الثورة المكابية بقيادة أرسطوبولس الثاني

(٦٧ -٦٣ق.م )

كان المفروض بعد موت ألكسندرا أن يتولَّى هركانوس الثاني ابنها الأكبر الحكم رسمياً، ولكن أرسطوبولس جرَّد جيشاً على أخيه الأكبر والتحم معه في أريحا. فانهزم هركانوس أمام أخيـه الأصـغر بـسبب مـوالاة الجنـود لأرسطوبولس، وهرب هركانوس إلى أُورشليم فتتبعه أخـوه وأجـبره علـى التسليم، ثم أطلق سراحه على شرط التنازل عن الملوكية ورئاسة الكهنـوت. فتم لأرسطوبولس كل ما كان يتمناه منـذ مـوت أبيـه فتـرأس المملكـة والكهنوت.

بيد أنه كان هناك عدو لأرسطوبولس يتربص له وهو والي أدومية واسمـه أنتيباتر أو (أنتيباس) وهو أبو هيرودس الكبير المزمع أن يلعب دوراً كـبيراً في اليهودية. وكان أنتيباس صديقاً لهركانوس الأخ الأكبر لأرسطوبولس كما كان صديقاً للملك العربي أريتاس الثالث ملك النباطيين الذي كانت قاعدة ملكـه بترا (البطراء)، لأن امرأة أنتيباس مع أنها كانت يهودية إلاَّ أنها كانت ذات صلة بالعائلة العربية الحاكمة في بترا.

وبذلك اتفق أنتيباس مع هركانوس ونزلا معاً إلى بترا وعقدا معاهدة مـع أريتاس الثالث، وتقدما معاً لمحاربة أرسطوبولس وهزماه، فهرب واعتـصم في أُورشليم حيث حاصره جيش أريتاس مع هركانوس . وبينما الحرب دائرة كان بومبي القائد الروماني يزحف بجيشه ناحية سوريا بعد غزوه أسـيا الـصغرى وأرمينيا سنة ٦٤ ق.م وأرسل قائده “سكاوروس” لاستطلاع اليهودية وحسم الـتراع بـين الأخـين المتنازعين والاستفادة مـن الموقـف. وقـد انحـاز سكاوروس أولاً لأرسطوبولس وألـزم محاصـريه أن يفكوا الحصار عنه. ولكن أرسـطوبولس لم يكتـف بذلك بل خرج من أُورشليم بعد فك الحصار وتـابع  أعداءه حتى وصلوا أدومية وهناك هزمهم بشدة ، وكان بومبي قد وصـل دمشق سنة ٦٣ ق.م، فصعد إليه هركانوس وأرسطوبولس وكل منهما يريـد أن يستميله إليه ولكن بومبي انحاز إلى هركانوس وبعد عـدة مواقـع ضـد أرسطوبولس حاصره أخيراً في أورشليم ودام الحصار ثلاثة أشهر ثم انهـارت المقاومة، وذبح اثني عشر ألفاً من اليهود، ودخل بومبي الهيكل وتجرأ ودخـل قدس الأقداس ولكن استمرت العبادة كما هي بعد ذلك.

ومنذ ذلك الحين دخلت اليهودية تحت الجزية الرومانية.

وأُضيفت اليهودية إلى إقليم سوريا بعد أن انسلخت منها مـدن الـساحل وبلاد السامرة وكل المدن العربية شرق الأُرد ن، ولكن ظل يتبعها إقليم الجليل وأدومية وبيريه . وفقدت مظهرها السياسي كمملكة، وفقد هركانوس لقـب ملك إذ أقامه بومبي للإشراف “مديراً” لمقاطعة اليهودية ورئيساً للكهنـة على أن يقوم بدفع جزية سنوية لروما، وحمل بومبي أرسطوبولس هو وعائلتـه وأرسله إلى روما، ولكن ابنه الأكبر اسكندر هرب من السفينة أثناء الطريـق وعاد إلى وطنه.

وباتصال اليهودية بروما بدأت عصراً جديداً مختلفاً في العلائق والمعـاملات عن باقي العصور السالفة، فإن كانت قد بلغت درجة كبيرة مـن الاتـضاع وفقدت كافة اتساعها وامتداداتها الخارجية عن حدودها الأصلية، إلاَّ أنها بدأت تنعم بحرية دينية كاملة .

وبقي هركانوس (الثاني) كما هو يحكم اليهودية تحت الجزية الرومانية، ولكن في الحقيقة كانت القوة المحركة والمدبرة لهركانوس هو “أنتيبـاس ” والي أدومية.

فاصل

المراجع:

  1. تاريخ بني إسرائيل – الأب متى المسكين

فاصل

كما يمكنك أن تقرأ أيضاً

 

زر الذهاب إلى الأعلى