الخادم والقوة الروحية

 

 الخادم الروحي لابد أن يكون قوياً روحياً، حيث يستمد قوته الروحية من الله مباشرة ، هو إنسان قوی ، لأنه صورة الله ومثاله (تك 1: 27)، والله قوى. وهو كابن لله، من المفروض أن يكون قوياً في الروح.. والإنسان الروحي هو “هيكل للروح القدس” (1كو 6: 19). والروح القدس ساكن فيه (1كو 3: 16). وهكذا ينال قوة من الروح الذي يعمل فيه بقوة.. ويتحقق فيه وعد السيد المسيح الذي قال: “ولكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم” (أع 1: 8). وقد قال عنها إنها قوة من الأعالي” (لو 24: 49). وظهرت هذه القوة في كرازة الآباء الرسل. وهكذا ورد في سفر أعمال الرسل “وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع. ونعمة عظيمة كانت على جميعهم” (أع 4: 33). فما هي مظاهر هذه القوة ،وما هي في مظاهرها في حياة الخادم؟

أولاً : مصادر القوة

لاشك أن مصدر القوة الروحية هو الله نفسه:

كما يقول المرتل في المزمور “قوتي وتسبحتي هو الرب. وقد صار لي خلاصًا” (مز 118: 14). وكما قال القديس بولس الرسول “تقووا في الرب وفي شدة قوته” (أف 6: 10). وقال أيضًا “أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني” (فى 4: 13). وعبارة “أستطيع كل شيء” تدل على مدى القوة التي يحصل عليها الإنسان الروحي في المسيح يسوع حتى أن الرب يقول: “كل شيء مستطاع للمؤمن” (مر 9: 23).

لذلك فإن كل قوة ، ليس الله مصدرها ، هي قوة باطلة ، ومصيرها إلى الزوال . كقوة فرعون مثلاً، وكقوة الشيطان .. وقوة آخاب الذي قتل نابوت اليزرعيلى .. وقوة مشورة أخيتوفل .. ! ومثل قوة جليات .. وكل الأقوياء بدهائهم أو بكبريائهم .

أما الإنسان الروحى فقوته من الله العامل فيه . وعن هذا يقول القديس بولس الرسول : “الأمر الذي لأجله اتعب أيضاً مجاهداً، بحسب عمله الذي يعمل فيَّ بقوة ( كو 1 : 29 ) , “بحسب القوة التي تعمل فينا ” ( أف 3 : 20 ) .. إنها قوة الروح القدس .

1- الصلاة :

ما دامت القوة من الله، فنحن نطلبها بالصلاة، وننالها بالإيمان ونعمة الله.

الإنسان الروحي يقف أمام الله ضعيفًا، يلتمس منه القوة يصلي قائلًا “أعطني يا الله قوتك”، “فأنا بدونك لا أستطيع شيئًا” (يو 15: 5). وبالصلاة يمنحه الله قوة مثل آخر صلاة صلاها شمشون، واستجاب الرب له (قض 16: 28، 30).

والإيمان يمنح الإنسان قوة، لأن كل شيء مستطاع للمؤمن (مر 9: 23).

حتى إن أدركه ضعف في وقت ما، فإن الإيمان يعيد غليه قوته. ألم يقل الرب “لو كان لكم إيمان مثل حبه خردل، لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل” (مت 17: 20).. وإن شعر الإنسان الروحي أن إيمانه قد ضعف، يصرخ إلى الرب قائلًا أؤمن يا رب: فأعن ضعف إيماني.. (مر9: 24). وهكذا نجد أن الإيمان والصلاة يعملان معًا في جلب القوة للإنسان. وبالصلاة يصارع الله مع الإنسان، ولا يتركه حتى ينال منه القوة. يصلى وهو مؤمن أن القوة ستأتيه..

2- عمل الروح القدس :

الخادم ينال القوة بعمل الروح القدس فيه وهكذا فإن الذي يشترك مع الروح القدس في العمل ، لابد أن يكون قويا.. ، فإن وجدت نفسك ضعيفا في وقت ما ، راجع شركتك مع الروح القدس .. إن سبب فقد شمشون لقوته ، هو أن روح الرب قد فارقه ( قض 16 : 20 ) . تمسك إذن إلى أبعد حد بعمل الروح فيك ، وهيئ نفسك بالنقاوة والقداسة ، حتى يكون هيكلك مستحقا لسكنی روح الله فيك .. فتستمر قويا ۔

3- كلمة الله

الخادم يحتفظ بقوته الروحية بثبات كلمة الله فيه طالما تضع وصية الله أمامك ، وتحب كلمة الله وتخبئها في قلبك ، وترددها بلسانك ، ستجد أن كلمة الله ستمنحك قوة ، تمنحك استحياء من الخطية ، لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حين ” ( عب 4: 12 ) ، وما أجمل قول القديس يوحنا الرسول للشباب : “كتبت إليكم أيها الأحداث لأنكم أقوياء ، وكلمة الله ثابتة فيك ، وقد غلبتم الشرير” ( ايو 2 : 14 ).

4- الإتضاع :

لأن “الرب يقاوم المستكبرين، أما المتواضعون فيمنحهم نعمة” (يع 4: 6). المتكبر يظن أنه بقوته البشرية سينتصر، فيعتمد على قوته فيفشل. أما المتواضع، فإن يشعر بضعفه، يعتمد على قوة الله، فيمنحه الله هذه القوة “ليكون فخر القوة لله، لا منا” (2كو 4: 7).

أنظروا كيف قال الشياطين للقديس مقاريوس الكبير “بتواضعك وحده تغلبنا”. وكيف قال القديس الأنبا أنطونيوس: أبصرت فخاخ الشيطان مبسوطة على الأرض كلها. فقلت يا رب من يفلت منها؟ فقال: المتواضعون يفلتون منها..

إن المتواضعين الذين يقفون أمام الله كضعفاء، هم الذين قال عنهم الوحي الإلهي “اختار الله ضعفاء العالم، ليخزى بهم الأقوياء” (1كو1: 27) “لكي لا يفتخر كل ذي جسد أمامه”..

المتواضع لا يخاف، لأن الله معه. ولكن متى يخاف الإنسان بحق؟ يخاف عندما يتعجرف قلبه، ويظن أنه قوى، وأنه قد ارتفع إلى السماء، وجلس على عرش الله، وأصبح الشيطان تحت قدميه.

انظروا إلى قول القديس العظيم بولس الرسول “لأني حينما أنا ضعيف، فحينئذ أنا قوي” (2كو 12: 10).

5- بنقاوة القلب :

فالقلب النقي هو حصن لا ينال، ومنه مخارج الحياة” (أم 4: 23). والقلب النقي هو الذي ارتفع عن شهوات العالم. ما أجمل قول القديس أوغسطينوس “جلست على قمة العالم، حينما أحسست في نفسي أنى لا اشتهى شيئا ولا أخاف شيئا”.. حقًا إن القلب الزاهد هو قلب قوي، لا توجد شهوة تغلبه، ولا يوجد شيء يخيفه.

6- الزهد وعدم الخوف :

