القديس مكاريوس اسقف إدكو

 

 هو أحد مشاهير النساك ومن أبطال الكنيسة القبطية في هذا القرن الذين دافعوا بكل قوتهم وضحوا بحياتهم في سبيل تأييد اعتقادها الذي حفظته الكنيسة منذ نشأتها سالما وهو ما يختص بوحدة مخلصنا الطبيعية .

وكان من حداثته متصفاً بالوداعة والتواضع وما رسم اسقفا لابروشية ادكو كان يصعد على المنبر ليعظ الشعب فيشتد بكاؤه ونشيجه ولما سئل عن سبب بكائه أجاب “اني اشاهد خطايا الشعب كما ينظر الزيت في الوعاء”.

وظهرت غيرته على مجد ابن الله ومحافظته على كرامته في هذه الحادثة وذلك أن بعض الوثنيين كانوا يختطفون أولاد المسيحيين و يقدمونهم ضحية لاصنامهم فلما سمع القديس هذا الخبر قام الى بلدة الوثنيين المجاورة لمدينة ادكو يصحبة ثلاثة رجال فقط . ولما انتهوا إلى الهيكل وشاهدوا ابنيته الشامخة والتفاف الوثنيين حوله کالجراد والاسلحة بأيديهم طار لب الثلاثة الرجال ولا سيما عندما فاجأهم الوثنيون وهم يتقدمون نحو الهيكل وقالوا للقديس « لماذا اتيت الى هنا وما حاجتك عندنا » اما القديس فلم يتطرق اليه وجل بل اجابهم بمثل حماستهم قائلا ” لقد جئت لاری ما تفعلونه بأولاد المسيحيين الذين تختطفونهم لتقدموهم ذبيحة لاهتكم الكاذبة”. فقالوا له أن هذا الخبر کاذب ومن ابلغك اياه نمام . فأجابهم ان کنتم صادقين فدعونی اتبين الأمر بنفسي في داخل الهيكل فسمحوا له بالدخول ودخل معه رجل واحد ممن كانوا معه نظرا لخوف الاثنين اللذين بقيا خارجها وما تقدم القديس داخل باب الهيكل حتى رأى عشرين رجلا بأسلحتهم متقدمين اليه وهم يهددونه بدنو اجله وحملوه ليقدم ذبيحة لاحد آلهتهم ولم يؤخرهم سوى أن رئيس كهنتهم هوميرس لم يكن موجودا فاستدعوه وقد انتهز الرجل الذي كان مغلولا مع القديس هذه الفرصة وأسر اليه قائلا : هذا وقت الصلاة فأجابه القديس « لاتخف لابد ان يسوع ينقذنا من هذا الموت المريع » ولم ينته من هذه الكلمات حتى سمع الاثنان على الباب صوت و يصا احد المؤمنين يطلب اطلاق سراحهما فان هذا المؤمن لما علم بانطلاق القديس للهجوم على هيكل الوثنيين خشى عليه منهم فجمع عددا غفيرا من المؤمنين وسار إلى الهيكل وكسر الباب وخلص القديس وزميله من الموت وهما على حافته . وقيل انه أستخدم قوته في حرق جميع الأوثان التي وجدها في الهيكل وطاف البلدة يحرق كل ما تصل اليه يده منها حتى ان الاهالی اذ رأوا آلهتهم تحرق امامهم دون أن تقوى على انقاذ نفسها أو تؤذي من أهانها اعتمد منهم كثيرون.

و بعد ذلك أمر ثيودوسيوس قيصر بعقد مجمع في أفسس تفحص فيه هرطقة اوطاخی فسار القديس الى الاسكندرية ماشيا على قدميه وفي عزمه أن ينطلق أيضا إلى مجمع أفسس ماشيا ولما كان القيصر ارسل سفينتين لنقل البابا ديوسقوروس وحاشيته تقدم ربانها الى القديس مكاريوس وبعد ان اوضح له صعوبة السير على الاقدام الى افسس طلب منه أن يشرفه بنزوله في مركبه فأبی القديس وقال له « لا تحلو لى الراحة في سبيل خدمة الله بل يطيب لي معها التعب » ولكن ربان السفينة لم يتركه بل استمر يلح عليه و يلتمس منه الركوب معه فقال له القديس « الله يباركك يا ابني لاتلح في طلبك أذ لا يمكنني الركوب كما اني لا املك شيئا ادفعه لك كاجر”، فقال الربان : اذا كان الاجر هو الذي يمنعك من السفر معي فسافر في مركب البطريرك مجانا فابتهج القديس وسر لانه استحق ان يرافق خليفة مار مرقس ولكنه أتخذ له مكانا قصيا من السفينة وجلس فيه . غير ان البابا ديوسقوروس لما علم بوجوده استدعاه اليه وأجله في مكان مناسب ولما كان القديس لا يعرف الا لهجة واحدة من لهجات اللغة القبطية كان المترجم ينقل أقوال كل منها للاخر ونظر احد الشمامسة الى القديسين بازدراء ودهش كيف يحتفل البطريرك واساقفته برجل بسيط كهذا ليس له المام بالعلوم واللغات فوبخه البطريرك توبيخا شديدا والزمه بان يطلب منه الصفح والقديس لا يعلم ما جرى ولم يشعر الا والشماس يسجد أمامه فأقامه متحيرا وسأل عن السبب فافهمه اياه البطريرك وطلب للشماس العفو فأجابة « التمس من المولى ان يغفر خطاياك يا ابني » ومن ذلك الحين صار القديس موضوع احترام جميع المسافرين في السفينة.

ولما وصل الى مجمع افسس قام بخدمات جليلة لبطریرکه . وفي مجمع خلکيدون المرذول أظهر غيره كلية وثباتا عجيبا في المحافظة على ايمان الكنيسة القديمة فحكم عليه بالنفي مع بطریر که ديوسقوروس ولكنه فيما بعد تخلص من النفي بمساعدة تجار مصريين كانوا قد أنتهوا بسفرهم إلى حيث نفى الاباء وجاء معهم متنكرا موفدا من قبل البابا ديوسقوروس لتثبيت المؤمنين . وكان وصوله في الوقت الذي ارسل فيه مركيانوي قيصر رسولا من طرفه يحمل صورة قرار مجمع خلكيدون ليرغم المصريين على التوقيع عليها فجمع رسول القيصر اكليروس الاسكندرية وعظماءها وأخذ يحضهم على الاعتراف بطبيعتين ويحسن لهم قبول طومس لاون فانتصب الانبا مكاريوس وأخذ بشجاعة فائقة يلقي على مسامع الحاضرين خطبة زيف فيها ذلك الاعتقاد و روي وقائع ذلك المجمع المزور و برهن على ان اعماله كانت خلافا لكل قانون دینی ومدنی  

وحدث أن بروتیريوس الذي أقامه البابا ديوسقوروس و کیلاً عنه قبل ذلك المذهب مشترطا رسامته بطريركا فحنق الانبا مكاريوس لرؤيته رجلا يخون من ائتمنه وطفق يوبخه توبيخا عنيفا فاغتاظ منه بروتيروس ودفعه بقدمه في بطنه فسقط على الارض وتوفي للحال بالنسبة لشيخوخته و كان البابا ديوسقوروس قد تنبأ له قائلا أنك تنال الشهادة في الاسكندرية لاجل دفاعك عن أيمان ابن الله » فتم قوله ونال القديس اكليل الشهادة. 

فاصل

القديس ايسيذوروس

القرن الخامس العصر الذهبي

يعقوب البرادعي

مشاهير وقديسين الكنيسة
تاريخ الكنيسة القبطية

 

زر الذهاب إلى الأعلى