نش 10:5 حبيبي أبيض وأحمر معلم بين ربوة
حَبِيبِي أَبْيَضُ وَأَحْمَرُ. مُعْلَمٌ بَيْنَ رَبْوَةٍ. (نش 10:5)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
إذ يكتشف العالم في العروس حبها لعريسها ويدركون فاعلية هذا الحب في حياتها الداخلية وانعكاساته على ملامحها ومشاعرها وتصرفاتها، يتساءل عن هذا العريس الفريد. وهنا تشهد العروس لعريسها لا بالكلام بل بالحياة التي تعيشها، فإنها تعرفه تمامًا وتلمسه متحدة به، يدخل بها إلى معرفة الآب غير المنظور… تحمل شهادة حقة وعملية فتقول عنه:
١. “حَبِيبِي (خليلي) أَبْيَضُ وَأَحْمَرُ” [١٠].
ما أعذب هذا المخلص العريس ففيه أجتمع اللونان: الأبيض والأحمر، كل منهما يوضح الآخر ويكمله! فهو أبيض، لكنه ليس بالأبيض الشاحب الذي بلا حياة كحنانيا رئيس الكهنة الذي قال عنه الرسول بولس: “سيضربك الله أيها الحائط المبيض. أفأنت جالس تحكم عليّ حسب الناموس وأنت تأمر بضربي مخالفًا للناموس” (أع ٢٣: ٣)، فبمخالفته للوصية والناموس صار في حكم الموت بلا حياة، فقد دمه علامة الحياة، وصار شاحبًا كالأموات، أما مخلص الكنيسة ففي بياضه يحمل احمرارًا دائمًا علامة كمال القوة والحياة والحيوية! كذلك لا يحمل المخلص احمرارًا منفردًا عن البياض وإلاَّ كان في ذلك إشارة إلى القتل وسفك الدم كما جاء في سفر الرؤيا (رؤ ٦: ٤) وكما وصفت الخطية أنها كالقرمز وحمراء كَالدُّودِي (إش ١: ١٨)، ولكنه هو “الآتِي مِنْ أَدُومَ بِثِيَابٍ حُمْرٍ مِنْ بُصْرَةَ هَذَا الْبَهِيُّ بِمَلاَبِسِهِ… الْمُتَكَلِّمُ بِالْبِرِّ الْعَظِيمُ لِلْخَلاَصِ” (إش ٦٣: ١).
لقد جاءت كلمة “أبيض” هنا بمعنى “بهي”، إذ هو شمس البرّ الذي أضاء علينا نحن الجالسين في الظلمة، ليدخل بنا بواسطة روحه القدوس إلى كمال نور معرفة الآب. حملنا فيه خلال بهائه في استحقاقات دمه (الأحمر) لنكون في حضن الآب نتعرف على كمال أسراره. هكذا يمتزج بهاؤه بعمله الخلاصي، أي بياضه باحمراره، حتى نحمل إنعكاسات بهائه فينا بدخولنا إلى أبيه.
في سفر دانيال نرى لباسه أبيض كالثلج (دا ٧: ٢)، وفي تجليه أيضًا “صارت ثيابه بيضاء كالنور” (مت ١٧: ٢). وما هو ثوب السيد المسيح إلاَّ كنيسته التي يلتحف بها كالثوب، يسكن في داخلها. فما يحمله من بهاء وبياض يعكسه على كنيسته كما على السمائيين الذين في حضرته على الدوام (مر ١٦: ٥، أع ١: ١٠) فنظهر في السماء بثياب بيض (رؤ ٣: ٤، ٧: ٩)، كما نوصى هكذا: “لتكن ثيابك في كل حين بيضاء” (جا ٩: ٨).
لقد تحدث الكتاب المقدس عن ظهورات كثيرة للملائكة لكنه لم يتعرض لوصف ثيابهم، أما في أحداث القيامة والصعود فقد أكد لنا الكتاب أن الملائكة قد ظهرت بثياب بيضاء. من أجلنا ظهرت، كي نعرف أننا خلال قيامة الرب وصعوده نغتسل فنبيض أكثر من الثلج (مز ٥٠). إن كانت خطايانا كالقرمز – فقد دفنت في القبر – وأقامنا الرب كالثلج (إش ١: ١٨)، لهذا يقول دانيال النبي “تتطهرون فتبيضون” (دا ١١: ٣٥).
هكذا ترى الكنيسة عريسها فتفرح ببهائه وتبتهج بدمه… أما العدو الشيطان فيرتعب أمام بهاء المخلص ويخاف من دم صليبه، لهذا تقول الكنيسة:
٢. “علَمٌ بَيْنَ رَبْوَةٍ” [١٠].
صار معروفًا للناس والشياطين، تعرفه الكنيسة بكونه “قائم راية للشعوب” (إش ١١: ١٠) ارتفع على الصليب فجذب البشرية إليه ليسكب بهاءه عليها ويُقدسها بالدم، وتعرفه الشياطين فتصرخ: “أنزل من على الصليب” لأنه حطم مملكتهم وأشهرهم جهارًا. ظافرًا بهم (كو ٢: ١٥).
تفسير القمص أنطونيوس فكري
آية (10): “حبيبي أبيض وأحمر معلم بين ربوة.”
أبيض= اللون الأبيض يشير للطهارة والبر، لذلك قال المسيح “من منكم يبكتني على خطية” والبياض كانت ملابسه يوم التجلي فهي إشارة لمجد اللاهوت. ومع كل مجده قدَّم لي دمه= أحمر على الصليب ليغسلني فأبيض أكثر من الثلج. لأغسل ثيابي وأبيضها في دم الخروف (رؤ14:7). ولون العريس الأبيض هنا ليس هو اللون الشاحب الذي يدل على الموت (كالقبور المبيضة + أع3:23). ولكن بياض مخلصنا مشوب بالحمرة مما يدل على الحياة. كذلك اللون الأحمر لا يشير للخطية والدموية (رؤ4:6 إش18:1) بل هو إحمرار دمه المسفوك في بره الأبيض (إش1:63) بل ليبيضنا فنحمل إنعكاسات بهائه فينا. فكلمة أبيض هنا جاءت بمعنى بهي (رؤ4:3،9:7) وفي القيامة كانت ملابس الملائكة بيضاء. مُعْلَمٌ بين ربوة= أي مميز حتى لو كان وسط 10.000شخص. قبل أن تدخل النفس في علاقة حب مع حبيبها كان هذا الحبيب مثله مثل باقي الآخرين، لهم جميعاً نفس قوة الجذب. أما بعد أن أحبته فقد وجدته مميزاً حتى أن كان بين 10.000 شخص.