معنى ملكوت الله وعلاقة الملكوت بالخلاص

 

 معنى الملكوت منذ القدم هو “ حكم الله كملك”. فالملكوت هو العلاقة الأبدية التي تربط الله بالإنسان ولا مجال للسؤال هنا هل هي علاقة في الحاضر أو المستقبل؟ بسبب عدم صحة السؤال هل في الحاضر أو في المستقبل؟ فالعلاقة بين الله والإنسان تسمو فوق الإحساس بالزمن والمكان، أي أنها علاقة مطلقة أبدية فهي تقوم من قبل الله بالمحبة الأبوية وتقوم مع الإنسان بالخضوع البنوي. فقبول الله على هذا الوضع هو بعينه قبول ملكوت الله . وهكذا لحظة أن يقبل الإنسان الله كاب يحبه ويرعاه؛ يكون ملكوت السموات قد تحقق له كحقيقة حاضرة معه وله. وبهذا يكون استعلان ملكوت الله في الحاضر يعني وجود مؤمنين خاضعين الله من كل قلوبهم وطائعين لمحبته يعيشونه. أما في نهاية الزمان حينما يبلغ الملكوت ملأه ، حينما يأتي المسيح ويُستعلن المجد النهائي، فهذا هو ملكوت المستقبل الذي يترجونه. فالملكوت هو حقيقة قائمة فوق الزمان والمكان وحقيقة معاشة في الحاضر الزمني، وحقيقة نرجوها في المستقبل، برجاء قوي صادق كما وصفها بولس الرسول:

+ «وبعد ذلك النهاية، متى سلّم (المسيح) الملك (الملكوت) لله الآب، متى أبطل كل رياسة وكل سلطان وكل قوة لأنه يجب أن يَمْلكَ (الملكوت الآن في الحاضر) حتى يضع جميع الأعداء تحت قدميه. آخر عدوِّ يُبطَلُ هو الموت. لأنه أخضع كل شيء تحت قدميه. ومتى أخضع له الكل، فحينئذ الابن نفسه أيضاً سيخضع للذي أخضع له الكل كي يكون الله الكل في الكل.» (28-24:1551)

واضح غاية الوضوح التفريق بين الملكوت كحقيقة واقعة حاضرة معلنة في حياة الناس الآن، وبينه في النهاية العامة التي بها يبلغ الملك النهاية على الأرض في الحاضر الزمني ويُستعلن الدهر الآخر، حيث الملكوت يدخل الأبدية تحت مُلك الله ليكون بالنهاية الله الكل في الكل. فالملكوت في الحاضر الآن هو ملكوت يسوع المسيح الذي يتحتّم أن يملك ويحكم حتى يضع جميع أعدائه تحت قدميه، ثم يأتي المنتهى حينما يزول آخر عدو ويُخْضَع، وهو “الموت” الذي يتلاشى بالظهور الإلهي المجيد، ويقوم الجميع في قيامة واحدة، أي الذين هم للمسيح يسوع. حينئذ يسلم المسيح ملكوته المتكامل الله أبيه مصدر كل قوة وسلطان ومحد الذي تبلغ به النصرة منتهاها.

ولكن مفهوم الملكوت بالنسبة للإنسان المسيحي، المنحصر في العلاقة بين المسيح وبينه، لا يخرج عن مفهوم الخلاص. فالمسيح نفسه بحسب اسم يسوع الذي تسمى من الملاك الخلاص”، وسمعان الشيخ لما حمله على يديه عندما دخل به أبواه الهيكل قال: «الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك» (لو 2: 29 و 30). فترجمة ملكوت الله بلغة العلاقة الشخصية مع المسيح هو الخلاص والفداء، الذي هو عمل المسيح، وهـو حــادث الآن ولكن لن يكمل إلا بالنهاية. فالخلاص هو الصورة الزمنية المصغرة للملكوت.

زر الذهاب إلى الأعلى