تفسير رسالة تيطس أصحاح ٣ للقمص أنطونيوس فكري
تفسير رسالة تيطس – الإصحاح الثالث
يتحدث الرسول هنا عن العلاقات مع الغير خاصة مع الرئاسات الحاكمة.
آية 1 :- ذكرهم أن يخضعوا للرياسات و السلاطين و يطيعوا و يكونوا مستعدين لكل عمل صالح.
ذكرهم = أي أن ما جاء بالرسالة ليس بالأمر الجديد إذ سبق هو وعلمهم إياه. وقول الرسول هنا فيه يرد علي إشاعات اليهود والوثنين أن الكنيسة تقيم دولة داخل الدولة، وان الكنيسة تعصي قوانين الدولة. لهذا أيضا طلب المسيح دفع الجزية وقال أعط ما لقيصر لقيصر.
آية 2 :- و لا يطعنوا في أحد و يكونوا غير مخاصمين حلماء مظهرين كل وداعة لجميع الناس.
لا يطعنوا في أحد = لا يتكلموا علي أحد بالسوء، ليس عملنا هو البحث عن أخطاء الغير والطعن فيهم، وإنما الحب يستر أخطاء الغير غير مخاصمين = في الإنجليزية مشاغبين فالمطلوب ألا يهاجموا أحد أو يعتدوا علي أحد بل يظهروا وداعة لكل أحد. حلماء = كأبناء لله طويل ألاناة فالحب بكل أثاره هو سمة المسيحي الحقيقي بغض النظر عن شر الناس المحيطين به.
آية 3 :- لأننا كنا نحن أيضا قبلا أغبياء غير طائعين ضالين مستعبدين لشهوات و لذات مختلفة عائشين في الخبث و الحسد ممقوتين مبغضين بعضنا بعضا.
كان هذا هو حالنا قبل عمل النعمة فينا، ضعفاء ساقطين. فلماذا نحن لا نحتمل ضعفات الآخرين الآن، لكن علينا أن نصلي ليعطيهم الله نعمة، بل لو تخلت عنا نعمة الله لصرنا أسوأ الناس. ولكن بالمعمودية حصلنا علي إنساننا الجديد وصارت لنا إمكانية الحياة الجديدة النامية.
آية 4 :- و لكن حين ظهر لطف مخلصنا الله و إحسانه.
ما حصلنا عليه كان بفضل النعمة الإلهية. ومن ناحية أخري ليس لي أن احتج بضعفي لأن النعمة قادرة أن تهبني الحب وكل فضيلة سماوية.
آية 5 :- لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني و تجديد الروح القدس.
غسل الميلاد الثاني = المعمودية. تجديد الروح القدس = هذه أكبر النعم التى يحصل عليها الإنسان، أن الله يرسل روحه القدوس فيسكن فينا ويرافقنا ويسندنا ويهيئنا للعرس السماوي خلصنا = إذاً لا يمكن التمتع بالخلاص خارج المعمودية يو 3 : 3. ولا يفهم من قوله خلصنا أي أن كل من إعتمد قد ضمن الخلاص فالروح القدس يكمل العمل بأن يجدد، وهناك من يتجاوب مع الروح القدس وهناك من يقاومه فيحزنه ويطفئه فلا يتجدد وبالتالي يفقد فرصة الخلاص. نحن سائرون في طريق الخلاص حتي النفس الأخير. فالمعمودية تغفر كل خطايانا فإن مات أحد بعد المعمودية يخلص، ولكن حياتنا بعد المعمودية طويلة إما نُغِلب ونتجدد وإما نُغلَب ونهلك لذلك نسمع كثيراً في سفر الرؤيا من يغلب يأخذ كذا وكذا.
آية 6 :- الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا.
الروح القدس حل علي المسيح يوم عماده لحسابنا، فصار يحل علينا نحن جسده.
آية 7 :- حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية.
حتي إذا تبررنا = تبررنا أي نحيا في بر، وهذا يعطيه الروح القدس الذي “يبكت علي بر” حتي نصنع البر، ومن يفعل البر يفعله بمعونة الروح فيخلص ” فالروح يعين ضعفاتنا” (رو8: 26).
آية 8 :- صادقة هي الكلمة و أريد أن تقرر هذه الأمور لكي يهتم الذين آمنوا بالله أن يمارسوا أعمالا حسنة فإن هذه الأمور هي الحسنة و النافعة للناس.
يتضح هنا أهمية الأعمال للخلاص، فمن يجاهد، ليعمل أعمال صالحة، يعطيه الروح القدس بر المسيح كحياة فيخلص.
صادقة هي الكلمة = هي أية 7 الكلمة هي ما ذكر في آية 7.
آية 9 :- و أما المباحثات الغبية و الأنساب و الخصومات و المنازعات الناموسية فإجتنبها لأنها غير نافعة و باطلة.
الرسول مهتم بأن ننشغل بالأعمال الصالحة التى للبنيان ولا نضيع طاقاتنا في المناقشات الغبية مع المقاومين والمبتدعين وذلك تحت دعوي الدفاع عن الحق. الرسول يود أن لا يضيع الوقت في مثل هذه المهاترات. المباحثات الغبية = أى المناقشات التي لا تقوم علي أساس التعرف بالحق أو تذوقه بل لمجرد التعصب و إبراز القدرة علي الكلام والإقناع. وهناك كثيرون يناقشون لغرض المناقشة وليس للبنيان. الأنساب = اليهود يضيع منهم الوقت في البحث عن نسبهم لإبراهيم أو داود أو غيرهم من الأباء، واليونان مهتمين بانتسابهم للآلهة الخصومات = المناقشات مع الهراطقة، والرسول يود ألا نتعب فيها بغير جدوي، دون أن نجني منها شيئاً، لأنها تنتهي إلي لا شئ. لأنه إن صمم إنسان جاحد علي عدم تغيير رأيه مهما حدث، فلماذا تتعب نفسك وتزرع علي الصخر، مع أنه كان يليق بك أن توجه مجهودك لمن يستفيد به، فإذ يتصلف الإنسان في عناده يليق بنا ألا نجادله بعد بل نعرض عنه. المنازعات الناموسية = النابعة من شروحات التلمود مثل السؤال الذي قدم للمسيح ” أي وصية أعظم في الناموس ” وكان من أسئلتهم الناموسية هل لو وضعت دجاجة بيضة يوم سبت هل يجوز أكلها.
آية 10 :- الرجل المبتدع بعد الإنذار مرة و مرتين إعرض عنه.
المبتدع = أي الهرطوقي الذي يثير تحزبات في الكنيسة.
آية 11 :- عالما أن مثل هذا قد إنحرف و هو يخطئ محكوماً عليه من نفسه.
محكوماً عليه من نفسه = مثل هذا يكون ضميره غير مستريح، ولكنه يعاند بإصرار فهو حكم علي نفسه بضميره، ولكن يعاند ليكسب ماديا.
آية 12 :- حينما أرسل إليك أرتيماس او تيخيكس بادر أن تأتي إليَ الى نيكوبوليس لأني عزمت أن أشتي هناك.
طلب الرسول تلميذه تيطس أن يأتي إليه ليزوده بالنصائح علي أن يحل محله في الرعاية ارتيماس أو تيخيكس، ليرعوا كنيسة كريت.
آية 13 :- جهز زيناس الناموسي و أبلوس بإجتهاد للسفر حتى لا يعوزهما شيء.
ربما سيسافران (زيناس أو ابلوس) إلى بولس، وهو يطلب أن يجزل لهما تيطس العطاء فيسافرا فى يسر، ويتعلم الكل العطاء بسخاء خاصة فى الخدمة.
آية 14 :- و ليتعلم من لنا أيضا أن يمارسوا أعمالا حسنة للحاجات الضرورية حتى لا يكونوا بلا ثمر.
ينهى الرسول رسالته بالإهتمام بالأعمال الصالحة وهنا يكررها للأهمية
آية 15 :- يسلم عليك الذين معي جميعا سلم على الذين يحبوننا في الإيمان النعمة مع جميعكم آمين.
النعمة مع جميعكم = صلاة لأجلهم