1يو1:3 انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد اللَّه؟
1اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ. (1يو1:3)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد اللَّه؟” [1].
أي شرف لنا أعظم من هذا أن ندعى أبناء الخالق؟! عظيمة جدًا هي هذه العطية المجانية التي وهبت لنا. لنعمل إذن حتى نقدم عنها حسابًا كما يليق.وكما يقول القديس أغسطينوس:
[ماذا ينتفع أولئك الذين يدعون أبناء والبنوة ليست عاملة فيهم؟!
كثيرون يدعون أنهم أطباء لكنهم لا يعرفون كيف يعالجون الناس! وكثيرون يدعون ساهرين وهم نيام الليل كله!
كم من أناس يدعون مسيحيين لكنهم بأعمالهم لم يوجدوا هكذا، لأنهم ليسوا مسيحيين لا في الحياة ولا في السلوك ولا في الإيمان ولا في الرجاء ولا في المحبة!
كل إنسان منكم يسلك الصلاح ويحتقر أمور العالم ولا يختار ارتياد الملاهي، ومن نفسه لا يقبل أن يكون سكيرًا أو ينجس نفسه تحت ستار الأعياد مقدسة… مثل هذا يحتقره أولئك الذين يفعلون هذه الأمور…
“من أجل هذا لا يعرفنا العالم لأنه لا يعرفه” [1].
ومن هو العالم؟ إنه يعني الذين يحبونه ويسكنونه على أساس تعلقهم به، وبهذا اكتسبوا اسمه.
“لأنه لا يعرفه“: لقد سار ربنا يسوع المسيح في العالم بنفسه في الجسد. إنه اللَّه، وهو قوي في الضعف، فلماذا لا يكون معروفًا؟ لأنه وبخ على كل خطية في الناس. فمحبتهم للذة الإثم جعلتهم لا يعرفونه، وحبهم لتلك الأمور دفع بهم إلى الحمى وأساءوا إلى الطبيب.]
هذا ما قاله الإنجيلي (يو 1: 10) وما أكده ربنا قائلاً: “أيها الآب البار، العالم لم يعرفك” (يو 17: 25). لأن محبو العالم لهم أب آخر غير اللَّه يحتل قلوبهم فلا يستطيعوا معاينته، وذاك كما قال الرب لليهود الأشرار “لو كان اللَّه أباكم، لكنتم تحبونني، لأني خرجت من قبل الآب وأتيت… لأنكم لا تقدرون أن تسمعوا قولي. أنتم من أب هو إبليس” (يو 8: 42-44).
وإذ لا يستطيع الأشرار أن يعرفوا اللَّه فكيف يعرفون أولاده؟! لكن هذا لا يخيف أولاد اللَّه، لأنهم وإن حرموا من محبة الأشرار، إلاَ أنهم يجدون أنفسهم موضوع حب اللَّه وكل قديسيه، لهذا يدعوهم الرسول “أيها الأحباء“. فالبغضة التي من الأشرار لا تشغل بال أولاد اللَّه.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
أية 1 :- أُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هَذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ
من الأية السابقة (2: 29) رأينا أن أولاد الله يصنعون البر. ولكن كيف نصنع البر. هنا نسمع الرد. . . أنظروا أية محبة. . . = وكلمة أنظروا تعنى تأملوا بعمق فى هذه المحبة التى أحبنا بها الله، وهذا يزيد محبتنا له، ومن تزداد محبته لله ينفذ وصاياه فيصنع البر. والتأمل بعمق فى محبة الله يحتاج للعشرة مع الله (كما شرحه الرسول فى أية 1: 1) هى خبرة معاشة مع المسيح تصل لدرجة التلامس
حتى ندعى أولاد الله = (يو1: 12) هنا نرى بركات التجسد فقد صرنا أولاداً لله، ولدنا منه بكلمته الحية وبفعل روحه القدوس فى المعمودية أى بالميلاد الثانى، وأولاد الله بالحق هم الذين يعملون مايرضيه، أما الأشرار فلا ينتفعون من الإسم شيئاً.
من أجل هذا لا يعرفنا العالم لإنه لا يعرفه = العالم لا يتصور ولا يفهم هذه الكرامة وهذا المجد المعد لنا كأولاد الله، وكما لم يعرف العالم المسيح حين جاء بل صلبوه، هكذا لا يعرف أولاد الله ويطاردهم ولا يقبلهم، إذ هم فى طبيعتهم الغريبة عن الشر غرباء عن طبيعة أولاد العالم. فمحبة أولاد العالم للإثم تجعلهم لا يقبلون النور الذى فى أولاد الله (يو15: 18- 21).