يو٣: ٣ إن كان أحد لا يُولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت اللَّه
“1كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ، رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. 2هذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ:«يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللهِ مُعَلِّمًا، لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللهُ مَعَهُ». 3أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ». 4قَالَ لَهُ نِيقُودِيمُوسُ:«كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟» 5أَجَابَ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. 6اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ. 7لاَ تَتَعَجَّبْ أَنِّي قُلْتُ لَكَ: يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ. 8اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ».” (يو3: 1-8)
+++
تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي
“أجاب يسوع وقال له:
الحق الحق أقول لك
إن كان أحد لا يُولد من فوق (جديد)
لا يقدر أن يرى ملكوت اللَّه”. (3)
اعتبر نيقوديموس صنع الآيات دليلاً على أن يسوع هو من عند الله. فقد كان الربيون يربطون بين التقوى وعمل الآيات. ولم يكن نيقوديموس قادرًا أن يتعدى هذه الحدود ليدرك حقيقة شخص يسوع المسيح، فرآه معلمًا تقيًا، رجل الله، يتمتع بمعية الله، كما تمتع يعقوب حيث قال له الرب: “لا تخف لأني معك” (تك 26: 24). ويشوع بن نون: “كما كنت مع موسى أكون معك” (يش 1: 5) وكثير من الآباء والأنبياء لم يستطع نيقوديموس بفكره الفريسي مع تقواه أن يتعدى هذه الحدود. هذا هو ما تعلمه، وهذا هو ما كان يعيشه في الجو اليهودي.
جاء حديث السيد المسيح معه يبرز النقاط التالية:
أ. الحاجة الماسة إلى ميلادٍ جديدٍ لمعاينة عالمٍ جديدٍ في داخله “مـلكوت الله” (٣). لذلك دعيت ولادة جديدة أو ولادة ثانية، كما جاءت في الترجمات القبطية والسريانية واللاتينية، وكما استخدمها كثير من آباء الكنيسة الأولى، مثل القديسين يوستين واكليمنضس السكندري، وترتليان، والقديسين أغسطينوس وجيروم. وقد فهم نيقوديموس كلمات السيد المسيح أنها تدعوا إلى “ميلاد جديد”، لهذا وقف في حيرةٍ وعجز: كيف يمكن لشيخ أن يدخل بطن أمه ليولد من جديد؟
ب. أن تكون الولادة من فوق، أي سماوية (٣). إذ هو عمل خاص بروح الله القدوس السماوي، يهب إمكانيات سماوية إلهية تتجاوز الفكر البشري.
ج. تتحقق بالعماد من الماء والروح (٥).
د. ولادة تحمل قوة فائقة كالريح ولا يُعرف سرها (٨).
كان تكرار كلمة “الحق” في الكتابات اليهودية يُحسب معادلاً لقسم له قدسيته العظمى. استخدمه السيد المسيح عندما كان يشير إلى أمرٍ له خطورته الكبرى.
في لطف ينتهره السيد المسيح معلنًا له أنه لا يكفي للشخص أن يؤمن بأن يسوع هو معلم إلهي، ولا أن يُعجب من آياته بكونها آيات صادقة وفريدة، لكن الحاجة هي إلى ولادة “من فوق“، أي سماوية، لكي يعاين ما هو سماوي. فالجنين في بطن أمه لا يقدر أن يرى العالم، ولا يحمل أية خبرات فيه، ما لم يولد من رحم أمه. هكذا لا يستطيع الإنسان أن يعاين ملكوت الله، ولا أن يحمل خبرات السماء، ما لم يولد ثانية من فوق ليرى نور العالم الجديد ويعيش فيه.
بقوله “يرى” يؤكد السيد المسيح أنه يليق بالمؤمن الحقيقي الذي يتمتع بالميلاد الجديد السماوي ألا يعتز بهذا الميلاد دون أن يرى ملكوت الله داخله ويعيشه، أي يصير له الفكر السماوي والروح العلوية والمبادئ اللائقة بناموس السماء، وأهداف جديدة ورجاء جديد وإمكانيات جديدة.
بالميلاد الجديد يبدأ المؤمن حياة جديدة تمامًا، لا تقوم على تصليح كيان الإنسان، بل هدم القديم وبناء الجديد، إماتة الإنسان العتيق وقيامة الإنسان الجديد الذي على صورة خالقه.
بميلادنا الأول أفسدتنا الخطية وشكَّلت أعماقنا حسب هواها، فصرنا جسدانيين، يسيطر علينا ناموس شهوات الجسد، وتسحبنا محبة العالم، ويتحكم فينا عدو الخير، فأصبح الميلاد الجديدضرورة لا مفر منها. لهذا يقول السيد: “الحق الحق أقول لكم“.
ما هو ملكوت الله الذي يليق بنا أن نراه على الدوام سوى ملكوت المسيا السماوي، الساكن فينا، يقيم مملكته في داخلنا. نراه ونحيا به ونشاركه سماته، فنصير قديسين كما هو قدوس. هذا هو ملكوت الله الحاضر في حياتنا في متناول يدنا، كما أعلن السيد المسيح نفسه: “توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات” (مت 4: 17). كما قال: قد أقبل عليكم ملكوت الله” (مت 12: 28)، وأكد لنا: “ملكوت الله داخلكم” (لو 17: 21). أما عن وضعنا في هذا الملكوت فهو أنه “جعلنا ملوكا وكهنة لله أبيه” (رؤ 1: 6، 9؛ 5: 10). يصبغ علينا هذا الملكوت شركة سمات ربنا يسوع، إذ أن ملكوت الله “ليس أكلاً وشربًا، بل هو برّ وسلام وفرح في الروح القدس” (رو 14: 17).
هذا الملكوت هو عربون الملكوت الأبدي، ينقلنا إلى السماء لنشتاق للدخول في شركة المجد العجيب يوم مجيء الرب. إنه يرفع فكرنا، ويصوب أنظارنا الداخلية نحو مجيء الرب الأخير والتمتع بالأكاليل السماوي.
v الآن كأن ما يقوله هو هكذا: “إن لم تولد من جديد، إن لم تشترك في الروح بجرن التجديد لا تستطيع أن يكون لك فكر سليم عني، لأن رأيك في جسدي لا روحي (تي 3: 5)… كلمة “من جديد” (أو من فوق) هنا يفهمها البعض بمعنى “من السماء“، ويفهمها آخرون “من الأول”. يقول المسيح:” إنه من المستحيل أن أحدًا ما لا يولد هكذا أن يرى ملكوت الله”؛ هنا يشير إلى نفسه (المسيح)، ويعلن أننا في حاجة إلى عيون أخرى بجانب العيون الطبيعية لترى المسيح.
تفسير الأب متى المسكين
3:3 – فَقَالَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللَّهِ»
يلاحظ القارىء اللبيب أن المسيح هنا لا يجاوب على كلام نيقوديموس بل أجاب على أفكاره, وهنا أيضاً يلزم أن نلفت نظر القارىء أن يتمعن لماذا قبل أن يدخل القديس يوحنا في سرد قصة نيقوديموس، قال عن المسيح وهو يقصد ما يقول «لأنه علم ما كان في الإنسان».
وهكذا وباختصار بالغ يقول القديس يوحنا «أجاب يسوع» فهو يجيب على استسفار نيقوديموس كاشفاً أمام القارىء كيف أن المسيح علم ما كان يجول في فكر هذا الفريسي، وكيفر بحذق المعلم الإلهي يقود السائل المتخفي وراء الألفاظ المنمقة إلى الحقيقة التي يسعى إليها. فنيقوديموس لم يرتقي بتفكيره ولا إلى لحظة لكي يدرك من هو المسيح الذي يتكلم معه على حقيقته، ولكن كان يدور ويلف عسى أن ينال منه معرفة تنفعه وليس إيماناً يعيشه. وكان كل همه أن يزداد معرفة على المعرفة التي عنده والتي يعتز بها أيما اعتزاز! واذ بالرب يرد على أفكاره موضحاً أنه ليس عنده، ولا هو على استعداد، أن يقول أو يعمل شيئاً على ذي قديم، ولكن عمله أن يخلق جديداً، يخلق بدءاً جديداً!! فملكوت الله التي يتمناها نيقوديموس لا يمكن أن يراها، بمعنى أن يعرفها معرفة الرؤيا، إلا إذا وُلد جديداً.
«الحق الحق»: هذه البادئة في الكلام عند المسيح تفيد التوكيد أول ما تفيد, ثم تهيىء ذهن السامح والقارىء ليستعد لقبول معرفة جديدة وصعبة نوعاً ما أو أمراً قد أُشكل على الدنيا معرفته سابقاً، وهو بصدد حل هذا الإشكال حلاً نهائياً وجذرياً. فهي بادئة تفيد في الغالب فكراُ جديداً يحمل تعليماً إلهياً يمتد بفكر الإنسان خطوة إلى الأمام والى أعلى، وسيكررها المسيح مرتين في هذا الأصحاح.
«يولد من فوق»: «من فوق» تُترجم أيضاً «من جديد, ثانية» وقد اختلفت المخطوطات القديمة في ترجمتها. فالترجمة اللاتينية ( ) أي يولد ثانية، والترجة القبطية والترجمة السريانية، أخذت بالولادة «الثانية – من جديد» وقد تمشى مع هذه الترجمة كل من الشهيد يوستين، واكلمدنس السكندري، وترتوليان، وكذلك أغسطين وجيروم ومعظ الكتاب المحدثين.
وبعض الشراح ارتأوا أن يتركوا ذلك لحرية المترجم طالما هي تحتمل أكثر من ترجمة أصيلة مثل العالم «باريت». ولكن إذا عدنا لإنجيل القديس يوحنا نفسه وفحصنا اتجاهه الذي يرجحه في المواضع التي ذُكرت فيها هذه الكلمة (31:3, 11:19و23) وتعاليمه عن الولادة من الله (13:1, 1يو29:2, 9:3, 7:4, 1:5)، نتحقق أن المعنى المرجع هو «الميلاد من فوق» معتبراً أنها حادث يبدأ وينشأ من السماء ويتم للانسان بقوى إلهية تفوق فهم وفحص وضبط الإنسان. ولكن لا ننسى أن فهمها عل أساس الميلاد الثاني هو من صميم الكتاب المقدس أيضاً في هذه المواضع (ابط3:1و23, تىطس 5:3).
ولكن الملاحظ أن نيقوديموس فهمها أنها ولادة ثانية, من جديد، هذا تبادر إلى ذهنه فورا كيف يدخل بطن أمه من جديد!!
«لا يقدر أن يرى ملكوت الله»: ما يقصده المسيح أنه بهذه الولادة من فوق، أي الفائقة عل قدرات الإنسان، يدخل الإنسان في اتصال بالوجود الجديد الفوقاني, أي ملكوت الله, وذلك بكل يقين عن طريق قدرات جديدة ومواهب جديدة. وبدون هذا الدخول في محيط الوجود الجديد, الولادة من فوق, لا يستطيع أن يرى، أي يتعرف عل هذا الملكوت!
وواضح الكلام أننا في آدم خرجنا من حضرة الله مطرودين وحُرمنا من رؤيته، فبإمكانياتنا الجسدية التي ورثناها من أدم وقع علينا الحكم الذي وقع على آدم وهو الخروج من دائرة الله وعدم رؤيته. لذلك فلكي نعود ونرى الله، مجرد رؤية، يلزم أن نولد ولادة أخرى ليست من آدم وهي حتمأ وبالضروره من فوق, من الله, حتى بهذه الإمكانيات الجديدة نعود ونرى الله.
«لا يقدر»: أي لا يضب قوة عل الاتصال بملكوت الله سواء كان بالرؤية أو حتى التمتع بالتأمل، والسبب هو العجز الروحي الناتج عن الفساد الأخلاقي الذي جعل الجسد لا يقوى على اللحاق بمطالب الروح ومستواها؛ لأن رؤية الإنسان الطبيعي, الجسدي, محصورة في حدود الطبيعة, الجسديات, فإذا أراد الإنساذ أذ يرى ما فوق الطبيعة, الروحيات, فلابد له من المثيل, الميلاد الروحي, أي ما فوق الطبيعة, «ملكوت الله داخلكم», لتواجه المثيل مع المثيل. هذا هو عمل الله الفائق في روح الإنسان ليمنحه ما هو منه خاصة ليراه أو يحيا معه.
والذي يلزم أن ننتبه إليه هنا هو القول القاطع المانع الذي وضعه الرب بالنسبة لمحاولة التطلع إلى ملكوته «لا يقدر»، بمعنى أنه محال على الإنسان أن يرى الله هنا أو هناك دون أن ينال من الله هنا المؤهلات الإلهية التي تجعله يراه كما هو: «ايها الأحباء الآن نحن أولاد الله (الميلاد من فوق) ولم يظهر بعد ماذا سنكون، ولكن نعلم أنه إذا اُظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو» (1يو2:3)
«ملكوت الله»: يذكرها الفديس يوحنا في إنجيله مرتين فقط وهما اللتان جاءتا متتابعتين في هذه الأية والآية (5)، وقد استعاض عن هذا الإصطلاح بإصطلاح آخر وهو الحياة الآبدية عل مدى إنجيله ورسائله. وقد جاء كثيراً اسم «ملكوت الله» في الأناجيل الأخرى، وأيضا باسم «ملكوت السموات».
والاسم أصلاً عبراني مستخدم في العهد القديم. وهو يعبر في الأدب العبري عن «امتلاك الله»، أو «تدبير وادارة الله»، والله هو الملك الآزلى والأبدي: «الرب قد ملك فلتبتهج الأرض… العدل والحق قاعدة كرسيه» (مز1:97-2)، «الرب قد ملك، ترتعد الشعوب» (مز1:99) وكان من المفروض أن تكون مملكة الله على الأرض منظورة وواضحة، ولكن لأن «الشعوب, الأمم» لا تعبده، لذلك اقتصر على إسرائيل. فإسرائيل, كانت, هي مملكة الله المنظورة على الأرض «الرب عظيم في صهيرن». ولكن لا يزال الله ينتظر خضوع الشعوب وذلك «في يوم الرب».
ولكن نشأ في الفكر العبري إحاس طاغ بأن «ملكوت الله» له معنى روحي أعمق من مظاهر العبادة والمعاملات الطبيعية، وأنه «ملكوت غير منظور» في عمق هذه الحياة التي نحياها؛ ثم ظهر في أيام المسيح إحساسى أخر بأن «ملكوت الله» له معنى «أخروي» أي ينكشق إلا في غيبة النظام الحاضر للعالم.
أما في العهد الجديد وبالمعنى المسيحي، فقد انبرى ملكوت الله ليأخذ الصدارة في كل تعاليم المسيح ووصاياه وأمثاله كغاية عظمى للانسان في كل حياته وجهاده ومسعاه. لقد كان أول من نادى به بهذا المعنى هو المعمدان (مت2:3)، وكرز به المسيح أول ما كرز(مت17:4).
وقد صفى المسيح ونقى معنى الملكوت على المستويين الديني والأخلاقي, وحدد الصفات التي يتطلبها الله لداخلي ملكوته ومنها الأتي:
+ التخلي عن كل ضروريات الحياة إذا تعارضت مع الملكوت حتى الأسرة (لو29:18)
+ الإستغناء عن أعز ما للجسد إذا تعارض مع الملكوت، حتى العين واليد والرجل (مر47:9)
+ السهر والمثابرة وربط القلب والفكر بهذه الغاية العظمى (مت1:25-13).
+ الحرمان المؤكد لذوي البر الذاتي الذين يزكون أنفسهم (مت11:8).
+ استحالة دخول الأغنياء المتكلين على أموالهم (مر23:10).
+ الملكوت من نصيب المتواضعين والذين لهم روح الطفولة (مت3:5, مر15:10, يو3:3-5)
وفي كل مثل من الأمثلة التي قدمها المسيح عن ملكوت الله كان يتصحح ويتحدد ويتجلى ويتضح معناه أكثر فأكثر.
تفسير القمص أنطونيوس
آية (3): “أجاب يسوع وقال له الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله.”
هنا المسيح لا يرد على كلام نيقوديموس بل على أفكاره (يو24:2) فنيقوديموس كان يسعى وراء معرفة يزدادها من المسيح. والمسيح كلمه عن إيمان يحتاجه، نيقوديموس يريد أن يبني على معلوماته القديمة معلومات جديدة يتباهى بها، والمسيح يقول بل هناك شئ جديد ينبغي أن يولد، هناك ولادة جديدة وليس مجرد إضافة. حتى ولا يكفي إعجابك بالمعجزات التي رأيتها.
الحق الحق= تفيد التوكيد، وأن ما سيقال هو شئ جديد أو غريب على أسماعهم، وهو شئ هام. يولد من فوق= أي من السماء (وتترجم يولد ثانية). وهذا حادث يتم للإنسان بقوة إلهية تفوق فهم الإنسان. وهي تعني أننا صرنا أولاداً لله، وذلك بإتحادنا بالمسيح الإبن. فنصلي “أبانا الذي في السموات”. يرى ملكوت الله= بهذه الولادة يتصل الإنسان بالوجود الفوقاني أي ملكوت الله، لأننا بخطية آدم فقدناها.
لا يقدر= حتى على التأمل في السماويات بسبب العجز الروحي الراجع للخطية. ملكوت الله= قالها يوحنا هنا وفي آية (5) ثم أصبح يطلق عليها الحياة الأبدية وهو يعني أن الله يملك على كنيسته بقوة منذ الآن ويتمم إرادته ومشيئته في أولاده الذين يملكونه على قلوبهم. ولكن ملكوته هذا سيستعلن بشكل جديد في الزمن الآتي حين يتلاشى الشر تماماً ونحيا في ميراث المجد العتيد. (هذا الفهم لملكوت الله لن يفهمه سوى المولود من فوق، أما اليهود فيطلبون ملكاً أرضياً).