رو7: 7 فماذا نقول؟ هل الناموس خطية؟ حاشا…

فَمَاذَا نَقُولُ؟ هَلِ النَّامُوسُ خَطِيَّةٌ؟ حَاشَا! بَلْ لَمْ أَعْرِفِ الْخَطِيَّةَ إِلاَّ بِالنَّامُوسِ. فَإِنَّنِي لَمْ أَعْرِفِ الشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ النَّامُوسُلاَ تَشْتَهِ». “(رو7: 7)

+++

تفسير القديس يوحنا ذهبي الفم

بعدما قال:

” حتى نعبد بجدة الروح لا بعتق الحرف “ أضاف” فماذا نقول؟ هل الناموس خطية؟ حاشا ” (رو۷:۷).

 وقبل هذا قال: ” لأنه لما كنا في الجسد كانت أهواء الخطية التي بالناموس تعمل في أعضاءنا”، وأن ” الخطية لن تسودكم لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة” وأيضا “إذ حيث ليس ناموس ليس أيضا تعد” ” وأما الناموس فدخل لكي تكثر الخطية”. وأيضا ” الناموس ينشئ غضبا “. من الواضح أن كل ذلك يعتبر إدانة للناموس، فكما لو كان قد أراد أن يزيل هذا الشك، فإنه يشير إلى المفارقة قائلاً: ” فماذا نقول؟ هل الناموس خطية؟ حاشا “.

فقد كان هدفه أن يقترب من المستمع، وأن يجعله لا يتعثر. لأنه بعد أن عرض هذا الكلام عليه، وعرف ما يجول بخاطره، يشاركه الرغبة في شرح ما هو غير مفهوم، حتى لا يشك في كلام محدثه . ولهذا ألحق بكلامه تلك المفارقة مشيرا إلى الناموس. لأنه لم يقل، ماذا يمكن أن نقول؟ لكنه قال “فماذا نقول”؟ كما لو كان الأمر متعلقا بقناعة جمع كبير هو منهم، إذ استنتجوا هذا السؤال الاعتراضي النابع منهم كنتيجة لما قيل، وهذا ما تظهره حقيقة الأمور، لأنه يقول إن حرف الناموس يقتل، ولم يعترض أحد ، وأن الروح يحيي وهذا واضح، ولا يستطيع أحد أن يختلف على ذلك أو يعارض فيه . إذا لو كانت هذه الأمور مقبولة، فماذا يمكن أن نقول من جهة الناموس؟ هل الناموس خطية؟ حاشا، إذا فقد رفع الشك والحيرة . أرأيت كيف يزيل هذا الاعتراض، ويقدم الشرح آخذا مكانة المعلم (الذي يشرح أمرا ما)؟ وما هو هذا الشرح ؟ هو أن الخطية لم تكن موجودة، إذ يقول “بل لم أعرف الخطية إلا بالناموس”. انتبه إلى قوة الحكمة، فقد فهمنا من خلال سؤاله الاعتراضي “هل نبقى في الخطية “؟ أن الخطية ليست هي الناموس، ثم يمضي في إقناع اليهودى بقبول ما هو أقل، لكن ما هو الأقل؟ هو “لم أعرف الخطية إلا بالناموس”. ” فإننى لم أعرف الشهوة لو لم يقل الناموس لا تشته “. أرأيت كيف أنه لا يدين الخطية فقط، بل ويشير أيضا إلى أن الناموس ينشئها؟ لكنه لا يعرض لذلك باعتبار أن الناموس هو السبب وراء ما يحدث – أي خطية الشهوة ـ بل أن السبب في بروزها يعود إلى اليهود التعساء. وهنا ينبغي أن نسد أفواه المانويين الذين أدانوا الناموس. لأنه بعدما قال: ” لم أعرف الشهوة لو لم يقل الناموس لا تشته” أضاف:

” ولكن الخطية وهى متخذة فرصة بالوصية أنشأت في كل شهوة ” (رو8:7).

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

خشي الرسول بولس لئلا يسيء القاريء فهم عبارته: “وأما الآن فقد تحرّرنا من الناموس [6]، لئلاّ يُظن أن الرسول يهاجم الناموس أو يقلّل من قدسيّته، لذلك قدّم سؤالاً: فماذا نقول؟ “هل الناموس خطيّة؟” [7]، وجاءت الإجابة واضحة وصريحة: “حاشا“… إذن، فلماذا يفرح بتحريره من الناموس؟

أولاً: لأن الناموس يفضح الخطيّة ولا يعالجها. عرّفني على الخطيّة التي ارتكبها، وربّما لم أكن أدركها [7].

ثانيًا: لأن الناموس إذ قدّم لي الوصيّة كشف عن طبيعة العصيان التي فيّ [8-11]، فربّما لو لم توجد وصية معيّنة تمنعني من شيء لا أهتم بعمله، إنما وجود الوصيّة يثير فيّ طبيعتي (كل شيء ممنوع مرغوب). هنا العيب لا في الوصيّة التي أثارتني، وإنما في طبيعة العصيان الخفيّة في داخلي والتي لم يكن لها أن تظهر ما لم توجد وصية.

أبرز الرسول بولس هاتين النقطتين بكل وضوح في هذا الأصحاح [7-13] وقد علق عليهما القدّيس يوحنا الذهبي الفم، قائلاً:

[سبق فقال: “كانت أهواء الخطايا التي بالناموس تعمل في أعضائنا” (7: 5)؛ “فإن الخطيّة لن تسودكم، لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة” (6: 14)؛ “حيث ليس ناموس ليس أيضًا تعدٍ” (4: 15)؛ “وأما الناموس فقد دخل لكي تكثر الخطيّة” (5: 20)؛ “لأن الناموس ينشىء غضبًا” (4: 15)، فلئلا يسيء هذا كله للناموس، ولكي يصحح الشك الذي ينشأ عن هذه الأقوال قدّم اعتراضًا، قائلاً: “فماذا نقول؟ هل الناموس خطيّة؟ حاشا [7]. قبل أن يقدّم البرهان استخدم هذا القسم “حاشا” لكي يسترضي السامع، ملاطفًا من اضطرب للسؤال…

لا يقول هنا: “فماذا أقول”، إنما “فماذا نقول؟” كأنه أمامهم مداولة وحكم، حيث اجتمعوا معًا، وجاء الاعتراض لا منه، وإنما خلال المناقشة بسبب ظروف الحال. فإنه لا ينكر أحد أن الحرف يقتل والروح يحي (2 كو 3: 6)، إذ هذا واضح تمامًا، ولا يقبل المناقشة. فإن كان هذا حقيقة مُعترف بها، فماذا نقول عن الناموس؟ هل الناموس خطيّة؟ حاشا! وضح لنا إذن هذا الأمر الصعب!…

يقول إن الناموس ليس خطيّة، “بل لم أعرف الخطيّة إلا بالناموس“… “فإنني لم أعرف الشهوة لو لم يقل الناموس لا تشته” [7]. ألا تلاحظ كيف أنه لم يظهر الناموس كديان للخطية، وإنما أيضًا إلى حد ما كمصدر لها، لكن لا عن خطأ من جانبه هو (وإنما من جانب ضعفنا وعصياننا)… هذا جاء عن ضعفنا لا عن عيب في الناموس، لأنه عندما نشته شيئًا ونُمنع منه تلتهب الشهوة بالأكثر. هذا لا ينبع عن الناموس، لأنه يمنعنا ليحفظنا منها، وإنما الخطيّة هي من إهمالك وسوء تصرفك، مستخدمًا ما هو صالح للضد. العيب ليس في الطبيب بل في المريض الذي لا يسيء استخدام الدواء، فإن الناموس لم يُعطَ لإشعال الشهوة بل لإطفائها، وإن كان ما قد حدث هو العكس. فاللوم ينسب إلينا لا إلى الناموس… فإن عمل الطبيب يقف عند المنع لكن على المريض أن يضبط نفسه.

ولكن ماذا إن كانت الخطيّة قد اتخذت فرصة بالوصيّة؟ بالتأكيد يوجد أشرار كثيرون اتّخذوا من الوصايا الصالحة فرصة ليزدادوا شرًا. هذا هو الطريق الذي به أهلك الشيطان يهوذا بإغراقه في محبّة الطمع وجعله يسرق ما هو للفقراء. فما حدث لم يكن بسبب الثقة التي أُعطيت له بتسليمه الصندوق، وإنما بسبب شرّ روحه. وأيضًا حواء بإحضارها ما يأكله آدم طُرد من الفردوس، لكن لم تكن الشجرة هي السبب، وإن كان ما حدث قد اتّخذ الشجرة فرصة لتحقيقه…

لو كان الناموس ملومًا لأن الخطيّة وجدت فرصة به، لانطبق هذا أيضًا على العهد الجديد، ففي العهد الجديد نجد آلاف القوانين أكثر أهمية…

عندما قال الرب: لو لم أكن قد جئت وكلمتهم لم تكن لهم خطيّة” (يو 15: 22)، وجدت الخطيّة مجالاً في مجيء الرب وحديثه معهم، ومع ذلك فقد صار عقابهم أشد. وأيضًا عندما تحدّث بولس الرسول عن النعمة قال: فكم عقابًا أشرّ تظنون أنه يُحسب مستحقًا من داس ابن الله؟ (عب 10: 29).]

v لقد استلمت الناموس، وأنت تود أن تحتفظ به لكنك لا تقدر. بهذا تترك كبريائك وتدرك ضعفك. إذن اِجرِ إلى الطبيب، واغسل وجهك. لتشتاق إلى المسيح ولتعترف به. آمن متكلاً عليه، فإذ تتمتّع بالروح بعد الحرف (السابق) تخلص. 

v إننا نصغي إلى الناموس، فإن لم توجد نعمة إنما نصغي للعقاب الذي يحلّ بنا.

القدّيس أغسطينوس

تفسير القمص متى المسكين

7:7 «فماذا نـقـول؟ هل الناموس خطية؟ حاشا . بل لم أعرف الخطية إلا بالناموس. فإنني لم أعرف الشهوة لو لم يقل الناموس لا تشته» .

هذا نـقـولـه نـحـن بلغتنا القضائية الآن، إننا لا نعرف الجريمة حتى يحددها القانون ويحدد عقوبتها !! وحينئذ تظهر الجريمة عملاً مرعباً نفزع منه. كذلك كان الناموس وضرورة الناموس بالنسبة للإنسان منذ ألفي سنة !!! أعطى الله الناموس على يد موسى ليعرف الشعب ما هي الخطية ، ثم إذ أعطى مع الـنـامـوس عقوبات رادعة، فذلك لكي يرتعب الشعب من الخطية، وقفل على العقوبات بالموت لكي يعود الشعب ويطلب الحياة.

فلولا أن الله قال في النـامـوس: «لا تشته»، ما انتبه الناس إلى الشهوة وما صارت الشهوة خـطـية وفعل تعد. ولكن في نفس الوقت ما ارتقى الإنسان عن الحيوانية بل لكان قد انحظ دونها ، لأن الشهوة الحيوانية تضبطها الغريزة، أما الغريزة في الإنسان فتحركها الشهوة ولا تضبطها !!

هنا يمكن للإنسان الساذج أن يلعن الناموس الذي عرفه بالشهوة ثم جعل الشهوة خطية ثم أعطى عقوبة صارمة على الانحراف بها . كما يمكن للإنسان الحكيم أن يبارك على الناموس الذي عرفه الخطأ وأحاطه بالعقوبة الصارمة حتى يرتعب من الخطية .

«لو لم يقل الناموس : لا تشته » :

ويلاحظ هنا أن بـولـس الـرسـول اختار الوصية المذكورة في ( خر20: 17، تث5: 21) وهي الوصية العاشرة، مختصراً إياها إلى مجرد الفعل فقط في حد ذاته . وهي نفس خطية آدم ـ الشهوة ـ التي سبقت التعدي ، وهي محاولة لطغيان الذات Ego التي هي مبدأ وجذر الخطايا جميعاً. فبهذه « الـشـهـوة» وبتتميمها أوجد للذات كيان منفصل عن الله عاشته بمرارة طافحة . لذلك، فإن هذه الوصية تحمل الستار الفاضح للذات، حالما يتعداها الإنسان يقف في مواجهة الله كمتحد. ويلاحظ أنها لا تتمركز في الجنس بقدر ما تتمركز في الذات ، لأن الذات أعلى من الجنس.

ولـكـن الـنـامـوس لـم يـقـف عـنـد أمـر الـنـهي وحسب « لا تشته»، بل أكمله بأمر الإيجاب «بالطاعة». فالوصية التي تقول : «لا تشته»، تقول : عليك أن تطيع . والطاعة هنا موجهة مباشرة للذات للحد من جموحها . وهكذا استحدث الله بالناموس وصية خلقية كاملة تدخل بالإنسان إلى معنى العبادة، فيها الشق السلبي بالنهي، والشق الإيجابي بالطاعة، حيث الطاعة حافز تؤازره على تـتـمـيـم النهي، لأن في الطاعة الله قوة ونعمة كمجازاة. وهنا يمتاز الناموس عن القانون الجنائي أو المدني الذي يخلو من الحافز الحافظ. لذلك، فالتقصير في تكميل وصايا الناموس يكشف في الحال عن عنصر التمرد أو الثورة ضد الله .

بفم من يتكلم بولس ؟

واضح جداً أن بولس الرسول يتكلم بصفته إنساناً استنار في المسيحية، وهو يقف ليتبئى حالة الإنسان فـيـمـا قـبـل الناموس، ثم في الناموس وفيما بعد الناموس ! ليعطي للناموس سببه ومعناه وقصوره معاً بآن واحد. ولكن وفي نفس الوقت يكشف عن طبيعة الإنسان ويدافع عن عجزها فيما قـبـل الـنـامـوس و بعده، وما أصابت من الناموس وما أصيبت . منه . والقصد في النهاية أن يبلغ إلى صرخة الإنسان وهو تحت الناموس : « ويحي أنا الإنسان الشقي، من ينقذني من جسد هذا الموت» متطلعاً إلى المسيح ، بعد أن اكتشف أنه مطالب بأن يرتفع إلى الناموس بل وإلى ما هو فوق الناموس وهو غير قادر على الـنـامـوس : « إن لـم يـزد بـركـم على الـكـتـبـة والفريسيين، لن تدخلوا ملكوت السموات » ( مت5: 20)، «متی فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا إننا عبيد بطالون.» ( لو17: 10)

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية (7): “فماذا نقول هل الناموس خطية حاشا بل لم اعرف الخطية إلا بالناموس فأنني لم أعرف الشهوة لو لم يقل الناموس لا تشته.”

بعد أن أعلن فرحته إذ تحرر من الناموس يتساءل مع السامع، هل الناموس به عيب= هل الناموس خطية= هل هو شريعة للشر، وكيف يكون كذلك والله هو الذي وضعه. حاشا= أبداً فهو بدونه كان الإنسان قد إنحط للحيوانية. وما يجب أن نفهمه أن الناموس كالمرآة فاحص للإنسان هو يفضح الخطية ولكن لا يعالجها، هو يفتح الجرح ويعده للشفاء الذي كان بالمسيح. هو عاجز عن أن يعطي معونة للإنسان هذه التي تعطيها النعمة. فالمرآة (الناموس) تظهر العيوب، والنعمة هي طبيب التجميل الذي يعالج. كان الناموس مؤدبنا إلي المسيح (غل24:3). ولكن الناموس كشف طبيعة العصيان التي فيَّ. وبهذه الطبيعة صار كل ممنوع مرغوب. وكان هذا ليس عيباً في الناموس ولكن في طبيعة الإنسان، الذي عندما يشتهي شيئاً ويُمْنَعْ عنه تلتهب الشهوة فيه بالأكثر. لا تشته= هذه هي الوصية العاشرة.

تفسير د/ موريس تاوضروس

“فماذا نقول، هل الناموس خطية، حاشا، بل لم أعرف الخطية إلا بالناموس فأنني لم أعرف الشهوة لو لم يقل الناموس لاتشته”.

لقد وضح مما سبق أن التحرر من الناموس ارتبط بالتحرر من الخطية، ومن أجل ذلك كان لابد أن يتساءل الرسول : هل الناموس خطية ؟ وبمعني آخـر : هل النامـوس شـريعة للشـر ؟. والرسول بلا شك يستنكر هذا الاستنتاج لأن الناموس أعطي من قبل الله الخير بطبيعته. فما هي إذن طبيعة الصلة أو العلاقة بين الناموس والخطيئة ؟ إن الناموس فـيـمـا يشير الرسول ليس هو مصدر الخطيئة ولكنه مصـدر مـعرفتنا بالخطيئة. ومعني ذلك ان الناموس قـام هنا دور المعلم والمبـصـر بـالـحـق لـيـمـيـز بين الخير والشر وبين المقدس والنجس وبين المحلل والمحرم وبين المباح والممنوع وبين مايجب فعله وما يلزم تجنبه، فمعرفة الخطيئة لم تتوفر لي إلا بواسطة الناموس ذلك لأن الشهوة الرديئة لم أكن أعرف أنها رديئة لو لم يكن الناموس قد حذرني منها (أنظر ،خر ۲۰ : ۱۷) فالناموس إذن لم يعطني إرادة فعل الخطيئة بل أعطاني فقط معرفة الخطيئة. يقول الرسول في موضع آخر من رسالته إلي رومية الأن بالناموس معرفة الخطيئة، (رو3: 20).

تفسير كنيسة مارمرقس مصر الجديدة

ع7: قد التبس الأمر على بعض الناس، فظنوا أن الناموس والخطية شيء واحد باعتبار أننا تحررنا من كليهما في آن واحد بعد المسيح. وبالقطع ليس الناموس هو الخطية بل حاشا أن يكون هذا صحيحا، فالناموس عرفنى الخطايا بأنواعها وأشكالها ولكنه نهانى عنها. فالناموس قال لى لا تشته،ِ وبدلًا من أن أبتعد عن الشهوة وأفرح بوصية الله، إذ بي قد اشتهيت الخطية أكثر، عملًا بالمبدا النفسى القائل (الممنوع مرغوب).

رو7: 6رسالة روميةرو7: 8
رسالة رومية – أصحاح 7
تفسير رومية 7تفاسير رسالة رومية

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى