يو2: 1 في اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل، وكانت أم يسوع هناك

 

1وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ. 2وَدُعِيَ أَيْضًا يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى الْعُرْسِ. 3وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ، قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ:«لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». 4قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ». 5قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ:«مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ». 6وَكَانَتْ سِتَّةُ أَجْرَانٍ مِنْ حِجَارَةٍ مَوْضُوعَةً هُنَاكَ، حَسَبَ تَطْهِيرِ الْيَهُودِ، يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِطْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً. 7قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«امْلأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلأُوهَا إِلَى فَوْقُ. 8ثُمَّ قَالَ لَهُمُ:«اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. 9فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْرًا، وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ، لكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا، دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ 10وَقَالَ لَهُ:«كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً، وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ!». 11هذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ، وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ، فَآمَنَ بِهِ تَلاَمِيذُهُ. (يو2: 1-11)

+++

تفسير الأب متى المسكين 

 

1:2- وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ كَانَ عُرْسٌ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَكَانَتْ أُمُّ يَسُوعَ هُنَاكَ.

‏نحن في نهاية الرحلة التي بدأها الرب من بيت «عبارا»» عبر الأ ردن على الشاطىء الشرقي، وكان معه في بداية الرحلة التلميذان الجديدان أندراوس ويوحنا اللذان انضم إليهما سمعان بطرس ويعقوب، ثم في بداية المسيرة انضم فيلبس ثم نثنائيل، أربعة باسم يهودي واثنان باسم يوناني، وهذا ليى جزافاً في إنجيل يوحنا. والمسافة طويلة يقدرها العالم وستكوت باختباره الشخصي بحوالي 60 ميلاً، ليبلغ الناصرة أولاً ثم قانا الجليل، وكله من على الضفة الشرقية لنهر الاردن.
‏اليوم الثالث: ‏العدد هنا يبدأ من الأية 43:1 «وفي الغد أراد يسرع أن يخرج إلى الجليل فوجد فيلبس…»، ولكن كثيرين من الشراح الذين تستهويهم الأعداد وتأويلها يقولون إن اليوم الثالث هو القيامة التي بها استعلن المسيح ذاته. ولأنه هنا في هذه الأية يقص قصة استعلان، فقد صدرها بهذا الرقم للفت الإنتباه.
عرس في قانا الجليل: ‏العرس عند اليهود يستمر أسبوعاً عل الأقل ويبدأ في المساء. ومعروف في التقاليد اليهودية أنه إذا كانت العروس عذراء يكون زواجها يوم الأربعاء، وإلا يكون زواجها يوم الخميس. «فجمع لابان جميع أهل المكان وصنع وليمة. وكان في المساء (في الظلام) أنه أخذ ليئة (بدل راحيل) ابنته وأتى بها إليه فدخل عليها… وفي الصباح إذا هي ليئة فقال للابان ما هذا الذي صنعت بي أليس براحيل خدمت عندك؟ فلماذا خدعتني. فقال لابان… أكمل أسبوع هذه, فنعطيك تلك أيضاً بالخدمة…» (تك22:29-27)
‏كذلك في قصة زواج شمشون من المرأة الفلسطينية نقرأ: «ونزل أبواه إلى المرأة فعمل هناك شمشون وليمة لأنه هكذا كان يفعل الفتيان… فقال لهم شمشون لأحاجينكم أحجية فإذا حللتموها لى في سبعة أيام الوليمة…» (قض11:14-12)
قانا الجليل: «قانا» دائمأ تُذكر باسم «الجليل» للتفريق بينها وبين قانا أخرى كانت في منطقة سوريا. وهى المكان المعروف الآن بـ «خربة» قانا، وهي عل بعد 9 أميال شمال الناصرة.
‏«أم يسوع»: ‏لم يذكر اسمها القديس يوحنا قط في كل إنجيله وحتى عندها ذكر اسم يوسف (45:1) لم يذكر اسمها، فهذا هو المنهج الفكري والروحي العجيب الذي اختصه هذا الإنجيلي: لا اسمه ولا اسم أسم أمه ولا أسم العذراء مريم. ولكن ليس من الهين على القديس يوحنا أن يذكر «أم يسوع» إلا إذا كان الدور الذي ستقوم به في غاية الأهمية ويحوطه السر من كل جانب.
وفي نظرنا أن العذراء القديسة مريم في هذه القصة تقف كنبية تتوسط بين عهدين وتتوسط بين عريسين، وتتطلب المستحيل من ابنها فيعطيها!
‏وواضح من ملابسات القصة أنها لم تكن مدعوة بقدر ما كانت داعية وصاحبة أمر في البيت. فيبدو أن هذا الزواج كان يمت إليها بصلة أكثر من أنها كبيرة، إذ ما أن وصل المسيح إلى البيت بعد الرحلة المضنية إلا ووجد منها الرسالة أنها سبقته إلى العرس، وهي في انتظاره. فاستجاب في الحال، بالرغم من أن الرحلة كانت مضنية للغاية.

فاصل

تفسير القمص تادرس يعقوب

 

“في اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل،

وكانت أم يسوع هناك”. (1)

في اليوم الثالث“، هكذا أراد الإنجيلي أن يوضح أنه في كل يوم جديد كان السيد المسيح يقوم بعملٍ جديدٍ وخدمةٍ جديدةٍ. لم يعبر يوم من أيام حياته على الأرض دون عمل. هكذا من يرتبط بالسيد المسيح تصير أيام حياته كلها أيام عمل، ليس من بينها يوم مفقود.

قوله “في اليوم الثالث” لا يخلو من معنى رمزي، فقد جاء يسوع المسيح بنفسه إلى كنيسته في المرحلة الثالثة ليقيم عرسه معها. العصر الأول هو عصر الآباء ما قبل الناموس، والثاني عصر الأنبياء في ظل الناموس، والثالث عهد النعمة حيث أشرق النور الحقيقي على العالم ليبدد ظلمته.

v يحتفل بالزفاف في اليوم الثالث، أي في العصر الأخير من العالم. فالعدد الثلاثي يشير إلينا بالبداية والوسط والنهاية.

v تم الزواج في اليوم الثالث، أي في نهاية (ملء) الدهور، لأن رقم ثلاثة هو البداية والوسط والنهاية. وهذه الثلاثة هي أبعاد الزمن كله. وينسجم تمامًا مع ما قاله أحد الأنبياء: “لقد ضُرب وسيعصبنا، بعد يومين يحيينا، وفي اليوم الثالث يقيمنا… لنحيا قدامه” (هو 1:6-3).

القديس كيرلس الكبير

بقوله “قانا الجليل” يميزها عن قانا الأخرى التابعة لافرايم في منطقة السامرة (يش ١٦: ٨؛ ١٧: ٩).

بدأت خدمته في قانا الجليل حيث سبط أشير (يش ١٩: ٢٨). وقد تنبأ يعقوب أثناء تقديم البركة للأسباط قائلاً: “أشير خبزه سمين، وهو يعطي لذات ملوك” (تك ٤٩: ٢٠). هكذا يقدم السيد المسيح في منطقة أشور خبز النفس السمين ويقدم ملذات روحية للملوك الروحيين. بدأ السيد عمله في ركنٍ ناءٍ من الدولة، منعزلٍ عن العاصمة “أورشليم” ليعلن انه جاء ليخدم، لا ليطلب مجدًا من الناس. جاء يخدم البسطاء الذين لا يقاومون كالكتبة والفريسيين ورؤساء الكهنة وغيرهم من القيادات الدينية.

يرى Bede أن “قانا الجليل” تعني “غيرة الهجرة”. وكأن العرس الروحي يتحقق مع أولئك الذين لهم غيرة في المباراة نحو الهجرة من الرذائل إلى الفضائل، ومن الأرضيات إلى السماويات، وذلك بالرجاء والحب.

v يلاحظ المستمع المدقق أن الاحتفال لم يتم في أورشليم بل خارج اليهودية، فكان التجمع للاحتفال في مدينة للأمم (مت 4: 15). فمن الواضح جدًا أن مجمع اليهود رفض العريس السماوي، ولكن كنيسة الأمم قبلته بقلب متهلل.

القديس كيرلس الكبير

هذا هو أول زواج مسيحي تم في العالم، كان حسب مشيئة الله، وإلا ما كان أصحاب العرس قد دعوا يسوع وتلاميذه. أما حضور القديسة مريم العذراء واهتمامها بالعرس، فإنها كانت مثالاً حيًا للعروس الطاهرة التي تفتح قلبها بالحب لكل إنسان.

كانت أم يسوع هناك” (1) غالبًا ليس كأحد المدعوين وإنما كأحد أفراد الأسرة، لهذا أدركت أن الخمر قد فرغت الأمر الذي لا يدركه المدعوون بل أصحاب العرس. هذا لم يكن بلا معنى، فإن كان هذا العرس هو أول آية صنعها يسوع ليربط بين العهد القديم والعهد الجديد، فإن أم يسوع وهي من سبط يهوذا أحد أفراد عائلة العهد القديم تتوسط لدى ابنها ليعلن بهجة الخلاص المفقودة، فقد فرغ خمر الفرح، وانقطع الأنبياء إلي فترة طويلة، وساد الحزن والمرارة علي الشعب.

فاصل
تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

الآيات (1 ،2): المسيح ترك اليهودية ومعه 6 تلاميذ أتى بهم إلى هذا العرس وهم أندراوس/ يوحنا/ بطرس/ يعقوب/ فيلبس/ نثنائيل. منهم 4 أسماء يهودية وإسمان باليونانية، فالمسيح جعل الإثنين واحداً، وهو أتى ليعطي الفرح للجميع. وقانا الجليل واضح أنها في الجليل (هناك قانا أخرى في لبنان جنوب شرق صور).

والمسيح قَدَّس الزواج بحضوره عرس قانا الجليل، وصنع المعجزة حتى لا يحدث حرج للعريس وعائلته. فالمسيح يعيش وسط أفراحنا وحياتنا وآلامنا، يقدس حياتنا ويعزينا في آلامنا. ولكن لنرى وننظر من يحضر أفراحنا، فهذا الفرح كان يحضره يسوع وأمه وتلاميذه. والمسيح يشاركنا أفراحنا على أن تكون أفراح مقدسة. والمسيحية هي إنفتاح على العالم، نشارك الناس أفراحهم وضيقاتهم بقلب محب رقيق. والمسيح بالرغم من زهده حَوَّل الماء إلى خمر حتى لا يُحرج العريس. لذلك علينا أن نثق أنه يدبر كل أمورنا. وقارن مع فرح آخر، هو يوم سكر هيرودس فتحول الفرح إلى مأتم إذ قتل المعمدان، وهذا إسكات لصوت الحق. إذاً علينا أن نسأل أنفسنا هل المسيح في أفراحنا أم لا، وكيف نفرح.

اليوم الثالث= غالباً محسوب من (43:1) فهو اليوم الذي بعد الغد، فهو اليوم السادس للأيام التي حوت الحوادث الأولى، ونلاحظ أن رقم (3) هو رقم القيامة، فالمسيح إستعلن ذاته كعريس يُفرح عروسه الكنيسة بقيامته. القيامة هي سر فرحنا. والقيامة الآن لنا هي قيامة من موت الخطية بقوة المسيح.

ملاحظةالعرس يستمر عند اليهود 7 أيام (تك22:29-27+ قض11:14،12)

أم يسوع= يوحنا لا يذكر إسمه ولا إسم أمه ولا العذراء فهي خالته. ويبدو أنه كانت هناك قرابة بين العذراء وأهل العريس، فذهبت وذهب معها يسوع، والمسيح أخذ تلاميذه فهو كان يعرف أنه سيظهر مجده هناك فيؤمنوا به.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى