أثيناغورس الفليسوف
حياته
لا نعرف الكثير عن حياته، لكنه كان فيلسوفاً يرأس إحدى كراسي الأكاديمية “الموزيم Museum” بالإسكندرية.
عاصر تاتيان، ولكنه كان مختلفا عنه كما عن القديس يوستين.
كان يعتبر من أساطين الديانة الوثنية، مولعاً بالبحث في أمر الديانة المسيحية كغيره من الفلاسفة الأفلاطونيين طمعاً في كشف أخطائها” وإظهار فسادها”. وإذ أراد أن يضرب بسهام نقده بكل قوة الديانة المسيحية عكف على دراسة الكتاب المقدس، لكن الروح القدس أمسك به بقوة أيضا، وعوض أن يخرج بجلداته ضد الإيمان إذ به ينجذب للإيمان حوالي عام 176م.
وإذ قبل المعمودية والتصق بالمسيحيين أدرك سمو الحياة الإنجيلية، فكتب دفاعه عن المسيحية والمسيحيين.
لشخصية أثيناغوراس أهمية خاصة، فهو أول فيلسوف أهلته غیرته الشديدة واجتهاده في الدراسة أن يصير عميداً لمدرسة إسكندرية اللاهوتية دون أن يخلع عنه زي الفلاسفة the philosopher ويعتبر أول مسيحي معروف حمل مع إيمانه حنواً نحو الفلسفة.
مدح أثيناغوراس البتولية كإحدى ثمار الحياة المسيحية العظمی، موضحاً الهدف الإيجابي لها: “تجدون بيننا كثيرين من رجال ونساء، شاخوا وهم في البتولية ولم يتزوجوا، مترجين الحياة بشركة أعمق مع الله (دفاع ۳۲).
أما سر رفضه الزواج الثاني بعد موت أحد الزوجين فمن أجل نظرته لأبدية الزواج، إنه سر لا يقدر الموت أن يحله! وهذا ليس رأي الكنيسة فهي تجيز وتسمح بالزواج الثاني ولم تحدد عدد الزيجات التي تتم بعد موت أحد الزوجين، وذلك استنادا على قول بولس الرسول “المرأة مرتبطة بالناموس مادام رجلها حياً. ولكن إن مات رجلها فهي حرة لكي تتزوج بمن تريد في الرب فقط” (اكو ۷: ۳۹) ما دامت الزيجة تستوفي الشروط المشروعة.
في دفاعه ال 35 نجد أنه في الوقت الذي كان فيه القانون لا يعامل الجنين ككائن له حقوقه، إذ بأثيناغوراس يكشف عن تعليم الكنيسة في ذلك الحين، أن الجنين كائن له حق الحياة، فإذا استخدمت عقاقير لإجهاضه يكون ذلك جريمة قتل.
كتاباته
وضع العلامة أثيناغوراس عملين هامين هما: التماسه أو شفاعته (بريسفيا) من أجل المسيحيين، وفي قيامة الموتی.
و نلمس في كتاباته العقل الفلسفي الذي هذبته الثقافة اليونانية مع ملكة رائعة في الكتابة
وكان أقدر من يوستين في اللغة والأسلوب وترتيب المادة، بل كان أكثر المدافعين المسيحيين بلاغة بلا جدال .
قال عنه Manse Spencer “إنه أفضل المدافعين، بليغ ومتحرر من زخرف اللغة، قوي في أسلوبه… معروف بوضوح الفكر وقدرته على الإفحام”، كما وُصف بأنه أقدر المدافعين على الاستمالة.
أولا: التماسه (دفاعه) عن المسيحيين:
جاء هذا العمل الرائع في مادته وشكله ثمر عمل روح الله في حياته وهو يدرس الكتاب المقدس بقصد الهجوم عليه، كتبه سنة ۱۷۷م. حوى هذا الاحتجاج ۳۷ فصلا فند فيه أثيناغوراس الاتهامات التي وجهت ضد المسيحيين في ذلك الحين وهي: الإلحاد، أكل لحوم البشر، ممارسة المعاشرات الأوديبية.
في دفاعه اهتم بإبراز سمو الحياة المسيحية والاحترام المتبادل بین المسيحيين بعضهم البعض. ونظرتهم المقدسة للزواج، رفضهم الطلاق، وحبهم لحياة البتولية، وحياتهم النقية المملوءة سلاماً.
ثانيا: في قيامة الموتی:
يحوي هذا المقال ۲۰ فصلاً، ويعتبر أول محاولة يقوم بها كاتب مسيحي ليؤكد عقيدة القيامة ببراهين فلسفية وليس بدلائل من الكتاب المقدس وحده. ويعتبر من أفضل ما كتب في هذا الشأن في الكتابات المسيحية الأولى.
وبالرغم مما يشوبه من بعض العيوب، لكنه يكشف عن عمق الإدراك ومهارة في التفكير. وقد كتب فيه:
“فمن جهة المعرفة فإن الله الذي يخلق الأجساد يعرف أن يقيمها. ومن جهة القدرة فإنه إذ يقدر أن يخلق من العدم الا يقدر أن يعيد تكوينها حتى ان تحللت أو تناثرت أو اندمجت عناصرها في الأرض أو في النبات أو الحيوان أو في الإنسان.
– عن الله والقيامة من ۱-۱۰. أوضح أن القيامة ضرورية للإنسان الذي خلقه الله كائناً عاقلاً ليعيش إلى الأبد (۱۱-۱۳). وحدة نفس الإنسان وجسده التي فقدت بالموت، لا بد أن تستعاد بالقيامة ليستطيع الإنسان أن يعيش إلى الأبد (14- 17). ينبغي أن يشترك الجسد مع النفس في المكافأة في العالم الآتي كما اشتركا معاً في التصرفات هنا (۱۸-۲۳). خُلق الإنسان من أجل السعادة الأبدية التي لا تحقق بوجوده هنا على الأرض، وإنما في الحياة الأخرى.
أهم أخطائه اللاهوتية :
تلقب الكنيسة أثيناغوراس فیلسوفاً وليس قديساً، ربما لسقوطه في بعض الأخطاء اللاهوتية نذكر منها:
- دعا الشيطان أمير المادة، أقامه الله عليها ليسوسها.
- حسب النفس ناقصة وغير كاملة ما لم تتحد بالجسد.
- نادي بعدم معاقبة الأطفال على ما يفعلوه.
- نسب سقوط الشياطين إلى علاقات شهوانية مع بنات الناس، وأنهم أنسلوا منهن جبابرة.
الكنيسة الجامعة | |||
تاريخ الكنيسة |