الضربات العشر

 

مقـدمة الضربات 

قبل أن یبدأ الله بالضربات أكد لموسى عدة حقائق ھي :-
 “أنا جعلتك إلھاً لفرعون” (خر١:٧) أي جعلتك سیداً علیه فلا تخافه ولا ترھب قسوة قلبه :-
وذلك كما وعدنا ربنا یسوع “ھا أنا قد أعطیتكم سلطاناً لتدوسوا … كل قوة العدو ولا یضركم شئ” (لو ١٠ :١٩) ، فلیس للشیطان (فرعون) سلطان علینا إنما یقدم إغراءاته غیر الملزمة وحیله وخداعه لكي نسقط في فخاخه ( القدیس یوحنا ذھبي الفم) .
 “أخوك یكون نبیك” (خر ١:٧) أي المتكلم عنك :-
موسى یمثل الوصیة وھارون یمثل العمل الكھنوتي التعبدي ، بمعنى أن عبادتنا اللیتورجیة لیست منفصلة عن الإنجیل بل ھي مُعلنة للإنجیل (الوصیة) وكارزة به (وھذا ھو إیماننا) فیستطیع أي إنسان أن یدرك الأسرار الإنجیلیة خلال بساطة الطقس وروحانیته.

غایة الضربات 

 “یعرف المصریون إني أنا الرب” (خر ٥:٧) ، لا بھدف إلقاء الرعب في قلوب الحاضرین بل لیبدد ظلمة الجھل التي طمست عیني الإنسان في شره وتكون سنداً للخلاص .
 ولم تكن الضربات ھي نوع من الصراع بين شعب مُستعبَد وظالمیه بقدر ما كانت بین الإله الواحد وعبادة الأوثان المتأصلة في مصر “وأصنع أحكاماً بكل آلھة المصریین أنا الرب” (خر ١٢ : ١٢) ، فیلاحظ في الضربات العشر أن الله كان یوجھھا ضد آلھة المصریین نفسھا لیكشف ضعفھا .
 استدعى فرعون ساحرین “ینیس ویمبریس” (٢ تي ٨:٣):-
قاما بمقاومة موسى وھارون خلال حرب خطیرة ھي حرب التمویه بین عمل الله وعمل إبلیس بإبراز بعض أعمال تحمل صورة ما فعله موسى وھارون وذلك بفعل السحر لكنھم كانوا في ضعف وسقطا تحت الضربات كغیرھما (خر ١١:٩) ولم یكونا قادرین على إبطال الضربات واضطرا أن یعترفا بقوة أصبع الله.
 العصا التي كانت في ید موسى دُعیت :-
 “عصا الله” (خر ٢٠:٤) تُشیر إلى الإیمان بالصلیب الخشبة المحییة .
 “عصا موسى” (خر ١٣:١٠) إشارة للوصیة الإلھیة (كلمة الله) الكارزة بالصلیب .
 “عصا ھارون” (خر ١٩:٧) تشیر لحیاة العبادة التي من خلالھا ندخل في حیاة الشركة مع المصلوب وكأن الإیمان یلتحم بالكتاب المقدس والعبادة بغیر انفصال .
 العصا بین الناموس والصلیب :-
العصا التي جاء بھا موسى إلى مصر ھي الناموس الذي یضرب به الضربات العشر أي یدین الخطیة ویفضحھا وھي أیضاً الصلیب الذي طرد إبلیس من سلطانه وقھر قوته معطیاً للمؤمنین قوة الغلبة والخلاص ( العلامة أوریجانوس ).
 سر الضربات العشر :-
یرى بعض الآباء في الضربات العشر صورة رمزیة لعمل الصلیب في قلب الإنسان الذي صار محباً للعالمأي صار كأرض مصر حتى ینطلق به إلى الحیاة المقدسة .
 ملاحظة :-
كانت الضربات الثلاث الأولى قد عمت على بني إسرائیل كما حلت بالمصریین ولكن حینما تقسى قلب فرعونكانت رسالة الله في الضربة الرابعة “أمیز في ذلك الیوم أرض جاسان حیث شعبي مقیم” (خر ٢٢:٨) .


الضربات العشر :-

تحویل الماء إلى دم

طلب الرب من موسى أن یخرج إلى فرعون في الصباح (خر ١٥:٧) لأن حربنا مع عدو الخیر تبدأ مع صباح حیاتنا الروحیة وبدء انطلاقھا.
واشترط أن یأخذ العصا التي تحولت إلى حية أشارة إلى أنه لا إمكانیة
للغلبة على الشر بدون الصلیب واھب النصرة .
أما النتیجة فھو تحویل میاة النیل إلى دم دنس وھذا أوقع المصریون في حیرة إذ رأوا معبودھم قد صار دنساً .
إذ أن ھذه الضربة كانت ضد المعبود الأعظم (حابي) أصل الخیر ومصدر الرخاء ھذا كان له احتفال خاص في مصر كلھا وتقدم إلیھ القرابین وسقطت معھ أیضاً مجموعة آلھة أخرى كانت مرتبطة به ھي (ست ، خنوم ، انكت) .
وقد كان نھر النیل یشیر إلى حكمة المصریین وفلسفاتھم المتغیرة فبتحویله إلى دم ظھر أنه لا خلاص لھم بالحكمة البشریة والفلسفة الزمنیة إنما بالإیمان بدم السید المسیح الذي یمتص كل حكمة وفلسفة زمنیة .
أیضاَ في تحویل الماء إلى دم أشارة إلى النفس التي صارت كأرض مصر (أي محبة العالم) فإن الدم یدخل إلیھا لیقدسھا ویحول میاة القلب البارد إلى حیاة الجھاد كقول الرسول “لم تجاھدوا بعد حتى الدم” .

ضربة الضفادع 

في ھذه الضربة سقطت الآلھة (ھكت) رمز الإخصاب (إله الولادة) والتي لھا رأس ضفدع زوجة (خنوم) العظیم ، وقد كانت الضربة شدیدة لأنه كان محرماً علیھم إبادتھا لذلك صرخ فرعون إلى موسى لكي یخرج الضفادع (خر ١٨:٨).
الضفادع تشیر إلى أناس كثیري التكلم بالأمور الباطلة غیر النافعة كنقیق الضفادع (القدیس أغسطینوس) لذلك یلیق بنا التخلص من كثرة الكلام الباطل الذي بلا عمل فندخل إلى الحیاة الإیمانیة العاملة بقوة صلیب ربنا یسوع .

ضربة البعوض

لقد كانت كارثة على المصریین إذ أنھا لم تصر فقط على أجسام الكھنة الذین یھتمون جداً بالنظافة الشخصیة ویحترسون من التدنس بالقمل والبعوض بل صارت أیضاً على أجسام البھائم تلك المعبودات المقدسة أمثال (حتحور) البقرة المقدسة والإله (أبیس) الذي له شكل العجل.

یشیر البعوض إلى الأفكار الشریرة التي تخدع الإنسان ولا یدري بھا إلا بعد أن تثیر أحاسیسه نحو الخطیة وتسقطه فیھا (كالبعوضة التي لا یشعر بھا الإنسان على جسده إلا عندما تلدغه) فیجب علینا بالروح القدس أن نغلق باب الفكر عن الشر لینفتح منطلقاً نحو العمل الایجابي البناء .
وفي ھذه المرة فشل السحرة عن إبطال الضربة وحمایة فرعون فاعتروا قائلین “ھذا أصبع الله” (خر ١٩ : ٨) أصبع الله ھو الروح القدس (القدیس أغسطینوس) .

ضربة الذباب 

وھنا سقط الجُعل المصري المقدس الذي صورونه بذبابة ذات رأس كبیر ، والذباب یأتي من الأماكن القذرة ویسبب أمراضاً التي تشیر إلى مصدر الخطیة ومثیراتھا كأصدقاء الشر وأماكن الدنس التي یجب الھروب منھا حتى لایصاب المؤمن بالضعف .

ضربة الوباء الذي أصاب الماشیة

كان المصریون یعتقدون بالقداسة في بعض الحیوانات وخاصة العجل (أبیس) الذي یحسبون أن فیه روح إلھھم أوزوریس وكذلك البقرة المقدسة (حتحور) فبھذه الضربة صار خزیاً شدیداً لھذه المعبودات .
والمعنى أن یضبط الإنسان الشھوة الحیوانیة فیه ویروضھا فلا یعیش كالحیوان بل في حیاة الطھارة (القدیس أغسطینوس) .

ضربة البثور 

وفیھا سقطت آلھة الطب والشفاء ، والبثور والقروح تشیر إلى فساد الجسد وعدم تقدیسنا له.

ضربة البرد والرعد والنار

كانت لطمة على وجه (رشبو) إله العواصف والریاح فالبرد كان عظیماً ، وأصوات الرعد تشیر إلى إعلانات الله وإنذاراته ، والبرد یشیر إلى قتل الزرع الرخیص (العشب) الذي أقامه العدو في القلب ، والنار تحرق الأشواك الخانقة
للنفس لیلتھب القلب بمحبة الله .

ضربة الجراد 

لقد أفسد الجراد الزرع وأباد كل نبات أخضر لذلك كانت خیبة عظیمة للإله (ست) المسببة لخصوبة الأرض ووفرة المحاصیل .
الجراد یشیر إلى الشھادة الباطلة إذ تؤذي كالجراد غیرھا خلال الفم (القدیس أغسطینوس) وأیضاً تشیر إلى عدم ترك أي أثر للخطیة في حیاتنا كما فعل الجراد حیث لم یترك ورقة خضراء في كل الأرض .

ضربة الظلام 

كانت مخزیة للإله (نوت) إله السماء الذي رتب الكواكب في أبراجھا ونظم دورانھا بین اللیل والنھار ، كذلك سقطت آلھة الشمس العظیمة بأنواعھا (رع ، أتون ، أتوم ، حورس) فلم یعد لھا عمل في ھذا الظلام ، وأیضاً الإله (سخمت) آلھة النار والضوء المقدس إذ أن النار لم تكن لھا فائدة إذ كان الظلام دامساً كثیفاً.
أعلنت ھذه الضربة عن الحاجة لمجئ شمس البر الذي یشرق على الجالسین في الظلمة ، وقد بقي الظلام ٣ أیام لعل ذلك إشارة إلى انتظار النفس للدخول في نور قیامة الرب یسوع .

ضربة موت أبكار المصریین 

ھي الضربة الأخیرة التي حسمت الصراع إذ كان قلب فرعون یزداد قسوة وعناد رغم أنه دون شك قد أدرك منذ الضربة الأولى بأنه أمام قوة إله أعظم من آلھته .

كانت موجھه مباشرة ضد (رع) عظیم الآلھة الذي كان یمنح القوة لكل من یعبده وكان یھب الحیاة لفرعون ، لقد سُحق رع ومعه الآلھة واھبة الحیاة ایزیس واوزوریس أمام إله إسرائیل .
وبذلك تساقطت آلھة فرعون الواحد تلو الآخر تلك التي قال عنھا بولس الرسول “آلھتھم أصنام” (رو ٢٠:٩ ، مز٥:٩٦).

 لماذا تمت باللیل؟
یقول الرب لموسى “إني نحو نصف اللیل أخرج في وسط مصر” (خر ٤:١١) ویؤكد في سفر التثنیة “لأنه في شھر أبیب أخرجك الرب إلھك من مصر لیلاً” (تث ١:١٦) .
لأن اللیل حیث یسكن الشیطان في الظلمة یقتله الرب في عرینه بینما ھم مطمئن لیس من یقاومه فیھلك وكل أعماله معه ، لقد أسلم الرب (فصحنا الجدید) روحه في آخر النھار ودخل باللیل إلى الجحیم لیفك قیود المأسورین في الظلمة وینطلق بھم إلى نور الفردوس الذي بلا ظلمة .

فاصل

 

فرعون الخروج تاريخ العهد القديم الفصح
الخروج
تاريخ الكنيسة

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى