رو10: 1 أيها الإخوة إن مسرة قلبي وطلبتي إلى الله لأجل إسرائيل هي للخلاص

 

أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنَّ مَسَرَّةَ قَلْبِي وَطَلِْبَتِي إِلَى اللهِ لأَجْلِ إِسْرَائِيلَ هِيَ لِلْخَلاَصِ.“(رو10: 1)

+++

تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم

” أيها الإخوة إن مسرة قلبي وطلبتي إلى الله لأجل إسرائيل هي للخلاص” (رو1:10).

1 ـ مرة أخرى ينشغل الرسول بولس بهؤلاء اليهود بشكل أقوى من ذي قبل. ولهذا نجده يزيل الشكوك التي توحي بوجود بغضة أو نفور، ويمهد كثيرا لما يريد قوله لكي يتفادى سوء ظن المتلقي لرسالته. هكذا يقول لهم ، ينبغي ألا تتخوفوا من كلامي ولا من شكواي، بل إن ما أقوله ليس نابعا من شعور عدائي. لأنه لا يمكن لشخص واحد ، أن تكون لديه رغبة في خلاص هؤلاء اليهود، بل ويصلي من أجل هذا الخلاص، ثم في نفس الوقت يبغضهم وينفر منهم. بالإضافة إلى أن مسرته هنا كما يقول، هي رغبته الشديدة ، والطلبة التي يرفعها إلى الله من أجل خلاص إسرائيل. ليس فقط من أجل أن ينجوا من الجحيم، بل لأجل خلاص هؤلاء، وهو مهتم بذلك ويصلي كثيرا لأجله. وهو يظهر محبة تجاه هؤلاء اليهود، ليس فقط في هذا الجزء، بل وي الآيات التي تلي ذلك أيضا. لأنه من خلال الأمور ذاتها ، قد جاهد وناضل على قدر ما يستطيع، أن يجد لهم منفذا ولو بقدر بسيط ليدافع عنهم. لكنه لم يستطع، لأن طبيعة الأمور قد أعجزته عن فعل هذا.

فاصل

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

“أيها الإخوة إن مسرة قلبي وطلبتي إلى الله لأجل إسرائيل هي للخلاص، 

لأني أشهد أن لهم غيرة لله، 

ولكن ليس حسب المعرفة” [1-2].

يُعلّق القدّيس يوحنا الذهبي الفم على هذه العبارة الرسولية موضحًا أن الرسول وهو يستعد لتوبيخهم بأكثر صرامة يودّ أن يقول لهم: لا تلتفتوا إلى الألفاظ، ولا إلى الاتهامات، كأني اتهمكم بروح عدائي، فإن “خلاصكم” هو موضوع سرور قلبي وصلاتي لله.

يا له من روح إنجيلي ملتهب بالحب، فمقاومة اليهود المستمرّة له لم تجرح مشاعر محبّته، إذ لا يجد ما يسرّ قلبه مثل خلاص الآخرين حتى المقاومين له. هم في قلبه، يشتهي خلاصهم، ولا يكفّ عن الطلبة من أجلهم. هذه الأبوّة الحانية نجدها في خدام الله الحقيقيّين، الذين من الأعماق يصرخون مع صموئيل النبي: وأما أنا فحاشا لي أن أخطىء إلى الرب، فأكف عن الصلاة من أجلكم، بل أعلمكم الطريق الصالح المستقيم ( 1صم 12: 23).

علامة الحب الصراحة والوضوح، إذ يشهد لغيرتهم لله، لكنها غيرة ليست حسب المعرفة، سقط فيها هو من قبل، إذ كان في غيرته ينفث تهددًا وقتلاً على تلاميذ الرب (أع 9: 1). يقول القدّيس أغسطينوس: [كانوا يظنّون أنهم يقدّمون خدمة لله بذبحهم خدّامه! يا له من خطأ مريع، عندما تودّ أن تسرّ الله بضربك محبوبيه حتى الأرض، وهدم مذبح الله الحيّ لتأتي به أرضًا كي لا يُهجر الهيكل الحجري، يا له من عمى لعين! هذا هو ما حدث مع إسرائيل من أجل ملىء الأمم، أقول أنه حدث جزئيّا وليس للكل، فلم تقطع كل الأغصان، وإنما بعضها، لكي تتطعّم أغصان الزيتونة البريّة (رو 11: 25، 17) .]

ما سقط فيه اليهود يمكن أن يسقط فيه بعض المسيحيين، إذ تكون “لهم غيرة لله ولكن ليس حسب المعرفة“، كأن يسلك الإنسان بفكر متعصّب دون إدراك روحي للإيمان المستقيم أو اتساع قلب لمحبّة الغير؛ أو كأن يجاهد في طريق الفضيلة غير متكىء على صدر الله بل على ذراعه البشري وقدراته الخاصة ومعرفته الزمنيّة.

سر جحود اليهود جهلهم أمرين؛ أولاً: برّ الله، ثانيًا: غاية الناموس. يقوم الأول على جهلهم عمل الله في حياة المؤمن، فطلبوا برّ أنفسهم، لا برّ الله، فصار ذلك عائقًا عن خلاصهم، والثاني جهلهم غاية الناموس وأحكامه فتمسّكوا بالحرف القاتل دون الروح الذي يحيي.

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية (1): “أيها الأخوة إن مسرة قلبي وطلبتي إلى الله لأجل إسرائيل هي للخلاص.”

في(1:9) نري الرسول حزين عليهم، ولكن الحزن وحده لا يكفي لعودة الخاطئ، لذلك نري الرسول هنا مصلياً لأجلهم بالرغم من عنادهم ليحصلوا علي الخلاص. ومحبة بولس لشعبه وصلاته لأجلهم لم يتوقفا علي الرغم من هجومهم المستمر عليه فشابه صموئيل حين قال “كيف أخطئ إلي الله وأكف عن الصلاة لأجلكم” (1صم23:12).

زر الذهاب إلى الأعلى