عيني. «ولم أحِد قَطُّ عن بره» ؛ على غرار ما يفعل الذين يسقطون تحت الحمل، ويعودون إلى تقيؤهم.

24- «سأكون أمامه بلا وصمة، وأحترز من كل إثم» (18: 24) 

25-« فيُثيبُني الربّ بحسَب بِرِّي» (18: 25)، لا بسبب رحب الإيمان الذي يعمل بالمحبة (غل 5: 6) فحسب، بل أيضًا بسبب طول ثباتي. لهذا سيُثيبُني الربّ بحسب بِرِّي. وبحسب طهارة يديَّ أمام عينيه (18: 25)، لأنّ عينيه لا تريَان كما يرى الناس. «لأنّ ما يُرى إنما هو وقتي، وأما ما لا يُرى فهو أبدي» (2كو 4: 18) إلى تلك الأعالي يرتفع الرجاء.

26 – «مع المقدس تكون مقدّسا» (18: 26) هناك عمق محجوب  يُبرهن أنك مقدَّس مع من هو مقدس، لأنك أنت مُقدِّسُه. «وأنك نقي من الأنقياء»: لأنك لا تُسيء إلى أحد لكنّ كلّ واحدٍ «بحبائل خطيئته يَنشَب» (أم 5: 22).

27- «مع الصفيّ تكون صفيًّا» (18: 27)، لأن صفيك بدوره يصطفيك. «وملتويا مع المُعوَجَ» : بعينَي الظالم تبدو ظالماً، لأنه يقول إن طريق الربّ ليست قويمة (حز 18: 25)، فيما طريقه هو معوجة.

28- «ستخلص نسل المتواضعين» (18: 28). ينظر الإنسان المعوج إلى الخلاص الذي تمنحه للتائبين عن خطاياهم، على أنه ظلم. وتُخفض عيون المتكبّرين أي تُذل الذين يُنكرون برّ الله ويُريدون أن يُقيموا برّ أنفُسِهِم (رو 10: 3).

29- «أنت يا ربّ تنير سراجي» (18: 29)، لأنّ نورنا لا ينبع منا، أنت يا ربّ تُنير سراجنا. وأنت يا ربّ تقشع ظلمتي»، لأننا في الليل بسب خطايانا، لكنّ الربّ سيقشع تلك الظلمات .

30- «أنت تُنجِّيني من التجربة» (18: 30). ومن دونك لا أقوى على الإنتصار على المحنة بإلهي أتسلق السور»: لا بقوّتي، بل بمعونة الله أتسلّق ذلك السور الذي رفعته الخطايا بين البشر وبين أورشليم السماوية.

31 – «طرق إلهي لا عيب فيها»(18: 31). لا يأتي إلى البشر قبل أن يُطهر طريق الإيمان، لكي يستطيع الحلول فيهم، هو الذي طرقه لا عيب فيها . «أقوال الربّ ممتحنة بالنار أي بنار البلايا، «وهو مجن للمتوكلين عليه» (18: 31) والذين يتوكلون عليه، لا على أنفسهم، لن تُضنيهم الشدّة، لأنّ الرجاء يأتي بعد الإيمان.

32- «لأنّه ، من إله غير الربّ» (18: 32) الذي نحن عبيده . ومن إله سوى إلهنا ؟ من هو الإله الحق سوى الربّ الذي علينا، نحن أولاده، أن نمتلكه ميراثًا بعد أن عبدناه عبادة حقة؟

33- «الله نطقني قوّةً» (18: 33) : إنّ الله الذي وهبني منطقة لكي أقوى، وأزنّر بها ثوب الشهوة الفضفاض فلا أتعثر به في أعمالي ومساعي. ومهد لي سبيل الطهارة شاء أن يمهد لي طريق المحبة لكي آتي إليه، كما كان عليّ أن أمهد طريق الإيمان ليأتي هو إلي.

34- «جعل رجليَّ رشيقتين كالأيل» (18: 34) . فكمّل ذاك الحب الذي سيمكنني من اجتياز معابر العالم الوعرة والمظلمة. وسيقيمني على المشارف : سيُركّز رغائبي على المسكن السماوي، لكي أُشبع من ملء الله (أف 3: 19).

35- «هو يُعلّم يديَّ القتال» (18: 35). يُدربني على تلك الأعمال التي بها أقوى على الأعداء الذين يجهدون ليقفلوا علينا الممر نحو ملكوت السموات شدّدت ذراعيَّ كقوس النحاس، فجعلتني صلب العزم، في الأعمال الصالحة.

36 – «جعلت خلاصك ترسا لي، ويمينك عضدتني» (18: 36) يمينك، أي نعمتك وتعليمُك قادني إلى الغاية». تأديبك يحول دون ضلالي، ويقوّمني لكي أعزو أعمالي إلى تلك الغاية التي تجمعني بك. ودروسك تُعلّمني أيضًا، لأنّ قساوتك توصلني إلى الهدف الذي تُرشدني إليه. 

37- «وسعت خطواتي» (18: 37)، فلا تُعيقُ مسيرتي، بعد، طرقُ الجسد الضيقة، لأنّك وسعتني في تلك المحبة التي تصنع الخير بفرح، والتي أدواتها أعضائي وكل ما في من مائت. ولم تعثر قدماي»، لأنه ليس هناك عثرة لا في الطريق التي سلكتها، ولا في الآثار التي خلفتها ورائي للذين يريدون أن يتبعوني. 

38- «أطارد أعدائي فأدركهم» (18: 38). أطارد في الشهوات الجسدية فلا تأسرني، بل أدركُها وأقضي عليها. ولا أرتد إلا وقد قضيتُ عليها . لا أكفّ عن المطاردة ولا أستريح إلا بعد أن ألاشي كل ما يُهلكني.

39- «أحطّمهم فلا يقوون على النهوض» (18: 39). لن يتحملوا ضرباتي «فيسقطون تحت قدمي» بعد أن أحطّمهم، أؤثر عليهم ذاك الحبّ الذي يقودني إلى الأبديّة.

40 – «نطقتني بأسًا للقتال» (18: 40): بقوتك شمّرت ثوبي الفضفاض لئلا يُعيقني في القتال. وصرعت تحت قدمي القائمين عليَّ : طرحت في الضلال اولئك الذي مكروا بي، وجعلت تحت قدمي الذين أرادوا أن يثبوا عليّ.

41 – «طرحت أعدائي ورائي» (18: 41) : أي هديتهم، وجعلتهم ورائي، إذ حملتهم على اتباعي. وشتّت مبغضي»: أي قدتَ إلى الهلاك اولئك الذين اعتصموا بأحقادهم.

42- «استغاثوا ولا مُخلّص» (18: 42). فمن ذا يُخلّص من لم تخلصهم؟ بالرب استغاثوا فلم يستجبهم». إلى الرب لا إلى سواه وجهوا دعاءهم، فلم يرَ ،بحكمه أهلا لإنعاماته أولئك الذين لا يتخلون عن آثامهم.

43- «أبددُهم كالهباء في الريح» (18: 43). أجعلهم كالغبار، لأنهم يبسوا، إذ لم يقتبلوا ندى المراحم الإلهية؛ ولما رفعتهم الكبرياء وانتفخوا، فقدوا الرجاء الصلب الذي لا يتزعزع، كمن ترتج به الأرض الثابتة الراسخة. “وكوحل الأسواق أمحقهم” في تلك الطرق الرحبة التي يسلكها الكثيرون ينزلق أهل الفجور ويهلكون.

44-  «تنجيني من مخاصمات الشعب» (18: 44) أي من مخاصمات الذين يقولون : «إن أطلقته، تبعه الجميع» (يو 11: 48).

45- «تُقيمني رئيسًا للأمم، وشعب لم أعرفه ينضوي تحت شرائعي» (18: 44-45) . الوثنيون الذين لم آتِ إليهم بالجسد، تعبدوا لي . «سمع صوتي فأطاعني» (18: 45) : لم يروني بأعينهم، ولكنهم عندما اقتبلوا رسلي أطاعوا نداء صوتي.

46- «بنو الغرباء شهدوا عليّ زورا» (18: 46) أبناء لا يستحقون هذا الاسم، بل هم غرباء من العدل بمكان أن يُقال لهم : « أبوكم إبليس» (يو 8: 44) ، هم الذين شهدوا علي زورا . «بنو الغرباء هرموا» : هؤلاء الأبناء الذين صاروا غرباء، والذين أردت أن أجدد شبابهم بالعهد الجديد استمروا مقيمين في الإنسان العتيق «خاروا في سبلهم» باتوا ضعفاء يتوكأون على رجل واحدة، لأنهم كانوا يحملون العهد القديم، فازدروا العهد الجديد وباتوا عُرجا ؛ وحتى في الشريعة القديمة، كانوا يسلكون في تقاليدهم لا في أحكام الرب. كانوا يعتبرون عدم غسل الأيدي للطعام تعدياً على الناموس (مت 15: 2)؛ تلك كانت في الحقيقة، الطريق التي خطوها لأنفسهم، والتي داستها طول العادة وهي بعيدة كل البعد عن طريق أحكام الرب.

47- «حي الرب، وتبارك إلهي» (18: 47). «حياة الجسد موت» رو 8: 6)، لأن الرب حتي ومبارك إلهي . «تعالى إله خلاصي». لا يكن فيَّ في إلهي أفكار أرضية، ولأرجون منه أمورا سماوية، لا خلاصا زمنياً

48- «أنت يا ربّ تنتقم لي وتُخضع لي الشعوب» (18: 48) إنتقام منك لي يا ربّ أن تُخضعهم تحت نيري. وتُنجيني من غضب أعدائي، من أولئك اليهود الذين يصرخون: «اصلبه، اصلبه» (يو 19: 6)

49- «ترفعني فوق القائمين عليَّ» (17: 49): ترفعني بالقيامة فوق اليهود الذين يسخرون من آلامي. «من رجل الظلم تُنقذني»، من جور سلطانهم.

50- «لذلك أباركك يا ربّ بين الأمم» (18: 50). بي يا ربّ يباركك الشعوب إلها لهم. وأرنّم لاسمك»: أعمالي الصالحة تذيع اسمك في أقاصي المعمورة. 

51-« يُعظم خلاص الملك الذي اختاره» (17: 51). الله هو الذي جعلنا نُعجب بطرق الخلاص تلك التي يهبها ابنه للذين يؤمنون به «صنع الرحمة إلى مسيحه». الله هو الذي صنع رحمة إلى الذي هذه الكلمات مسحه بالدهن، إلى داود وذريته إلى الأبد، إلى ذلك المحرّر الذي غلبت يده القديرة العالم، وإلى أولئك الذي وَلَدَهم إلى الأبد بإيمانهم بالإنجيل. إنّ كلمات هذا المزمور التي لا يُمكن أن تُنسب إلى يسوع المسيح، أو إلى رأس الكنيسة، ينبغي أن تُنسب إلى الكنيسة نفسها . هي من يسوع المسيح بكليته، من يسوع المسيح المتحد بأعضائه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى