شعب إسرائيل

 

شعب إسرائيل حسب التقليد كان في أصله أرامياً من جهة الجنس، يضرب جـذوره عميقـاً في أرض الكلدانيين حيث مدينة أور التي تقع جنوب نهري دجلة والفرات، ثم مدينة حاران في الـشمال وهي مدينة تاريخية مشهورة عاش فيها تارح أبو إبراهيم، وهي المنطقة التي انحدر منها إبراهيم أبـو الآباء الذي – بحسب التوراة – هو أبو كل المؤمنين باالله على وجه الأرض . هذا الـذي دعـاه االله ليخرج من موطنه ومن وسط عشيرته، ولينطلق تحت رعاية االله وتوجيهه، ليتغرب في أرض كنعان، حيث استقر في المنطقة الوسطى في فلسطين بعض الوقت . ولكنه ارتحل قليلاً قليلاً نحو الجنوب حيث جبل حبرون، وضرب خيامه في بئر سبع، وامتد حتى إلى وادي العريش . لم يفلِّح أرضاً ولا بنى بيوتاً؛ بل عاش هو وأولاده في الخيام يرعون قطعانهم، ولم يمتلك من الأرض إلاَّ مقدار قبر . وهكـذا ظل متغرباً كل أيام حياته: «ثم تصرَّح وتقول أمام الرب إلهك: أرامياً تائهاً كان أبي، فانحدر إلى مـصر، وتغرَّب هناك في نفر قليل، فصار هناك أُمة كبيرة وعظيمة وكثيرة» (تث ٥:٢٦). كان ذلك حوالي سنة ٢٠٠٠ قبل الميلاد أو بعد ذلك بقليل.

وكان إبراهيم يُدعى عبرانياً (تك ٣:١٤)، فالعبرانيون كانوا طائفة من البدو الرحَّل لهـم نظـام معيَّن في الحياة وقوانين يعيـشون بمقتضاها، يعيــــشون حول المدن في نوع من الاستقرار . وقد ترك إبراهيم بصماته المقدسة على أماكن كثيرة في فلسطين، فقد بنى مذابح على مرتفعات بلوطة مورة بقرب شكيم (نابلس الآن )، ومرتفعات جبل المُوريـا في أُورشليم، وفي بيت إيل حيث رفع ذبائح كثيرة وخدم االله حسب شريعة تلك الأيام .

هدف منذ البداية :

ومنذ البداية يعلن االله في وضوح عن مقاصده الأزلية المرسومة بدقة، كيف اختـار االله إبـراهيم ليكون أباً للإيمان، والوسيط لإبلاغ بركات الإيمان إلى كل أُمم الأرض:
+ «وقال الرب لأبرام: اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أُريك، فأجعلك أُمة عظيمة، وأُباركُك وأُعظِّم اسمك، وتكون بركةً … وتتبارك فيك جميـع قبائـل الأرض( تك١:١٢-٣).
وبهذا الوعد، وعلى هذا الإيمان، وبمقتضى هذه ا لرسالة، تصوَّر شعب إسرائيل في صلب إبراهيم، وتسجل ميلاده على صفحة تاريخ أعمال االله بالنسبة للعالم.

الروح القومية:

 لقد أخذ إبراهيم نسله بوعد من فم االله، ومن صلب حفيده يعقوب – إسرائيل – خرجت الأسباط الاثنا عشر . ولكن العجيب حقـا أن تتآلف هذه الأسباط بغاية السرعة لتأخذ الروح القومية، بالرغم مما كانت تعانيه هذه الأسباط فيما بينها من اختلافات بلغـت أحيانـاً حـد الحروب الداخلية، حتى كادت تفني بعضها بعضاً . وأكبر مثل على ذلك قصة محاولة قتـل أولاد يعقوب لأخيهم يوسف، وأخيراً باعوه لقافلة مرتحلة إلى مصر . هذه الروح ال قومية التي كانت تتأجج في دمائهم – بالرغم من عراكهم الداخلي المستمر – هي التي أهَّلت بني يعقوب أو شعب إسرائيل لتحديد هويتهم كأُمة، كما أن هذه الـروح القومية كانت هي العامل – وليست الأساس – لنصرتهم في الحروب، التي أهلتهم لابتلاع القبائـل الصغيرة المحيطة بهم وتذويبها في النسيج الإسرائيلي.

اسم إسرائيل :

كلمة “إسرائيل” باللغة العبرية تعني “: االله يجاهد ” “yisrãél يسرائيل ”. ولكن أُعطيت ليعقوب بن إسحق بن إبراهيم، بمعنى أنه جاهد مع االله وغلب، وذلك بعد ليلة جهاد في الصلاة وتوسل حـتى الفجر: «فقال له: ما اسمك؟ فقال: يعقوب. فقال: لا يُدعى اسمك فيما بعد يعقوب بل إسـرائيل، لأنك جاهدت مع االله والناس وقدرت» (تك٣٢: ٢٨،٢٧). ومنذ ذلك الحين ويعقوب يـسمى :“إسرائيل .”
ثم أُطلقت كلمة “إسرائيل” على أسباط يعقوب الاثني عشر “بني إسـرائيل ”. وأول صـورة تكونت لبني إسرائيل كشعب تكونت في مصر عندما هاجروا من أرض كنعان مع أبـيهم يعقـوب (إسرائيل)، وكان عددهم آنئذ سبعين نفساً، والتجأوا إلى مصر على أثر مجاعة اجتاحت العالم مـدة سبع سنوات: «جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت إلى مصر سبعون» (تك ٢٧:٤٦ ، ) «وأما إقامة بني إسرائيل التي أقاموها في مصر فكانت أربع مئة وثلاثين سنة.» (خر ٤٠:١٢ )
أما تاريخ دخول يعقوب (إسرائيل) مصر فيُحدد بالتقريب سنة ١٧٠٠ ق.م حيث عاصروا في مصر :
– كل حكم الهكسوس (١٧٠٠-١٥٧٠ق.م)
– كل ملوك الأسرة الثامنة عشر
(١٥٧٠-١٣٠٠ق.م)  الذين منـهم تحـتمس الثالـث، وأمينوفيس الثالث، وأمينوفيس الرابع، وأخناتون .
– وبعضاً من ملوك الأسرة التاسعة عشر (١٣٠٠-١٢٠٠ق.م)  ومنهم رمسيس الأول وسيتي الأول ورمسيس الثاني الذي تمَّ الخروج في أيام مُلكه حوالي سنة ١٢٨٠ ق.م تقريباً.

زر الذهاب إلى الأعلى