فرد أم عضو

 

 الشـباب فى الكنيسة ليس كماً مهملاً مهمشاً.. فهـم نصـف الحاضـر.. وكـل المسـتقبل, وهـم شـريك فـى كـل شئ، كعضو حى فى جسـد واحـد كبيـر يتسـع ليضـم “بالمعموديـة والافخارسـتيا” كل المـؤمنين بربنـا يسـوع من آدم إلى آخر الـدهور.. الإنسان فى الكنيسة لـيس ترساً فى آلة كبيرة كما ينظر إليه الماديون ولكنه عضو حى فى جسد حىّ.  

  • فرد، أم شخص، أم عضو

بالمعمودية والميرون يتخلـى الإنسـان عـن “فرديتـه” ويصـير عضواً  فــى جسد المســيح الكنيســة، وشخصاً حياً متفاعلاً وفاعلاً.
 فالفرد: يستقل بذاته وهو منفصل عن غيره.
 أما العضو: فهو متكامل مع بقية الأعضاء، لتكوين الجسد الواحد.
 والشخص: “prosopon” (تجاه = Pro، الآخر = sopon) أى أن الإنسان لا يكون شخصاً إلا حينما “يتفاعل مع آخر ويتكامل معه.. لهذا تأتى وحدة الأعضاء فى جسد واحد، (الكنيسة) كما تأتى فى نفس السياق وحدة سر الزيجة، داخل الجماعة الكنسية.

 

  • نحن أعضاء بعضا ً لبعض

َ هذا ما ذكره معلمنا بولس حين قال: ” فَإِنَّهُ كَمَا فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ لَنَا أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَلكِنْ لَيْسَ جَمِيعُ الأَعْضَاءِ لَهَا عَمَلٌ وَاحِدٌ، 5هكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ.(رو 5،4:12). هذا التشبيه الجميل للكنيسة أنها جسد المسيح، فالمسيح هو رأس هذا الجسد، والأعضاء نوعان: السماوية فى الفردوس، والأرضية التى تجاهد فى هذا العالم. ولاشك أن أصغر عضو فى الجسد، متصل بالرأس: السيد المسيح. تماماً كما نرى المخ، فى الجسد الإنسانى، ومن خلال شبكة الأعصاب، يتصل به أصغر أصبع فى القدم.
الاعضاء السمائية: هــــم القديسـون، قلـب الكنيسـة، وقـدوتنا، وشــفعائنا.. وفى الجسد الإنسـانى هم يشبهون القلب.
الأعضاء الأرضية: فالأصـبع الصغير فى القدم متصل بالرجل كلها وبالجسـد كلـه.. أى أنـه متفاعـل مـع بقيـة أخوتـه المـؤمنين.. ويعـيشِ فى شركة مستمرة معهم من خلال الإفخارستيا: “كَأْسُ الْبَرَكَةِ الَّتِي نُبَارِكُهَا، أَلَيْسَتْ هِيَ شَرِكَةَ دَمِ الْمَسِيحِ؟ الْخُبْزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ، أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ؟. فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي الْخُبْزِ الْوَاحِدِ.” (1كو10: 16، 17).

 

الأعضاء بين التنوع والوحدة

يقول الرسول بولس: “ لأنَّنَا جَمِيعَنَا بِرُوحٍ وَاحِدٍ أَيْضًا اعْتَمَدْنَا إِلَى جَسَدٍ وَاحِدٍ، يَهُودًا كُنَّا أَمْ يُونَانِيِّينَ، عَبِيدًا أَمْ أَحْرَارًا، وَجَمِيعُنَا سُقِينَا رُوحًا وَاحِدًا. ” (1كو 13:12). َ
وهذه الأعضاء بالطبع ليست نوعاً واحداً، بل هى مختلفة تماماً عن بعضها البعض، ولكن هذا الإختلاف لا يلغى الوحدة الكيانية للجسد!! فإن الجسد ليس عضواً ً واحداً، بل أعضاء كثيرة، “لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ هُوَ وَاحِدٌ وَلَهُ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَكُلُّ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً هِيَ جَسَدٌ وَاحِدٌ، كَذلِكَ الْمَسِيحُ أَيْضًا. ” (1كو12:12) “فَإِنَّ الْجَسَدَ أَيْضًا لَيْسَ عُضْوًا وَاحِدًا بَلْ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ. 15إِنْ قَالَتِ الرِّجْلُ:«لأَنِّي لَسْتُ يَدًا، لَسْتُ مِنَ الْجَسَدِ». أَفَلَمْ تَكُنْ لِذلِكَ مِنَ الْجَسَدِ؟ 16وَإِنْ قَالَتِ الأُذُنُ:«لأِنِّي لَسْتُ عَيْنًا، لَسْتُ مِنَ الْجَسَدِ». أَفَلَمْ تَكُنْ لِذلِكَ مِنَ الْجَسَدِ؟ 17لَوْ كَانَ كُلُّ الْجَسَدِ عَيْنًا، فَأَيْنَ السَّمْعُ؟ لَوْ كَانَ الْكُلُّ سَمْعًا، فَأَيْنَ الشَّمُّ؟ 18وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ وَضَعَ اللهُ الأَعْضَاءَ، كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي الْجَسَدِ، كَمَا أَرَادَ. 19وَلكِنْ لَوْ كَانَ جَمِيعُهَا عُضْوًا وَاحِدًا، أَيْنَ الْجَسَدُ؟”(1كو 12: 14- 19)، وهكذا “لِكَيْ لاَ يَكُونَ انْشِقَاقٌ فِي الْجَسَدِ، بَلْ تَهْتَمُّ الأَعْضَاءُ اهْتِمَامًا وَاحِدًا بَعْضُهَا لِبَعْضٍ. 26فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ. 27وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَسَدُ الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَادًا. (1كو 12 : 25- 27). ومن هذا النص ندرك ما يلى:

  1.  أن المؤمن عضو، والكنيسة جسد، والمسيح هو الرأس.
  2. هناك اختلاف أكيد بين الأعضاء، ولكن فى تكامل.
  3. هناك دور ووظيفة لكل عضو، ٕوالا صار “زائدة”!
  4.  هناك مساواة وكرامة واحدة لكل الأعضاء.
  5.  هناك وحدة وتناسق فى الجسد، دون إنشقاق أو إنقسام.
  6.  هناك احتياج من كل عضو للآخر.
  7.  هناك إحساس مشترك، بالألم والفرح
  8.  هناك خدمة من كل عضو للآخر. 


هل هذا مجرد “فريق”، أم أنه إتحاد كيانى مفرح؟
لاشك أنه إتحاد كيانى مفرح: والرب يسوع، والقديسون فى الفردوس، والمؤمنون على الأرض. إذن جميعنا صرنا أعضاء فى هذا الجسد العظيم المقدس، وذلك بالمعمودية
َ المقدسة.. 

وعضويتنا فى الكنيسة معناها أننا صرنا فى المسيح يسوع إلهنا، لأن الكنيسة هى جسده المقدس..”إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا.” ( 2كو 5: 17)

أهمية العضوية

وهـذه العضـوية.. هـــى امتياز رائع.. لأنهـا تعطينا إمكانية ميراث ملكوت السـموات فـى المسـيح يسـوع ربنـا، بصـفتنا أعضـاء فـى جسـده، حيـث قيـل:”وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ” (أف 6:2). وأمام هذا الامتياز العظـيم علينا مسـئوليات كما قال مُعلمنا بطرس الرسـول: “لِيَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أَخَذَ مَوْهِبَةً، يَخْدِمُ بِهَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ.” (1بط 10:4). َ
فـنحن لسـنا متفرجين علـــى مؤسســـة بشـرية يـديرها بعـــض الأفـراد نســـميهم الإكليروس، ثـم ننصــب أنفســنا ناقــدين نقــيّم أداء الكنيســة فنمدحها أو نــذمها. بــل إننــا أعضاء بمعنــى أن كلنا مسئول، وعلى كل منَّا دور تجـاه الكنيسـة حتـى ولـو كـان ذلـك الـدور صـغيراً أو دوراً غيـر متميز
 والسؤال الآن.. إن كنا أعضاء بعضنا لبعض فى الجسد الواحد الكنيسة:

ما هو دورنا في الكنيسة المقدسة

مطلوب منَّا أن نعرف قيمة عضويتنا الغالية فى هذه الكنيسة المجيدة، وكيف نحقق هذا الدور.

1- الشھادة للمسيح فى مجتمعك :
أول دور ينبغى أن نفكر فيه هو الشهادة البسيطة للمسيح ومبادئ الإنجيل بين الناس، ِ لذلك قال السيد المسيح: “أنتم نور العالم ” (مت 14:5)، ” أنتم ملح الأرض ” (مت13:5) 
 وعندما نسلك بحسب أمانة الإنجيل سينطبق علينا ما قاله معلمنا بولس الرسول: “لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَدًا ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيل مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ.” (فى 15:2). 
إن العــالم اليــوم فــى أشــد احتيــاج للشــهادة الحيــة اليوميــة عــن المســيح إلهنـا وتعاليمـه وصـدق أخلاق الإنجيـــل.. “المحبـة الصـادقة، الوداعـة، الأمانـة، الإخـلاص، الصـدق، البـذل، الفـرح الدائم، السلام القلبـى العميـق، الترفـق، قبـول الآخـر، اللطـف فـى الكـلام والمعـاملات، الطهـارة،قداســـة الســــيرة، والتعفــــف..”. لقـــد أصــــبحت هــــذه الفضــــائل المســـيحية عمـلات نادرة التداول، ويحتــاج المجتمع أن يراها حقيقــة معاشـة فـى حياة الشــباب المســيحى، لكــى يثــق فــى صــدق وجمال الإنجيل بدون كلام وثرثرة فارغـة, “لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ” (مت 16:5). 
2- الخدمة داخل الكنيسة :
مجالات الخدمة فى الكنيسة كثيرة جدا، ينبغى على كل شاب أن يختار إحداها أو بعضها، ويندمج فيها بروح الحب والبذل والعطاء، ويكون كل شئ لمجد المسيح وسلام وبنيان الكنيسة وخلاص النفوس، وبدون منفعة شخصية، وبدون إثارة متاعب أو خلافات أو أخطاء تتعب الخدمة.. كما قال معلمنا بولس الرسول: وَلَسْنَا نَجْعَلُ عَثْرَةً فِي شَيْءٍ لِئَلاَّ تُلاَمَ الْخِدْمَةُ(2كو 3:6). 

3- المحافظة على إيماننا المسيحى األرثوذكسى :
إن هــذه المهمــة ليســت حكـراً على رجال الكهنوت، ولكنها مســئولية كـل الشــعب وبــالأخص الشـــباب.. والمحافظـــة علـــى هـــذا الإيمان الثمـين هـى تنفيذ وصـية إلهية أن تجتهـــدوا لأجل الإيمان المسلم مرة للقديسين“. ويكون من خلال: 

  •  حفظ ألحان الكنيسة، والاندماج فى الحياة الكنسية الليتورجية.
  • معايشـة الفكـر الكنسـى الأرثوذكسـى بطريقـة حياتيـة، فـنحن لسـنا حراسـاً للآثـار.. ولكننـا مســيحيون نحــب مســيحنا القــدوس، ونغتنــى بــإرث آبائنــا القديســين، (الإيمــان المســلم لنــا) والذى سفكت دماء لأجل الحفاظ على هذا الإرث وهذه العقيدة.
  •  المعرفـــة الصـــحيحة الواعيـــة لعقائـــدنا، عـــالمين أنهـــا عقائد خلاصـية وليسـت مـــن باب الترف الفكرى، متذكرين أنه “قد هلك شعبي من عدم المعرفة” (ھو 6:4). ِ
  • التمســك بإيماننــا وعــدم التفــريط فيــه، عــالمين أنــه قــد بــذل دم وعــرق غزيــر فــى ســبيل وصول هذا الإيمـان النقـى إلينـا، وأن علينـا مسـئولية أن يصـل هـذا الإيمـان بـنفس القـوة والنقاوة إلى الأجيال القادمة.
  •  الأنتباه إلى التيارات الغريبة التى تحاول التسلل إلى إيماننـا الأرثوذكسـى، وعـدم إعطـاء الفرصة للشيطان أن يزيف إيماننا، مع وجود كل الحب وكل الاحترام لكل النـاس مهمـا اختلفوا معنا فى الإيمان أو العقيدة. فالمحبة لا تلغى التمسك بالعقيدة.
  •  شــرح إيماننــا للأطفــال والفتيــان وعلــى النــت وفــى غــرف الدردشــة.. بــدون إساءة للآخــرين مهمــا أســاءوا هــم، إنمــا نقــدم المسـيح كمـا هــو بكل وداعتــه وحلمــه ونقــاوة تعليمــه وقبولــهّ للآخر، دون تنــازل عــن الفكر السليم تحـت أى ظرف..
  • الروحانية الصادقة الباطنية العميقة.. فليس حسـناً أن نتمسـك بالإيمـان نظرياً ثـم نسـلك سلوكاً يغضب إلهنا الصالح.. لأنه مـاذا ينتفـع الإنسـان لـو عـرف كـل الإيمـان، وتمسـك
    بــه، ودافــع عنــه، وشــرحه للكــل، وربــح بــه كثيــرين إلــى حظيــرة الإيمــان.. ثـم خســر هـو نفسه!! 

أخيراً

يجب أن ينتبه كل منَّا إلى دوره الكنسى، ونتكاتف جميعنا
فــى وحدانيــة الإيمــان، وطهــارة الحــب، وصــدق الإخــلاص
للمسيح إلهنـا وكنيسـته المجيـدة.. لكـى نكـون شـهودًا أمنـاء  للمســــيح “فننال أجراً تاماً“(2يو 8) حسب وعده الصادق:”إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي فَلْيَتْبَعْنِي، وَحَيْثُ أَكُونُ أَنَا هُنَاكَ أَيْضًا يَكُونُ خَادِمِي. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَخْدِمُنِي يُكْرِمُهُ الآبُ.” (يو12: 26)

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى