البابا غبريال الرابع
البطريرك رقم 86
رسامته
ومرت ستة شهور والكرسي المرقسي مازال شاغرة إذ كانت الضيقات الجاثية على الصدور تقوم حائلا دون الاجتماع للتشاور. إلا أن خالق الكون في شامل رحمته قد جعل للإنسان القدرة على الاحتمال وعلى السير في الحياة رغم ما يعتريها من محن وآلام. ولولا هذه المنحة الإلهية ما استمر الكون عامراً يتوارثه الناس جيلاً بعد جيل. لأن بطش القوى بالضعيف لم يفتر منذ بداية الخليقة. وخلال السحب القاتمة الحاجبة لضوء الشمس رأي الأساقفة أن واجبهم الراعوي يحتم عليهم دعوة الأراخنة للتداول معهم في أمر الخليفة المرقسي، وفعلاً اتخذوا الخطوات العملية بأن اجتمعوا هم والأراخنة. وبعد البحث وموازنة الأمور استقر الرأي على رئيس الدير المحرق واسمه غبريال لأنه كان فاضلاً جليلاً عالماً عابداً ناسكاً مهيب الجانب. فأخذوه وساروا به إلى الإسكندرية إلى كنيسة باسم القديسين سرجيوس وواخس حيث تمت رسامته يوم عيد الظهور الالهى.
وقد ظل محتفظاً باسمه الرهباني فأصبح الأنبا غبريال الرابع البابا الإسكندري السادس والثمانين سنة 1370م.
حرب أهلية مملوكية
وما أن بدأ مباشرة رياسة كهنوته حتى قامت حرب أهلية بين المماليك الموالين للسلطان والمماليك المشايعين ليلبغا. وأنتصر السلطان وأعوانه وطاردوا خصومهم إلى أن أغرقوهم في النيل. الا أن الدائرة لم تلبث أن دارت على السلطان فلقي حتفه. وكأن هذا التطاحن في شوارع القاهرة لم يكن كافية إذ قد شب فيها حريق مزعج التهم خمسمائة دار .
ولولا أن سور القاهرة كان حاجزاً منيعاً لأتت النار على نصفها. وكانت هذه الكوارث سبباُ في هدوء التضييق على القبط إذ شغلت المماليك عنهم .
الحاجة إلى الميرون
ومرة أخرى وجد البابا المرقسي أن الحاجة ماسة لمزيد من الميرون فأرسل يدعو الأساقفة للاجتماع به في دير الأنبا مكاري الكبير ليشاركوه اقامة شعائر الميرون المقدسة. وقد لبى دعوته عشرة من الأساقفة فقط للصعوبات التي كانت قائمة وقتذاك. وكان سبعة من الأساقفة من الصعيد وثلاثة من الدلتا. ولقد تمت هذه الشعائر المقدسة في ذلك الدير العريق الذي يلقب صاحبه بأبي البطاركة للمرة الأخيرة يومذاك. لأن الباباوات الاسكندريين أصبحوا يؤدونها بعد ذلك في الكنيسة التي تكون المقر البابوی ساعة اقامة هذه الشعائر.
سفينة مُغيرة
ثم حدث أن رست سفينة بالاسكندرية حاملة جنودا صليبيين – نزلوا بالمدينة وعاثوا بها فساداً ونهبوا كل ما وصلت إليه أياديهم . ثم استطاعوا بعد ذلك أن يأخذوا خمسمائة أسير ويقلعوا بهم إلى بلادهم. فثارت ثائرة المماليك المسئولين في القاهرة والاسكندرية ولم يجدوا من يصبون عليهم جام هذه الغضبة إلا القبط ففرضوا عليهم ضرائب فادحة. وهكذا نجد أنه كلما هبط الصليبيون بلادنا وأوقعوا الأذى بأهلها استفزوا بعملهم النفوس ضد القبط ، فكان الضيق الذي يصيبهم ضيق مزدوج : ما يقع عليهم من بطش الصليبيين ومن كون هؤلاء الباطشين يحملون شارة المحبة والرحمة في عمليات القتل والغدر ، ثم ما يصيبهم من جهال مواطنيهم الذين كان يختلط عليهم الأمر حين يرون الصليب على صدور المغيرين على بلادهم .
نياحته
على أن مضاعفة الضرائب ( أو بالحرى الجزية ) كانت النوع الوحيد من الاضطهاد الذي انصب على القبط في تلك الفترة فذاقا طعم السلام والاستقرار ولكن هذا السلام الذي سعد به الأنبا غبريال الرابع وشعبه آنذاك لم يكن السبب الكافي لاطالة مدة رياسة كهنوته إذ قد انتقل إلى عالم الروح بعد توليه الكرسي المرقسي بثماني سنوات وثلاثة شهور واثنين وعشرون يوماً.
البابا يوحنا العاشر | القرن الرابع عشر | العصور الوسطى | البابا متاؤس الأول |
تاريخ البطاركة | |||
تاريخ الكنيسة القبطية |