2كو 5 : 17 اذا ان كان احد في المسيح فهو خليقة جديدة
“إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا. “(2كو 5: 17)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“إذًا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة،
الأشياء العتيقة قد مضت،
هوذا الكل قد صار جديدًا” [17].
ما أخطر إن يعتز الإنسان بتعرفه عن المسيح خلال القراءة وحدها أو خلال المعجزات الملموسة دون أن تتجدد طبيعته ليصير أيقونة له. فمن هو في المسيح، أي المؤمن الحقيقي، يتمتع بسكنى المسيح في قلبه بالإيمان وبالتجديد المستمر خلال عمل روحه القدوس، فيمارس بنوته للَّه جاحدًا بنوته القديمة التي لإبليس وأعماله الشريرة.
في المسيح ننال قلبًا جديدًا وفكرًا جديدًا وسلوكًا جديدًا وحياة جديدة، كما نعيش في خليقة جديدة، في السماويات.
من كان في المسيح يحيا حرًا من الخطية ومن محبة العالم وشهوات الجسد. إنه لا ينشغل بما يُرى وإنما بما لا يُرى.
المؤمن الحق ليس فقط يتمتع بالتجديد المستمر في داخله، وإنما يرى كل شيءٍ جديدًا؛ يتطلع خلال عيني المسيح فيرى حوله خليقة جديدة.
جاء الاسم هنا “الخليقة” Ktisis ktisoc في اليونانية بالمونث حيث أغلب الأسماء المؤنثة تنتهي بـ “sis” بينما المذكر بـ “ma”. فالمؤنث يشير إلى التحرك والعمل والانتاج. الخليقة هنا ليست جامدة لكنها عاملة ومثمرة.
v إن آمن بي أحد يأتي إلى خليقة أخرى، إذ يولد ثانية بالروح… يليق بنا أن نعيش له… يحثنا بولس على حياة الفضيلة… مظهرًا كيف أنها “خليقة جديدة“. يضيف: “الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدًا”. ما هي الأشياء العتيقة؟ إما الخطايا أو عدم التقوى أو حفظ الممارسات اليهودية. نعم بالأحرى يعني هذه وتلك.
v هذا هو نفس الغرض الذي من أجله جاء ربنا يسوع المسيح، أن يغير الطبيعة البشرية، ويحوّلها، ويجدّدها.
يخلق النفس خلقةً جديدةً، النفس التي كانت قد انتكست بالشهوات بواسطة التعدّي,
جاء المسيح لكي يوحّد الطبيعة البشرية بروحه الخاص، أي روح اللاهوت، وقد أتى ليصنع عقلاً جديدًا، ونفسًا جديدة، وعيونًا جديدة، وآذانًا جديدة، ولسانًا جديدًا روحانيًا. وبالاختصار أُناسًا جددًا كلية، هذا هو ما جاء لكي يعمله في أولئك الذين يؤمنون به. إذ صيّرهم أوانٍ جديدة، ويمسحهم بنور معرفته الإلهية، لكي يصب فيهم الخمر الجديدة، التي هي روحه، لأنه يقول أن “الخمر الجديدة ينبغي أن توضع في زقاقٍ جديدة” (مت 17:9).
v صارت طبيعة الإنسان كلها خاطئة في شخص الذي خُلق أولاً. لكنها الآن قد تبرّرت من جديد في المسيح، لأنه صار لنا بداية ثانية لجنسنا بعد تلك البداية الأولى، ولذلك فكل الأشياء قد صارت جديدة فيه.
v [قد برز لنا عالم جديد (بمجيء مخلصنا)، وقد صارت لنا فيه كل الأشياء جديدة].
v عندما شاخت الخليقة الأولى وتلاشت كانت هناك حاجة إلى خليقة جديدة في المسيح (كما يقول الرسول الذي يؤكد أننا لا نعود نرى في الخليقة الثانية أي أثر لما قد شاخ، قائلا: “إذ نخلع الإنسان العتيق بكل أعماله وشهواته نلبس الإنسان الجديد المخلوق حسب اللَّه”، “إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدًا”)، لأن خالق الطبيعة البشرية في الخليقة الأولى… أخذ ترابًا من الأرض وشكل الإنسان، مرة أخرى أخذ ترابًا من العذراء ولم يشكله إنسانًا مجردًا بل إنسانًا له. لقد خلق ثم صار خليقة. الكلمة خلق جسدًا، ثم صار الكلمة جسدًا حتى يحول جسدنا إلى روح، إذ صار شريكًا معنا في الجسد والدم. هذه الخليقة الجديدة في المسيح التي بدأ هو نفسه بها، دُعي البكر، بكر الجميع، كلاً من الذين ولدوا في الحياة والذين حيوا بالقيامة من الأموات.
v مرة أخرى إذ جعل نفسه بكر القيامة، نال اسم “بكر الراقدين”، إذ له الأولوية في كل شيء. بعد ذلك كما يقول الرسول: “الأشياء القديمة قد مضت”. إنه يصير بكر الخليقة الجديدة للبشر في المسيح بميلادٍ جديدٍ مزدوج، واحد بالمعمودية المقدسة والآخر كنتيجة للقيامة من الأموات، صار بالنسبة لنا في كليهما رئيس الحياة والبكر… هذا البكر له أيضًا اخوة يتحدث عنهم مع مريم: “اذهبي اخبري اخوتي، أنا ذاهب إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم”. في هذه الكلمات لخص كل غايته من تدبيره كإنسان.
v يقول لكي نثبت بأعمالنا ما نعلنه بالكلمات أن “الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدًا” “وإذا كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة”.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية 17- اذا ان كان احد في المسيح فهو خليقة جديدة الاشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديدا.
إن كنا قد متنا مع المسيح إذ آمنا به وإتحدنا بموته وقيامته في المعمودية، فقد قمنا معه كخليقة جديدة، أمّا حالتنا القديمة التي خلقها فينا ناموس الخطية فقد إنتهت، لقد حصلنا على نفس جديدة وجسد جديد وعبادة جديدة ومواعيد جديدة وحياة جديدة في عهد جديد. المؤمن وُلِدَ من جديد في عالم جديد يختلف عن عالم الخطيئة الأول وصار له دوافع جديدة وأهداف جديدة في الحياة. الأديان الأخرى تعطى وصايا وتعاليم، أما المسيحية فتعطى حياة جديدة غير الطبيعة الخاطئة. فكثرة التعاليم لن تصلح الطبيعة الخاطئة، فالمسيحية لم تأت بتعاليم جديدة بل بحياة جديدة وطبيعة جديدة، هي تغيير جذري. الحياة الجديدة هي حياة المسيح فيَّ وهذه حصلناُ عليها بالمعمودية ” مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ ” (غل 2 : 20). إذاً حتى أتمتع بحياة المسيح فيَّ علىَّ أن اقبل أن أموت وأصلب عن شهوات العالم، أصلب مع المسيح فأقوم معه بحياة جديدة هي حياته. وأقبل الصليب الذي يضعه علىَّ.
هوذا الكل قد صار جديداً = لقد صار لنا مفاهيم جديدة لكل شئ : –
الحياة :- كان هدفها زيادة أموالنا وكنوزنا على الأرض، وصار هدفنا أن تكون لنا كنوز في السماء، وهدف حياتي هو مجد المسيح الآن.
العالم :- كان هدف نجرى وراءه. وصار الآن وسيلة نحيا بها بل نزهد فيه.
الفرح :- كان في الإمتلاك. فصار روحياً.
الحزن :- كان لخسارة مادية وصار الآن بسبب خطيتي أو هلاك نفس أحد.
العلاقات العائلية :- كان الإنسان يتصادم مع الله لو إنتقل أحد أقاربه، وصرنا نفهم أنه لابد أن أحب الله أكثر من محبتي لأقربائي، بل هم إذا إنتقلوا فهم في السماء، وكلنا في المسيح سواء من في السماء أو من على الأرض.
الألم :- كان عقوبة وصار شركة مع المسيح في صليبه، وصار تأديب لنا.
معرفة الله :- كان لطلب الماديات، وصارت لطلب التعزيات الروحية لقد صار المسيحي منشغلاً لا بما يرى بل بما لا يرى.
- تفسير رسالة كورنثوس الثانية 5 للقمص تادرس يعقوب ملطي
- تفسير رسالة كورنثوس الثانية 5 للقس أنطونيوس فكري