علاقة المعمدان بالمسيَّا
العماد بالماء والعماد بالروح والنار
لما أحس المعمدان أن الشعب بدأ يُخطئ في فهم شخصيته وظنوا أنه ربما يكون هو المسيا، بــدأ يكشف العلاقة بينه وبين المسيا القادم، بوضوح وبلا تردُّد «لست أنا المسيح» (يو 20:1). فلما سألوه «وقالوا له فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبي؟ أجابهم يوحنا قائلاً: أنا أعمد بماء …» (يو 1: 25و26). والمعنى أنه يطهر بالماء ويعدّ فقط للآتي الذي سيُقدس بالقوة الإلهية. هذا يرفع المعمدان المسيَّا الآتي إلى موقعه الحقيقي من الله ومن الأمة. وما هو إلا السابق المنادي بالآتي الذي سيعمد بالروح القدس ونار ولسان حال المعمدان: أنا أغسل الجسد وأغطس في الماء، ولكنه هو سيطهر النفس من الداخل ويغمر بالروح القدس الذين يؤمنون به. وأما النار فهي القدس التي تحرق الشوائب وتجلّي الخليقة الجديدة المطهَّرة كما بنار. فهي تحرق وتضيء بآن واحد. فالذي يؤمن يجليه الروح القدس ويعده ليشترك في المجد العتيد، والذي يرفض فالروح يحرق ليلاشي كل ما هو ليس الله . فالذي الله يضيء: «فليضئ نوركم» (مت 16:5)، والذي ليس طبيعة الروح الله يسير في الظلمة وينتهي إلى خدمتها.
ويصف المعمدان المسيح بأنه هو صاحب الحقل وحصاد الأيام الأخيرة الذي ينقي بيـــدره أي ملكوته من غير المستحقين للدخول إلى ملكوته الذين يصفهم بأنهم كالتبن؛ فالقمح يُرفع أمام الله كخبز الوجوه، أمَّا التبن فيُلقى في التنور لتلتهمه النار.