تفسير يشوع بن سيراخ 49 للقمص أنطونيوس فكري
الآيات (1-19):- “ذِكْرُ يُوشِيَّا مِزَاجُ طِيبٍ، قَدْ عُبِئَ بِصِنَاعَةِ الْعَطَّارِ. فِي كُلِّ فَمٍ يَحْلُو كَالْعَسَلِ، وَهُوَ كَالْغِنَاءِ فِي مَجْلِسِ الْخَمْرِ. أُقِيمَ لِيَتُوبَ الشَّعْبُ عَلَى يَدِهِ؛ فَرَفَعَ أَرْجَاسَ الإِثْمِ. وَجَّهَ قَلْبَهُ إِلَى الرَّبِّ، وَفِي أَيَّامِ الأُثَمَاءِ وَطَّدَ التَّقْوَى. كُلُّهُمْ أَجْرَمُوا مَا خَلاَ دَاوُدَ وَحِزْقِيَّا وَيُوشِيَّا. تَرَكُوا شَرِيعَةَ الْعَلِيِّ. ارْتَدَّ مُلُوكُ يَهُوذَا. دَفَعُوا قَرْنَهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ. وَمَجْدَهُمْ إِلَى أُمَّةٍ غَرِيبَةٍ. أَحْرَقُوا بِالنَّارِ مَدِينَةَ الْقُدْسِ الْمُخْتَارَةَ، وَخَرَّبُوا طُرُقَهَا عَلَى يَدِ إِرْمِيَا. فَإِنَّهُمْ أَسَاءُوا إِلَيْهِ، وَهُوَ قَدْ قُدِّسَ فِي جَوْفِ أُمِّهِ نَبِيًّا، لِيَسْتَأْصِلَ وَيُسِيءَ وَيُهْلِكَ، وَأَيْضًا لِيَبْنِيَ وَيَغْرِسَ. وَرَأَى حِزْقِيَالُ رُؤْيَا الْمَجْدِ، الَّتِي أَرَاهُ إِيَّاهَا بِمَرْكَبَةِ الْكَرُوبِينَ. أَنْذَرَ الأَعْدَاءَ بِالْمَطَرِ، وَوَعَدَ الْمُسْتَقِيمِينَ فِي طُرُقِهِمْ بِالإِحْسَانِ. لِتُزْهِرْ عِظَامُ الأَنْبِيَاءِ الاِثْنَيْ عَشَرَ مِنْ مَكَانِهَا؛ فَإِنَّهُمْ عَزَّوْا يَعْقُوبَ، وَافْتَدَوْهُمْ بِإِيمَانِ الرَّجَاءِ. كَيْفَ نُعَظِّمُ زَرُبَّابِلَ؟ إِنَّهُ كَخَاتَمٍ فِي الْيَدِ الْيُمْنَى. كَذلِكَ يَشُوعُ بْنُ يُوصَادَاقَ؛ فَإِنَّهُمَا فِي أَيَّامِهِمَا بَنَيَا الْبَيْتَ، وَرَفَعَا شَأْنَ الشَّعْبِ الْمُقَدَّسِ لِلرَّبِّ الْمُهَيَّإِ لِمَجْدٍ أَبَدِيٍّ. وَنَحَمْيَا يَكُونُ ذِكْرُهُ طُولَ الأَيَّامِ؛ فَإِنَّهُ أَقَامَ لَنَا السُّورَ الْمُنْهَدِمَ، وَنَصَبَ الأَبْوَابَ وَالْمَزَالِيجَ وَرَمَّ مَنَازِلَنَا. لَمْ يُخْلَقْ عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ مِثْلَ أَخْنُوخَ، الَّذِي نُقِلَ عَنِ الأَرْضِ. وَلَمْ يُولَد رَجُلٌ مِثْلُ يُوسُفَ، رَئِيسِ إِخْوَتِهِ وَعُمْدَةِ الشَّعْبِ. عِظَامُهُ افْتُقِدَتْ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ تَنَبَّأَتْ. سَامٌ وَشِيثٌ مُمَجَّدَانِ بَيْنَ النَّاسِ، وَفَوْقَ كُلِّ نَفْسٍ فِي الْخَلْقِ آدَمُ.”
يوشيا ملك قديس. مزاج طِيِب= أطياب ممزوجة معًا. قد عبئ بصناعة العطّار= العطّار هو الروح القدس الذي يملأ الإنسان فضائل كأنه يمزج طيبًا. ويضرب بيوشيا المثل في التقوى. وفي (5) يذكر أفضل ملوك يهوذا داود وحزقيا ويوشيا. هو كالغناء في مجلس الخمر= في الولائم التي يشربون فيها خمر يحلو الغناء والموسيقي وهكذا يحلو دائمًا ذكر يوشيا. ولكن أتى أبناء يوشيا الأشرار وكانوا سببًا في تسليم أورشليم ليد بابل لتدمرها على يد إرمياء= إرمياء كان قد أخبرهم بنتيجة شرورهم، وكان شاهدًا على صدق رسالته، ورثاها في مراثيه. خربوا طرقها= فما عاد أحد قادرًا أن يعيش في هذه المدينة. ويأتي الدور على حزقيال الذي أنذر الأعداء بالمطر= ليس المطر بمعنى الأمطار التي تروي الزروع، ولكن إنهمار الويلات على الأشرار. وبقية الآية تشرح المقصود= ووعد المستقيمين في طرقهم بالإحسان. وقد تعني أنذر الأعداء بالمطر أي أنذر الأشرار بامتناع المطر وبالتالي المجاعة (حز4: 16، 17 + 5: 16، 17 + 6: 11، 12 + 7: 15) وحزقيال أيضًا هدد بمطرٍ جارف مدمر (سي 13: 11، 13)
لتزهر عظام الأنبياء= (راجع تفسير سي 46: 14). أما زربابل ويشوع بن يوصاداق= هما من قاموا ببناء الهيكل ثانية بعد العودة من السبي.
يوسف… عظامه افتقدت وبعد موته تنبأت = أي تحققت نبوته برجوع الشعب لأرض الميعاد برجوع عظامه لأرض الميعاد “وأخذ موسى عظام يوسف معه، لأنه كان قد استحلف بني إسرائيل بحلف قائلا: إن الله سيفتقدكم فتصعدون عظامي من هنا معكم” (خر13: 19).
وفي نهاية حديثه في هذا الإصحاح يرسل ابن سيراخ تحية للآباء الأوائل سام وشيث ثم آدم.