يو3: 34 لأن الذي أرسله اللَّه يتكلم بكلام اللَّه، لأنه ليس بكيلٍ يعطي اللَّه الروح
“25وَحَدَثَتْ مُبَاحَثَةٌ مِنْ تَلاَمِيذِ يُوحَنَّا مَعَ يَهُودٍ مِنْ جِهَةِ التَّطْهِيرِ. 26فَجَاءُوا إِلَى يُوحَنَّا وَقَالُوا لَهُ:«يَا مُعَلِّمُ، هُوَذَا الَّذِي كَانَ مَعَكَ فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ، الَّذِي أَنْتَ قَدْ شَهِدْتَ لَهُ، هُوَ يُعَمِّدُ، وَالْجَمِيعُ يَأْتُونَ إِلَيْهِ» 27أجَابَ يُوحَنَّا وَقَالَ:«لاَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ السَّمَاءِ. 28أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ تَشْهَدُونَ لِي أَنِّي قُلْتُ: لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ بَلْ إِنِّي مُرْسَلٌ أَمَامَهُ. 29مَنْ لَهُ الْعَرُوسُ فَهُوَ الْعَرِيسُ، وَأَمَّا صَدِيقُ الْعَرِيسِ الَّذِي يَقِفُ وَيَسْمَعُهُ فَيَفْرَحُ فَرَحًا مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْعَرِيسِ. إِذًا فَرَحِي هذَا قَدْ كَمَلَ. 30يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ. 31اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، 32وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ، وَشَهَادَتُهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْبَلُهَا. 33وَمَنْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ فَقَدْ خَتَمَ أَنَّ اللهَ صَادِقٌ، 34لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمِ اللهِ. لأَنَّهُ لَيْسَ بِكَيْل يُعْطِي اللهُ الرُّوحَ. 35اَلآبُ يُحِبُّ الابْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ. 36الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ».” (يو3: 25-36)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“لأن الذي أرسله اللَّه يتكلم بكلام اللَّه،
لأنه ليس بكيلٍ يعطي اللَّه الروح”. (34)
تتقبل البشرية روح الله بكيل حسب ضعف إمكانياتها، أما السيد المسيح فيتقبله بغير كيلٍ لأنه واحد معه، مستقر فيه.
v قول يوحنا المعمدان عن المسيح: “لأن الذي أرسله الله، يتكلم بكلام الله“، إذ أن المسيح لا يقول قولاً خارج أقوال أبيه، لكنه يقول أقوال الله، فمن يخالف هذا الابن فقد خالف أباه الذي أرسله، أرأيت كيف يلذعهم بهذه الأقوال؟
يقول: “لأنه ليس بكيل يعطى الله الروح“، أي أننا أخذنا كلنا فعل الروح بكيل وبمقدار، أما المسيح فقد امتلك الروح كله كاملاً دون أن يكون بمقدار.
v يقول يوحنا الإنجيلي عن الابن “إنه لا يعطي اللَّه الروح بكيلٍ” (يو 34:3) للذين يستحقون. إذن لا يوجد مكيال لدى الابن، فهو لا يُمكن قياسه بل يفوق كل المقاييس لأنه اللَّه، فكيف يُقاس الذي لا يُقاس ويُوصف بأنه أقل؟
v كتب الذهبي الفم: “بالروح يعني هنا الطاقة ” فإننا جميعًا ننال طاقة الروح بقياس، أما المسيح فله كمال الطاقة بلا قياس، بل في كمالها. فإن كانت طاقاته بلا كيل فبالأكثر يكون جوهره. يدعوه الطاقة، الروح أو بالأحرى ذات روح الله كما قال المعمدان، وبالقول أن الطاقة بلا كيلٍ يشير إلى طبيعتها غير المخلوقة. بقوله نحن نقبلها بقياس يشير إلى اختلاف الطاقة غير المخلوقة بالنسبة للجوهر غير المخلوق… الآن إن كانت طاقة الروح بلا كيل كم بالأكثر يكون الجوهر.
الأب غريغوريوس بالاماس
يميز القديس يوحنا المعمدان بين إرساليته وإرسالية السيد المسيح. إرسالية يوحنا المعمدان هي إرسالية اللَّه لرسول بشري، يتكلم ويشهد قدر ما ينال من نعمة. أما إرسالية المسيح فهي إرسالية ابن اللَّه وكلمته الواحد معه، وحده يرى الآب كما هو، وقادر أن يشهد له، روحه القدوس هو روح الآب القدوس، لذا لا يناله بكيلٍ كما الأنبياء أو الرسل أو المؤمنون بوجه عام.
v “لأنه ليس بكيلٍ يعطي اللَّه الروح” )34(. اسمع ما يقوله الرسول: “حسب قياس هبة المسيح” (أف4: 7). بالنسبة للبشر يعطي بقياسٍ، وبالنسبة للابن الوحيد لا يعطى بكيلٍ. كيف يعطي للبشر بقياس؟ “فإنه لواحدٍ يعطى بالروح كلام حكمة، ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد. ولآخر عمل قوات ولآخر نبوة…” (1 كو12: 8 الخ)… أما المسيح الذي يعطي فهو يتقبل بلا كيل.
تفسير الأب متى المسكين
34- لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ يَتَكَلَّمُ بِكلاَمِ اللَّهِ. لأَنَّهُ لَيْسَ بِكَيْلٍ يُعْطِي اللَّهُ الرُّوحَ.
إن برهان صدق الله مختوم به على كل ما يقول المسيح ويعمل، والله أرسله محملاً برسالة روحية تفيض بآيات وكلام الحياة: «يارب إلى من نذهب. كلام الحياة الآبدية عندك» (يو68:6). ويكفي لأي إنسان أن يعرف أن كل ما قاله المسيح ونطق به هو هو «كلام الله» نصاً وروحاً. ولكن ليس كأجزاء، إنما كرسالة كلية كاملة هي رسالة الله.
لكل الأنبياء كان الله يعطي الروح بمقياس ومكيال مجزءاً ومقسطاً تقسيطاً على قدر ما يتحمل روح النبي وعلى قدر ما يتحتل السامع واحتمالات الظرف. أما للمسيح فبلا كيل ولا قسط يعطي الله الروح، بل إلى كل ملء الروح والله. لأن قياس ملء المسيح هو قياس الله. ومقباس ملء الآب والابن هو الحب.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
(آية34): الله أرسل المسيح الذي تعترضون أنتم عليه، محملاً بآيات وكلام الحياة، كلام الله نفسه. والله كان يعطي الأنبياء الروح بمقياس ومكيال أي بقدر معين. وعلى قدر ما يحتمل كل نبي وبقدر ما يحتمل السامعين، أما للمسيح فبلا كيل وبلا مقياس فهو له ملء الروح، ونحن نأخذ من ملئه (يو16:1). والناس تذهب إلى المسيح لأن كلامه هو كلام الله. ولا أحد يستطيع أن يتكلم في الإلهيات إلاّ بالروح القدس.