الكنيسة والخط الاجتماعى

أوريجينوس هو أول من أعلن أن الكنيسة هى مدينة الله هنا على الأرض ([219])، تحيا إلى حين، جنباً إلى جنب مع الدولة المدنية ([220]).

1 – كيف تمارس الكنيسةأمومتها مع الالتزام بالخط الروحى الاجتماعى؟

الكنيسة وإن كانت لا تتدخل فى الشئون السياسية والقوانين المدنية والعسكرية والاقتصادية والمنظمات الاجتماعية، لكنها تحمل امومة صادقة نحو كل إنسان وكل أسرة وتحب كل المجتمع، وتشتهى أن تتحول الأرض إلى سماء متهللة ليست فى عوز، كما لا تحتمل أن ترى إنساناً مظلوماً أو متألماً. تود أن ترى كل إنسان فى العالم يحمل ثقة فى نفسه بالرب، له دوره الحىّ فى البشرية، يحمل فى داخله روح القيادة الجادة الملتزمة بتواضع داخلى، فى غير خمول أو شعور بالنقص. فالخط الاجتماعى المسيحى هو حياة إنجيلية كنسية تمس أعماق الفكر والقلب والحواس، وتُترجم خلال السلوك اليومى.

2 – ما هى نظرة العهد القديم للخط الاجتماعى؟

ليس ما يشغل الناموس مثل حياة البرّ وتحقيق العدل، حتى أنه كثيراً ما يحدث خلط بينهما. والعدالة فى الناموس تمس معاملات الإنسان مع الله ومع أخيه الإنسان، بل ومع الحيوانات والطيور، حتى الجمادات. إنها قوانين تفصيلية قدمت للإنسان فى بدء حياته الروحية لتكون ناموساً له، لا يحيد عنه يمينا ولا يساراً. بدونها ليس من قبول لذبائحه وصلواته وأصوامه وعطاياه وكل عبادته.

3 – ماهى نظرة العهد الجديد للخط الاجتماعى؟

أولاً: فى العهد الجديد لكن يتعامل الله مع المؤمن كإنسان ناضج، يهبه الفكر الحىّ والحياة الداخلية النقية، لكى يقدم العمل الاجتماعى حسب احتياج كل عصر بروح إيمانى عملى واقعى. من هنا نجد فى كتابات الآباء الأولين منذ عصر الآباء الرسوليين تطوراً فى العمل الاجتماعى، لكن بخط إيمانى واضح غير متغير. فالفكر حى وثابت، يتكيف حسب احتياجات العصر.

ثانياً: عرّف القديس يوحنا الذهبى الفم الكنيسة بأنها “الحياة الجديدة”، حيث يختبر المؤمن عمل الله الآب محب البشر خلال الخلاص الذى قدمه كلمة الله المتجسد على الصليب، وعمل روحه القدوس الذى يشكلنا لنكون أيقونة حية للسيد المسيح. يصعب علينا أن نحدد الخط الاجتماعى للكنيسة الأولى كما لو كان فى معزل عن الخط الروحى او الثقافى أو غيره. إنما هو خط واحد متكامل، وخبرة حياة معاشة. وليس من فصل بين علاقة المسيحى بالله وعلاقته ببنى البشر. وليس من عزل بين نموه الروحى واهتمامه بنموه الدراسى، ولا بين تقديس النفس وتقديس العقل، وأيضاً الجسد والحواس والعواطف!

4 – ما هو منهج الكنيسة الأولى؟

يُعرف القديس إكليمنضس الإسكندرى بثالوثه المشهور أو أعماله الكتابية الثلاثة الرئيسية، وهى: نصح لليونانيين Protrepticus، والمعلم أو المربى Paedagogus، والمتفرقات Stromata.

يقول: Osborn إن مشكلة العلاقة بين هذه الأعمال الثلاثة الكبرى جذبت الانتباه بطريقة ملحوظة فى الخمسين سنة الأخيرة ([221]). ويقول: Swete “ربما ليس فى كل الأدب الآبائى الأول أكثر جاذبية للقارئ الحديث مثل ثالوث (إكليمنضس) العظيم فى تدريج التعليم فى الحياة المسيحية… ومفهوم إكليمنضس للمسيحية فى علاقتها بكل ميادين الفكر البشرى، الأمر الذى له قيمته فى أيامنا… ونفعه متزايد فى العصر الحاضر ([222]).

يرى القديس إكليمنضس أن خطة الله نحو البشرية تأخذ مراحل ثلاث وهى تطابق كتبه الثلاثة ([223]). كأنه يميز بين اللوغوس الإلهى كهادى Protrepikos يدعو الناس للخلاص، وكمربى Paedagogus يحث المؤمنين على الحياة الأفضل ويشفيهم من آلامهم ممارساً عمله الروحى فيهم، وكمعلم Didaskelos ([224]). وأخيراً يعلم الأسس العامة ويشرحها، مفسراً المنطوقات الرمزية فى المتفرقات. وهو يقول: [المرشد السماوى، اللوغوس يُدعى الهادى عندما يدعو البشرية للخلاص… لكنه إذ يعمل كطبيب أو مربِ يصير اسمه “المربى”… فالنفس المريضة تحتاج إلى مربِ يشفى آلامها. ثم تحتاج إلى المعلم الذى يعطيها الإدراك… “إعلان اللوغوس”. هكذا إذ يريد اللوغوس خلاصنا خطوة فخطوة يستخدم وسيلة ممتازة: إنه فى البداية يهدئى، ثم يصلح، وأخيراً يعلم ([225])]. فالحياة وحدة واحدة، ليس من فصل بين العقيدة والعبادة والسلوك والعلم والمعرفة.

5 – ما هى أسس العمل الاجتماعى فى الكنيسة الأولى؟

قام العمل الاجتماعى فى الكنيسة الأولى على أساس إنجيلى، أسس العمل الاجتماعى هى:

أ. الحب الأخوى المتلاحم مع المحبة الإلهية، وتحقيق العدالة.

ب. الاهتمام بالمصلحة العامة لكل البشرية دون تجاهل الاهتمام الفردى بكل أحد ما أمكن.

ج. العمل على التساوى بين جميع البشر، دون محاباة لجنس أو طبقة ما أو أصحاب مواهب معينة.

د. يكرم كل عضو الآخر، وتُعطى الكرامة لمن له الكرامة، دون السماح بالمذلة لإنسان ما.

ﻫ. تقديس الحرية الإنسانية، ليعبر الإنسان عن نفسه كسفير للسيد المسيح ووكيل السماء، محققاً رسالته التى من أجلها خلقه الله وقدم له الخلاص.

و. تكريس الطاقات والمواهب وتقديسها، أيا كانت!

س. تحقيق العضوية الكنيسة العاملة، بأن يمارس كل شخص دوراً إيجابياً فى المجتمع والكنيسة، مع خلق روح القيادة الصادقة بروح التواضع والشعور بالالتزام والمسئولية.

6 – ما هو دور الكنيسة الأولى فى العمل الاجتماعى؟

يصور لنا الإنجيلى لوقا فى سفر الأعمال الكنيسة فى عصر الرسل أنها تحمل شركة فى العبادة كما فى الممتلكات، فهى تقوم على اتحاد الأعضاء معاً فى جسد واحد، كل عضو يهتم بإخوته.

فى نهاية القرن الثانى ظهر فى روما والإسكندرية وقرطاجنة وفى الشرق إقامة وجبات محبة agape بعد الاحتفال بليتورجيا الإفخارستيا، وذلك إما من أموال الكنيسة أو يقوم بها أحد الأغنياء.

إذ لم تكن بعد قد ظهرت المستشفيات اهتمت الكنيسة بمعالجة المرضى ([226]).

لا يقف واجب العطاء عند الأغنياء تجاه الفقراء، بل الفقير أيضاً يعطى أخاه الفقير؟

إذ يتحدّث القديس بوليكربس عن القس فالنز وزوجته اللذين بسبب الطمع انحرفا عن الإيمان، قائلاً: [إننى حزين جداً يا إخوة من أجل فالنز ومن أجل زوجته أيضاً، يا ليت الرب يمنحهما توبة صادقة! عالجوا هذا الأمر بالذات باعتدال، ولا تحسبوهما أعداء، بل حاولوا أعادتهما كعضوين مريضين تائهين، ومتى عادا يصبح جسدكم كاملاً، إذا فعلتم هذا فإنكم تبنون أنفسكم ([227])].

يقول مينيكوس إن المسيحين يحبون بعضهم “حتى قبل أن يعرفوا بعضهم البعض” ([228]). ويقول إريستيديس: [لا يهمل (المسيحيون) الأرملة، ويحررون اليتيم ممن يتعاملون معه بعنف، ويعطى (المسيحى) المحتاج دون تذمر، وعندما يرون غريباً يأخذونه إلى منازلهم، ويفرحون به كأخ لهم… وعندما يموت فقير، إذ يعرفون بهذا يقدمون لجثمانه مدفناً حسب قدرتهم، وإن سمعوا أن أحدهم سُجن ويعانى ضيقاً من أجل المسيح يتكاتفون معاً ويمدونه باحتياجات وإن استطاعوا يطلقونه من السجن ([229])].

واهتمت الأديرة الباخومية، باستضافة الغرباء، وخدمة الفقراء والمرضى فى القرى المحيطة لكل دير. وأنشأ القديس باسيليوس الكبير مجموعة من المبانى على أطراف مدينة قيصري كبادوكية لاستقبال الغرباء والمرضى، خاصة المنبوذين منهم، وجهز هذه المؤسسة بأشخاص مؤهلين للعمل فيها ([230]). وفى إنطاكية أقامت الكنيسة مستشفى ضخمة وبيتاً للغرباء. اهتم كثير من الأساقفة بالعمل الاجتماعى للجميع وليس للمسيحيين وحدهم، نذكر القديس أمبروسيوس، ومكسيموس أسقف تورين، وبولنيوس أسقف نولا، ومارتين أسقف تورز، ونيسيتديوس أسقف ليون، وغيرهم.

7 – ما هو موقف الإيمان المسيحى من الثقافات البشرية

جوهر الإيمان المسيحى كله أن الله ليس فى معزل فى السماء، بل خلق العالم ويهتم به. الله محب البشر. يحتل الإنسان مركزاً خاصاً فى قلب الله، إن صح التعبير. وكما قيل بالنبى: “الرب إلهك فى وسطك… يبتهج بك فرحاً… يبتهج بك بترنم” (صف3: 17). إنه أشبه بالآم التى تحتضن طفلها الوحيد، وتعبّر عن فرحها به بالتهليل والأغانى!

تجسد كلمة الله وحلوله فى عالمنا كواحدٍ منا، قدّس أرضنا وأعمالنا وعقولنا وعواطفنا ومواهبنا وإمكانياتنا. فصارت بعض الأديرة ورجال الدين علماء، يشغفون بالتقدير المستمر دون انتظار لمكافأة. بل وكثير من الجامعات فى الغرب هى فى أصلها من عمل الجماعات الرهبانية. جاء مسيحنا ليقدس العقل كما العواطف، فلا يتوقف الإنسان عن البحث والعمل، حتى بلغ إليه ما بلغ من اقتحام عالم الفضاء، والتقدم التكنولوجى السريع. سيبقى هذا التقدم مادام كلمة الله نفسه نزل ليقدس وينمى، دون الاستخفاف بالحياة البشرية والفكر الإنسانى. إن كان قد وُجد قلة قليلة ذات فكر ضيق أخذوا موقفاً مضاداً، لكن الكنيسة بفكرها الإنجيلى الحىّ لا تكف عن مساندة العالم فيما هو حق وللبنيان!

8 – ما هى نظرة الإيمان المسيحى للعقل البشرى؟

فى عبارة رائعة يحدثنا العلامة أوريجينوس عن دور العقل فى حياة المؤمن. [كما ان العين بطبيعتها تطلب النور والبصر، والجسد برغباته الطبيعية يطلب الطعام والشراب، هكذا العقل له رغبته الطبيعية أن يعرف الحق الإلهى، ويبحث فى علل الأشياء، هذه الرغبة هى من عند الله ([231])].

9 – هل التعلم حق لكل إنسان؟

جاء السيد المسيح ليقدم للعالم الخلاص، فيرفع المؤمنين إلى المجد السماوى الأبدى، فإنه وإن كان لم يلتحق بمدارس فلسفية وعلمية، لكنه قدّم نظرة جديدة للإنسان، مكرماً إياه فوق كل العالم، وقدّس كل ما للإنسان لكى يعمل بروح القوة والتقدم والتمتع بالحياة الفضلى. جاءت الكنيسة تنادى أنه ليس عبد ولا حر فى المسيح يسوع (غل3: 28)، تُقدم الطوبى للمساكين والحزانى والمتألمين (مت5: 3 – 10). جاء الإيمان المسيحى دعوة للعالم كله لكى يتمتع بالمعرفة، بل ويتشكل ويتجدد بروح الله المُقدم بغير محاباة، ليصير الإنسان على صورة خالقه. يقول العلامة أوريجينوس إن كل أسقفية صارت مدرسة.

سجل لنا القديس أإكليمنضس السكندرى عمله المشهور Paedagogus أى المهذب، ويعنى به السيد المسيح، الذى يبقى يهذب ويدرب تلاميذه ليصيروا أيقونة له. [من هو المربى؟ إنه يُدعى يسوع، وأحياناً يقول عن نفسه إنه راعٍ، قائلاً: “أنا هو الراعى الصالح” (يو10: 11)… الذى يقود الأطفال إلى الخلاص، يُدعى بحق المعلم… والتقوى هى التعليم، إذ هى دراسة خدمة الله، وهى المشورة الصحيحة التى تقود إلى السماء ([232])]. [نتعلم منه التواضع والتدبير، وكلما يتصف بحب الحق والصدق، ومحبة البشر، ومحبة التفوق والتقدم ([233])].

10 – كيف فتحت المسيحية الباب للتقدم العلمى؟

أ. فتحت باب التعلم للجميع: اهتم أغلب الكتاب المسيحيين بالدفاع عن تقديس حرية الإنسان، أو حرية الإرادة، يقول العلامة أوريجينوس كل نفس عاقلة تُمنح إرادة حرة والقوة للاختيار ([234]).

ب. بث روح الفرح الداخلى الذى يهيئ للتعليم: ركز الآباء على الحياة المُسبحة المفرحة، فقد كان العالم فى حاجة إلى خبرة الفرح السماوى. هذا له دوره الفعّال فى تقدم البشرية المستمر علمياً وعملياً.

ج. رفع نفسية الإنسان واعتزازه بقدراته فى الرب: يشتاق المؤمن إلى تقدم البشرية، فإنه يحتاج إلى من يرفع من نفسه بأن الحق ليس ببعيد عنه، بل هو فى متناول يده. جاءه الحق ذاته إلى أرضه وإلى بيته، بل وغلى قلبه ليصير بالحق عاملاً للتمتع بالمعرفة فى هذا العالم والعالم العتيد. يقول القديس إكليمنضس السكندرى: [التعليم الذى من الله هو التوجيه الصحيح للحق نحو التأمل فى الله، وإظهار الأعمال المقدسة فى إصرار لا يكل ولا ينقطع ([235])].

د. بث روح الرجاء وتحدى المرض والشيخوخة والموت: يقول القديس إكليمنضس الكسندرى: [عِدْ نفسك أن تكون قوية ضد المرض. كن شجاعاً كمحارب قوى فى حلقة المصارعة، حتى تغلب متاعبك بثبات لا يُقهر. لا تسمح لنفسك أن تكتئب بالحزن، لا بسبب مرض أو بسبب أية كارثة تحل بك ([236])].

ﻫ. الاعتدال فى كل سلوك: يقول القديس إكليمنضس: [كما أن الاعتدال والبُعد عن الإسراف هما ابنا القناعة عادة، فإذا اعتاده إنسان استغنى عن كل ما هو كمالى وغير ضرورى، وحتى لا يوجد انحراف أو سقوط فى الإغراءات ([237]).

11 – ما هى علاقة الإيمان المسيحي بالمعاملات الاجتماعية والأسرية؟

أ. المؤمن حامل إخوته فى قلبه وفى معاملاته: المؤمن كمحب للبشر، لا يقدر أن يعزل نفسه عن إخوته، إن لم يكن جسدياً، فبفكره وقلبه يبقى مشغولاً بهم. إيماننا المسيحى الخالص دعوة للتمتع بما فقدناه بسبب الخطية، ألا وهو ان نصير أيقونة لله محب البشر. فيحمل المؤمن كل البشرية فى قلبه، حتى وإن كان متوحداً فى مغارة بالبرية، أو سائحاً لا يرى وجه إنسان إلى سنوات، ويترجم هذا الحب بصلواته المستمرة من أجل خلاص كل إنسان فى العالم وتمتع الكل بالسلام الداخلى السماوى، ولا يكف عن أن يمارس أصوامه ومطانياته من أجل الجميع، كما يعلن عن ذلك الحب فى سلوكه حسبما استطاع.

خلال هذه النظرة الإيمانية رأينا مدى العلاقة بين الكنيسة والدولة فى العصور الأولى. يقول القديس بوليكاريوس أسقف سميرنا من رجال القرن الثانى: [صلّوا لأجل الملوك (والرؤساء) (1تى2: 2)، والسلاطين والأمراء والأمراء، صلّوا من أجل كل الذين يضطهدونكم ويبغضونكم، ومن أجل أعداء الصليب، حتى تكون ثمرتكم واضحة للجميع، وتكونوا كاملين فيه ا (المسيح) ([238])].

12 – ما هو موقف المؤمن من الصحبة والصداقة!

يقول القديس باسيليوس الكبير: [إنى أعرف جيداً إننى محتاج إلى مساعدة كل واحد من الإخوة أكثر مما تحتاج اليد إلى اليد الأخرى. فالرب يعلمنا من خلال تكويننا الجسدى ضرورى الصحبة. وعندما أنظر إلى أطرافى، وأرى كل منهما لا يستطيع أن يكتفى بذاته، كيف أعتبر أننى قادر على تنفيذ واجبات الحياة بنفسى (وحدى)؟ لا تستطيع إحدى القدمين أن تمشى بمفردها دون مساعدة القدم الأخرى. ولا تستطيع العين الواحدة أن ترى جيداً دون مساعدة الأخرى، التى تنظر إلى الأشياء فى اتحاد معها. يصبح السمع أكثر دقة عندما يتلقى الصوت من خلال القناتين. ويكون إحكام القبضة أكثر قوة عن طريق صحبة الأصابع، فكل ما يحدث نتيجة اتحاد الطبيعة لن يتحقق إلا عند انسجام القوة المتصاحبة. يقول لنا الرب إنه سيكون فى وسط اثنين أو ثلاثة يدعونه فى اتفاق معاً ([239])].

من يتطلع بعين فاحصة لموقف الكنيسة فى وسط اضطهادها يدرك أن المسيحيين قد أحبوا البشرية، حتى المضطهدين لهم، ومارسوا ما استطاعوا لخدمة المؤمنين وغير المؤمنين. يمكننا القول إن إيجابية الكنيسة سواء على المستوى الفردى أو الجماعى، فى خدمة الجميع، لم يعطها القدرة على البقاء فحسب، وإنما على كسب غير المؤمنين إلى الإيمان، وتحدى الكثيرين للموت، حتى بالنسبة للموعوظين الذين لم يكونوا بعد قد نالوا العماد. يقول الشهيد يوستين: [نحن الذين كنا قبلاً نضع طرق اكتساب الثروة والممتلكات فوق كل اعتبار، الان نقدم ما لدينا لصندوق الشركة، ونشارك كل محتاج ([240])].

يقول العلامة ترتليان: [فى أيام الأحاد، كل واحد إن أراد يقدم تبرعاً صغيراً، حسب مسرته، وبحسب قدرته، إذ لا يوجد إلزام، كل شئ بكامل الحرية، تٌقدم هذه العطايا كما لو كانت وديعة تقوى. فإنها لا تؤخذ لتُنفق على ولائم ومباريات شرب، ومطاعم، وإنما لمساندة الفقراء ودفنهم، وتقديم لمعونة لأولاد والبنات المحرومين من وسائل العيس والمحرومين من والديهم، والشيوخ الملازمين بيوتهم، وأيضاً الذين يعانون من غرق سفنهم، ومن وجُدوا فى المناجم أو المنفى فى جزائر أو المحبوسين فى السجون، لا لشئ إلا من أجل إخلاصهم لكنيسة الله واعترافهم بالإيمان. وهى فى جوهرها أعمال محبة نبيلة، حتى يحسبها كثيرون أنها العلامة المميزة لنا. يقولون: انظروا كيف يحب الواحد الآخر، إذ هم أنفسهم مفعمون بالبغضة المشتركة! يقولون: كيف هم على استعداد للتضحية بحياتهم من أجل بعضهم البعض ([241])].

13 – ما هى نظرة المسيحية للأخلاقيات؟

الأخلاقيات المسيحية طابعها فريد ومتميز، فهى ليست قوانين مجردة تضبط سلوك الفرد أو الجماعة، لكنها علاقة حب عميق فى النفس بين الإنسان ومخلصه الذى يُعد له شركة فى الأمجاد السماوية. خلال هذه العلاقة يعرف كيف يتعامل المؤمن مع إخوته فى البشرية، حتى بالنسبة لمقاوميه ومضطهديه، كما مع السمائيين، بل ومع الحيوانات والطيور والطبيعة الجامدة. لذلك يقول القديس أغسطينوس: “حب، وأفعل ما شئت”. وضع السيد المسيح أساس الناموس السلوكى المسيحى: “وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً. كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضاً بعضكم بعضاً. بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذى، إن كان لكم حب بعضاً لبعض” (يو13: 34 – 35). ويقول الرسول بولس: “لا تكونوا مديونين لأحد بشئ، إلا بأن يحب بعضكم بعضاً، لأن من أحب غيره فقد أكمل الناموس. لأن لا تزن لا تقتل لا تسرق لا تشهد بالزور لا تشته، إن كانت وصية أخرى هى مجموعة فى هذه الكلمة: أن تحب قريبك كنفسك. المحبة لا تصنع شراً للقريب. فالمحبة هى تكميل الناموس” (رو13: 8 – 10). لقد ترك للكنيسة أن تقدم تفاصيل السلوك الروحى الحى قائماً على الأسس الإنجيلية: “أخيراً أيها الإخوة، كل ما هو حق، كل ما هو جليل، كل ما هو عادل، كل ما هو طاهر، كل ما هو مُسرّ، كل ما صيته حسن، إن كانت فضيلة، وإن كان مدح، ففى هذه افتكروا” (فى4: 8). على نفس المنوال قدمت لنا الديداكية ([242]) حق الخيار بين طريق الحياة وطريق الموت، ولم تضع قائمة بالتفصيل عن الفضائل والرذائل التى تدفعنا إلى طريق الموت ([243]).

[يوجد طريقان – أحدهما للحياة والآخر للموت ([244]). لكن الفرق بين الطريقين. طريق الحياة هو هكذا – أولاً: أحبب الله الذى خلقك (تث6: 5). ثانياً: حب قريبك كنفسك (لا19: 18؛ مت22: 38، 39). مالا تريد أن يفعله الناس بك لا تفعله أنت بالآخرين (طو4: 15)؛ مت7: 12؛ لو6: 31).

إليك ما تحمله هذه الأقوال من تعليم: باركوا لاعنيكم، صلوا من أجل أعدائكم، وصوموا من أجل مضطهديكم. لأنه اى فضل لكم إن أحببتم الذين يحبونكم؟ أليس الوثنيون يفعلون ذلك؟! أما أنتم فأحبوا مبغضيكم، فلا يكون لكم عدو (مت5: 45 – 47؛ لو6: 27 – 31).

ابتعدوا عن الشهوات الجسدية (1بط2: 11) الزمنية (العالمية). “من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضاً” (مت5: 39؛ لو6: 29) وكن كاملاً (مت5: 48)].

فى كل جيل، بل وفى كل إيبارشية يهتم الرعاة بالحديث عن فضائل معينة لمعالجة ظروف الجماعة، لكنهم يقدمون هذه الفضائل على أساس فكر إنجيلى حى، يُبرز عمل الحب مع البرّ والعدل وذلك بالنعمة الإلهية المجانية، وأيضاً الالتزام بالجهاد الروحى بإرادة حرة مقدسة فى الرب.

يقول القديس أمبروسيوس: [العدل موضوع يخص المجتمع وجماعة الجنس البشرى. فإن الذى يجعل المجتمع متماسكاً معاً هو: العدل والإرادة الصالحة. الأخيرة تُدعى أحياناً التسامح واللطف. يبدو لى أن العدل هو الأسمى والتسامح أكثر الاثنين يجلب المسرة. واحد يحكم والآخر يُظهر صلاحاً ([245])].

يقول القديس أغسطينوس فى حديثه للمتأهبين لسرّ العماد: [المحبة هى وحدها العلامة المميزة بين أولاد الله وأولاد إبليس. لنطبع أنفسنا بسمة صليب يسوع المسيح… ولنصطبغ جميعاً بالمعمودية. وليحضر الكل إلى الكنيسة لنبنى أسوار الكنيسة، فليس ثمة شئ يميز أولاد الله عن أولاد إبليس إلا المحبة]. كما يقول: [يقدم لى الرسول فى موضع ما تجميعاً رائعاً فائقة، يكشفها أمامى، وأنا أقول له: “اكشف لى إن كنت قد وجدت من بينها ثوب العرس. يبدأ يكشف الواحدة تلو الأخرى. ويقول:” إن كنت أتكلم ألسنة الناس والملائكة… “(1كو13: 1) يا لها من ثياب ثمينة! ومع ذلك لا يوجد بعد ثوب العرس! لماذا تتركنا أيها الرسول فى إثارة قلقين؟…” إن كانت ليس لى محبة لا انتفع شيئاً “. انظروا ثوب العرس! ارتدوه يا أيها الضيوف فتجلسوا فى أمان! ٍ ([246])].

14 – ما هى نظرة المسيحية فى حق الدفاع عن النفس والأسرة والوطن؟ ([247])

سبق لنا معالجة موضوع “الإباحة” أو حق الإنسان فى دفاعه عن نفسه أو الغير أو الوطن، وقلنا إنه يصعب أن نفصل بين الجانب الإيمانى والجانب القانونى. فالمؤمن الحقيقى يؤمن بوحدة الحياة، لا يفصل إيمانه عن سلوكه، ولا يحمل شخصيتين، واحدة للعبادة والأخرى للسلوك فى المجتمع.

لكى يعيش الإنسان المسيحى فى المجتمع ناجحاً ملتزماً بقوانينه وأعرافه يجب أن يكون ملماً بها جيداًن خاضعاً لها ولوصية الله: “أعط ما لقيصر لقيصر” (مر12: 17). هذا وأن القوانين الوضعية التى تحكمنا نجدها غالباً ما تسير مع تعاليم الكتاب وكنيستنا، كقول الرسول بولس: “السلاطين الكائنة هى مرتبة من الله” (رو13: 1). فالمسيحية تدعو إلى المحبة والتسامح كما تدعو إلى الشرعية حيث تحث المسيحى على الالتجاء إلى القانون لتدبير الأمور، فيكون على من ظُلم أو سُلب حقه أن يطالب به عن طريق قنوات المجتمع الشرعية.

كان رفع الدعاوى مقرراً منذ القديم فى الشريعة اليهودية (تث17: 8، 9)، وكانت الشريعة الرومانية تبيح لرعاياها أن يرفعوا دعواهم إلى الإمبراطور إذا لم يرضوا بحكم حكام الأقاليم والمقاطعات. لذلك رفع القديس بولس دعواه إلى قيصر (أع25: 11).

كما أنه فى حالات أخرى نجد المسيحى فى وضع الدفاع عن نفسه أو أقاربه أو عن وطنه، يقف أمام الخطر دون استطاعه منه أن ينتظر أجهزة الدولة حتى لا يفقد حياته أو حياة أقاربه، وهنا نجد أن القوانين الوضعية قد سايرت تعاليم الكتب السماوية فى وضع أساليب معينة يستطيع عندها الشخص أن يفلت من أية مسائلة قانونية ودينية.

15 – كيف أعدت الشريعة الموسوية البشرية للعبور إلى الكمال بالمسيح يسوع؟

الشريعة الموسوية، أى انتقام الإنسان بقدر ما ناله من ضرر، تأتى متوسطة بين الأسلوب المتخلف عنها حيث ينتقم الشخص بشر أعظم مما أصابه، والثانى هو ما جاء به رب المجد معلماً تلاميذه عدم مقاومة الشر. فبحسب ترتيب الأزمنة حدث تحول من الخصومة العظيمة (أى رغبة الإنسان فى الانتقام بأكثر مما أصابه) إلى اتفاق عظيم بواسطة الشريعة (أى الانتقام بقدر ما أصابه).

1. الإنسان البدائى يبدأ بالاعتداء على أخيه.

2. الإنسان الذى لا يبدأ بالشر لكنه يقاوم الشر بشر أعظم، لم يبلغ مستوى الشريعة الموسوية.

3. فى الشريعة الموسوية طُلب من الإنسان ألا يتعدى انتقامه قدر الشر الذى أصابه، وبهذا يكون قد تنازل عن جزء من حقه، إذ العدالة تقتضى معاقبة البادئ بأكثر مما صنع. لذلك فإن هذه الشريعة لم تستخدم القوة على من يصنع الشر بل استخدمت العدالة المصطبغة بالرحمة. هذه الشريعة كملت بواسطة من جاء ليكمل الناموس لا لينقضه. لا تزال هناك خطوتان متوسطتان (الرابعة والخامسة)، تركهما الرب ليُفهما ضمناً، متحدثاً بالحق عن أعلى مراتب الرحمة (المرحلة السادسة)، فيوجد من لم يصل بعد إلى تنفيذ وصية البرّ الأعظم، منفذاً إحدى الدرجتين المتوسطين وهما:

4. عدم مقاومة الشر بشر أعظم أو مساو له بل أقل منه فيقابل الضربتين بضربة واحدة.

5. من يسمو على الدرجة السابقة لا يقابل الشر بشر، مقترباً بذلك من وصية الرب التالية.

6. درجة الكمال المسيحى، فيها يأمر رب المجد بعدم مقاومة الشر، قائلاً: “بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر” (مت5: 39). أى إن كان يرغب فى لطمك مرة ثانية فقدم ذاتك له. وإن الذين يخدمون أبناءهم، أو أصدقاء أعزاء لديهم، أو اطفالاً صغاراً، أو أناساً معتوهين. هؤلاء يدركون قيمة احتمال ضعف الآخرين بفرح رغم ما يلحق بهم من أضرار. وإن نتج عن احتمالهم هذا نفع لمن يخدمونهم، فلابد أنهم سيضاعفون خدمتهم واحتمالهم حتى يشفوا من ضعفهم. إذا ماذا يوصينا طبيب النفوس، ربنا يسوع، بأقربائنا؟ إنه يطلب منا احتمال ضعفاتهم، لأجل خلاصهم.

16 – ما هى حدود التأديب فى العهد الجديد؟

يلتزم الحكام بتأديب الأشرار والمجرمين، وكما يقول الرسول بولس: “لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة، لأنه ليس سلطان إلا من الله، والسلاطين الكائنة هى مرتبة من الله. حتى إن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله، والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة. فإن الحكام ليسوا خوفاً للأعمال الصالحة بل للشريرة. أفتريد أن لا تخاف السلطان؟! أفعل الصلاح فيكون لك مدح منه. لأنه خادم الله للصلاح. ولكن إن فعلت الشر فخف. لأنه لا يحمل السيف عبثاً إذ هو خادم الله منتقم للغضب من الذى يفعل الشر. لذلك يلزم أن يُخضع له، ليس بسبب الغضب فقط، بل أيضاً بسبب الضمير” (رو13: 1 – 5).

واضح أن العهد الجديد أعطى للمسئولين حق تأديب الأشرار حتى إلى استخدام السيف. وقد ترك للمشرعين أن يضعوا حدود العقوبة أو التأديب حسب ظروف العصر أو مرتكب الشر أو ملابسات القضية. أما من جانب الساقط تحت العقوبة أو التأديب فإنه إذ يخضع للحكم العادل يلزمه ألا يخاف من غضب الناس بل من ضميره، فيكون التأديب لمراجعته لنفسه وبنيانه فى كل جوانب حياته.

أما بالنسبة لتأديب الأبناء فيقول الرسول بولس: “أى ابن لا يؤدبه أبوه؟! (عب12: 7). حدود هذا التأديب فهو تقديم صورة حب الله الحانى لأولاده:” لأن الذى يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله “(عب12: 6). يقدم لنا العهد الجديد مبدا أساسياً، وهو التعامل مع الأبناء كظل لتعامل الله معنا، مثل إعلان الحب الفائق مع الحزم لبنياننا، وتقديم الحرية الإنسانية، وتقدير شخصية الإنسان مهما صغر سنه ولو كان رضيعاً الخ. يقول القديس أغسطينوس: [لا يعنى ما سبق ذكره أننا نتنحى عن توقيع التأديب، كوسيلة للتهذيب، وذلك كما تمليه المحبة نفسها، على أن توقيع التأديب لا يمنع من كون الإنسان مستعداً لاحتمال أضرار أكثر ممن يؤدبه. ولكن لا يستطيع الإنسان ذلك ما لم يكن قد تغلب على الكراهية التى تدفع إلى الانتقام، وذلك بالمحبة الشديدة. كمال المحبة يظهر لنا فى الله الآب نفسه الذى نقتدى به.

استخدم بعض الآباء القديسين أحياناً عقوبة الموت فى الحكم على البشر، ومع ذلك فهم يعرفون جيداً أن الموت (الذى يفصل الروح عن الجسد) ليس بعقاب، ولكن لأن كثيرين يشعرون بخوف من الموت، لذلك أستخدمت عقوبة الموت لتخويف الخطاة. فحكم إيليا النبى بالموت على كثيرين من الخطاة سواء بالقتل أو بطلبه ناراً من السماء لإبادتهم (انظر 1مل18: 40، 2مل1: 10)، حدث بروح المحبة لخير البشرية ونفع المؤمنين. لذلك عندما طلب التلاميذ من السيد المسيح نفس الطلب، أن تنزل نار من السماء على أهل السامرة الذين لم يقبلوا السيد المسيح متمثلين بإيليا النبى، لم ينتقد الرب ما صنعه النبى، بل انتهر جهل التلاميذ، موبخاً معرفتهم البدائية برسالة المسيح الخلاصية، موضحاً لهم أنهم بذلك لا يرغبون فى التهذيب بمحبة، بل يرغبون فى الانتقام (لو9: 52 – 56). وبعد ما علمهم الرب عن محبة القريب كالنفس، وبعد ما حل الروح القدس عليهم فى يوم الخمسين، لم يعودوا بعد يطلبون مثل هذه الأمور الانتقامية، بل أصبحت هذه الطلبات نادرة جداً فى العهد الجديد (حنانيا وسفيرة) إذا ما قورنت بالعهد القديم. إن العلاقة بين الله والإنسان فى العهد القديم، كالعلاقة بين السيد والعبد، تقوم على الخوف. أما فى العهد الجديد، فلم نصبح بعد عبيداً بل أبناء (غل1: 4 – 7)، إذا تحررت نفوسنا من عبودية الخوف بالمحبة الإلهية ([248])].

يلزم أن يكون التأديب أكثر صرامة وحزماً طبقاً لمسئولية المؤمن فى الكنيسة ودوره دون استثناء. وكما يقول العلامة أوريجينوس: [كل الخطاة فى الكنيسة… مستحقون للعقاب. لكن عقابهم يختلف تبعاً. للمرتبة التى يشغلونها… يستأهل الموعوظ رحمة أكثر من المؤمن. وللشماس الحق فى العفو أكثر مما للكاهن. أما ما يتبع ذلك، فلستم فى حاجة لأخبركم عنه… إنى أخاف دينونة الله. وأضع أمام مخيلتى صورة لما سيحدث فيها… أضع فى اعتبارى القول: إن كان الحمل أثقل مما يمكنك تحمله فلا ترفعه. فماذا أنتفع إن كنت أتوج عند منبر المعلم فى مكان الشرف… إذا كنت عاجزاً عن إنجاز العمل الذى يستلزمه وضعى (كمعلم)؟ سيكون عقابى، حينئذ أكثر ألماً، فى وقت يعاملنى فيه كل الناس باحترام، على أساس إنى صالح، فى حين أكون أنا خاطئاً ([249])].

يقول العلامة اوريجينوس إنه يلزمنا ألا نتسرع بالتأديب العلنى. [(الله) لا يُريدك، إذا ما رأيت خطيئة أخيك أن تندفع مُسرعاً إلى مكان عام، وأن تصيح بغير تمييز، مفشياً سره. فإن مثل هذا التصرف لا وحدكما “(مت18: 15). فعندما يرى من أخطأ أن سره قد حفظ، يكون فى وسعه أيضاً إصلاح موقفه فى خجل ([250])]. ويقول القديس باسيليوس الكبير: [لا يليق بالأطباء أن يسخطوا على المرضى، بل يلزمهم أن يضادوا الأمراض ليشفوا المرضى]. ويميز القديس أمبروسيوس بين كراهية الشر وكراهية الأشرار: [يلزم تفسير كلمات (مز119: 113) لتعنى أنه كان يكره الشر ذاته، لا فاعلى الشر الذين بالرغم من أفعالهم يمكن أن يتغيروا بالكرازة بالإنجيل ([251])].

فاصل

من كتاب: كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى