خلافة هارون الرشيد

 

ولى على مصر علي بن سليمان فاشتد غضبه على المسيحيين وعمد الى ما كان يلجأ إليه غيره من الولاه السابقين وهو هدم الكنائس، فعزم على هدم كنائس الفسطاط, فعرض عليه المسيحيين خمسين ألف دينار لكي يتجاوز لهم عن كنيسة كانت قائمة في حصن قسطنطين فرفض وهدم جميع الكنائس ولم يبق منها سوى كنيسة أنبا شنودة الواقعة بين الفسطاط وبابليون.
وتولى بعد علي موسى بن عيسى، فأراح الاقباط وأذن لهم ببناء الكنائس التي تهدمت وكان ذلك بمساعدة الليث بن سعد وعبدالله  بن لهيعة القاضيين ومشورتهما، الذين رأوا أن بناء الكنائس من عمار البلاد فشدداهم على ذلك.
وخلف موسى بعض ولاة لم يعرفوا لهم عملاً سوى اضطهاد الاقباط. وكأن المصائب أبت الا تكون وقفاً على هؤلاء المساكين فتوالت المجاعات التي فتكت بثروتهم وصار الفقراء يموتون جوعاً أو تقتلهم الحكومة تخلصاً من اعالتهم.
ومن الغريب أن أحد ولاة مصر تنبه إلي أن المجاعات تتوالى بسبب اهمال تطهير الترع وتنظيم أحوال الري، فساق عدداً عطيماً من الاقباط ليس لديهم قوت يومهم فماتوا من الجوع وبقيت جثثهم مكومة في الأماكن التي ماتوا فيها ونشاء عن عفونتها طاعون زاد في شقاء البلاد.
وكان من راي هارون الرشيد أن لا يبقى والي مصر حاكماً لها أكثر من سنة وكان يشدد عليهم باجراء قواعد العدل والانصاف فاستراح الاقباط في مدة خلافته من الاضطهاد، غير انه كان ينظر اليهم وإلى بطريركهم بعين الريب خوفاً من انتفاضهم عليه، فبذل جهد في التضييق عليهم.
وبلغ الولاه الذين تقلبوا على مصر في مدة سبع سنوات سبعة آخرهم يسمى اسحق بن سليمان الذي لما وصل مصر زاد في خراج المزارعين زيادة أجحفت بهم فخرج عليه أهل الحوف فحاربهم فقتل كثير من أصحابه، فكتب إلي هارون الرشيد بذلك فعقد لهرثمة بن أعين في جيش عظيم وبعث به فنزل الحوف فتلقاه أهله بالطاعة وأذعنوا فقبل منهم واستخرج الخراج كله. وفي سنة 798 م ولىّ الليث ابن الفضل فبعث بمساح يمسحون الاراضي ومن جملتهم أراضي الحوف فأنتقص لهم من القصبة أصابع فتظلموا إلي الليث فلم يسمع لهم، فتجهزوا وساروا إلي الفسطاط فخرج اليهم في أربعة آلاف من جنده فهزمهم وبعث الليث الي الفسطاط بثمانين رأساً من رؤوس الثائرين.

____________

المراجع : 

  • تاريخ الكنيسة القبطية للقس منسى يوحنا

فاصل

خلافة عمر بن عبد العزيز

القرن الثامن عصر التراجع

خلافة المأمون 

المملكة والكنيسة
تاريخ الكنيسة القبطية

 

زر الذهاب إلى الأعلى