رو10: 2 لأني أشهد لهم أن لهم غيرة لله ولكن ليس حسب المعرفة

 

لأَنِّي أَشْهَدُ لَهُمْ أَنَّ لَهُمْ غَيْرَةً ِللهِ، وَلكِنْ لَيْسَ حَسَبَ الْمَعْرِفَةِ.“(رو10: 2)

+++

تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم

” لأني أشهد لهم أن لهم غيرة لله ولكن ليس حسب المعرفة ” (رو2:10).

بالطبع هذه الأمور تستحق المغفرة، وليس الإدانة. إذا فإن كانوا متميزين لا من الناحية الإنسانية، بل من جهة الغيرة لله، فمن العدل أن يرحموا ، بدلاً من أن يدانوا.

لكن لاحظ كيف أنه بحكمة قد صنع لهم خدمة بكلمته، وأظهر شجارهم غير الملائم. لأنه يقول:

” لأنهم إذ كانوا يجهلون بر الله ” (رو3:10).

فاصل

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

“أيها الإخوة إن مسرة قلبي وطلبتي إلى الله لأجل إسرائيل هي للخلاص، 

لأني أشهد أن لهم غيرة لله، 

ولكن ليس حسب المعرفة” [1-2].

يُعلّق القدّيس يوحنا الذهبي الفم على هذه العبارة الرسولية موضحًا أن الرسول وهو يستعد لتوبيخهم بأكثر صرامة يودّ أن يقول لهم: لا تلتفتوا إلى الألفاظ، ولا إلى الاتهامات، كأني اتهمكم بروح عدائي، فإن “خلاصكم” هو موضوع سرور قلبي وصلاتي لله.

يا له من روح إنجيلي ملتهب بالحب، فمقاومة اليهود المستمرّة له لم تجرح مشاعر محبّته، إذ لا يجد ما يسرّ قلبه مثل خلاص الآخرين حتى المقاومين له. هم في قلبه، يشتهي خلاصهم، ولا يكفّ عن الطلبة من أجلهم. هذه الأبوّة الحانية نجدها في خدام الله الحقيقيّين، الذين من الأعماق يصرخون مع صموئيل النبي: وأما أنا فحاشا لي أن أخطىء إلى الرب، فأكف عن الصلاة من أجلكم، بل أعلمكم الطريق الصالح المستقيم ( 1صم 12: 23).

علامة الحب الصراحة والوضوح، إذ يشهد لغيرتهم لله، لكنها غيرة ليست حسب المعرفة، سقط فيها هو من قبل، إذ كان في غيرته ينفث تهددًا وقتلاً على تلاميذ الرب (أع 9: 1). يقول القدّيس أغسطينوس: [كانوا يظنّون أنهم يقدّمون خدمة لله بذبحهم خدّامه! يا له من خطأ مريع، عندما تودّ أن تسرّ الله بضربك محبوبيه حتى الأرض، وهدم مذبح الله الحيّ لتأتي به أرضًا كي لا يُهجر الهيكل الحجري، يا له من عمى لعين! هذا هو ما حدث مع إسرائيل من أجل ملىء الأمم، أقول أنه حدث جزئيّا وليس للكل، فلم تقطع كل الأغصان، وإنما بعضها، لكي تتطعّم أغصان الزيتونة البريّة (رو 11: 25، 17) .]

ما سقط فيه اليهود يمكن أن يسقط فيه بعض المسيحيين، إذ تكون “لهم غيرة لله ولكن ليس حسب المعرفة“، كأن يسلك الإنسان بفكر متعصّب دون إدراك روحي للإيمان المستقيم أو اتساع قلب لمحبّة الغير؛ أو كأن يجاهد في طريق الفضيلة غير متكىء على صدر الله بل على ذراعه البشري وقدراته الخاصة ومعرفته الزمنيّة.

سر جحود اليهود جهلهم أمرين؛ أولاً: برّ الله، ثانيًا: غاية الناموس. يقوم الأول على جهلهم عمل الله في حياة المؤمن، فطلبوا برّ أنفسهم، لا برّ الله، فصار ذلك عائقًا عن خلاصهم، والثاني جهلهم غاية الناموس وأحكامه فتمسّكوا بالحرف القاتل دون الروح الذي يحيي.

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية (2): “لأني أشهد لهم أن لهم غيرة لله ولكن ليس حسب المعرفة.”

هناك غيرة لله ولكن ليس حسب المعرفة= فهناك من يقتل شعب الله ظاناً أنه يقدم خدمة لله (يو2:16). وبولس نفسه سقط هذه السقطة من قبل أع 1:9 ويسقط في هذا كل من له فكر تعصب أعمي دون إتساع قلب في محبة الغير. ولاحظ هنا أن بولس يشهد لهم وهم ألد أعداؤه، فالسيد قال “باركوا لاعنيكم“. ومعناها أن نذكر أعداءنا بأحسن ما فيهم. المعرفة= هم يطبقون الناموس في غيرة لله لكن لإثبات بر أنفسهم وليس لكي يمجدوا الله وينسحقوا شاعرين بالإحتياج إليه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى