ديودور الطرسوسي

 كانت البداية الحقيقية لمدرسة أنطاكية اللاهوتية هي مع ديودور الطرسوسي.

 تشير كل الكتابات الموجودة حالياً إلى أنه كان من أكثر المؤيدين للتفسير الحرفي.

 من تلاميذه ميليتيوس الأنطاكي و يوحنا ذهبي الفم وثيئودور الموبسويستي. وينتمي إلى هذه المدرسة أيضا نسطور وثيئودوريت القورشي.

الظروف التي كانت سائدة آنذاك جعلت من ديودور مدافعا ومفندا النزاع الذي كان قائماً في أنطاكية بين الكنيسة والآريوسيين وكان نزاعاً مراً للغاية، خاصة تحت حكم الأباطرة الآريوسيين قسطنتیوس (۳۳۷-۳۶۱م) وفالنس (364-۳۷۸م).

و يعتبر دیودور بحق وبدون شك هو الأب الحقيقي للنسطورية، بل ويمكن أن  يطلق عليه انه “كان نسطورياً قبل نسطور نفسه”. أدى به مقته الشديد لأخطاء الأبولينارية إلى السقوط في الاتجاه المعاكس في أخطاء النسطورية.  دفعه إحساسه بأهمية حقيقة ناسوت السيد المسيح إلى الإصرار على تمييزه، أي ناسوت السيد المسيح، عن لاهوته بطريقة قادته تدريجيا إلى الحديث عن الناسوت كشخصية منفصلة عن شخصية اللاهوت، وبالتالي وجود شخصان في السيد المسيح. میز دیودور بوضوح بين شخصين أحدهما من حيث جوهره هو ابن الله الكلمة الأزلي، والآخر بواسطة القرار الإلهي والتبني أصبح ابن الله.

أحدهما كان ابن الله بالطبيعة والآخر بالنعمة. ابن الإنسان أصبح ابن الله لأنه أختير ليكون وعاءاً أو هيكلاً لله الكلمة. ويترتب على ذلك عدم صحة أن يطلق على القديسة مريم لقب والدة الإله Theotokos، ولا أن يدعي الله الكلمة بلقب ابن داود فإن هذا اللقب يعود – حسب التوارث البشري – على الهيكل الذي سكن فيه الابن الأزلي.

و میز دیودور بين ابنين؛ ابن الله وابن مريم، مجتمعين في شخص السيد المسيح.

رأى القديس كيرلس بوضوح، بعيداً عن تعبير “والدة الإله” الذي لم يكن مشهوراً أيام ديودور، أن عقيدة ديودور كما طورها ثيئودور الموبسويستي كانت هي أساساً ما دعي بعد ذلك بالنسطورية، وأن هذه النسطورية يمكن القضاء عليها تماماً عن طريق إدانة تعاليم ديودور المصدر الأساسي لها. هذه الإدانة كان من الصعب جداً تحقيقها لأنه لم يكن في الشرق شخص ينظر إليه بالتوقير مثل دیودور. ومع ذلك كان للقديس كيرلس روحا قوية عازمة على مقاومة النسطورية، ولم يثنه عن ذلك شيء. فإذا كانت العقيدة الأرثوذكسية للتجسد يجب أن تثبت فلابد إذن من القضاء على سلطة ديودور مهما كلفه ذلك من عداوة أو بغضة المقاومين له.

 ولتحقيق ذلك عمل القديس كيرلس بكل الطرق وبمساعدة الإمبراطور والبطريرك بروکلوس على إدانة ديودور وحرمه هو والأكثر منه هرطقة تلميذه ثيئودور الموبسويستي. وللأسف فإن كل المحاولات التي قام بها القديس كيرلس ومعه رابولا الرهاوي للقضاء على نفوذ دیودور لم تزده إلا رفعة وتقديراً في أعين الحزب النسطوري، مما تطور إلى تكوين الكنيسة النسطورية المنفصلة والتي ما زالت باقية إلى يومنا هذا، تكرم وتوقر جداً بأعمق تقدیر دیودور وثيئودور كمؤسسين لها. 

اضطر فلافيان الثالث بطريرك أنطاكية أن يصدر حرماناً على كتابات كل من دیودور وثيئودور في عام 449 م.

و أكد فوتيوس أن ديودور أدين رسمياً بواسطة المجمع المسكوني الخامس (عند الروم الأرثوذكس) والذي عقد في القسطنطينية 553م.

مؤلفاته

إنتاجه ومؤلفاته الأدبية كثيرة جداً

 تتكون كتاباته من عدد كبير من التفاسير والدفاعات والجدل العقائدي، علم الكونيات (وهو علم يبحث في أصول الكون وبنيته وعناصره ونواميسه)، علم الفلك والكرونولوجي (أي العلم المختص بتعيين التواریخ الدقيقة للأحداث وترتيبها وفقا لتسلسلها الزمني).

و أجزاء صغيرة فقط من كتاباته لا تزال موجودة، والسبب في ذلك يرجع إلى القضاء الشامل على كل مؤلفاته بسبب هرطقته.

تفاسير الكتاب المقدس :

 انتهج ديودور في تفسيراته النهج التاريخي واللغوي وكان يرفض بشدة منهج التفسير الرمزي الذي اتبعته مدرسة الإسكندرية. لم يكن ينظر إلى المعنى الخفي في النص، ولكن إلى المعنى الحرفي.

يذكر القديس جيروم تفسيره الرسالة الأولي إلى أهل كورنثوس والرسالة إلى أهل تسالونيكي. وقد تحدث أيضا “عما بقي من كتابات دیودور التي تحوي تفاسيره لرسائل الرسول بولس وغيره”.

و كتب ديودور أيضا تعليقات على كل أسفار العهد القديم والعهد الجديد ماعدا الرسالة إلى العبرانيين والرسائل الجامعة ( ماعدا الرسالة الأولى للقديس يوحنا فقد علق عليها) وكذا سفر الرؤيا.

و كتب مقالة عن الفرق بين النظرية والرمزية.

أبحاث عقائدية، جدلية، دفاعية.

 ضد المانويين (أتباع بدعة ماني): خمسة وعشرون كتابا ضد المانوية، في أول سبعة منها فند كتابات أذاس تلميذ ماني. في بقية الكتب شرح ووضح معنی بعض الفقرات من الكتاب المقدس التي أساء ماني استخدامها لتأييد وجهة نظره.

 في الروح القدس وهو يكشف كيف أن النسطورية كانت واضحة في أعماله.

 تتضمن أعماله الدفاعية والجدلية الأخرى كتابات ضد الوثنيين واليهود والهراطقة. لم يتبق شيء من هذه الأعمال.

و كتاباته عن علم الفلك والكرونولوجي Chronology: من هذه الأعمال يتبقى فقط كتاباً ضد المنجمين والفلكيين والقضاء والقدر”.

وهو يتضمن ثمانية كتب فيها دفاع عن الإيمان بالله والعناية الإلهية ضد القدر والقوة غير المحدودة للنجوم.

فاصل

أبوليناريوس أسقف اللاذقية

الكنيسة الجامعة

ثيئودور الموبسويستي

آباء وكتاب أنطاكية وسوريا
تاريخ الكنيسة

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى