السبي البابلي
رغم السبى الأشورى لمملكة الشمال إسرائيل، لم تتعظ مملكة يهوذا، بل اعتقدوا ان الله لن يسلمهم للسبى رغم شرورهم، لأنهم نسل الملك داود، ولأنهم يعيشون فى أورشليم حيث الهيكل والمذبح.
لم تزد أيام يهوذا كثيراً بعد سقوط إسرائيل في سنة ٧٢١ ق.م ووقوعها في سبي لم يكن له عودة، إذ بقيت يهوذا ما يقرب من قرن وربع في حالة مهدَّدة تدفع الجزية لأشور .
حكم يهوياقيم على اليهودية (٦٠٩-٥٩٨ ق.م ):
كان موالياً لمصر عن هزيمة وجزية، ووقعت الأرض في أيامه تحت وطـأة جزية لا تتناسب مع فقر البلاد، وقد قُدَّرت عن كل رأس حر في البلاد، وبـه انتهت حرية اليهودية التي دامت عشرين سنة.
حال اليهودية تحت ولاية مصر: (٦٠٩-٦٠٥ ق.م )
ولو أن فرعون نخو انهزم أمام قوة البابليين وعجز أن يساند أشور سنة ٦٠٩ ق.م، إلاَّ أنه بعودته أدخل سوريا وفلسطين تحت الجزية وظلَّتا كـذلك لمـدة طويلة. وقد تبادل جيش مصر وجيش بابل الغارات المتتالية في منطقة الفرات – كركميش دون نصر واضح . وفي أثناء ذلك كانت وطأة الجزية على اليهودية معوَّقة للنهضة التي أراد يهوياقيم أن يحاكي بها ما عمل أبوه من جهة العبـادة والتنظيم، ولكن لم يكن على كفاءة أبيه، وكان قاسياً في تـصرفاته وكـثير الطموح، فقد بنى قصراً لنفسه غير القصر الذي ورثه عن أبيه، ولكـن بنـاه بالسخرة! وقد شنَّع به إرميا النبي (إر٢٢ : ١٣ -١٩).
وزحفت عبادة الأصنام على اليهودية من جديد وانطفأت شعلات العبادة والتجديد وتقهقرت روح الشعب وأنـَّت من جراء الجزية وضلالة الملـك. وأخلاق الشعب عادت إلى الانحلال والفجور واقتـراف الـشرور والآثـام واضطهدوا أنبياءهم وقتلوهم. وكانت النتيجة أن سقطت اليهودية مـرَّة أخرى في يد أعدائها :
السبي الأول لليهودية: (٦٠٥ق.م )
فجأة انقلبت موازين القوى في الشرق على الفرات ونواحيه، وكان مـن نتيجته أن وُضعت اليهودية أمام تهديد خطر حاسم. إذ انقض نبوخذناصر على معسكر المصريين في كركميش بين النهرين حيث كانت سوريا تحت حكـم مصر وهزمهم هزيمة شديدة، كما أخبرنا النبي إرميا بدقة مذهلة (إر١:٤٦و ٢).
هنا تحرَّج مركز اليهودية وانكشف ملك اليهودية العميل الرسمي لنخو ملك مصر
البابليون يتقدمون:
عاد نبوخذناصر وكرَّر ضربته الموجعة للمصريين المعسكرين في حمـاة في منتصف أرض سوريا وبهذا انكشفت له مناطق سوريا الجنوبية ومعها فلسطين! ففي أغسطس سنة ٦٠٥ ق.م وقف تقدم زحف البابليين إذ جاءتهم الأخبـار بموت نابوبلاصر Nabopolassar الذي أرغم نبوخ ذناصر بالعودة يطلب مزيداً من القوة، وكان ذلك في سبتمبر من نفس السنة.
ولكن استأنف البابليون زحفهم، وبنهاية سنة ٦٠٤ ق.م ظهرت جيـوش نبوخذناصر في سهول فلسطين فاستولوا على أشقلون وهـدموها (إر ٥:٤٧) وسلبوا كل ما فيها إلى بابل مع جيادها وبحَّاريها. وقد اكتشف في مـصر خطاب باللغة الأرامية مُرسل مـن ملـك اليهوديـة إلى الفرعـون يطلـب النجدة. وأُعلن الصوم العام في اليهودية في ديسمبر سـنة ٦٠٤ ق.م (إر ٩:٣٦) وكان هذا النداء بدون علم الملك يهوياقيم، فلمَّا بلغه كلام هذا المكتوب «وكان الملك جالساً في بيـت الشتاء في الشهر التاسع والكانون قدامه متقد . وكان لمَّا قرأ يهودي (الكاتب) ثلاثة سطور أو أربعة (من سفر إرميا) أنه شقَّه بمبراة الكاتب وألقاه في النار التي في الكانون حتى فنى كل الدرج» (إر٢٢:٣٦-٢٤). على أن الدرج كـان يحمل نبوَّة إرميا ضد اليهود وأُورشليم وضد الملك كما هو مكتـوب في (إر ٣٠:٣٦) وعن قضاء االله المحتوم على البلاد.
وما أن نزل نبوخذناصر إلى فلسطين حتى حوَّل يهوياقيم ولاءه من مـصر إلى بابل سنة ٦٠٣ ق.م، ولم يكن مقصد نبوخذناصر أن يستولي على الـبلاد بل كان مجرد إظهار قوته وسلطانه. واستطاع جيش بابـل أن يغطِّـي أرض فلسطين كلها سنة ٦٠٣ق.م.
وغيَّر يهوياقيم الجزية من نحو مصر إلى نبوخذناصر ببابل (٢ مل٢٤ :١-٣).
وهكذا تحرك نبوخذناصر في أواخر سنة ٦٠١ ق.م نحو مـصر واصـطدم بجيش مصر على الحدود المصرية قرب بيلوزيوم (بورسعيد الآن )، وتحمل الفريقان خسائر فادحة عاد بعدها نبوخذناصر إلى بلاده وأمضى سنة ٦٠٠ ق.م في تحسين جيشه .
أمَّا يهوياقيم ملك اليهودية فاعتبر عودة نبوخذناصر شبه مهزوم إلى بـلاده أنه انكسر فتشجع وثار ضد نبوخذناصر ولم يدفع له الجزية، وكانـت هـذه جهالة قاتلة، علماً بأن إرميا النبي حذَّرهم كثيراً جداً أن لا يعتمدوا على مصر وأن نبوخذناصر قادم بجيشه وسيستو لي على البلاد، فطلب الملـك وجهـلاء الشعب أن يقتلوه . فلو أن نبوخذناصر لم يكن لديه نية لدخول اليهودية ولكنه عسكر في النواحي القريبة – في بيلوزيوم على حدود مصر سنة ٦٠٠ إلى سنة ٥٩٩ ق.م، ثم في سنة ٥٩٩ إلى سنة ٥٩٨ ق.م نزل على اليهودية حـتى لا يجعل يهوياقيم يفلت من العقاب . وفي سنة ٥٩٨ تحرك جيش نبوخذناصـر في شهر ديسمبر ولكن في هذا الشهر مات يهوياقيم. ومعروف بحسب إرميا النبي أنه اغتيل هو وأشراف المدينة، ذبحهم نبوخذناصر وألقى بجثة الملك أمـام السور دون دفن وهكذا تمَّ كلام إرميا النبي بالحرف الواحـد(إر٣٦: ٣٠و ٣١).
وبعد موت يهوياقيم بعد أن عاش ستة وثلاثين سنة حكم منـها إحـدى عشرة سنة، أخذوا ابنه يهوياكين (بالكاف) Jehoiakin وأجلسوه عوض أبيه ( ٢مل ٨:٢٤)، وحكم ثلاثة أشهر وعشرة أيام . وفي ١٦ مارس سـنة ٥٩٧ ق.م أُخضعت اليهودية لجيوش نبوخذناصر وأخذوا الملك يهوياكين وأُمه الملكة وكبار الضباط والموظفين وكل رؤساء وشيوخ الشعب وساقوهم إلى بابـل، ثلاثة آلاف نفس، وكان من بينهم النبي حزقيال الذي كان وقتها صغير السن .
ولكن يقول المؤرخ برايت إن هذا الرقم بحسب إرميا النبي يـشمل الرجـال البالغين فقط، ولكن الرقم الحقيقي بحسب ٢ مل ٢٤: ١٦،١٤ هو بين عشرة آلاف وثمانية آلاف نفس.
وأقام الشعب عم يهوياكين ويُدعى ماتانيـا Mattaniah وهـو صـدقيا كحاكم للبلاد مكان الملك.
نهاية مملكة اليهودية:
كان من المفروض بعد المعاناة التي مرًّت فيها اليهودية وخـبرة عـدم الأمانة لرؤساء الشعب الذين ملَّكهم االله عليهم لتأديبهم أن يكونوا طيَّعين تحت اليد العالية التي لنبوخذناصر، ولكن يبدو أن تأديبهم من قبـل االله لم يكمل بعد.
حكم صدقيا الملك: (٥٩٧-٥٨٧ق.م)
كان متردداً بروح العصيان والتمرد لتخريب حياته وبلده، وقـد نجـح في إسقاط السقف على رأسه، حتى أنه في خلال عشر سنوات كان قد بلغ بالبلاد إلى الخراب الأخير.
كان بعد الاضطرابات التي حدثت بسبب جنون يهويـاقيم أن اليهوديـة تكلَّفت فوق طاقتها وفوق فقرها جزية أرهقت الأرض والشعب والبلاد، حتى أن بعض المدن مثل لخيش ودبير كانت قد تخربت، وفقدت اليهودية أجزاء من أرضها بعد ذلك عندما رفعت سيطرتها عن منـاطق الجنـوب ، أمـا اقتصادها فقد انكمش وتعدادها ضعف، مع أن عدد المسبيين منها لم يكن كثيراً، إنما كانوا من كبراء ووجهاء اليهود.
والذين تبقوا في اليهودية لمعاونة صدقيا الملك كانوا من مغـالاة القـوميين الوطنيين الذين أعمت الوطنية أبصارهم فلم يعودوا يرون الصالح لـبلادهم في الأيام العصيبة. وحتى صدقيا الملك لم يكن كفءاً لإدارة البلاد في مثل هـذه الساعات الحرجة، ولو أن مقاصده كانت حميدة، إنما لم يكـن فيـه القـدرة للتعاون مع مساعديه، كما أنه كان متخوفاً من حركـات الـشعب، هـذا بالإضافة إلى أن يهوياكين الملك المسبي في بابل كان محسوباً لدى الشعب أنـه الملك الحقيقي، بل وحتى بابل نفسها كانت تعتبره كذلك.
والسجلات التي عُثر عليها في بابل كشفت أن يهوياكين كان مقيداً فيهـا أنه ملك اليهودية في الوقت الذي وجدت فيه شقافة في أرض فلـسطين تحمل نقشاً باسم ألياقيم وزير يهوياكين، مما يفيد أن تاج الملوكية كان لا يزال محسوباً له في البلاد نفسها. وكان اليهود الذين في الأسر في بابل يحسبون سنيهم منذ نفي الملك يهوياكين . وقد ذَكَر هذا بوضوح حزقيال النبي (حز٢،١:١).
وبنفس هذه المشاعر كان يعيش أهل اليهودية، ونستشعر هذا مـن كـلام إرميا النبي ( إر ٢٧: ١-١٣) .
وهكذا نفهم أنه قد سرت مشاعر ثورية حمقاء بين شـعب اليهوديـة وفي قلب صدقيا نفسه كما بلغت هذه المشاعر بواسطة الأنبياء الكذبة إلى المسبيين. وابتدأت حركة التمرد من الجيش هناك في السبي أن العودة قريبـة، وبـدأ ت الحركات العشوائية تسري بين الشعب، فعلا صوت إرميا يحذِّر: «اطلبوا سلام المدينة التي سبيتكم إليها وصلوا لأجلها إلى الرب لأنه بسلامها يكون سـلام لكم. لأنه هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل : لا تغشكم أنبياؤكم الـذين في وسطكم … لأنهم إنما يتنبأون لكم باسمي بالكذب، أنا لم أرسلهم يقول الرب. » (إر٢٩: ٧-٩).
ويبدو أنه بلغت نبوخذناصر خبر هؤلاء الأنبياء الكذبة الـذين في وسـط الشعب فقتلهم أمام أعين الشعب (إر ٢١:٢٩). ولكن الثورة المكتومة التي قام بها أهل السبي في بابل والتي أُقمعت بلغت أخبارها اليهودية، ففي سنة ٥٩٤-٥٩٣ ق.م قام سفراء للخراب من أدوم وموآب وعمـون وصـور وصـيدا وتقابلوا في أُورشليم ليخططوا لقيام ثورة، وكان هذا يوافق الـسنة الرابعـة لصدقيا الملك، وأشاعوا بين أنبياء كذبة في اليهودية أن االله قد كسر نـير ملك بابل، وأنه في ظرف سنتين (بحسب إرميا ٢:٢٨) سيعود يهويـاكين والمسبيون معه ظافرين إلى أُورشليم . وأسرع إرميا ليدحض هذه الافتراءات وأرسل خطاباً إلى المسبيين أن يكفُّوا عن الأحلام الكاذبة ويعملوا حسابهم لسبي طويل.
وأما صدقيا فبعد أن جس نبض مصر في المساعدة على قيام ثورة فكان الرد بالنفي، قام بنفسه بسبب خوفه واتجه إلى بابل ليقدم خضوعه لنبوخذناصر .
الثورة الأخيرة وخراب أُورشليم (٥٨٩- ٥٨٧ ق.م ):
كان المقضي به مؤجَّلاً إلى حين، ففي خمس سنوات حـتى سـنة ٥٨٩ ق.م شبت روح الوطنية يحمَّسها ثقة عمياء كاذبة غير مخـضعة للواقـع، دفعـت اليهودية إلى الثورة المكشوفة العارمة التي لا رجعة فيها دون أن يكـون لهـا أسباب أو مسببات واضحة. ولكن المعروف أنه كان هناك اتفاق مـع مـصر وفرعونها خفرع Hophra (٥٧٠-٥٨٩) الذي تولَّى بعد بـسماتيك الثـاني (٥٩٤- ٥٨٩) والذي مارس التدخل في شئون بلاد أسيا. ولكن لم تكن الثـورة شاملة لفلسطين وسوريا معاً، بل فقط في صور التي حاصرها نبوخذناصر بعد أُورشليم وسقطت، وعمون كما يخبرنا إرميا (١٣:٤٠ إلى ١٥:٤١) وحزقيـال(١٨:٢١-٣٢ ). أمَّا بقية البلاد فكانت الحركة فيها هزيلة ما عدا آدوم التي دخلت مؤخراً ولكن في صف البابليين (مز١٣٧: ٧-٩)
أما البابليون فكان عملهم سريعاً، ففي يناير سنة ٥٨٨ق.م (٢ مل ١:٢٥)- ( إر ٤:٥٢) وصل جيشهم ووضع أُورشليم تحت الحصار (إر ٢١: ٣ -٧ ) وأسقطوا القلاع الحصينة واحدة تلو الأخرى، حتى أخيراً في نهاية السنة لم يتبق من النقاط إلاَّ لخيش وعزقة (إر ٦:٣٤). وهكذا انحطَّـت معنويـات أهـل أُورشليم وتيقن قوَّادها أن الأمر ميئوس منه . ففـي صـيف سـنة ٥٨٨ ق.م وصلت الأخبار أن جيشاً من مصر يتقدم وقد كسح الحصار عـن أُورشـليم وتراجع البابليون أمام المصريين . وواضح أن صدقيا ملـك اليهوديـة أسـرع بإرسال الاستغاثة التي وصلت في حينها . ولكن كان تراجع البابليين تراجعـاً تخطيطياً مؤقَّتاً (إر ٥:٣٧). وهكذا سرت موجة من السعادة والراحة والغبطة في قلوب أهل أُورشليم ما عدا النبي إرميا الذي ظلَّ يـصرخ : لا تـصدقوا لا تصدقوا، الخراب قادم قادم (إر ٣٧ :٦-٢١:٣٤،١٠). وبناءً عليه ومن واقع نبوة إرميا انخذل جيش المصريين وارتد إلى الوراء وأعاد البابليون الحصار!
ومع أن أُورشليم قد صمدت صمود الجبابرة حتى صيف السنة التالية، لكـن كان مصيرها محتوماً . فأراد صدقيا أن يستسلم (إر ١٤:٣٨-٢٣) ولكنه جـبن، وفي يوليو سنة ٥٨٧ ق. م في السنة الحادية عشر من ملك صدقيا سقطت المدينـة أثناء الليل ( ٢مل ٢:٢٥ ) (إر ٧:٥٢) بعد أن فرغ تموين الشعب، فاقتحم البابليون الأسوار واندفعوا داخل المدينة، وأحرقـوا الهيكـل عـن آخـره بحـسب يوسيفوس. أما الملك صدقيا ففر مع حاشيته وعساكره ليلاً نحو الأُردن ٢( مل ٥؛ إر ٧:٥٢) طلباً للأمان في عمان، ولكنه أُوقف قرب أريحا وقُبض عليـه وقدموه أمام نبوخذناصر وهو معسكر في ربلا Ribla في سوريا ولم يرحمـة !!
فبعد أن قتلوا أولاده أمام عينيه خلعوا عينيه وربطوه بسلسلة إلى بابل حتى مـات هناك (٢ مل ٢٥ :٦ ،٧)(إر ٥٢: ٩-١١). وحضر قوَّاد نبوخذناصر وهـدموا أسوار المدينة إلى الأرض وقبضوا على خدَّام الهيكل ورجال الدين ورؤساء الشعب واستقدموهم أمام نبوخذناصر وقتلوهم أمامه، وبقية الشعب رُحَّل إلى الـسبي في بابل. ويقدر إرميا عدد الرجال البالغين منهم بـ ٨٣٢شخصاً.
وانتهت مملكة اليهودية إلى الأبد!
تعقيب وقصة جداليا Gedaliah:
بعد سقوط المدينة وحرق الهيكل وهدم الأسوار وخراب المدينـة، أدخـل البابليون اليهودية كأحد أقاليم الامبراطورية، وذلك بعـد أن خربـت الأرض وهدمت المدن وتحطَّم اقتصادها، ورعاياها إما قُتلوا أو أُسروا ورُحَّلوا للـسبي، وأصبح شعب الأرض من المساكين والفلاحين الذين لا حول لهم ولا قوة ولا ثورة ولا مكيدة ( ٢مل ١٢:٢٥) (إر ١٦:٥٢). وأقام البابليون حاكماً على البلاد: جداليا رجلاً من أسرة نبيلة أبوه أخيقام الذي كان قد أنقذ حياة إرميا من الموت (إر ٢٤:٢٦)، وكان جده شافان سكرتير يوشيا في أعمال الحكومة ( ٢مل ٣:٢٢) باعتباره الشخص الأول الذي يدبر ويحرك الأمور . وقد وجِدت حفرية في مدينة لخيش تقول عن جداليا أنه رئي س وزراء على بيت صـدقيا.
ولأن أُورشليم قد خربت وما عادت تصلح للسكنى جعل إقامته الحكوميـة في المصفاة Mizpah (الآن تل النصبة ). ولكن أخفـق جـداليا في إدارة الـبلاد والشعب الفقير الجائع، ولا يعلم أحد مقدار وجوده في هذا المنصب ويقال إنه لم يزد عن ثلاثة شهور أو ربما تصل حتى إلى سنة أو اثنتين.
وقامت مؤامرة لقتله بواسطة إسماعيل Ishmael واحد من الأسرة المالكـة ولقد نجح إسماعيل في الانفراد بجداليا مع بعض أعوانه وقتلوه، وقاموا وهربـوا إلى مصر وأخذوا إرميا النبي معهم بالقوة .
وهكذا أصاب بلاد اليهودية خراب في المدن والأرض و الشعب، ولا يعلـم أحد ما أصاب هذه البلاد في حالك هذه الأيام.
الشعب اليهودي في السبي
وأما الذين سباهم نبوخذ نصـر إلـى بابل فصاروا عبيدًا له ولبنيـه إلـى ان ملكت مملكة فارس.
بكى اليهود هناك فى بابل كما قيل فى المزمور: “عَلَى أَنْهَارِ بَابِلَ هُنَاكَ جَلَسْنَا. بَكَيْنَا أَيْضًا عِنْدَ مَا تَذَكَّرْنَا صِهْيَوْنَ” (مز 1:137). فكل شىء كان يدعو للحزن والكآبة، حتى إن أهل بابل المحبين للفن طلبوا ان يرنم لهم اليهود ترنيماتهم، ولكن اليهود ردوا بمرارة: “كَيْفَ نُرَنِّمُ تَرْنِيمَةَ الرَّبِّ فِى أَرْضٍ غَرِيبَةٍ؟” (مز 4:137)، حيث كانوا يشعرون بمرارة سبيهم بعيدا عن مذبح الله، وعن المدينة المقدسة، وأن هذا السبى نتيجة للخطية وفى الترنم تعزية وفرح، فكيف نرنم ونحن فى هذا الحال من المذلة؟!
لكن الله الحنّان الموجود فى كل مكان موجود معهم أيضًا فى أرض السبى، وأوجد من بين المسبيين الأنبياء والقديسين أمثال: دانيال النبى، والفتية الثلاثة، ،أستير، سوسنة العفيفة ،زربابل، عزرا، نحميا وغيرهم كثيرين.. وسمح بمعجزات فى أرض السبى..
فلما تمت ال 70 سنة، تحقق بذلك كـلام الرب على فم إرميا النبى الذى تنبأ بـه قبل السبى بنحو 200 سنة، والذى حدد مدة السبى ب 70 سنة. وفى حكم كورش ملك فارس، فى السنة الأولـى لحكمـه علـى مملكـة بابل، نبه الرب روحه ان يطلق المسبيين ليعودوا إلى أورشليم.
المراجع:
السبي الأشوري | مملكة يهوذا | العودة من السبي |
تاريخ العهد القديم |