رحلة الخروج

محطات الخروج

مقدمة :-

سجل لنا موسى النبي “٤٢” محطة تنتھي بدخولھم أرض الموعد ھذا یذكرنا بقول الإنجیلي :” فجمیع الأجیال من أبراھیم إلي داود أربعة عشر جیلاً ، ومن داود إلي سبي بابل أربعة عشر جیلاً ، ومن سبي بابل إلي المسیح أربعة عشر جیلاً ” (مت ١٧:١) وكأن الأجیال من أبراھیم أب الآباء إلي السید المسیح “٤٢” جیلاً مطابقاً عدد المحطات التي عبر بھا الشعب قدیماً في انطلاقه من مصر إلي أورشلیم وكأن ھذه المحطات تمثل الخلاص وتاریخه خلال البشریة .
لقد خرج بنى إسرائیل من مصر بجنودھم آي یحملون قوة للجھاد الروحي وھذه القوة في حقیقتھا ھي السید المسیح الذي عبر بالبشریة خلال التاریخ كسر قوتھم حتى ظھر بتجسده بعد إثنین وأربعین جیلاً ھذا من جھة العدد.
أما من جھة أسماء المحطات فتحمل عملاً رمزیاً مستمراً یرفع النفس من حالة العبودیة للعبور بھا إلي أعالي السموات لھذا یسمیھا العلامة أوریجانوس “مركبة من كلمات غامضة “ھذه المركبة تعبر بنا من قوة إلي قوة” (مز ٨٤ :٧) ومن مجد إلي مجد یتخللھا آلام كثیرة وتجارب تزید من قوتنا الروحیة وأمجادنا …
وفیما یلي ملخص لأسماء المحطات الإثنین والأربعین الواردة في ھذا الإصحاح وما تحملھ من معاني رمزیة.

رعمسیس :-

 اسم مصري قدیم یعني إبن إله الشمس (رع) كما یعني بیت رمسیس إذ بناھا رمسیس الثاني كعاصمة للدلتا في حدود مصر الشرقیة وسماھا بإسمه.
 ویظھر من (تك ١١:٤٧ ) إنھا في أرض جاسان وتسمى حالیاً صالحجر أو صان الحجروالأرجح أنھا إحدى مدن المخازن التي بناھا الإسرائیلیون في مصر (خر ١١:١ ) .
 ویرى العلامة أوریجانوس أنھا تعني بلد الفساد أو اضطراب مزعج أو اضطراب بالبرغوث .
 وتبدأ الرحلة بالإنطلاق من موقع الفساد مكان العثرة والخطیة حیث تكون النفس في حالة اضطراب ، وفي ھذا الموضع یدفن الأشرار أبكارھم (ع٤) ویفقدون سلامھم لھذا یھرب المؤمنون منھا ، یقول العلامة أوریجانوس “كل ما في العالم یسقط فریسة للاضطراب والقلق والفساد ، الأمور الممثلة في البرغوث . لھذا یجب على النفس ألا تمكث فیه (محبة العالم وإغراءاته) بل ترحل منه إلي سكوت” .

سـكوت :-
 إسم عبراني یعني مظلات أو خیام وتقع غالباً في وادي الطمیلات ، ظن البعض أنھا المدینة المحیطة بفیثوم لكن الرأي الأغلب أنھا تل المسخوطة في نھایة شرق وادي الطمیلات .
 من الناحیة الرمزیة إذ تنطلق النفس من رعمسیس حیث الاضطراب الداخلي تنطلق إلي سكوت (الخیام) لتعیش متغربة ومتنقلة لا تستریح حتى تبلغ حضن الآب السماوي مستقرة في المسیح یسوع .
یقول العلامة أوریجانوس “إذ تنفض عنك صدأ الفساد وتبتعد عن مجال الرزیلة أسكن في الخیام ، ھذه التي لا نرید أن نخلعھا بل أن نلبس فوقھا (٢كو ٤:٥) یسكن في الخیام من یركض نحو الله حراً بلا قیود ولا أحمال” وأیضاً
“أول تقدم للنفس ھو أن تتخلص من الاضطراب الأرضي وتعرف أنه یجب علیھا أن تسكن في الخیمة كالبدو الرحل فتكون كجندي تحت السلاح مستعد لمواجھة الأعداء (الروحیین) ومتیقظ وغیر مرتبك” .

إیثـام :-
شرقي مدینة سكوت (تل المسخوطة) على طرف البریة في نھایة الطرف الشرقي لوادي الطمیلات أمام بریة إیثام ویظن أن إیثام كانت بالقرب من مدینة الإسماعیلیة الحالیة .
یرى العلامة أوریجانوس أن كلمة إیثام تعني علامة أو مضیق وھي المحطة الثالثة في الرحلة لھذا يرى العلامة أوریجانوس أنھا تحمل رمز قیامة المسیح في الیوم الثالث .
 فعند بلوغھم ھذه المحطة جاءوا إلي حافة البریة واستطاعوا أن یتمتعوا بظل الحیاة المقامة مع السید المسیح إذ رأوا الله یظللھم كسحابة في النھار وینیر لھم الطریق لیلاً كعمود نار ھذه العلامة التي لھذه الرحلة أو ھذه ھي الرؤیا … إنھا رحلة القیامة مع السید المسیح التي سبق لنا الحدیث عنھا .
 ویعلق العلامة أوریجانوس على معنى إیثام كمضیق بقوله “یجب علینا في المضیق أن نحتمل مصارعة عظیمة وإعلان قتال ضد الشیطان وسلاطینه المضادة ، ھكذا حارب إبراھیم في وادي (عمق) السدیم (تك ٨:١٤) ملوكاً أشراراً وغلبھم إذن سیاحتنا ھي نزول إلي سكان الأعماق والأماكن السفلیة (المضیق) لا لكي نبطئ ھناك إنما لكي نحصل على الغلبة” .
 إذن دخولنا إیثام إنما ھو دخول إلي الحیاة المقامة في المسیح یسوع ربنا حیث نغلب به إبلیس الساكن في الأعماق السفلیة أو المضیق .

فم الحیروث :-
 أو فیھو حیروث ، یظن الأب ھابیل pere Abel أنھا في مستنقعات جنفة jeneffeh على حافة الممر بین الجبل والبحیرة المرة ، وتقع بین مجدل والبحر أمام بعل صفون (خر٢:١٤- ٩).
یري العلامة أوریجانوس أن فم الحیروث تعني الصعود القاسي أو القفر وأنھا تقع بین مجدل التي تعني برج والذي یشیر إلي ضرورة حساب نفقته (لو ٢٨:١٤) والبحر ویشیر إلي أمواج التجارب المستمرة ، أما كونھا أمام بعل صفون التي تشیر إلي الصعود بسرعة أو بخفة إنما یعني أن الإنسان إذ یدخل البریة یلزمه أن یقبل الصعود القاسي أو القفر واضعاً أمام عیني قلبه حساب النفقة متقبلاً التجارب غیر المنقطعة مسرعاً في الجھاد غیر متباطئ في حیاتھ الروحیة .
 ھذا ملخص ما قدمه لنا أوریجانوس في عظاته على سفر الخروج لكنه یعود فیقدم لنا تفسیراً آخر أثناء عظاته على سفر العدد ، إنه یرى في فم الحیروث معنى فم الكفور آي مدخل أو فم البلاد الصغیرة التي تحسب كفوراً لا مدناً ، وكان فم الحیروث تعني الدخول إلي البلاد الصغیرة الضیقة حتى لا یوجد ترف المدن الكبرى بل التقشف والذھد .
فإن كانت ھذه ھي أول محطة في البریة بعد الخروج من إیثام آخر حدود مصر في ذلك الوقت فأنه یجب علینا أن نصعد إلي فم الضیق والتعب والألم ونصعد خلال الكفور الضیقة متجھین نحو مدینة الله العظمى أورشلیم العلیا.

مارة :-
 إسم عبراني یعني مر أو مرارة ، وھي عین میاة مرة جداً بلغھا الشعب بعد عبورھم بحر سوف حوالي ثلاثة أیام ومرارة المیاه جعلت الشعب یدرك مدى صعوبة الرحلة فتذمروا ولكن الله أمر موسى النبي أن یلقي بخشبة في المیاه فتصیر حلوة (خر٢٣:١٥- ٢٦) .
تقع ھذه العین في بریة شور في الطریق إلي سیناء وغالباً ھي عین حوارة وتبعد حوالي ٤٧میلاً من السویس وبضعة أمیال قلیلة من البحر الأحمر تفصلھا عنه سلسلة تلال ، عمق العین حوالي ٢٥ قدماً وإن كان الاتساع یزداد في العمق وتربة ھذه المنطقة بھا نسبة عالیة من الصودا ومیاھھا مالحة ومرة .
 إذ دخلوا في بریة إیثام ثلاثة أیام التقوا بالمیاة المرة التي صارت خلال الخشبة عذبة ومرویة : إشارة إلي تمتع المؤمن بالحیاة المقامة في المسیح یسوع خلال دفنه في میاة المعمودیة المقدسة ثلاث مرات بإسم الثالوث القدوس ، ھكذا یتحول الدفن إلي قیامة ویصلب الإنسان القدیم بأعماله المرة ویظھر الإنسان الجدید الذي على صورة خالقه.
 ھنا أیضاً یشرب المؤمن میاه الناموس فلا یجدھا مرة خلال الحرف القاتل بل عذبة ومرویة خلال نعمة الصلیب الخشبة المحییة .

إیلیم :-
 إسم عبري یعني أشجاراً ضخمة مثل السندیان والنخیل والبطم تعرف حالیاً بواحة وادي غرندل وھى على بعد ٦٣ میلاً من السویس وبھا أشجار نخیل ونبات الطرفاء (عبل) وشجر السنط .
عبر إلیھا الشعب القدیم بعد مارة فوجدوا بھا ١٢ عین ماء و٧٠ نخلة (خر ٢٧:١٥ ، خر ١:١٦) فكان ذلك إشارة إلي انطلاق النفس من مرارة الناحیة (مارة) إلي الحیاة الإنجیلیة الغنیة خلال الإثنى عشر تلمیذاً والسبعین رسولاً .
إنھا رحلة النفس من حرفیة الناموس المرة إلي عذوبة الفھم الروحي الإنجیلي فلا یكفي للإنسان أن یشرب من میاة الناموس حتى بعد تحوله إلي ماء حلو خلال خشبة الصلیب إنما یلزمه أن یشرب من المیاة الإنجیلیة الرسولیة ویتمتع بالطعام الجدید .

شواطئ بحر سوف :-
 “ارتحلوا من إیلیم ونزلوا على بحر سوف” (ع١٠) قلنا أن سوف تعني قصب الغاب لأن المنطقة الشمالیة للبحر من جانب مصر كان یمثل مجموعة من المستنقعات یتكاثر حولھا قصب الغاب .
 إذ بلغ الشعب إیلیم وتمتعوا بالحیاة الإنجیلیة الرسولیة التزموا أن لا یعبروا بحر سوف مرة أخرى بل أن ینزلوا على شواطئه إنھم دخلوه مرة واحدة إشارة إلي المعمودیة التي لن تتكرر حتى إن أنكر المؤمن إیمانه وعاد مرة أخرى بالتوبة فإنه لا ینزل إلیھا بل ینزل إلي جوارھا خلال التوبة لیستعید عمله فیھا.
 لھذا یقول الرسول بولس “لأن الذین استنیروا مرة (نالوا المعمودیة التي ھي سر الاستنارة) وذاقوا الموھبة السماویة وصاروا شركاء الروح القدس وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدھر الآتي وسقطوا لا یمكن تجدیدھم (آي لا تعاد معمودیتھم التي ھي سر تجدید الطبیعة) أیضاً للتوبة إذ ھم یصلبون لأنفسھم ابن الله ثانیة ویشھرونه” .(عب ٤:٦-٦)
 ویقول القدیس كیرلس الأورشلیمي (إننا لا ننال المعمودیة مرتین أو ثلاثة … “لأنه یوجد رب واحد وإیمان واحد ومعمودیة واحدة” (أف ٥:٤ ) فلا تعاد إلا معمودیة الھراطقة إذ لا تحسب معمودیة) ویقول العلامة ترتلیان (لا یمكن إعادة السر) .
 أنھم یعسكرون على شاطئ البحر یذكرون عمل الله العجیب خلال المیاه المقدسة وكیف خلصھم من فرعون وحطم الشیطان وكل قواتھ الشریرة ، ھذا والوقوف بجوار البحر یذكرھم أیضاً بالأمواج الشدیدة التي یتعرضون لھا خلال رحلتھم لكنھم لا یخافونھا بل یذكرون خلاصھم.

بریة سین :-
وھي غیر بریة صین وھي غالباً كلمة أكادیة مشتقة من إله القمر سین غالباً مكانھا الآن دبة الرملة وھي كومة رمال في الجنوب الغربي من الداخل عند شبه جزیرة عند سفح جبل التیه فیھا أنزل الله المن للشعب لأول مرة .
 یرى العلامة أوریجانوس أن سین تعني علیقة أو تجربة وھو یربط بین المعنیین معاً فإذ ینزل الإنسان إلي شواطئ بحر سوف یتأمل أعمال الله معه خلال میاة المعمودیة وھو یذكر العلیقة التي تشیر إلي التجسد الإلھي والصلب والقیامة فینفتح أمامه الرجاء في الخیرات الحقیقیة ، إذ یقول العلامة (یبدأ الرجاء في الخیرات الحقیقیة یتبسم لك . لكن من أین یأتي ھذا الرجاء؟ أنه في العلیقة التي ظھر فیھا الرب وتحدث مع موسى وكان ذلك أول ظھورات الله لبني إسرائیل).
 ولما كانت سین تعني أیضاً التجربة فإننا إذ نتطلع إلي العلیقة یلزمنا أن نمیز بین الرؤیا الحقیقیة التي من الله والرؤیا المخادعة التي یجربنا بھا الشیطان ھذا الذي یحول شكله إلي ملاك نور لیخدعنا (٢كو ٤:١١)ولھذا عندما رأى یشوع بن نون رؤیا سأل في الحال “ھل لنا أنت أو لأعدائنا؟” (یش ١٣:٥) كأن من یبلغ ھذه المحطة الثامنة یلزمه أن یحمل روح التمییز لیتقبل الرؤى الإلھیة ویفرزھا فلا یسقط في تجارب إبلیس وفخاخه.

دفقة :-
إسم عبراني غالباً یعني سوق المواشي وھي في الطریق بین البحر الأحمر ورفیدیم وربما في سرابیة الخادم أو بجوار وادي المغارة .
 یرى العلامة أوریجانوس أن دفقة تعني في العبریة صحة فإن النفس التي تدخل إلي بریة سین وتمحص بالتجارب ویكون لھا روح التمییز الذي یفرز ما ھو لله مما ھو من الشیطان وتُشفى من كثیر من الأمراض الروحیة وتتمتع بالصحة ، حقاً إن لكثیر من أمراضنا الروحیة إنما ھو ثمرة عدم تمییزنا الروحي .
 في دفقة تدرك النفس مسیحھا كطبیب لھا فترنم ، قائلة “باركي یا نفسي الرب ، وكل ما في باطني لیبارك إسمه القدوس .. الذي یغفر لك ذنوبك ، الذي یشفي كل أمراضك” (مز ١:١٠٣-٣ ) .

ألوش :-
بالقرب من رفیدیم ویرى العلامة أوریجانوس أنھا تعني أعمال ، فإذ تدخل النفس إلي دفقة أي إلي الصحة الروحیة وتسبح الرب الشافي أمراضھا تنطلق للعمل الروحي بفرح بلا ملل فیقال للمؤمن “لأنك تأكل تعب یدیك ، طوباك وخیر لك” (مز ٢:١٢٨) .

رفیدیم :-
 إسم عبري یعني متسعات وتقع بین بریة سین وسیناء (خر ١:١٧ ، خر ٢:١٩) .
 لم یكن فیھا ماء فتذمر الشعب على موسى الذي بأمر إلھي ضرب الصخرة بالعصا مرتین فأفاضت ماء (خر ١٧: ٥- ٦)
وفي رفیدیم تمت المعركة ضد العمالیق فكان إذ یبسط موسى یدیه یغلب شعبه وإذ یخفضھما ینغلب (خر١٧: ٣ –٨)
وإلیھا جاء حمو موسى وسجد للرب مع شیوخ إسرائیل (خر  ١:١٨-١٢).
 أما عن موقعھا فیحتمل أن یكون وادي رفاید شمال غرب جبل موسى وھناك یتصل وادي ردوا وھو مجرى ماء بارد بوادي رفاید حیث توجد واحة عند سفح جبل رفاید .
 أما التفسیر الرمزي لرفیدیم ففي رأي أوریجانوس تعني مدیح التمییز قائلاً “من الصواب أن یتبع الأعمال المدیح ولكن أي مدیح ھو ھذا؟ إنھ مدیح بروح التمییز ، فإن النفس تصیر مستحقة للمدیح حینما یكون لھا تمییز صالح، تمییز جید فتحكم في كل شئ ولا یحكم فیھا أحد (١كو ١٥:٢)”.

بریة سيناء :-
 كلمة سیناء مأخوذة عن الكلمة الأكادیة سین إله القمر ویلاحظ أن كلمة سیناء تطلق بصورة أعم على بریة سیناء كما على جبل سیناء الذي یسمى أیضاً جبل حوریب .
 تبعد ھذه البریة المحیطة بالجبل عن قادش بربیع مسیرة ١١یوماً عن طریق جبل ساعیر (تث ٢:١).
 ھذه البریة متسعة تكفي أن یعسكر فیھا الشعب عند سفح الجبل (خر ٢٠:١٩) وھي ملاصقة للجبل ، یمكن للجبل أن یلمسه الشعب (خر ١٢:١٩) ویمكن للمعسكر أن یرى قمته (خر١٦:١٩-٢٠) .
 على ھذا الجبل استلم موسى الوصایا العشر وعند سفحه تم العھد بین الله وشعبه (خر ١:٢٠ ، خر ٨:٢٤) ولم یذكر فیما بعد الكتاب أي زیارة لھذا الجبل سوى ھروب إیلیا إلیه عندما ھددته إیزابل الشریرة (١مل ٨:١٩).
ھناك نظریات كثیرة بخصوص جبل سیناء فالبعض یراه جبل سريال في وادي فیران ویرجع إلي عھد یوسابیوس المؤرخ ویمتاز بأنه جبل منعزل وعظیم جداً یبلغ ارتفاعه ٦٧٥٨ قدماً ویُرى من مسافة بعیدة لكن لیس حوله بریة تتسع لمعسكر الشعب ، أما الرأي الآخر فیرجع إلي جوستنیان حیث یرى أن جبل موسى ھو جبل سیناء وھو شدید الانحدار وفي أسفله یوجد وادي الراحة التي تبلغ مساحتھا حوالي أربعة أمیال مربعة تكفي للمعسكر ولھذا الجبل أھمیته العظمى فھو الجبل الذي تقدس بلقاء الله مع موسى على قمته لیھبه الوصایا العشر وحوله نشأت عدة كنائس مسیحیة خاصة دیر سانت كاترین الغني بمخطوطاته الأثریة وفي ھذا الدیر اكتشفت النسخة السینائیة للكتاب المقدس والتي ترجع للقرن الرابع المیلادي.
 على أي الأحوال إن رجعنا إلي التفسیر الرمزي یقول أن النفس بعد أن تدخل رفیدیم تستحق المدیح خلال روح التمییز الصالح ویمكنھا أن تصعد على جبل سیناء لتلتقي مع إلھھا في خلوة مقدسة تتسلم فیھا وصیته وتتعرف على أسراره وتتمتع بانعكاسات مجده علیھا .

قبروت ھتأوة :-
موضع ما بین جبل سیناء وحضیروت وھى على بعد ١٥ میل شمال شرقي سیناء .
 فیھا اشتھى الشعب اللحم فأرسل الله لھم السلوى لیأكلوا لحماً شھراً كاملاً وإذ أكلوا بشھوة ضربھم بالوباء .
 قبروت ھتأوة تعني قبور الشھوة أو قبور الشھوانیین (عد٣٤:١١) .
یقول العلامة أوریجانوس “إنھا بلا شك الموضع الذي تدفن الشھوات وتبطѧل فتنطفئ الرغبات الشریرة كلھا ولا یشتھي الجسد ضد الروح (غل ١٧:٥) بل نموت عن الناموس بجسد المسیح (رو ١٤:٧)” .

حضیروت :-
 ربما ھي عین خضراء التي تبعد حوالي ٣٦ میلاً شمال شرق جبل سیناء ، وھى تعنى استقرار .
ھناك تذمرت مریم وھارون على موسى حیث صارت برصاء (عد ١٢) .
 یرى العلامة أوریجانوس أنھا تعني بناء كامل (مستقر) أو تطویب، لھذا یقول “لاحظ أیھا المسافر تتابع تقدم الرحلة ، فإنك إذ تقبر شھوات الجسد وتسلمھا للموت تبلغ عظمة الموضع (الاستقرار) وتنال تطویباً . حقاً طوبى للنفس التي لا تقھرھا أي رذیلة جسدیة” .
یرى البعض أنھا تعني دیار أو حظائر وھو ذات المعنى استقرار ،فإن الѧنفس لا یمكن أن تستقر وتشعر بالراحة كمن في داره آمناً ما لم یقبر أولاً بالروح القدس شھوات الجسد وقتلھا بالصلیب!!!

رثمة :-
 إسم عبراني یعني رثمة وھو نبات من الشیح ینمو في المناطق الصحراویة ویؤكل جزوره في المجاعات كما تستخدم جذوعه وجزوره في صنع الفحم (مز ٤:١٢٠) .
 ویرى العلامة أوریجانوس أن الكلمة تعني رؤیا متممة ، فالنفس التي تقبر الشھوات الجسدانیة وتستحق التطویب والاستقرار تتمتع برؤیا روحیة سلیمة وتتعرف على أسرار التجسد والتدبیر الإلھي بطریقة كاملة وعمیقة .

رمون فارص :-
 لعلھا نقب البیار أما معناھا فھو رمانة الشق أو الثغرة آي الرمانة التي تنبت على شق أو ثغرة .
 ویرى العلامة أوریجانوس أن فارص ھنا تعني قطع أو شق بمعنى أنه یلیق بالنفس بعد عبورھا على رثمة وتمتعھا بالرؤى المتممة أن تقطع الأمور العلویة السماویة عن الأمور السفلیة الأرضیة وتفصل الأبدیات عن الزمنیات.

لبنة :-
 تعني أبیض إذ تدخل النفس إلي رمون فارص وتنعم بالفصل بین ما ھو سماوي وما ھو أرضي وتختار ما ھو سماوي فتنعم بالبیاض رمز السماء .
 فقد رأى یوحنا الحبیب السید المسیح السماوي رأسه وشعره أبیضان كالصوف الأبیض كالثلج ( رؤ ١٤:٧)
ورآه دانیال في ثیاب بیضاء كالثلج (دا ٢:٧) وأیضاً في تجلیه “صارت ثیابه بیضاء كالنور” (مت ٢:١٧)
وفي أحداث القیامة والصعود ظھرت الملائكة بثیاب بیضاء (أع ١٠:١) وفي الملكوت یظھر الغالبون بثیاب بیضاء (رؤ ٩:٧) “ھؤلاء الذین غسلوا ثیابھم وبیضوا ثیابھم في دم الخروف” (رؤ ١٤:٧) لھذا یقول دانیال النبي “تطھرون فتبیضون” (دا ٣٥:١١) إذن الدخول إلي لبنة ھو قبول الحیاة المقدسة السماویة ورفض الأمور الدنسة .

رسة :-
ربما كانت في قندیلة الجرافي بین قسیمة والعقبة شمال غربي جبل روبسة النجین وھو إسم عبراني یعني تحطیم أو ندى أو مطر غیر أن أوریجانوس یرى أنه یعني تجربة منظورة وھذا یعني المعنى القریب من التحطیم ، كما یرى أنھ یعني مستحق للمدیح .
 لھذا یقول “مھما تقدمت النفس فإن التجارب لن تفارقھا . واضح أن التجارب تلحق بھا كحارس ووقایة لھا . فكما أن اللحم یفسد بدون الملح مھما كان نوع اللحم ھكذا تفسد النفس إن لم تملح بتجارب متواصلة ، إذ بدونھا تتھاون النفس وتتراخى . لھذا السبب قیل “كل قربانك من تقأدمك بالملح تملحه” (لا ١٣:٢) لھذا أیضاً یقول الرسول بولس “لئلا ارتفع بفرط الاعلانات أُعطیت شوكة في الجسد ملاك الشیطان لیلطمني لئلا أرتفع” (٢كو ١٢: ٧) ھذه ھي التجارب المنظورة التي تجعلنا نستحق المدیح” .

قھیلاتة :-
یرجح أنھا قنتلة قرایة والتي تدعى أیضاً عجرود حیث توجد بھا آبار وخزان ماء وبھا ممر یقود إلي بئر معین.
 قھیلاتة إسم عبري یعني مجمع كما یعني رئاسة أو عصا .
كان دخول النفس إلي رسة أي إلي التجارب لا یضعفھا مادامت تحمل السمة السماویة بل بالعكس یربطھا بالأكثر بمجمع السمائیین ویھبھا سلطاناً أعظم فتصیر كملكة تسیطر على القلب والفكر وكل الحواس وتقبل الفكر الذي تریده وتطرد ما تشاء وتتحكم في كل أعماقھا الداخلیة بسلطان . إنھا تمسك بعصا التي ھي الصلیب تقول في قوة “قد صلب العالم لي وأنا للعالم” (غل ١٤:٦) وتسمع صوت عریسھا یناجیھا قائلاً “جملت جداً جداً فصلحت لمملكة وخرج لكِ إسم في الأمم لجمالك ، لأنه كان كاملاً ببھائي الذي جعلته علیك یقول السید الرب” (حز ١٦ :  ١٣-١٤).
في قھیلاتة تدخل النفس إلي مجمع السماء كملكة صاحبة رئاسة ومعھا عصا عریسھا وسر قوتھا وجمالھا لتملك معه إلي الأبد .

جبل شافر :-
یحتمل أن یكون جبل عرایف الناقة جنوب قادش ، كلمة شافر تعني جمال أو أناقة .
فالنفس التي تدخل إلي قھیلاتة وتحسب عضواً في مجمع السمائیین وتوھب سلطاناً وعصا الصلیب إنما تدخل إلي الجمال السماوي والأناقة على مستوى فائق فأنھا تسمع صوت عریسھا السماوي “ھا أنت جمیلة یا حبیبتي ، ھا أنت جمیلة” (نش ١٥ : ١) مؤكداً إعجابه بھا .
ویرى العلامة أوریجانوس أن شافر تعني أصوات أبواق ، فإذ تملك النفس مع السيد المسیح إنما تمسك بأصوات البوق التي تشیر إلي كلمة الله التي ھي سر نصرتھا وبھائھا السماوي ، إنھا تضرب بالكلمة الإلھیة أصوات أبواق الغلبة والفرح لكي تعید عیداً سماویاً بلا انقطاع (عد ١٠) .

حرادة :-
ربما في وادي لوسان أو وادي العین التي تبعد مسیرة یوم عن عین حضیرة ، وحرادة كلمة عبریة تعني رعب أو خوف .
 فإن الإنسان مھما بلغ في تقدمھ الروحي حتى إن بلغ جبل شافر فصار لھ جمال السید المسیح الروحي لكنه ینبغي أن یسلك في مخافة الرب مكملاً خلاصه بخوف ورعدة .
 یرى العلامة أوریجانوس أن كلمة حرادة تعني یجعلھه مستحقاً ، بھذا فإن من بلغ جبل شافر بأبواق كلمة الله یستحق الإكلیل .

مقھیلوت :-
ربما تكون ھي بعینھا قھیلاتة عادوا إلیھا من جدید أم بلدة مشابھة في الاسم إذ یرى البعض أنھا أیضاً تعني مجامع ویرجحون أنھا قنتلة قرایة والتي تدعى عجرود؟!
لعل العلامة أوریجانوس قد رأى أنھا عودة للجماعة إلي ذات البلد الأولى حتى رأى فیھا المعنى الرمزي منذ البدء مع أن مقیلوت تعني مجامع ، قائلاً أن من یمیل إلي التأمل في كلمة الله (جبل شافر) ویتمسك بأبواقھا لیغلب یلزمه أن یتأمل فیمن كان في البدء أي في الله الكلمة ولا یتغرب عنه قط .

تاحت :-
 إسم عبراني یعني ما ھو تحت ویظن أن تاحت موقعھا عند جبل التیه ، فمن یرید أن یتمتع بمقھیلوت أي بالمجامع المقدسة متأملاً في ذاك الذي من البدء یلزمه أن یكون آخر (تحت) الكل وخادماً للجمیع وبھذا یحیا في سلام مع الله والناس .
یرى العلامة أوریجانوس أن تاحت تعني التثبیت ومن یتضع (ینزل إلي تحت) یتأمل الذي كان من البدء لا تأملاً نظریاً ، بل خلال الثبوت فیه (یو ٤:١٥) .

تارح :-
 غالباً ھى بین عین الحضرة والقسیمة ، وكلمة تارح ھى عبرانیة تعني وعل أو نوع من العنز الجبلي .
 إلا أن العلامة أوریجانوس یرى أنھا تعني الدھش أو الاختطاف بالروح وكأن ثبوتنا في السید المسیح (كلمة الله) یدخل بنا إلي إدراك أسراره الإلھیة غیر المنطوق بھا ولا مدركة فندخل إلي مدینة الدھش حیث تختطف أرواحنا إلي حجاله السماوي .

مثق :-
 ربما ھى وادي أبو تقیة الذي ینزل من نقب العرود إلي وادي الجر عفي، وھى كلمة عبرانیة تعني حلاوة ، وكأنھا تشیر إلي الدخول إلي عذوبة المسیح یسوع وحلاوتھ خلال ثبوتنا فیه . 

یرى العلامة أوریجانوس أنھا تعني الموت الجدید ، فإن مدینة الدھش أو اختطاف الروح في الإلھیات تدفعنا بالأكثر إلي التمتع بموت السید المسیح كموت جدید لیس ثمرة الخطیة التي ارتكبناھا أو ورثناھا بل ثمرةالإتحاد مع السید المسیح المصلوب والقائم من الأموات .

حشمونة :-
 غالباً ھي وادي الھشیم ، وتعني خصب ، فإن كانت مثقة تعني العذوبة في المسیح یسوع فإن حشمونة تعني خصوبة الحیاة وإثمارھا فیه.
 یرى العلامة أوریجانوس أن حشمونة تعني عظام ، فإن كانت مثقة في رأیه ھي الموت الجديد فإنه بموتنا مع المسیح لا نخاف ولا نضطرب فإن واحدة من عظامنا (الروحیة) لا تنكسر .

مسیروت :-
 موضعھا غیر معروف لكنھا بجوار جبل ھور على حدود آدوم وھى تعني رباطات أو قیود .
 لھذا یرى العلامة أوریجانوس أن من یدخل مدینة مسیروت یقید العدو إبلیس ویطرحه فلا یكون له فینا موضع . ( أف ٤: ٢٧)

بني یعقـان :-
 أي أبناء یعقان وھي قبیلة حوریة من جبل سعیر إغتصبھا الآدومیین (تك٢٠:٣٦-٢١ ، ١ أخ ١ :٣٨-٤٢ ، تث ١٢:٢) وفي أیام الخروج كون بنو یعقان قبیلة احتلت إقلیما على حدود آدوم بالقرب من جبل ھور حیث مات ھارون وقد عسكر بنى إسرائیل عند بعض أبارھم .
 یرى العلامة أوریجانوس أن یعقان تعني ینابیع أو تنقیة ، فإذ یطرح إبلیس مقیداً ولا یكون له فینا موضع ویلزمنا أن ننھل بالأكثر من ینابیع الله النقیة آي من كلمته أو وصیته التي تنقي أعماقنا الداخلیة .

حور الجدجاد :-
ھي تعنى كھف الجدجاد وھي الجدجود (تث ٧ – ٦ : ١٠) وربما تقع على وادي غدغودة أو غداغد التابع لوادي جیرافي أو جیرعفي شمال قنتیلة الجیرافي.
 یرى العلامة أوریجانوس أن جدجاد تعني إنقباض أو تجربة ، إذ تتخلل الدجلة مواقع كثیرة تمثل أنواعاً من التجارب بدونھا لا تتقدم النفس في الفضیلة ولا تتزین بأكالیل المجد لھذا یقول “التجارب قوة للنفس وسور واق لھا ، تختلط بالفضائل جیداً وبدونھا لا تكون الفضائل جمیلة أو كاملة ، ففي تقدمنا نحو الفضائل كثیراً ما نجد محطات متنوعة للتجارب” .

یطبات :-
ربما تكون الطابة وتبعد حوالي ٢٢ میلاً شمال العقبة ، والموضع به جداول میاه غزیرة (تث٧:١٠)وھى كلمة عبریة تعني الطیبات.
 فإنه كلما دخلنا مدینة تجارب الجدجاد ننعم بخیرات أكثر وصلاح وتتحول مرارة التجربة إلي لذة نصرة في المسیح یسوع ربنا .


عبرونة :-
 وھي واحة تسمى حالیاً عـین دفیـه تبعد سبعة أمیال ونصف شمــال عصیون جابر ، وھى تعني عبورأو ممر . فإن النفس التي تتمتع بالخیرات الروحیة (یطبات) یلزمھا أن تكون في حالة عبور مستمر فتجتاز من خیر إلي خیر أعظم وترتفع من مجد إلي مجد بواسطة روح الله القدوس .

عصیون جابر :-
مدینة تقع على الطرف الشمالي لخلیج العقبة بالقرب من إیلات وربما من غربھا (تث ٨:٢،  ١مل ٢٦:٩ أى ١٧:٨) ویظن أنھا تل الخلیفة وتبعد ٥٠٠ یاردة من ساحل البحر على منتصف الطریق بین العقبة والطرف الشرقي من خلیج العقبة ومرشراش على الطرف الغربي ، وھي أسفل منحنى یمیل على الجانب الشرقي من تلال آدوم .
كانت مركزاً ھاماً لتجارة الحدید والنحاس (تث ٩ : ٨)وبنى فیھا سلیمان الحكیم أسطوله البحري مستغلاً موقعھا الجغرافي ، لكن آدوم استولت علیھا فیما بعد ثم عاد الملك أمصیا فاحتلھا منھم وبنى مرفأ إیلات (٢مل ٢٢:١٤،  ٢أخ ٢٦: ١)
 أما من الناحیة الرمزیة فیرى العلامة أوریجانوس أنھا تعني مقاصد الرجال ، فإنه بدخولنا عبرونة آي قبولنا حیاة العبور المستمر ننطلق من مرحلة الطفولة إلى نضوج الرجال أو الرجولیة الروحیة فیصیر لنا مقاصد الرجال ومشوراتھم التي قیل عنھا “المشورة في قلب الرجل میاة عمیقة وذو الفطنة یستقیھا” (أم ٥:٢٠) كما یقول الرسول “لما كنت طفلاً كطفل كنت أتكلم ، ولكن لما صرت رجلاً أبطلت ما للطفل” (١كو ١١:١٣).

بریة صین :-
 ملاصقة للحدود الجنوبیة لكنعان وھي حد لآدوم غرباً ولیھوذا إلى الجنوب الشرقي (یش ١:١٥- ٣) وكانت جزءاً من بریة فاران أو كانت قادش حداً بینھما ، وھي تختلف عن بریة سین ، تعني أیضاً تجربة .
 ھكذا ننطلق في رحلتنا من تجربة إلى تجربة ھذه التي یدخلھا من له مقاصد الرجال فیزداد نضوجاً وبھاءاً ، إنه یشبه الإناء المكرم الذي یدخل النار فیزداد نقاوة وبھاءاً ، إذ یقول العلامة أوریجانوس “الصائغ الذي یرید أن یصنع إناءاً نافعاً یقربه كثیراً من النار ویشكله بالمطرقة ویھذبه كثیراً لكي یجعله أكثر نقاوة ویھبه الشكل الجمیل الذي یقصده الفنان” .

قادش :-
 إسم سامي معناه مقدس وتسمى أیضاً قادش برنیع ، وھي واحة ھامة في شمال بریة سیناء عند طرف بریة صین (عد١:٢٠) إلي الجھة الغربیة من وادي العربة قرب التخم الجنوبي لأرض سبط یھوذا أو الحد الجنوبي لبني إسرائیل وعلى مسیرة ١١ یوماً من حوریب في اتجاه جبل سعیر وعلى طریقة ، وھي لیست بعیدة عن جبل ھور وتخم آدوم لعبت دوراً رئیسیاً في الرحلة بعد جبل سیناء مباشرة .
 ففي قادش حدث الآتي :-
تذمر الشعب على موسى بسبب عطشھم فضرب الصخرة بالعصا مرتین (عد ٢٠) .
 حدث عصیان قورح وجماعته (عد ١٦) .
 موت مریم أخت ھارون (عد ١:٢٠) .
 أرسل موسى الجواسیس إلى كنعان وجاءوا إلى الجماعة یقدمون عنقود العنب محمولاً على خشبة عربوناً للأرض التي تفیض لبناً وعسلاً (عد ٨:٣٢ ، تث ٢٠:١) .
 أرسل موسى رسلاً إلى آدوم یستأذنه في عبور أرضه إلى بلاد مؤاب (عد١٤:٢٠-٢١) .
 قضى الشعب أكبر فترة في الرحلة في ھذا الموقع لھذا یرى البعض أن الخیمة كانت منصوبة في قادش وكانت الجماعة تتنقل حولھا وتعود لأجل العبادة والقضاء فیھا .
 یرى البعض أنھا عین قدیس على مسافة ٥٠ میلاً من بئر سبع جنوباً والبعض یرى أنھا عین قضیرات القریبة منھا والأكبر من الأولى .
 من الناحیة الرمزیة فإن قادش وھي تمثل حیاة القداسة لیس لھا موقع إلا عند بریة صین أي بریة التجارب ، فخارج الألم لا یدخل الإنسان إلى الحیاة المقدسة وفي ھذه الحیاة نرتوي بمیاة الصخرة الحیة التي تفیض لنا بالروح القدس خلال العصا (الصلیب) وفیھا یتبدد كل عصیان وعجرفة لقورح وجماعتھ ونتقبѧل الموت (مریم) بلا حزن ونتمتع بعربون الملكوت (عنقود العنب) وندخل في حرب مع الشیطان (آدوم) …

جبل هور :-
 عند حدود بلاد آدوم ومات علیه ھارون وھناك دفن (عد٢٤:٢٠-٢٩، ٣٧:٣٣-٣٩ ،  تث ٥٠:٣٢) وكان التقلید السائد على الأقل حتى أیام یوسیفوس أن جبل ھارون ھو جبل ھور وھو یقع على منتصف الطریق بین خلیج العقبة والطریق الجنوبي من البحر المیت وھو صخر رملي یبلغ ارتفاعه ٤٧٨٠ قدماً ، البتراء قریبة من نحو الغرب ، إلا أن بعض الدارسین المحدثین یرون أن جبل ھور ھو جبل نضیرة على بعد ١٥ میل شمال شرقي قادش على الطریق بین قادش ومؤاب ویعللون ذلك أن جبل ھارون وسط آدوم ولیس على حدودھا الأمر الذي یصعب فیه على الشعب في ذلك الوقت أن یعبروا إلیه ھذا وارتفاع جبل ھارون لا یعطي الفرصة للجماعة معاینة موته (عد ٢٢:٢٠-٢٩).
 أما كلمة ھور فتعني جبل ، وكأن ھارون الذي یصعد إلي ھذا الجبل لیموت یرتفع لیرقد ویستریح دون أن یھتم باسم الموقع ویكفیھ أن یرتفع ولا ینحدر كقورح وجماعتھ ، ومن یدخل قادش آي الحیاة المقدسة یشتھي أن یرتفع على جبل ھور ، لیستریح في حضن الله إلى الأبد.


صلمونة :-
 لعلھا شرقي جبل ھارون عند بئر مدكور ، وھى تعني ظل الملك ، فإن من یرتفع على جبل ھور خلال حیاته المقدسة في الرب لا یسقط في الكبریاء والتشامخ بل یعیش مستتراً في ظل الملك السماوي .
 لقد تمتعت القدیسة مریم بھذا الظل إذ سمعت البشرى “قوة العلي تظللك” (لو ٣٥:١) وھذا ما تشتھیه كل نفس قائلة “تحت ظلھ اشتھیت أن اجلس” (نش ٣:٢).

فونون :-
 یعتقد أنھا تقع في الجانب الشرقي من العربة نحو خمسة أمیال ونصف شرقي خربة نحاس وھي منطقة تشتھر بالنحاس والحدید .
ویرى العلامة أوریجانوس أن كلمة فونون تعني حفظ اللسان ، لھذا فإن من یرتفع إلى جبل ھور ویجلس تحت ظل الملك نفسه یلزمه أن یحفظ لسانه مقدساً ویتكلم بالحق ولا ینطق بكلمة بطالة.

أوبوت :-
تعني قرب الماء وتقع بالقرب من حدود موآب الجنوبیة الشرقیة ربما عند عین الویبة ولعل قرب المیاه تشیر إلى شربنا من میاة الروح القدس التي تسندنا دوماً في رحلتنا .

عییي عباریم :-
 كلمة عییي كلمة موآبیة تعني خراب وھي على حدود أرض موآب الجنوبیة وھي نفسھا عییم وربما ھي مخاي شرق ذات الرأس بسبعة أمیال .
 یرى العلامة أوریجانوس أن عییي عباریم تعني عمق العبور أو ھوة العبور ، فإننا إذ نقترب إلى نھایة الرحلة ندخل إلى الأعماق في أحضان أبینا أبراھیم الذي یقول للأشرار “بیننا وبینكم ھوة عظیمة” (لو ٢٦:١٦) وفي ھذا الحضن الأبوي تستریح النفس بعبورھا الدائم إلى أعماق الحیاة الأخرى العظیمة.

دیبون جاد :-
 دیبون عند العلامة أوریجانوس تعني خلیة فإن النفس الواعیة كلما اقتربت من العبور الأبدي تزداد نشاطاً وجدیة فتكون كخلیة النحل التي لجاد (الجاد في حیاته).

علمون دبلاتیم :-
 معناھا نعلم أن التین قد ذبل ، ھذه ھي المحطة قبل الأخیرة وھي بین نھر أرنون وجبال عباریم وربما كانت ھي نفسھا بیت دبلتایم (أر ٢٢:٤٨) ویرجح أنھا دلیلات الغربیة على بعد میلین ونصف میل شمال شرقي لب. 
إننا إذ ندخل ھذا الموقع نتحقق أن العالم قد صار كشجرة التین التي ذبلت وندرك بحق “باطل الأباطیل الكل باطل
وقبض الریح” (جا ١) لھذا لا نتستر بعد بأوراق التین كأبینا آدم بل نتقبل ذبیحة السید المسیح الذي تستر ضعفنا وتنطلق بنا إلى المیراث الأبدي .

جبال عباریم أمام نبو :-
 سبق الحدیث عنھا في الإصحاح الثاني والثلاثین ، وأنھا المرحلة الأخیرة حیث نقف مع موسى النبي على جبال العبور ونرى كنعان أمامنا فنشتھي الإنطلاق لننضم مع جماعة القدیسین الذین رقدوا في الرب .

ھذه ھي رحلة النفس من رعمسیس حیث الاضطراب والعبودیة إلى جبل عباریم حیث تتضح رؤیا كنعان السماویة.

فاصل

 

الفصح تاريخ العهد القديم يشوع بن نون
الخروج
تاريخ الكنيسة

 

زر الذهاب إلى الأعلى