يؤ 2: 29،28 ويكون بعد ذلك أنى أسكب روحي على كُل بشر

 

28« وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ أَنِّي أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ، فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ، وَيَحْلَمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَمًا، وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤًى. 29وَعَلَى الْعَبِيدِ أَيْضًا وَعَلَى الإِمَاءِ أَسْكُبُ رُوحِي فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، (يؤ 2: 29،28)

+++

تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي

إذ يرق الله لشعبه ويغير على ميراثه لا يبخل عليهم بشيء، وإنما يهبهم نفسه. إنه يعطيهم روحه القدوس فيهم بكونه سرّ تغييرهم الداخلي الجذري، إذ يقول: “ويكون (أي في آخر الأزمنة) أنيّ أسكب روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلامًا، ويرى شبابكم رؤى، وعلى العبيد أيضًا وعلى الإماء اسكب روحي في تلك الأيام” [29].

 إنه العطية العظمى التي قدمها الله للبشرية بعد أن هيأ لها بتقديم ذبيحة الفداء على الصليب. هذه العطية التي تمتعت بها الكنيسة في يوم الخمسين كما أعلن الرسول بطرس (أع 2: 14-21)، والتي قُدمت لكل بشر يتقدم إلى الله، هو عطية الله للبنين والبنات، أي بلا تمييز في الجنس من جانب. ومن جانب آخر انها تُعطي حتى لقليلي الخبرة، فهو الهبة المجانية من قبل الله لكل من يقبل!

وهو عطية الله للشيوخ الذين ترهلت حياتهم وأحسوا بالضياع، فيحول شيخوختهم الروحية إلى شباب متجدد في الرب مملوء رجاءً وفرحًا.

هو عطية الله للعبيد والإماء، تُعطي للذين يدركون أنهم عبيد فيحررهم واهبًا إياهم روح البنوة.

إنه عطية الله لبنى البشر… أي لجميع من يقبل!

أما عن عمل الروح القدس فينا فيكفي أن نذكر كلمات القديس باسيليوس الكبير: [بالروح القدس استعادة سكنانا في الفردوس.

صعودنا إلى ملكوت السموات.

عودتنا إلى البنوة الإلهية.

دالتنا لتسمية الله “أبانا”.

اشتراكنا في نعمة المسيح.

تسميتنا أبناء النور.

وبكلمة واحدة نوالنا ملء البركة في هذا الدهر وفي الدهر الآتي[33]].

يعلق القديس امبروسيوس على العبارة “أسكب روحي”، قائلاً: [انه لم يقل “أسكب الروح” بل “روحي Of  My Spirit” إذ لا نستطيع أن نتقبل كمال الروح القدس بل نتقبل قدرما يقسم سيدنا من عنده حسب إرادته (في 2: 6)[34]]، ولكن هذا لا يعني عدم سكنى الروح فينا، ولا أن ننال جزءًا منه إذ يحذرنا القديس اكليمندس الاسكندرى[35] من تجزئة الروح، إنما هو سرّ سكنى الروح القدس عاملاً فينا حسبما يريد الله لبنياننا، بطريقة إلهية فائقة.

تصاحب هذه العطية: “عجائب في السماء والأرض دمًا ونارًا وأعمدة دخان، تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يجىء يوم الرب العظيم” [30]… وكأن غاية هذه العطية العظمى هو الانطلاق بالكنيسة إلى يوم الرب العظيم لترى السماء والأرض تزولان، نور العالم ينطفيء ليبقى ما هو إلهي! بهذا يلتهب قلبها نحو الاتحاد بالله وحده الأبدي!

أخيرًا يختم نبوته عن الروح القدس بإعلان قبوله جميع القادمين إليه من كل الأمم، إذ يقول: “ويكون أن كل من يدعو باسم الرب ينجو” [32]. يفتح الله ذراعيه لكل من يدعوه سواء كان يهوديًا أو أمميًا، وكما يقول الرسول بولس: “لأن الكتاب يقول كل من يؤمن به لا يخزى، لأنه لا فرق بين اليهودى واليوناني، لأن ربًا واحدًا للجميع غنيًا لجميع الذين يدعون به، لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص” (رو 10: 11-13). وكما يقول بطرس: “لأن الموعد هو لكم ولأولادكم ولكل الذين على بعد كل من يدعوه الرب إلهنا” (أع 2: 39).

يقول القديس أغسطينوس: [كان اسم صانع السماء والأرض يُدعى قبلاً بين الإسرائليين وحدهم، أما بقية الأمم فكانوا يدعون الأوثان الخرس الصم التي لا تسمع، أو يدعون الشياطين التي تسمع ما هو لأذيتهم[36]]. أما الأن فقد صار الأمم يدعون اسم الله الحيّ بالروح القدس.

فاصل

تفسير القمص أنطونيوس فكري

هذه الآيات هي التي استخدمها بطرس الرسول (أع16:2-21) وهو استخدم الآيات (28-32) من هذا الإصحاح ليثبت لسامعيه أن حلول الروح القدس عليه وعلى باقي التلاميذ كان يوئيل النبي قد سبق وتنبأ عنه.فيتنبأ = معناها الآن أن نقبل إعلانات روحية جديدة لمنفعة كل الكنيسة. ونتكلم عن أسرار ملكوت السموات، وهذا ما لا يمكن إدراكه بالحكمة البشرية ويحلم شيوخكم = فالله يعلن ذاته للجميع. ولكن لاحظ:- يتنبأ بنوكم.. ويحلم شيوخكم = هذا ضد المنطق البشري. فالبنون صغار السن يحلمون بمستقبل زاهر وأيام سعيدة في المستقبل. والشيوخ كبار السن هم الذين يستطيعون التنبؤ وذلك بسبب خبرتهم وحكمتهم، ولكننا نسمع هنا العكس وذلك لأن الروح القدس يعطي حكمة للشباب، ويجدد حيوية الشيوخ فيحلمون. الله يهبننا روحه القدوس كسر تغيير داخلي، ويعطي الروح القدس للجميع بلا تمييز يعطيه للبنين والبنات الصغار فيملأهم حكمة ويعطيه بلا تمييز للجنس، البنات كالبنين ويعطيه للشيوخ فيتجدد شبابهم. وللعبيد = فيحررهم. بعد أن كان الروح القدس هو عطية للملوك والأنبياء ورؤساء الكهنة فقط في العهد القديم وفي (30) وأعطى عجائب = هنا يتكلم عن اليوم الأخير، وارتباط الآيات القادمة بما سبق، أن هذه العطية العظمى أي حلول الروح القدس غايتها الانطلاق بالكنيسة إلى يوم الرب العظيم، واعدادها لتكون عروساً للمسيح ليوم اللقاء هذا. وأن الروح القدس باقي في الكنيسة إلى هذا اليوم، الذي فيه السماء والأرض تزولان ولا يبقى سوى نور الله. والروح القدس الآن يلهب قلوبنا لنشتاق للاتحاد بالله وحده. وفي (32) الخلاص هو لكل من يقبل الله. والخلاص سيكون من داخل الكنيسة صهيون وأورشليم راجع      (رو11:10-13) كل من يدعو باسم الرب ينجو = أي يخلص. فالله الآن فاتحاً ذراعيه لكل إنسان يريد أن يرجع إليه ويؤمن به. وبين الباقين من يدعوه الرب = هنا يتكلم عن إيمان “البقية” أي إيمان الشعب اليهودي في أواخر الأيام.

فاصل

تفسير  أ.بولين تدري

يوم الرب يوم حلول الروح القدس:

“ويكون بعد ذلك أنى أسكب روحي على كُل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلاماً ويرى شبابكم رؤى. وعلى العبيد أيضاً وعلى الإماء أسكب روحي في تلك الأيام” (2: 28، 29).

 هذه نبوة عنْ يوم حلول الروح القدس على التلاميذ وكُل المجتمعين معهم، الروح القدس الذي استحقه المؤمنين كثمرة للخلاص الذي قدًمه السيد المسيح بذاته. وهذا هو الوعد الذي أعطاه الرب لتلاميذه قبل صعوده عنهم، إذ قال لهم: “وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن لا يبرحوا مِن أورشليم بل ينتظروا موعد الآب الذي سمعتموه منى. لأن يوحنا عمًد بالماء وأما أنتم فستتعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه الأيام بكثير” (أع1: 4، 5). وجاء هذا الوعد بعدما دينت الخطية بالصليب، وصرنا أبناء الله، واستحققنا حلول الروح القدس علينا.

في العهد القديم، الروح القدس كان يحل على ثلاثة فئات فقط مِن الشعب، الملوك والأنبياء والكهنة، وذلك عنْ طريق دهنهم بدُهن المسحة. أما في العهد الجديد صار الروح القدس عطية لكُل المؤمنين الرجال والنساء والأطفال والشيوخ العبيد والإماء، كما قال بولس الرسول: “أما الان فإطرحوا عنكم أنتم أيضاً الغضب السخط الخبث التجديف الكلام القبيح مِن أفواهكم. لا تكذبوا بعضكم على بعض إذ خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله ولبستم الجديد الذي يتجدًد للمعرفة حسب صورة خالقه. حيث ليس يونانى ويهودي ختان وغرلة بربرى سكيثي عبد حر بل المسيح الكُل وفى الكُل” (كو3: 8- 11).

** ونستحق حلول دوام عمل الروح القدس فينا، إذا:

# داومنا على تقديم توبة نقية للرب، مثلما جاء في (يؤ1: 13، 14).

# انتظار الخلاص من الرب ونحن مؤمنين أنه لا بد أن يُخلٍص الذين التجأوا إليه، كما جاء في (يؤ2: 18-27).

# الإيمان الكامل بوعد الرب لنا بالامتلاء مِن الروح القدس.

فاصل

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى