يعقوب البرادعي

 

 وفد على مصر في أيام البابا بطرس الرابع . كان كثير العبادة والزهد لا يلبس سوى خرق البرادع فسمي البرادعي و يلقب بالزنزلی ایضا . ولد في بلدة تيلا على مسافة ٥٠ ميلا من الرها مقاطعة أيطاليا في أواخر القرن الخامس .

ونشأ أولا في دير بالقرب من الرها يدعى دير الشقوق و بعد وفاة اسقف هذه المدينة رسم اسقفا عليها سنة ٥٤١ م

ثم توجه إلى القسطنطينية ليدافع عن الايمان الأرثوذكسي و يفتقد الاباء البطاركة الذين طرحوا في السجون وتحصل بواسطة مساعدة الملكة ثيودورة المؤمنة على أن يرسم من الثلاثة بطاركة المعزولين وهم ثيودوسيوس الاسکندری وسایروس الانطاکی وانتیموس القسطنطینی مطرانا عاما على كل الكنائس الأرثوذكسية.

 وقبل رسامته كانت أيدي ملوك الروم تعبث بانصار الطبيعة الواحدة وكاد هؤلاء ييأسون أذ مات بعضهم والبعض الآخر أسر فنهض يعقوب واشتغل مدة اسقفيته كلها وهي ٣٣ سنة في لم شعث طائفتيه وكان لابسا برذعه بمثابة ثوب شحاذ يطوف بها في انحاء الولايات الرومانية لکی يضم سكانها إلى حظيرة الكنيسة القبطية و يدخل في أذهانهم مذهبها واعتقادها بهمة لا تعرف الكلل ماشيا تحت الاخطار والأهوال من بلد إلى بلد لا يعرف الخوف ولا يشعر بالخطر المحدق به من موظفي الحكومة ومن الكهنة الرومانيين وصار يشرطن قسوسا واساقفة و يضم الشيع المتفرقة إلى مراكز معلومة و يوفق بين المتخاصمين وهدى اتباع اوطاخی وجعلهم يتركون اعتقادهم الفاسد و يتمذهبون بمذهب الكنيسة القديم .

إلى أن جدد للارثوذكسيين مرکز بطريركيتهم في انطاكية وترأس مجمعين کرس لهم فيهما بطريركین واحد بعد الاخر بعد وفاة القديس ساويرس وهما سرجيوس و بولس وهكذا استقر مذهب الطبيعة الواحدة في كثير من جهات آسيا الصغرى وما بين النهرين وسوريا وقبرص وفلسطين و بلاد الأرمن وانقسمت طوائفه الى ثلاث وهي السريان والأرمن والمصريون وتنطوي تحتهم الحبشة . السريان کان : عندهم ۱۱۹ اسقفا و بطريرك انطاکی يسمی دائما اغناطيوس ومركزه ماردين والأرمن لهم ايضا بطريرك يقيم في أستراغ و يسمى العام . و يرجع الكل في أمرهم إلى البطريرك الاسکندری والذي حدا بيعقوب الحضور إلى مصر هو السعي في اعادة السلام بين كنائسها وكنائس سوريا وسبب ذلك أن يعقوب كان قد رسم بطريركا ارثوذكسيا لانطاكية يدعي بولس ولكن السبب الاضطهاد الذي لحق به أضطر ان يوافق الخليکدونيين . فاستاء يعقوب منه وأصدر قرارا بحرمه وكأن بولس قد فرق القسطنطينية بعد أن جاهر بارثوذكسيته  امام الامبراطور وتاب عن زلته وأتى الى يعقوب قبله وضمه إلى عضوية الكنيسة غير أن المصريين عابوا على يعقوب قبوله بولس مرة أخرى حتى أن البابا بطرس أصدر قرارا بحرم بولس فحضر يعقوب الى مصر للمفاوضة في هذا الامر وترأس مجمعا عقد في الثغر الاسکندری اقتنع فيه برداءة سلوك بولس وسيرته السابقة بالاسكندرية مسقط رأسه فسلم يعقوب بعزله ولكنه يبقى عضوا في الكنيسة لانه تاب وأعلن عزله بواسطة ثلاثة أساقفة ومن ثم سافر يعقوب من مصر ليباشر جهاده اما بولس فكان له انصار عديدون رفضوا قرار مجمع الاسكندرية بشأنه وكاد الشقاق يستفحل فعزم يعقوب على زيارة مصر ثانية في ايام البابا دمبان ال ۳۰ ولكنه أصيب بمرض في الطريق فعرج على دير في حدود مصر ولما بلغ البطريرك الاسکندری خبر مرضه ذهب اليه ليزوره فوجده قد مات في سنة ٥٧٨ م . وقد شهد المؤرخون بان هذا الرجل كان بارا تقيا وقادرا في فصاحته وعلمه وانه لولم يهئ الله وجوده لما قام لقومي الراي قائمة و بعد موته ترك الكنائس الأرثوذكسية نامية احسن نمو في كل تلك الأماكن ، وجملة ماكرز من الكهنة والشمامسة مائة الف قسيس وشماس وعشرين أسقفا ومطرانا وبطريركين.

من هم اليعاقبة ؟

ويدعي المؤرخون اللاتين والاروام ان اصحاب مذهب الطبيعة الواحدة قد أكرموا يعقوب المذكور بتسميتهم يعاقبه بأسمه ولذلك دعا الخلكيدونيون الكنيسة القبطية بالكنيسة اليعقوبية وهو قول ملقى على عواهنه يدل على جهل قائله اذ لا توجد هناك علاقة بالمرة بين الكنيسة القبطية و يعقوب كما ان يعقوب لم يكرز في مصر بل کرز في الولايات الاخرى . ويظهر ان الخلکيدونيين قصدوا باطلاق لقب « اليعقوبية » على الكنيسة القبطية ان ينتقموا لأنفسهم منها لانها أطلقت عليهم لقب « الملكيين » ولكن لسنا مخطئين في تسمية الرومانية بالكنيسة الملكية لانها أنحازت الى الملك أو الامبراطور الروماني مذهبا وسياسية واول من اطلق اسم اليعاقبة هو انتيخوس بطريرك الملكيين في القرن العاشر ولكنه أطلقه على السريان الذين كانوا خاضعين رسميا ليعقوب البرادعي . وما نشرت كتابات افتیخوس بين الافرنج ورأى بعض مؤرخيهم أن تعاليم الاقباط لا تختلف عن تعاليم السريان فخرج هؤلاء المؤرخون من هذا الرأي   إلى تسمية الاقباط باليعاقبة أيضا . ورما اطلقوا هذا اللقب سهوا أو جهلا منهم ولكنه كان سببا في جر كثيرين إلى الوقوع في هذا الخطأ حتى من بعض أبناء الكنيسة القبطية ومنهم ابن العسال وابودقن الذي قال إن هذه التسمية وصلتنا من ابي الاسباط اتماما لنبوة الملاك جبرائيل للعذراء أن المولود منها « يملك على بيت يعقوب الى الابد . » وقال المقريزى المؤرخ المسلم أن أصحاب مرقیان دعوا اصحاب ديوسقوروس باسم اليعاقبة او اليعقوبية واطلقوا عليهم جميعا هذا الاسم واختلف في تسميتهم بذلك فقيل أن ديوسقوروس کان يسمي قبل بطريرکيته باسم يعقوب وانه كان يكتب وهو منفي إلى اصحابه بان يثبتوا على أمانة المسكين المنفي يعقوب وقيل بل كان له تلميذا أسمه يعقوب وكان يرسله وهو منفي إلى أصحابه فنسبوا اليه . وقيل بل كان يعقوب تلميذ ساويرس بطريرك أنطاكية وكان على رأی ديوسقوروس فكان ساويرس يبعث يعقوب الى سائر المسيحين و ثبتهم على أمانة ديوسقوروس فنسب النصارى الى يعقوب المذكور » اه

وقال آخرون أن ذلك نسبة الى يعقوب الرسول . فتضح أن المؤرخين الذين اتفقوا على تسمية كنيسة مجمع خلكيدون بالكنيسة الملكية لم يتفقوا في روايتهم على نسبة تسمية اليعاقبة للكنيسة القبطية وكل أقوالهم في هذا الشأن مردودة اذ قد التبس عليهم فيها وجه الصواب لاسيما وأن البابا ديوسقوروس لم يعرف باسم يعقوب ولم يكن له تلميذ بهذا الاسم ولم يبشر يعقوب الرسول بمصر ولا كرز يعقوب البرادعی مصر رادا الأقباط الى مذهب الطبيعة الواحدة بل كانوا هم المتمسكين به دون غيرهم ولم يعرف الاقباط منذ أول عهدهم بالمسيحية الى اليوم الا بالاقباط الأرثوذكس وكنيستهم « الكنيسة القبطية الأرثوذكسية » .

فاصل

القديس مكاريوس

القرن السادس عصر التراجع يوحنا النيقاوي  
مشاهير وقديسين الكنيسة
تاريخ الكنيسة القبطية

 

زر الذهاب إلى الأعلى