القديس يوحنا الذهبي الفم

ميلاده ونشأته

ولد القديس يوحنا الذهبي الفم في مدينة إنطاكية بسوريا سنة 354 م من أسرة شريفة وكان أبوه سیکندس قائداً في الجيش الروماني ، وأمه انثوسا من العائلات الكبيرة في المدينة .

توفي والده وهو لم يخرج بعد من المهد ، فعكفت والدته على تربية طفلها الذي أصبح محط آمالها وأحلامها.

شب يوحنا فأرسلته أمه إلى أعظم مدارس تلك العاصمة فحفظ العلوم على يد ليبانيوس الفيلسوف ونبغ فيها نبوغاً فريدة فنال أعلى الشهادات في الفصاحة والبيان .

رهبنته

عزم يوحنا على ترك العالم والتفرغ لعبادة الله وخدمته وأخذ على نفسه أن يترك البيت ووالدته ويذهب إلى أحد الأديرة ليتنسك هناك مع باسيليوس صديقه ، فذهب إلى دیر کاسوس القائم على إحدى الروابي المحيطة بالمدينة .

 ظل يوحنا أربع سنوات يمارس تلك الأعمال النسكية من صلاة وتأمل وطاعة وتقشف وعمل يدوى وتأليف عقلى حتى أضحى مثال الراهب الكامل فأحبه الرهبان وأرادوه رئيسا عليهم فمانع في ذلك ، وذهب فانزوي في مغارة منفردة.

الذهبي الفم يعود إلى إنطاكية ويرسم كاهنا :

شدد يوحنا على نفسه في الصوم والسهر والعبادة حتى انحطت قواه وضعف جسمه فاضطر أن يعود إلى إنطاكية ليداوي ما أصابه من أمراض . فتعلق به البطريرك ملاتیوس وأقنعه بالبقاء عنده ورسمه شماساً إنجيلياً ووكل اليه الوعظ والارشاد وبعد خمس سنوات رسمه البطريرك فلافيانس خلف ملاتيوس كاهناً على مذابح إنطاكية .

 الذهبي الفم بطريرك على القسطنطينية :

عظم اسم يوحنا وذاع صيته في كل أقطار المملكة حتى وصل إلى مسامع الملك ووزرائه وانتشر عبير فضائله حتى عطر مجالس الناس وأنديتهم وأحاديثهم ، ولذلك منح يوحنا درجة رئاسة الكهنوت في سنة ۳۹۸م.

بدأ يوحنا حياة الراعي الصالح وأخذ يغذى النفوس بدسم تعاليمه ومثله ، ويطارد الاثم ليبعده عن رعيته فأحبه الشعب القسطنطيني لما رأوا سمو فضائله وجميل وداعته وعمق تواضعه وسعيه المتواصل لارجاع الخطاة إلى التوبة وهداية الوثنيين إلى الإيمان .

وكان يوحنا يشرح الإنجيل ويعطى نفسه المثل الأول في اتباع تعاليمه ، وكان لا يحضر الولائم ولا يسمح بالبذخ في أثاث قصره ولا يزين الجدران بالصور الزيتية المتلألئة بل كانت صورة القديس بولس هي الوحيدة التي كان يضعها أمامه على مكتبه ليقع دائما نظره عليها ويحمل نفسه على الاقتداء بصاحبها .

وقد خص الفقراء بعنايته الكبرى فكانت أموال الوقف وما يوفره تذهب في سبيل إنشاء الملاجئ .

وكان يوحنا كثير العناية بالطقوس الكنسية وبالترانيم البيعية التي ألفها وعلمها للشعب فكان يرنم بها في الحفلات .

الذهبي الفم ينفي إلى البوسفور ثم يعود لكرسيه :

أخذت الملكة افدوكيا زوجة اركاديوس تسير دفة الأحكام ، وكان زوجها آلة عمياء بين يديها فضج الناس من أعمالها وكانوا يأتون إلى يوحنا يستنجدونه ضد أعمال الظلم التي كانت تأتيها . فكتب إليها يوحنا يسترحمها . فما كان منها إلا أن سخطت عليه وسعت لدى الامبراطور فانقاد لها ووقع على صك إبعاد يوحنا فقادوه مخفورة إلى ضفاف البوسفور. ولكن بسبب زلزال أصاب مدينة القسطنطينية، قال البعض إن هذا حدث بسبب نفيه،ولم يهدأ الشعب حتى رجع بطریر که إلى كرسيه فعاد السلام إلى كنيسة القسطنطينية .

نياحته

ثارت زوبعة جديدة على يوحنا من حقد الملكة افدوكيا عليه ، فكانت هذه المرة هي الأخيرة وذلك أنهم نصبوا لتلك المرأة تماثيل في بعض ساحات العاصمة وأقام الشعب معالم الأفراح بنوع مخل بالدين والآداب فرأى يوحنا أن واجبه يقضى عليه بأن ينبه الشعب على ما أتاه من الإثم الفظيع فوشي به إلى الملكة بعض المتملقين بحجة أنه يحتقرها فاستشاطت غضباً وأسرعت إلى الملك فاستصدر أمرا بإبعاد يوحنا إلى مدينة کومان في البنطس فمرض هناك حتى تنيح في 14 سبتمبر سنة 407.

وفي سنة 438 نقل جسده إلى القسطنطينية وأخيرا حملت رفاته إلى روما ودفنت في كنيسة الفاتيكان تحت المذبح المخصص له .

الذهبي الفم ومكانته الكنسية :

هو من الأنوار الساطعة في سماء المشرق ، فقد جمع بين العلم والوجاهة والذكاء والفصاحة والعبقرية والقداسة ، فأضحي من كبار معلمى الكنيسة وكبار القديسين حتى دعاه التاريخ الذهبي الفم.

ولم يزل القديس يوحنا إلى اليوم يسحر المسكونة بمواعظه الخالدة التي تركها في بطون الكتب مع مؤلفات لا تحصى .

الذهبي الفم وكتاباته 

 القديس يوحنا من أكثر الآباء إنتاجاً، حيث خلف لنا العديد من العظات والمقالات والرسائل.

فاصل

أنظر أيضاً

فاصل

القديس مرقس المتوحد

الكنيسة الجامعة

أكاكيوس أسقف بيريه

آباء وكتاب أنطاكية وسوريا
تاريخ الكنيسة

 

 

 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى