يو3: 22 وبعد هذا جاء يسوع وتلاميذه إلى أرض اليهودية، ومكث معهم هناك وكان يعمد

 

22وَبَعْدَ هذَا جَاءَ يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى أَرْضِ الْيَهُودِيَّةِ، وَمَكَثَ مَعَهُمْ هُنَاكَ، وَكَانَ يُعَمِّدُ. 23وَكَانَ يُوحَنَّا أَيْضًا يُعَمِّدُ فِي عَيْنِ نُونٍ بِقُرْبِ سَالِيمَ، لأَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ، وَكَانُوا يَأْتُونَ وَيَعْتَمِدُونَ . 24لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُوحَنَّا قَدْ أُلْقِيَ بَعْدُ فِي السِّجْنِ.” (يو3: 22-24)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

 

“وبعد هذا جاء يسوع وتلاميذه إلى أرض اليهودية،

ومكث معهم هناك وكان يعمد”. (22)

ترك السيد المسيح أورشليم “في أرض اليهودية” حيث تم فيها الحوار مع نيقوديموس، وانطلق إلى مناطق أخرى في اليهودية. كثيرًا ما يميز الكتاب بين أورشليم واليهودية (أع ١: ٨؛ ١٠: ٣٠؛ ١ مك ٣: ٣٤؛ ٢ مك ١: ١، ١٠).

لم يكن السيد المسيح بنفسه يعمد بل تلاميذه (يو ٤: ٢) بسلطانه وأمره، لذلك حُسب كأنه هو الذي يعمد.

v صعد المسيح إلى المدينة في الأعياد حتى يقدم تعاليمه في وسطهم وللانتفاع من آياته، وبعد انتهاء الأعياد كان يأتي في أكثر الأوقات إلى الأردن، إذ كان أناس كثيرون يبادرون إلى هناك، كان يتوجه دائمًا إلى المواضع التي تضم جموع كثيرة، لا لإظهار ذاته، ولا رغبة في التكريم، لكن لكي يقدم للكثيرين المنفعة الكامنة فيه. غير أن يوحنا البشير إذ أمعن في كلامه قال: “مع أن يسوع نفسه لم يكن يعمد بل تلاميذه” (يو 4: 2).

القديس يوحنا الذهبي الفم

v إذ اعتمد صار يعمد (خلال تلاميذه)، ليس بالمعمودية التي اعتمد بها… اعتمد الرب بواسطة خادم، فصار يعمد مظهرًا طريق التواضع، وقائدًا إلى معمودية الرب التي هي معموديته، بتقديم مثالٍ للتواضع حيث لم يرفض المعمودية من خادمٍ.

القديس أغسطينوس

فاصل

تفسير الأب متى المسكين 

 

22:3- وَبَعْدَ هَذَا جَاءَ يَسُوعُ وَتلاَمِيذُهُ إِلَى أَرْضِ الْيَهُودِيَّةِ وَمَكَثَ مَعَهُمْ هُنَاكَ وَكَانَ يُعَمِّدُ.

«وبعد هذا»: وصلة يضعها القديس يوحنا دائماً في سرد روايته لينقل القارىء من حديث لحديث، ومع نقلة
‏الحديث نقلة في المكان والزمان، لا يفصح عنها من قصد، لأنها لا تدخل, في اعتباره, في صلب الرواية.
‏نعلم أن المسيح كان في أورشليم حيث تم الحديث الأخير مع نيقوديموس الذي انقطع وغاب فجأة, حسب عادة القديس يوحنا حينها يرى أن أهم جزء في الحديث قد استوعب، وحيث يسترسل بعد ذلك في التعقيب، إن بواسطة المسيح مباشرة أو عن لسانه. وهنا نأتي إلى أرض اليهودية شرق جبال أورشليم على ضفاف نهر الاردن، حيث مكث المسيح مدة, لا يُفصح عنها, مع تلاميذه.
«وكان يُعمد»: هذه الجملة القصيرة غريبة علينا نوعاً ما, فالمسيح معروف عنه انه لم يُعمد. «مع أن يسوع نفسه لم يكن يعمد بل تلاميذه» (يو2:4‏). ولكن يبدو أن المسيح كان يكرز بالتوبة حسب ما جاء في إنجيل القديس مرقس (15:1).
‏وقد علق على ذلك كل من القديس ذهبي الفم والقديس أغسطينوس بأنها لا تُحسب معمود‏ية سرائرية بحسب الفكر المسيحي. ولكن الواضح من هذه الآية وما بعدها هو أن القديس يوحنا يمهد بها لحديث المعمدان الأخير لتكميل شهادته للمسيح.

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

 

(آية22): كان حديث المسيح مع نيقوديموس في أورشليم. وأتى المسيح مع تلاميذه إلى أرض اليهودية= أي ريف وأرض خلاء باليهودية شرق جبال أورشليم على ضفاف نهر الأردن حيث مكث المسيح مدَّة مع تلاميذه. وكان يُعَمِّدْ= وفي (مر15:1+ يو1:4-3) أن المسيح لم يكن يعمد بل تلاميذه!! وأن المسيح كان يكرز بالتوبة. والقديس أغسطينوس يقول إن المسيح عمّد تلاميذه أولاً ثم كلفهم بأن يعمدوا الناس وإكتفى هو بالتعليم (مر15:1). ويكمل أغسطينوس وذهبي الفم أن معمودية التلاميذ في ذلك الحين لم تكن معمودية سرائرية حسب ما يصنع الآن فالروح القدس لم يكن قد حلّ عليهم بعد.

وهناك ثلاث معموديات قد مورست:

1)  أ- معمودية يوحنا: كانت إغتسالاً للجسد كله بالماء. وكان هذا عند اليهود يعني التطهير “إنضح علىّ بزوفاك فأطهر. إغسلني فأبيض..” + (حز25:36+ لا16:15+4:16). وكان هناك في خيمة الاجتماع مرحضة للإغتسال. وكان يوحنا يعمدهم إعلاناً وعلامة على توبتهم ورمزاً لنعمة الخلاص الآتي (مت11:3).

 ب- معمودية التلاميذ للجموع قبل حلول الروح القدس على التلاميذ. هذه في شكلها شبيهة بمعمودية يوحنا وكانت للتطهير وينقصها حلول الروح القدس.

 وكلا المعموديتين (أ،ب) هدفهما التوبة، والمعمودية رمز وإعلان لذلك. وهدف ذلك أن التائب تنفتح عيناه فيعرف المسيح.

2)  أما المسيح نفسه فقد عمد تلاميذه معمودية حقيقية ولذلك عند غسله لقدمي بطرس قال له الذي إغتسل ليس له حاجة إلا لغسل رجليه بل هو طاهر كله. إذاً معمودية المسيح لهم كانت حقيقية ولكن فعلها مؤجلاً لحين حلول الروح القدس عليهم. هذا يشبه شيك حصلت عليه ولكن مكتوب على ظهره يصرف يوم كذا، فأنا حصلت على حقي لكن لن أحصل على المال إلاّ في اليوم المحدد. والتلاميذ حين عمدهم المسيح حصلوا على حقهم في مفاعيل المعمودية، لكن هذا تم يوم حلول الروح القدس.

3)  المعمودية الثالثة هي ما يصنع الآن في الكنيسة ومارسه التلاميذ بعد حلول الروح القدس عليهم. وهي معمودية للتطهير وكاملة الفعل وتتم بالروح القدس (راجع أع5:19)

ولإيضاح الفارق بين المعموديات الثلاث نسوق المثل التالي: (وهو للمتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف السابق):-

دخل إنسان إلى بيت فوجد 3 آلات تليفونية.

  1. الآلة الأولى لها شكل التليفون ولكنها لعبة أطفال (المعمودية الأولى ليوحنا).
  2. الآلة الثانية هي تليفون حقيقي ولكن لم تصل له حرارة (معمودية المسيح للتلاميذ قبل حلول الروح القدس).
  3. الآلة الثالثة هي تليفون حقيقي به حرارة (هي المعمودية الحالية).

إذاً قوله وكان يُعمِّد:- أنه هو عمد تلاميذه، وتلاميذه عمدوا الجموع، مثلما صنع هو معجزة الخمس خبزات وأعطى لتلاميذه ليوزعوا.

وهذه الآية هنا هي مقدمة للحديث عن حديث المعمدان الأخير لتكميل شهادته عن المسيحوبعد هذا= في الزمان أو بعد أن إنتقلوا إلى مكان آخر.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى