نش 8،7:3 هوذا تخت سليمان حوله ستون جباراً من جبابرة إسرائيل

 

٧ هُوَذَا تَخْتُ  سُلَيْمَانَ حَوْلَهُ سِتُّونَ جَبَّارًا مِنْ جَبَابِرَةِ إِسْرَائِيلَ. ٨ كُلُّهُمْ قَابِضُونَ سُيُوفًا وَمُتَعَلِّمُونَ ٱلْحَرْبَ. كُلُّ رَجُلٍ سَيْفُهُ عَلَى فَخْذِهِ مِنْ هَوْلِ ٱللَّيْلِ. (نش 8،7:3)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

هُوَذَا سَريِر سُلَيْمَانَ حَوْلَهُ سِتُّونَ جَبَّارًا مِنْ جَبَابِرَةِ إِسْرَائِيلَ، 

كُلُّهُمْ قَابِضُونَ سُيُوفًا وَمُتَعَلِّمُونَ الْحَرْبَ.

كُلُّ رَجُلٍ سَيْفُهُ عَلَى فَخْذِهِ مِنْ هَوْلِ اللَّيْلِ. 

اَلْمَلِكُ سُلَيْمَانُ عَمِلَ لِنَفْسِهِ تَخْتًا مِنْ خَشَبِ لُبْنَانَ.

عَمِلَ أَعْمِدَتَهُ فِضَّةً وَرَوَافِدَهُ ذَهَبًا وَمَقْعَدَهُ أُرْجُوانا، 

وَوَسَطَهُ مَرْصُوفًا مَحَبَّةً مِنْ بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ” [٧-١٠].

إن كان صليب الرب وقيامته هما سرّ وليمة العرس، إذ يتقدم العريس القائم من الأموات ويقيم عروسه التي دخلت معه دائرة آلامه وصلبه، يسكن في قلبها فترتفع به صاعدة إلى السماء معطرة ومزينة بكل جمال روحي، فإننا نتساءل: متى يكون هذا؟ أو ما هو زمان الوليمة.؟

لقد جاءت الإجابة تحمل جانبين: جانب زمني وآخر أبدي. ندخل إلى موكب العريس ووليمته في زمان غربتنا، في ليل هذا العالم لنحارب أهوال الليل، مجاهدين حتى الدم، وننعم بموكبه الأبدي، في النهار الذي بلا ليل حيث نجلس عن يمينه، شركاء معه في المجد. لهذا يظهر العريس في موكبين أحدهما في الليل حيث يقيم على السرير في وسط أولاده المجاهدين، والآخر في النهار جالسًا على تخته الأبدي.

١. الموكب الزمني: في هذا الموكب يظهر العريس حوله ستون جبارًا، كلهم رجال حرب، حاملين سيوفهم على فخذهم، يجاهدون وسط أهوال ليل هذه الحياة. أنه الموكب الذي تعيشه الكنيسة المجاهدة حول المسيح عريسها.

هنا يظهر العريس وقد أقام “سريرًا” في وسط الكنيسة، لكنه ليس كسرير العروس التي استلقت عليه في الليل (نش ٣: ١) تطلب عريسها في تراخ ولا تجده، تدعوه ولا يسمع لها! ولا كالأسرة التي صعدت إليها الضفادع (خر ٨: ٣) علامة غضب الله وضرباته على فرعون، ولا كالأسرة التي يرقد عليها البشر حين يسلمون الروح ويرقدون بلا حركة (تك ٤٩: ٣٣؛ ٢ مل ١: ٤) ولا كالسرير الذي عومه داود المرتل بالدموع كل ليلة (مز ٦: ٦)، إنما هو سرير فريد عليه “ربض الأسد الخارج من سبط يهوذا” (راجع تك ٤٩: ٩)، هو صليب الرب الذي حقق سلامًا للكنيسة إذ به تصالحت السماء مع الأرض، وأعطى الغلبة والنصرة للكنيسة على قوات الشر الروحية.

لقد أقامه “سليمان” ليعلن أنه سرّ سلام الكنيسة وعلامة راحتها، عليه استراح بطرس الرسول سريًا في السجن ونام بغير اضطراب حتى جاءه الملاك ييقظه ويخرجه (أع ١٢: ٦-١٠)… إنه يعطي لأحبائه نومًا… أي سلامًا.!

أقام سليماننا حقيقي سريرًا وسط شعبه لكي ينام على الدوام في داخل سفينة حياتنا (مت ٨: ٢٤؛ مر ٤: ٣٨) فلا نهلك مهما حدث من اضطرابات شديدة في البحر.

ولكي يوضح أنه سرير الراحة الروحية والسلام الداخلي دون التراخي أو الكسل يوضح لنا سفر النشيد أن حوله ستون جبارًا كلهم قابضون سيوفًا ومتعلمون الحرب، كل رجل سيفه على فخذه من أجل أهوال الليل. حول الصليب تجتمع الكنيسة المجاهدة كرجال حرب حتى كما غلب ذاك يغلبون هم أيضًا به ومعه. كل مؤمن يحمل على فخذه سيفه الذي هو كلمة الله لكي يغلب، كما جاء في سفر الرؤيا: “وهم غلبوه بدم الخروف (أي بالصليب) وبكلمة شهادتهم (كلمة الله) ولم يحبوا حياتهم حتى الموت” (رؤ ١٢: ١١).

من هم الستون جبارًا من جبابرة إسرائيل المحيطون به؟ هم أبناء الملكوت، إسرائيل الجديد الروحي، المختارون الذين قبلوا الصليب ودخلوا مع الله في عهد جديد. هؤلاء جاءوا إلى الوليمة في دلال الحب لكن بغير ميوعة، إنما تسلحوا بسيف الروح وخوذة الخلاص، مجاهدين حتى الدم ضد الخطية بغير هوادة. لهذا ينصحنا الرسول بولس قائلًا: “أَخِيرًا يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ. فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ، عَلَى ظُلْمَةِ هَذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ… مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ” (أف ٦: ١٠- ١٧).

أما سرّ عددهم ٦٠ فنحن نعلم أن رقم ١٢ يُشير إلى ملكوت الله على الأرض، إذ يقولالقديس أغسطينوس أن الثالوث القدوس (٣) يملك على أركان المسكونة (٤). إذن ملكوت الله على الأرض يعني ٣ × ٤ (١٢). لهذا كان أسباط بني إسرائيل أثني عشر، وعدد تلاميذ العهد الجديد إثني عشر، كما أن عدد أبواب أورشليم أثنا عشر بابًا. ويرى القديس غريغوريس أسقف نيصص أن كل واحد منهم حمل خمسة سيوف التي هي تقديس الحواس الخمس بالمسيح يسوع ربنا، فيكون العدد (١٢ × ٥ = ٦٠). كأن كل الذين صاروا أعضاء في ملكوته تقدست حواسهم بالكمال في المسيح يسوع.

يقول القديس غريغوريس أسقف نيصص أن سيف العين هو أن تتطلع على الدوام نحو الرب لترى باستقامه ولا تتدنس بشيء ما. وسيف السمع هو الاصغاء للروحيات وعدم الانصات للباطل… وهكذا بالنسبة للتذوق واللمس والشم يتقدس هذا كله بسيف ضبط النفس والتلامس مع السيد المسيح وتنسم رائحته الذكية… بهذا يُحارب الإنسان كل ظلمة الخطية.

٢. الموكب الأبدي: في الموكب الزمني ظهر العريس على سريره ليعطي لشعبه طمأنينة بكونه سرّ راحتهم وسلامهم وسط جهادهم في هذا العالم أو في هذه الحياة الزمنية، أما في الموكب الأبدي فلا حرب ولا جهاد، لذا يظهر ملكًا محمولًا على تخت أو محفة تحمل على الأذرع… يظهر على عرشه الأبدي الذي تحمله الكائنات الحية الأربعة (رؤ ٤).

وما هو هذا التخت إلاَّ الكنيسة نفسها التي يحل الرب في داخلها، ويتربع عليها إلى الأبد، أما سماتها فهي: 

أ. اتحدت بصليب الرب فصارت واحدًا معه، لهذا وُصفت أنها مصنوعة من الخشب. تبقى آلامها وصلبها مع الرب هو سرّ حياتها ومجدها الأبدي، إذ يقول الرسول: “إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه” (رو ٨: ١٧).

ب. أما كونها من خشب لبنان، فقد رأينا لبنان قد اشتهرت بأرزها المعروف باستقامته ورائحته الطيبة، فإن كنيسة المسيح التي عاشت في غربتها باستقامة لا تعرج بين الطريقين: الله والعالم، تحمل رائحة المسيح عريسها.

ج. أعمدتها من فضة، من صنع سليماننا نفسه. والفضة تُشير في الكتاب المقدس إلى كلمة الله المصفاة سبع مرات، وكأن رعاة الكنيسة وخدامها قد صاروا أعمدة 

فيها بسبب اختفائهم وإمتزاجهم مع كلمة الله

د. أما القاعدة الذهبية فتُشير إلى أن الشعب وقد حمل السيد المسيح في حياته العملية، صاروا سمائيين (الذهب)، يعيشون على الأرض وكأنهم ملائكة الله. أو كما يقول الرسول: “الذين لهم نساء كأن ليس لهم، والذين يبكون كأنهم لا يبكون، والذين يفرحون كأنهم لا يفرحون، والذين يشترون كأنهم لا يملكون. والذين يستعملون العالم كأنهم لا يستعملون” (١ كو ٧: ٢٩-٣١).

ه. المقعد الأرجواني يُشير إلى طبيعة الكنيسة كملكة اتحدت بالملك الأبدي.

و. وسطها مرصوف بالمحبة لأجل بنات أورشليم، إذ حملت الكنيسة سمة عريسها الذي هو الحب لخلاص البشرية.

فاصل

تأملات للبابا شنوده الثالث

هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا (نش 3: 7)

هوذا تخت سليمان Solomon’s couch حوله ستون جبارًا (نش 3: 7).

نود أن يكون تأملنا اليوم في قول الوحي في سفر النشيد: تخت سليمان حوله ستون جبارا من جبابرة إسرائيل. كلهم قابضون سيوفًا ومتعلمون الحرب. كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل (نش 3: 7, 8).

سليمان رمز المسيح:

لان كلمة (سليمان) معناه “رجل سلام”. وقد قيل عن السيد المسيح انه “رئيس السلام” (أش 9: 6) وانه هو سلامنا (أف 2: 4) وهو الذي قال “سلامي اترك لكم. سلامي أنا أعطيكم” (يو 14: 27) وهو الذي صنع سلاما بين السماء والأرض، ونقض الحائط المتوسط أي العداوة (أف 2: 14،17)

وسليمان كان يمثل الحكمة والمسيح هو أقنوم الحكمة. هو “حكمة الله وقوة الله” (1كو1: 24). سليمان هو ابن داود الباني للهيكل والمسيح هو ابن داود، وهو ابن الله الذي بنى الكنيسة هيكل الله القوس (1كو3: 16)

† عبارة ” تخت سليمان ” تعنى عرشه، ويرمز إلى عرش المسيح.

حوله ستون جبارًا من جبابرة إسرائيل. وكلمة (إسرائيل) هنا ترمز إلى الكنيسة المقدسة.

عرش الله إذن حوله الجبابرة، أي النفوس القوية.

التي حاربت حروب الرب، وانتصرت على العالم والجسد والشيطان.

أما النفوس الضعيفة التي لم تتثبت في حروبها الروحية، فليس لها نصيب حول عرش الله. الإنسان الضعيف الذي مجرد شهوة تحطم قلبه وإرادته وفكره. هذا لا يمكن أن يكون من الجبابرة المحيطين بعرش الله.

† العجيب أيها الأخوة الأحباء أن سفر العدد الذي أمر الله فيه بعد خاصته، لم يدخل في ذلك التعداد والإحصاء جميع الناس.

إنما أمر الله بإحصاء النفوس القادرة على القتال، القادرة على حمل السلاح، أي “كل خارج للحرب” (عد1: 2, 3) هؤلاء هم الجبابرة. كلهم قابضون سيوفا ومتعلمون الحرب. كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل. من هول الظلام، من هول الأخطار. من هول الشهوات ومحبة العالم.

فان حاربك في احد الأيام فكر من الأفكار، واستسلمت له، لا تكون حينئذ جبارًا متعلمًا الحروب. بل تكون إنسانًا قد ألقى سلاحه وانطرح أمام العدو على الأرض.

† الإنسان المتعلم الحرب، هو إنسان خبير بالأفكار، خبير بحروب العدو، كما قال القديس بولس الرسول “نحن لا نجهل أفكاره” (2كو 2: 11).

بل نعرف خداع الشيطان، ونميز الأرواح (1كو 4: 1) هل هي من الله أم من العدو..

وهذه الحرب قد شرحها القديس بولس في رسالته إلى أهل أفسس فقال “إن مصارعتنا ليست مع لحم ودم.. بل مع أجناد الشر الروحية” (أف 6: 12). مع الشياطين، مع الجسد، مع كل قوة العدو.

ما أجمل قول ملاك الرب لجدعون “الرب معك يا جبار البأس” (قض 6: 12)

حقًا إن السماء لا يصل إليها فيما بعد إلا جبابرة البأس الذين انتصروا في الحروب.

الذين يرتلون مع جموع الغالبين: شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته (2كو 2: 14)

سِتّون جبارًا:

لماذا اختار هذا الرقم (60)؟ والى أي شيء يرمز؟

ستون = 6 *10. والرقم 10 يرمز إلى الكمال، والى الوصايا.

والرقم 6 يرمز إلى تمام العمل. فالله قد أتم عمله في الخلق في ستة أيام. والسيد المسيح أتم عمله في الفداء في اليوم السادس. وفي الساعة السادسة. والإنسان يتمم كل عمله في ستة أيام، ويستريح في اليوم السابع حسب الوصية..

* فمادام الرقم 6 يرمز إلى أتمام العمل والرقم 10 يرمز إلى الكمال والوصايا ، إذن الرقم 60 يرمز إلى كل من تمموا عملهم في وصايا الرب في الكمال.

فان سالت وقلت: هل حول عرش الله ستون جبارا فقط؟

نجيب إنما هذا الرقم هو رقم رمزي، يرمز إلى كل جبابرة الروح الذين كملوا في الإيمان، الكاملين في قوتهم، الكاملين في جهادهم وفي انتصارهم.. لا نقصد الجبابرة في أجسادهم وفي قوتهم الجسدية، بل الجبابرة في أرواحهم، حتى لو كانوا صغارا.

*داود النبي -أمام جليات- كان جبارًا وهو فتى صغير.

كل الجيش خاف. ولكنه كان الوحيد الذي لم يخف، وتقدم لمحاربة جليات في جبروت في الوقت الذي خاف فيه شاول الملك (1صم 17: 11) وكان اطول من جميع الشعب (1 صم 10: 23).

شاول الملك الذي كان جبارًا في جسده، لم يكن جبارا في روحه “فبغته روح رديء من قبل الرب” (1صم 16: 14) وكان يصرعه. والذي كان ينقذه من ذلك الروح الردئ كان داود الصغير أحد الجبابرة الذين حول العرش. كان داود جبار بأس وفصيحا ورجلا جميلا والرب معه (1صم 16: 15) وهذه العبارة الأخيرة كانت سر جبروته.

داود الجبار كانت تخافه الشياطين. يكفى ان يضرب على عوده ويصلى مزاميره، حتى لتهرب الشياطين مرتعبة..

جبار له سلطان على الشياطين!!

* نريد في الكنيسة مجموعة من هؤلاء الجبابرة الذين تخافهم الشياطين. ليتكم تستعرضون في تاريخ الكنيسة القديسين الذين كان لهم سلطان على الشياطين.. تذكروا قصة ذلك القديس الذي أتى شيطان لمحاربته، فربطه خارج القلاية.. تذكروا القديس ايسوذورس الذي قالت له الشياطين: أما يكفيك أننا لا نستطيع أن نمر على قلايتك، ولا على القلاية التي جوارك. وأخ واحد في البرية، جعلته بصلاتك يتعدى علينا النهار والليل؟!

وأنت يا أخي أن كنت تخاف الشياطين، أتستطيع أن تحسب نفسك من الجبابرة المحيطين بالعرش الذين لهم سلطان على كل قوة العدو؟! (لو 10: 19).

هل تكون جبارًا , أم أمتلك الشيطان إرادتك وكان يقدر أن يغريك بخطية ويستولى على نفسك؟! لا تظن أن الشيطان كريما في عطائه، يعطى بلا مقابل!! كلا فهو يعطيك ما تشتهيه في مقابل أن يأخذ كل ما عندك، وأسمى ما عندك: روحك وأبديتك.. !

الشيطان لا يقبل على نفسه أن يدخل في صفقة خاسرة. انه يأخذ دائمًا أكثر مما يعطى.

أرباحه أكثر من مصروفاته.. وهكذا يفعل مع الذين يلجأون إلى السحر مثلًا..

* عجيبة هي صورة الملاك ميخائيل، وسيفه في يده، وهو يدوس على الشيطان بقدمه.. لاشك أنه أحد الجبابرة الذين حول العرش..

وأنت، أتريد أن تكون جبارًا في محاربة الشياطين؟

أنك تكون كذلك, أن لم تكن الشهوة يحاربك الشيطان بها.

إن الشيطان يتحسس حياتك الروحية، محاولًا أن يعرف نقط الضعف فيك لكي يحاربك بها. انه يختبر الأرض وصلابتها التي سيضرب فيها بمعوله. يرى أين توجد الأرض الرخوة واللينة التي يتخذها ميدانا لعمله فيشققها كما يشاء. أما الصلبة فلا يقترب منها.

  • هناك جبابرة وقفوا ضد الشيطان في قتالهم لأجلالفضائل.

خذوا فضيلة العفة مثلًا. وكيف كان من جبابرتها يوسف الصديق، وسوسنة العفيفة وأمثالهما.. دانيال النبي والثلاثة فتية كانوا في قصر الملك، ورفضوا أن يأكلوا من أطيابه ومن خمر مشروبه (دا 1: 8)، بل ورفضوا معبوداته. ولم يخف دانيال من أن يلقى في جب الأسود (دا 6: 16) ولا الثلاثة فتية خافوا من إلقائهم في أتون النار (دا 3: 17).

إنهم الجبابرة لا يعرفون الخوف. كلهم قابضون سيوفًا ومتعلمون الحرب.

*الشهداء القديسون أيضًا كانوا جبابرة لا يعرفون الخوف.

وقفوا أمام الأباطرة والملوك والولاة والحكام. وقفوا أمام الحرق والشنق والعصر والجلد والتمزيق والتعذيب وكل صنوف الاضطهاد، ولم يبالوا – كان إيمانهم وثباتهم أقوى من العذاب.

هناك جبابرة آخرون في عالم النسك: في الصلاة والسهر والوحدة،في العبادة وفي التجرد، مثل سكان البرية من المتوحدين والنسك والسواح..

أرسانيوس الجبار، كان يقف متجها للشرق، والشمس وراؤه وقت الغروب.

و يظل ساهرا طول الليل حتى تظهر الشمس أمامه في أول النهار.. انه جبار. بينما آخرون لا يستطيعون أن يصمدوا في السهر، وحالما يحاربهم النوم يتركون صلاتهم. أين هؤلاء من الجبابرة الذين حول العرش, الذين مثلهم: القديس مكاريوس الإسكندراني، الجبار في سهره. الذي تحدث عن حروبه من جهة السهر فقال: حوربت مرة بالنوم ونمت. فصممت أن أقاتل النوم. وبقيت 21 يومًا لا أبق جفنا على جفن, حتى شعرت أن مخي قد نشف.

جبابرة آخرون لم يسمحوا لأية قوة أن تفصلهم عن الرب.

مثل القديس بولس الرسول الذي قال “من سيفصلنا عن محبة المسيح؟.. إنني متيقن أنه لا موت ولا حياة، ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات، ولا أمور حاضرة ولا مستقبلية،ولا علو ولا عمق، ولا خليقة أخرى، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا (رو 8: 25-29)

إن ملكوت السموات، لا يدخله إلا جبابرة الروح.

+ ولكننا للأسف الشديد، كثيرًا ما نحاول أن نكون جبابرة على الناس، ولا نكون جبابرة في تعاملنا مع أنفسنا!!

بينما يقول الكتاب “مالك روحه خير ممن يملك مدينة” (أم 16: 32)

أنبا بولا كان جبارًا في الوحدة. قضى ثمانين سنة لا يرى فيها وجه إنسان، ولا يتعزى بكلام الناس، إنما عزاؤه بالله وحده.

* هناك أشخاص آخرون كانوا جبابرة في الصوم،منهم من عاش ثلاثين سنة لا تبصره الشمس آكلًا. ومنهم من عاش عمره كله نباتيا، لا يأكل لحمًا طول حياته ومنهم من كان يطوى الأيام لا يأكل شيئًا فيها ولا يشرب.

هكذا عاش جبابرة الصوم. أما في جيلنا هذا فما أكثر الكنائس التي خفضت الأصوام أو كادت تلغيها، بحجة الإشفاق على الناس!!

آباؤنا كانوا أيضا جبابرة في حفظ آيات الكتاب المقدس.

كانت الآيات تجرى على ألسنتهم بمنتهى السهولة. لدرجة أن احد العلماء قال: “لو ضاع الكتاب المقدس، لأمكن جمعه من كتابات الآباء”..

كانوا جبابرة في الصمود. لا يستطيع أحد أن يثيرهم …

يوجد أشخاص ضعفاء، يثارون بسرعة. تثيرهم أية كلمة يظنون أنها تجرح مشاعرهم. بل حتى كلمات المديح والإعجاب، فتحرك فيهم محبة المجد الباطل. يثيرهم أي منظر جنسي.. اقل شيء يعتبرونه عثرة!

مساكين هؤلاء – إنهم ليسو من النوع الذي يقف حول عرش الله.. ليسوا كالجبابرة الذين حول تخت سليمان.

إنني أريدكم يا أخوتي أن تكونوا جبابرة في حروب الرب.

لاشك أن الملائكة عندما تصف الكنيسة المقدسة، وما فيها من أبرار لم تهزهم مغريات العالم، ولم تتعبهم حروب الشياطين، يقف ميخائيل رئيس الملائكة، وفي يده قيثارة ذهبية وينشد مع ملائكته: “تخت سليمان حوله ستون جبارًا..”

17- جبابرة.. متعلمون الحرب.. قابضون سيوفًا..
من هول الليل (نش 3: 7، 8)

 

جبابرة.. متعلمون الحرب، قابضون سيوفًا.. من هول الليل (نش 3: 7-8).

جبابرة الروح:

الذين يحبون حياة الروح، ينبغي أن يكونوا جبابرة فيما يخوضونه من حروب روحية، ضد الشيطان وكل قواته الشريرة.

يخيل إلي أنه حينما يرسل الشيطان واحدا من جنوده ليحارب أحد هؤلاء الجبابرة القديسين، يصرخ ذلك الشيطان في فزع:

أتريد أن يحرقني بنار؟! لست أستطيع أن اذهب لمقاتلة هذا الإنسان الذي سيقابلني بسلاح الله الكامل.. بسيف الروح، وخوذة الخلاص، ودرع البر، وترس الإيمان.. بكلمة الله، وما يرفعه من صلاة وطلبة بكل مواظبة (أف 6: 13-18). إبعدوني عن محاربة أمثال هذا الجبار، فلست كفؤا له..

إنهم جبابرة، كلهم حاملون سيوفًا، ومتعلمون الحرب. وفي استعداد كامل ليستل كل واحد سيفه من علي فخذه من هول الليل.

وقد شرح القديس بولس الرسول هذه الحرب الروحية، ودعا إلي الاستعداد لها في رسالته إلي أفسس فقال:

أخيرا يا أخوتي، تقووا في الرب، وفي شدة قوته. ألبسوا سلاح الله الكامل، لتقدروا أن تثبتوا ضد مكايد الشيطان. فإن مصارعتنا ليست مع لحم ودم.. بل مع أجناد الشر الروحية في السماويات.. من أجل ذلك أحملوا سلاح الله الكامل، لتقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير. وبعد أن تتمموا كل شيء أن تثبتوا. فاثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق..” (أف 6: 10- 14).

ومن أهمية هذه النصيحة الرسولية، يقرأ هذا الفصل من رسالة معلمنا بولس، في طقس رسامة الرهبان الجدد الذين يستعدون لخوض حرب روحية ضد الشيطان بكل حيله الرديئة، الماكرة والعنيفة. علي أن هذه النصيحة التي يقولها القديس بولس تصلح لجميع الناس في حياتهم الروحية.

حاملون سيوفًا:

مادام الشيطان لا يترك أولاد الله في هدوء، بسبب حسده لهم علي سلوكهم الطريق الروحي، إذن ينبغي أن يكونوا ساهرين باستمرار ومستعدين لقتاله. وهم يحملون سيوفهم الروحية. فشيطان يحاول أن يضللك، تحاربه بسيف الحكمة. وإن انتصرت عليه وحاربك بالكبرياء, تلاقيه أنت بسيف الاتضاع. وفي كل ما يقدمه لك من أفكار، تحاربها بسيف كلمة الله في إفراز، وأيضا بأقوال القديسين وخبراتهم في مقاتلة الشياطين.

عموما يمكنك أن تستخدم سيف الصلاة ففيه قوة الله. وكذلك سيف الجهاد والتغصب، ففيه رفضك للخطية ومصارعتك ضدها. وتذكر قول المزور:

“تقلد سيفك علي فخذك أيها الجبار. استله وأنجح وأملك” (مز 45: 3). وعبارة “سيفك علي فخذك” تعني الاستعداد.

ليس هو سيف معلقا في خزانة الأسلحة، وإنما هو علي فخذك، كهؤلاء الجبابرة. تستطيع أن تستله في أي وقت، وتحارب حروب الرب في يقظة دائمة واستعداد.. فمثلا كلمة الله التي ترد بها علي كل حرب روحية، ليست هي في كتبك ومكتبك، إنما هي ذهنك، وفي ذاكرتك باستمرار، تستخدمها وأنت تتذكر قول داود النبي للسيد الرب “لو لم تكن شريعتك هي تلاوتي، لهلكت حينئذ في مذلتي” (مز 119).. إنها سيف علي فخذك..

إنك لا تسمح للخطية أن تحاربك، وأنت في حالة غفلة وتهاون.

فأولاد الله: كل واحد سيفه علي فخذه، من هول الليل.

هول الليل:

والليل يشير إلي الظلام، كرمز إلي الخطية وحروبها الخفية، حيث لا نور ولا حرارة. فيكون هذا وقتًا مناسبًا لعدو الخير يهجم فيه. وقد يعني الليل وقت النوم، حيث لا يكون الإنسان منتبهًا لحرب تأتيه وهو غير منتبه لها وغير مستيقظ. هذا هو هول الليل، هول الخطايا التي تأتي في الظلام ولا تنتبه النفس لها، لأن البصيرة الروحية غير قوية.

أما أولئك الجبابرة، فهم ساهرون، متنبهون، كل واحد سيفه علي فخذه من هول الليل. كالرعاة في قصة ميلاد الرب، الذين قيل عنهم إنهم:

“يحرسون حراسات الليل علي رعيتهم” (لو 2: 8).

لذلك لا تطمئن من جهة الحرب الروحية، بل تقلد سيفك علي فخذك.

لا تهمل في احتياطاتك. لا تقل إنك الآن في حالة قوة، وقد مرت عليك أسابيع لا تسقك خلالها!! فأنت لا تعرف متى يحاربك الشيطان، وفي أية خطية، وكيف؟!

ليكن سيفك إذن علي فخذك من خوف الليل، من الحرب المجهولة في نوعها وفي موعدها. لتكن صلاتك باستمرار في قلبك وعلي لسانك. ولتكن كلمة الله في ذهنك وذاكرتك. ولتكن تداريبك الروحية سائرة في حزم كل حين. لا تلق سلاحك عنك..

بل كن قابضًا علي سيفك من هول الليل..

ليتنا نكون من هؤلاء الجبابرة، القابضين علي سيوفهم، حتى يمكن أن يقودنا الله في موكب نصرته (2 كو 2: 14) متجاوبين مع نعمته.

ليتنا نكون من أولئك الغالبين الذين طوبهم الرب وأعطاهم وعوده (رؤ 2، رؤ 3).. لا ننهزم في الحروب. وإن انهزمنا في معركة، ننتصر في المعركة التي تليها، قائلين مع النبي ” لا تشمتي بي يا عدوتي. فإني إن سقطت، أقوم” (مي 7: 8). و”الحرب للرب” (1 صم 17: 47). ” وليس عند الله مانع من أن يخلص بالكثير وبالقليل” (1 صم 14: 6).

والله قادر أن ينصرنا علي الرغم من ضعفنا..

غير أنه يجب أن تكون لنا خبرة بالحروب الروحية.

فقد قيل عن أولئك الجبابرة القابضين علي سيوفهم إنهم:

متعلمون الحرب:

أي أن لهم دراية بالحروب الروحية. لا يجهلون حيل الشيطان، بل يعرفون أفكاره (2 كو 2: 11). يعرفون من أين تأتي الخطية؟ وما وسيلة مقاومتها؟

إن حاربك الشيطان بالكسل، تقاتله بالتغصب. وإن حاربك بالمجد الباطل، ترد عليه بتذكر خطاياك وضعفاتك. وإن حاربك باليأس، تتذكر مراحم الله التي لا تحصي. وإن حاربك بصعوبة الطريق. تذكر عمل الروح القدس، والمعونة الإلهية التي تمنحها النعمة. وأنت لست وحدك.

أحد القديسين كان -إذا حاربه الشيطان بالمجد الباطل- يقول: ألعلي بلغت ما بلغه الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا؟! إنني إنسان خاطئ مهمل في روحياتي.. وإن قال له الشيطان: “أنت إنسان خاطئ، وأجرة الخطية هي موت”.. يجيبه: “وأين مراحم الله الذي يغفر للخطاة؟!”. فكانوا يتعجبون منه قائلين: “إن رفعناك، اتضعت، وإن وضعناك ارتفعت!!”

إنه واحد من المتعلمين الحرب. يعرف نوع السلاح الصالح لاستخدامه في كل نوع من أنواع الحروب.

الإنسان المتعلم الحرب, يعرف ضربات اليمين وضربات الشمال..

يعرف متى يصمت ومتى يتكلم؟ متى يأكل ومتى يصوم؟ يعرف الطريق الوسطي التي خلصت كثيرين. ومتى يقف في موقف سليم، بين الإفراط والتفريط.

يقول القديس بولس الرسول “في كل شيء وفي جميع الأشياء، قد تدربت أن أشبع وأن أجوع. أن استفضل وأن أنقص” (في 4: 12).

هناك أشخاص ليسوا فقط متعلمين الحرب، وإنما صاروا بالأكثر قادة في الحروب. يشرحون لغيرهم الطريق، ويرشدونهم فيه.

القديس مار أوغريس له كتاب عن محاربة الأفكار، يشرح فيه أنواع الأفكار: التي من الله، والتي من النفس، والتي من الشيطان. ويشرح طريق الرد علي كل فكر خاطئ مستخدما آيات الكتاب.

وثيؤفان الناسك له كتاب عن “الحروب الروحية”. والقديس يوحنا الأسيوطي له مقالات عديدة في هذا المجال. وكذلك مار اسحق، والشيخ الروحاني لهما ميامر كثيرة تحت عنوان “رؤوس المعرفة” يشرحان فيها معرفة الطريق الروحي، ويعلمان أولادهما الحرب.

والقديس الأنبا أنطونيوس كان يعلم أولاده ” الإفراز“.

أي التمييز والمعرفة، لكي يتعلموا الحرب. و في إحدى المرات قال لتلميذه القديس بولس البسيط الذي كان يسكن بجواره “اذهب واسكن إلي بعيدا في مغارة وحدك، لكي تختبر حروب الشياطين”. والقديس يوحنا الرسول يكتب لنا ويقول “لا تصدقوا كل روح. بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله” (1 يو 4: 1). وكذلك القديس بولس الرسول نصح الناس ألا ينخدعوا بحيل الشياطين ومناظرهم. “لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلي شبه ملاك نور.”

وكان هذا هو عمل المرشدين الروحيين وآباء الاعتراف:

يجلس معهم المبتدئ لكي يتعلم الحرب، ويميز الأرواح، ويفصل الجداء من الخراف” (مت 25: 32). ويعرف صوت الله من صوت عالي (1 صم 3: 4- 10). بل يعرف أيضًا الأحلام والرؤى: وهل هي من الله؟ أم من الشيطان؟ أم من مصدر آخر؟ ويعرف نوع السلاح الذي يستخدمه في كل حرب روحية..

الإنسان المتعلم الحرب، يتفادى السقوط. وإن سقط بسرعة. بل بسرعة يقوم. ولا يتكرر سقوطه. ويكتسب درسًا من كل سقطة.

كما قال أحد القديسين: “لا أتذكر أن الشياطين أطغوني في خطية واحدة مرتين”.. والتعلم الحرب له خبرات في الحيلة الروحية. لقد درس الطريق وعرف علاماته ومعالمه. ويستطيع أن يرشد غيره في الطريق.

الشيطان حيله كثيرة وماكرة. ولكنها مكشوفة أمام المتعلمين الحرب.

إنهم لا يجهلون حيله، بل يدركونها من بعيد مهما لبست ثياب الحملان (مت 7: 15). يعرفون وسائله وطرقه وأساليبه. ويستنتجون مواعيد هجومه. كل خططه مكشوفة أمامهم. مخابراتهم الحربية تدرك كل أعماله, وتعرف كل جنوده. هؤلاء هم المتعلمون الحرب, الذين يربطون الشيطان ويطردونه. ولا يكون له موضع فيهم.

والقديسون يتعلمون الحرب: لا بطول مدتها، وإنما بعمق خبرتها:

يتعلمون الحرب بالحرب, وبالتدقيق والحرص، وبالمعرفة والحكمة. وبما يكشفه لهم الرب. وبما يمتصونه من روح الآباء والمعلمين والمرشدين, بكثرة المشورة. وبما يأخذونه من التأمل. وبما يمنحهم الرب من حكمة نازلة من فوق (يع 3: 17).

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

آية (7): “هوذا تخت سليمان حوله ستون جباراً من جبابرة إسرائيل.”
تخت= تترجم هنا BED. وهنا التخت إشارة للصليب الذي نام عيه رب المجد مصلوباً، في الظاهر ضعف ولكنه كان قمة القوة في الحرب، وفيه انتصار على عدوه وعدونا الشيطان. ونسمع يعقوب في نبوته عن المسيح (تك9:49) يقول “جثا وربض كأسد وكلبوة” فالأسد هو المسيح المصلوب الذي جثا ولكنه جثا في قوة لأنه يحارب لذلك قيل وربض. ومعه عروسه اللبؤة التي قبلت الصليب معه، فالحرب والمعركة هي معركة مستمرة. والنفس التي قبلت أن تدفن مع المسيح تشترك معه في صليبه، وهو فيها سر جمالها وسر نصرتها، فهو يحارب فيها خلال رحلة هذا العالم. والمسيح جمعنا بصليبه حوله يملك علينا ويحارب فينا كستون جباراً= فنحن جبابرة به، هو يغلب إبليس فينا لحسابنا. ولكن علينا أن نحارب ونجاهد حتى الدم وحتى نغلب. ونلاحظ أن سفر العدد الذي أحصى الله فيه شعبه لم يعد النساء ولا الأطفال ولا الشيوخ بل رجال الحرب. ورقم 60= 12×5، 12= 3×4 فهم أبناء الملكوت الذين يملك الله (مثلث الأقانيم) عليهم في هذا العالم (4). والعهد القديم (12سبط) والعهد الجديد (12 تلميذ) ورقم (5) يشير [1] للنعمة، عمل المسيح الجبار المجاني الذي يعطيه لشعبه (معجزة الخم خبزات لإشباع 5000= 5×1000 شعب الله السماوي) [2] للمسئولية (5حواس +5 أصابع) والمعنى أن نعمل فتسندنا نعمة المسيح (الجهاد والنعمة). إذا جاهدنا بأن نمنع حواسنا من أن تتمتع بلذات العالم تنسكب نعمة المسيح فينا فنصير جبابرة. وتنقي الحواس وتدربها وتقدسها. وكما حولت النعمة 5 خبزات لكل هذا الطعام المشبع، هكذا تسند النعمة جهادنا فنصير جبابرة.
العدد 8:
آية (8): “كلهم قابضون سيوفاً ومتعلمون الحرب كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل.”
سيوفاً= الله أعطانا أسلحة (اف6) لتسند ضعف الجسد= الفخذ من هول الليل= هول الخطايا التي تأتي في الظلمة. فحربنا ليست مع لحم ودم.. (أف12:6) متعلمون الحرب= هذا عمل الروح القدس الذي يعلمنا ويذكرنا بكل ما قاله المسيح.

فاصل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى