رؤ6: 2 فنظرت و اذا فرس ابيض و الجالس عليه معه قوس…
“فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلاً، وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ.” (رؤ6: 2)
+++
تفسير ابن كاتب قيصر
25- (1) وبعد هذا رأيت عندما فتح الحمل واحدا من الختوم وسمعت واحدا من الأربعة الحيوانات يقول كمثل صوت رعد تعال وانظر (2) فنظرت ها هوذا فرس أبيض والراكب عليه بيده قوس أعطى إكليلا وخرج متغلبا فغلب.
هذا هو السر الأول من الأسرار السبعة تحت الختم الأول من الختوم السبعة.وهو متسق مع ما قبله في اللفظ ، وأما في المعنى فإنه أول فصوص البناء الثالث من القسم الثالث عشر في وليمة الألف سنة. وهذان النسقان من مشكلات الكتاب ، وكذلك بقيته.
قوله : « وبعد هذا رأيت عندما فتح الحمل واحدا من الختوم» ، أي بعد هذه الأشياء المتقدمة رأيت هذا ، وقد سلف لنا تفسير الختم وإنه رمز على صون المختوم عليه وحفظ سره . وإن فتح الختم هو إظهار مصونه للعلم وإن تمامه في أوانه هو خروجه من القوة إلى الفعل . وقد كمل الظهور والتمام جميعا في هذا السر.
وقوله : «وسمعت واحدا من الأربعة الحيوانات يقول كمثل صوت رعد تعال وانظر » ، أما الرؤية فلفتح الختم ، وأما السماع فللصوت . وأما هذا الصوت الذي كان كالرعد لأي حيوان من الأربعة ، فهو للحيوان الأول الذي يشبه الأسد ، بدليل قوله بعد ذلك : «سمعت الحيوان الثاني يقول» فدل على أن هذا هو الأول . وزئير هذا الحيوان الذي هو الأسد يشبه الرعد حقيقة لزجله(صوت يدوي) وجهارته(تفخيمة) . وقول هذا الحيوان الأول للرسول تعال لكى يقرب فإن القرب يزيده كرامة وبصيرة وتنبها ليقبل على تأمل ما يرى ويبعثه على فهمه واستبتاته.
وقوله : « فنظرت ها هوذا فرس أبيض» الفرس رمز على الملك والسلطان والاستيلاء ، وكونه أبيض رمز إلى العدل والخير والظفر والهدوء كما أن الأحمر رمز إلى الشر والقلق وسفك الدم.
قوله : « والراكب عليه بيده قوس» ، الراكب على الفرس الأبيض رمز به إلى سيد الكل ، وإنما قلنا رمز به ولم نقل هو سيد الكل نفسه ، لأن ذلك هو الفاتح للختم الكاشف للرمز ، ولا يكون الرمز هو المرموز إليه ، فافهم ذلك. ولا هذا الراكب ملاك أيضا ، لأن الملاك لا يتشبه بسيده لكنه شبح وصورة . والقوس يدل على الغلبة والظفر.
قوله : «أعطى إكليلا» ، قد عرفت فيما مضى المعاني التي يرمز إليها بالإكاليل ، والمراد منها هنا الملك والسلطان والقهر ، بدليل قوله : « وخرج متغلبا فغلب» . والغلبة جاءت على نحوين أحدهما : جسمانی محسوس كقهر الملوك ملوكا آخرين في الملاحم ومعاركات الحروب والآخر : روحانی ، بینه بولس الرسول بقوله : «إن حربنا ليست مع لحم ولا دم ، لكنها مع سلاطين الظلمة وملوك الهواء»، وهو غير ما قاله السيد لرسله : « ثقوا أنا غلبت العالم» ، يقصد إنه غلب شهوات العالم . وقد تقدم لنا تعريف هذه الغلبة بمجموع أمور ثلاثة في الفصل الثاني [فص ۱۱] بقوله : «ومن يغلب أعطه أن يأكل من شجرة الحياة » ، وإما اعتبار الغلبة هنا خاصة فبالمعنيين معا . أما الروحاني ، فإن الشيطان لما قهر آدم وذريته بالخدع للمعاصي قهرا مطردا ، قهره سيد الكل بسيرته العالية بالجسد الإنساني نفسه ، ولم يصدر عنه مع ذلك زلل بالفعل ولا بالقول ولا بالفكر بعد اجتهاد المجرب في الجهاد والتجارب بأنواع الخدع واللبس كما تشهد بجميعه الأناجيل المقدسة في فصول التجربة وغيرها من قوله لليهود : « من منكم یوبخنى على خطية» ، وقوله لرسله : «إن رئيس هذا العالم يأتي وليس له في شيء». وأما الجسماني ، فإن السيد يأتي في دولة الدجال بملوك من المشرق فيهلكون كل من مع الوحش من الملوك والجند الساجدين له والمؤمنين به ، ويلقى الوحش في بحيرة النار والكبريت كما سيأتي ذلك في مكانه . فهذا حل رموز هذا الفص ، وأما مقصده فإنه كشف أمرين أحدهما : إعطاء الآب ، له المجد ، لسيد الكل ، أي للابن ، كل سلطان في السماء وعلى الأرض كما قال للملائكة عند أخذ الحمل للسفر إن الحمل المقتول يستحق أن يأخد القوة والغني والحكمة والمجد والكرامة والتسبيح وكل المخلوقات التي في السماء وعلى الأرض والتي في البحر ، وقد كشف لأشعياء النبي ، فقال : «من أجل مولود ولد لنا وابن أعطيناه سلطانه على منكبيه ودعى اسمه عجيبا ومشيرا الله جبار العالمين أب الدهر العتيد ورئيس السلامة بعظم سلطانه ولا يكون لسلامته منتهى على كرسى داود أبيه وعلى ملكه ليصلحه ويدعمه بالبر والعدل من الآن وإلى دهر الدهرين». ثم کشف لدانيال بعده ، فقال : «وكنت أرى على مزن السماء مثل ابن البشر أقبل فانتهى إلى عتيق الأيام وإياه أعطى السلطان والملك والكرامة وإن جميع الشعوب والأمم واللغات إياه يعبدون سلطانه سلطان الأبد وملكوته لن يفسد » . ثم خرج ذلك إلى الوجود ، كما حكاه متى الإنجيلي إن الرب قال للرسل بعد قيامته : « أعطيت كل سلطان في السماء وعلى الأرض» والأمر الآخر : قهر الحمل والعسكر الذي معه بخيل بيض ، الدجال ومن معه فلذلك قال في هذا الفص : « وخرج متغلبا فغلب» ، وهذا كالعنوان والإنذار بما سيأتي في هذا المعنى مفصلا.
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“ونظرت لما فتح الخروف واحدًا من الختوم السبعة،
وسمعت واحدًا من الأربعة المخلوقات الحية قائلاً كصوت رعد: هلم وانظر.
“فنظرت وإذا فرس أبيض،
والجالس عليه معه قوس،
وقد أعطي إكليلاً، وخرج غالبًا ولكي يغلب” [1-2].
رأى الرب، عريس الكنيسة، أن فرسانًا ثلاثة خارجون لمقاومة عروسه، لهذا ظهر ذلك الحمل الوديع والأسد الغالب فارسًا غالبًا ولكي يغلب. عندما يراه كأسدٍ يخرج إليه كأسد، وإذ يراه كفارسٍ يخرج إليه كفارس يقاتله.
فتح العريس الختم الأول، وسمع الرسول المخلوق الحي الأول الذي على شبه أسد يزأر بصوت رعد قائلاً: “هلم وأنظر“. وخرج الحمل نفسه فارسًا يجلس على فرس أبيض، وقد خرج “غالبًا” بطبعه، إذ ليس فيه هزيمة قط. “ولكي يغلب“، أي يغلب بنفسه في كنيسته، في أولاده، لأننا به نغلب إبليس، وهو يغلب فينا. فكل نُصرة لنا تُنسب لمسيحنا لأنها تتحقق به ولحسابه.
خرج الرب جالسًا على فرس أبيض، وقد أجمع الشهيدان أغناطيوس وبوليكربوس والبابا ديونيسيوس وإيريناؤس بأن الفرس الأبيض هو جماعة الرسل والمبشرين بكلمة الإنجيل، حاملين شخص الرب، منتصرين به على قوات الظلمة.
يشبهون الفرَس بشجاعتهم وعدم مهابتهم الموت (زك 10: 3)، وبسرعة حركتهم تخرج أصواتهم إلى كل الأرض (مز 18: 6)، وطاعتهم بكل كيانهم لفارسهم.
يشبهون بفرس أبيض لأنه مُبهج للنظر. هكذا هم مبهجون للنظر، لأنهم مملوءون فرحًا وسرورًا. يُدعون للفرح بالمخلِّص في أشد لحظات ضعفهم، ويرافقهم بسرورٍ حتى مع دموع توبتهم، يملأهم السلام الداخلي في فترات المحن. وسرّ هذا كله وعد الرب لنا: “ثقوا أنا قد غلبت العالم“. والأصل اليوناني ترجمته “افرحوا أنا قد غلبت العالم“.
هذا الغالب معه “قوس” الذي هو كلمة الكرازة التي يصوبها الكارز في قلب السامعين، فتحطم قوى الشر وتبتر منه كل ما هو من إبليس.
“وقد أعطي إكليلاً”، إذ هو ملك الملوك لا يكف عن أن يملك في كل قلب، ويهب أكاليل للبشرية المنتصرة به.
تفسير القمص أنطونيوس فكري
الختم الأول
الختوم تدل على حوادث تاريخية وتعبر عن حقب زمنية. وسنسمع إبتداء من الختم الثانى من آلام وضيقات ستمر بها الكنيسة وحروب معلنة ضدها، لذلك يبدأ الله بهذا الختم لنرى الله منتصرا، والكنيسة منتصرة به وفيه حتى لا تخاف الكنيسة من أخبار الآلام فهى حتما ستنتصر لما فتح الخروف = إذا هو فى يده القرارات والأحكام.
كصوت رعد = إعلان عن القوة والقدرة التى بهما يسند المسيح كنيسته فى آلامها.
ولاحظ أن المتكلم فى حالة الختم الأول هو الحيوان الأول الذى على شبه أسد (7:4) ويتكلم بصوت رعد إشارة للمسيح الأسد الخارج من سبط يهوذا (5:5) والذى يحارب عن كنيسته بقوة أسد. أيها الأحباء من الخطأ أن نحسب أنفسنا ضعفاء أمام إبليس وأمام الخطية بينما المسيح الأسد يقود حياتنا. المسيح هو الأسد الغالب خرج غالبا ولكى يغلب= سمعنا فى السبع كنائس قوله من يغلب…. وهنا نرى أننا نغلب به، بل هو الذى يغلب فينا.
فرس أبيض = هذه هى الكنيسة، الفرس الأبيض هو أنا وأنت أيها الحبيب وهو ابيض لأننا تبررنا بدم المسيح (رؤ14:7) + (2كو21:5) + (رو1:5). وهو فرس لأن الفرس يستخدم فى الحروب، ونحن فى حرب مستمرة ضد إبليس (أف12:6). والفرس لا يهاب المعارك (أى19:39-25). والجالس عليه = هو المسيح الذى يستريح فينا وهو يقودنا خلال رحلة جهادنا وحروبنا مع إبليس. ومعه قوس = القوس أداة حرب والمسيح حارب إبليس بصليبه.
خرج غالبا = المسيح غلب إبليس أولا فى معركة الصليب. ولكى يغلب = يغلب فينا وبنا، يغلب فى كنيسته وفى أولاده وكل نصرة لنا تنسب له. وقد أعطى إكليلا = فالمسيح ملك على قلوب المؤمنين بصليبه (أش6:9)، وهو سيعطى إكليلا لكل من يغلب (2تى8،7:4)
تاريخيا فالفرس الأبيض يشير لفترة كنيسة الرسل الأولى، والقوس يشير لكلمة الكرازة التى صوبها الرسل الكارزون لقلوب الناس فحطمت قوى الشر. هذا هو التفسير التاريخى. لكن التفسير الآخر فهو يشير للكنيسة فى كل زمان ومكان التى يقودها المسيح ويبررها ويبيضها بدمه، يقودها ليحارب بها إبليس ويغلبه فينا.
تفسير كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة
ع1: فتح الخروف: أي أن المسيح وحده صاحب الحق في إعلان ما يريد إعلانه لخليقته، وكلمة فتح ختمًا تشير أيضًا أنه يكشف لنا حيلة أو مشكلة قد تعيق الإنسان عن الوصول إلى الله.
سمعت واحدًا: نادى أول الخلائق الملائكية (من الأربعة الحيوانات) على يوحنا بصوت عالٍ كصوت الرعد وهو صوت يتمشى مع هيئته (كشبه أسد) وهذا الصوت الشديد تنبيهًا لأهمية ما سوف يراه يوحنا.
ع2: فرس أبيض: الفرس الأبيض يشير إلى النصرة إذ اعتاد القادة الرومان على ركوب خيول بيضاء مزينة عند عودتهم ظافرين، وهنا الفرس يمثل الكنيسة برسلها الأطهار وقديسيها، فإذ تحمل مسيحها (الجالس عليه) صارت لها النصرة مضمونة فيه وبه.
الجالس عليه: هو المسيح نفسه سر قوة الكنيسة ونصرتها “أعطى قوس” أي يحارب حروبها وينتصر لها (خر14: 14)، و”أعطى إكليلا” لأنه ملكها الوحيد وضابط كل أمورها.
غالبًا ولكي يغلب: أي أن النصرة هي صفة ذاتية فيه وليس شيئًا مضافًا عليه، وتعنى أيضًا أنه ليس مثل أي أحد آخر قد يغلب حينًا ويُغلب حينًا آخر.
إذ كانت الأختام التالية لهذا الختم تحمل أنواعًا من الألم والجهاد ضد الشر، وويلات مزمعة أن تأتى، أراد الله طمأنة أولاده المحبين والمتمسكين بإيمانهم فأتى فك الختم الأول مشجعًا متحدثًا عن النصرة وتمامها وغلبة الكنيسة المؤكدة بمسيحها قائدها … وهذا الكلام لنا جميعًا.
† يجب علينا إذا اشتدت الحروب أو آلام الكنيسة ألاّ نخور أو نهتز أو تضعف ثقتنا في المسيح،علينا فقط أن نتذكر هذه الكلمات “غالبًا ولكي يغلب” فيعود الرجاء وتعود الثقة إلينا.
ملاحظة: قد يتساءل البعض كيف يكون الخروف فاتح السفر هو المسيح وكذلك الجالس على العرش هو المسيح … وهنا نرجع إلى القول بأن كل هذه المشاهد هي روحية سمائية رمزية والدليل على ذلك أن السيد المسيح يعلن عن نفسه في سفر الرؤية بأكثر من شكل وبأكثر من صفة ومنظر.
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 6 للأنبا بولس البوشي
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 6 لابن كاتب قيصر
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 6 للقمص تادرس يعقوب ملطي
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 6 للقمص أنطونيوس فكري
- تفسير سفر الرؤيا اصحاح 6 كنيسة مار مرقس بمصر الجديدة
رؤ6: 1 | سفر الرؤيا | رؤ6: 3 | |
الرؤيا – أصحاح 6 | |||
تفسير رؤيا 6 | تفاسير سفر الرؤيا |