تعرض الشهداء لكل الإغراءات والتهديدات ، ولكل ألوان التعذيب ، وبقوا صامدين في قوة عجيبة ، لأنه لم تكن هناك أية شهوة في قلوبهم تستجيب للإغراءات ، ولا أي خوف تزعجه التهديدات ، ولم يكن فيهم خوف الموت أيضا . فاحتفظوا بقوتهم أمام كل الملوك والولاة والقضاة . كانوا أقوى من مضطهديهم . كذلك الرهبان ، لأنهم تجردوا من الشهوات ، أمكنهم أن ينتصروا على العالم ، وكانوا أقوياء في احتمال الوحدة وسكنى الجبال والبراری ، بل وسكنى المقابر أيضا وكانوا أقوياء في حروب الشياطين . كانوا أقوياء أيضاً في تأثيرهم الروحي على الآخرين . أمراء صاروا رهبانا ، لأنهم كانوا أقوى من شهوة المُلك . القديس الأنبا أنطونيوس حاول الشياطين أن يخيفوه بكل المناظر المفزعة ، ولكنه كان أقوى منهم . وأمكنه أن يغلبهم بأتضاعه وبإيمانه . والقديس مقاريوس لم يخف ، حينما بات في مقبرة وقد أسند رأسه على جمجمة ، وتحدث الشياطين معها . ولكن قلبه كان قويا بالإيمان لا يخاف .

عزیزی الخادم المبارك تحدثنا في النقطة السابقة عن مصادر القوة الروحية في حياة الخادم ، ولكن ماذا عن المظاهر الروحية للقوة في حياة الخدام ؟

ثانيا : مظاهر القوة الروحية

1- قوة الحب والبذل :

تحدث سفر النشيد عن قوة الحب فقال “المحبة قوية كالموت.. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة، والسيول لا تغمرها” (نش 8: 6، 7). وقال القديس بولس الرسول “المحبة لا تسقط أبدًا” (1كو 13: 8).

هذه هي المحبة الحقيقية، التي ليست بالكلام واللسان، بل بالعمل والحق (1يو 3: 18). ولعل من أعمقها محبة الأم لرضيعها، ومحبة داود ليوناثان (2صم 1: 26). بل محبته لابنه أبشالوم الذي خانة، وكيف بكى عليه بمرارة لما سمع بموته (2صم 18: 33).

وتظهر قوة المحبة في البذل. وأقوى بذل هو بذل الذات.

ظهر هذا الأمر واضحا في سيرة الشهداء، وكيف بذلوا كل شيء حتى الحياة، من أجل محبتهم لله. وكذلك ظهرت قوة هذه المحبة في حياة الآباء الرهبان والسواح، الذين تركوا العالم وكل ما فيه. “وسكنوا الجبال والبراري من أجل عظم محبتهم للملك المسيح”. كذلك محبة الآباء الرسل الذين من أجل محبتهم للرب وملكوته، احتملوا الجلد والسجن والرجم والتشريد والموت أيضًا.. وقالوا للرب أيضًا “تركنا كل شيء وتبعناك” (مت 19: 27). وفي ذلك يقول بولس الرسول أيضًا “خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح” (فى 3: 8).

وقوة المحبة تظهر إن كانت من كل القلب.

وفى ذلك قال الكتاب “تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك”. (تث 6: 5) (مت 22: 37). وعبارة “كل “تعنى أنه لا توجد محبة أخرى تنافس محبة الله في قلبك. وفي ذلك قال السيد الرب “من أحب أبًا أو أمًا أكثر منى فلا يستحقني. ومن أحب ابنا أو ابنة أكثر منى فلا يستحقني” (مت 10: 37). بل من أحب حياته أكثر من الرب، لا يستحقه. وفي ذلك قال “من وجد حياته يضيعها. ومن أضاع حياته لأجلى يجدها” (مت 10: 39).

المحبة تقود إلى البذل، وقوة البذل لها أسباب.

يوجد بذل سببه الحب كما قيل “هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد” (يو 3: 16). وكما بذل الشهداء لأجل محبتهم للرب. وهناك قوة في البذل سببها الطاعة، كما رفع أبونا إبراهيم السكين ليبذل ابنه وحيده ذبيحة للرب. توجد قوة في البذل سببها الزهد، كآبائنا الرهبان.

2- قوة الإيمان:

قوة الإيمان تظهر في أنه يصدق كل شيء. يؤمن أن الرب يمكن أن يشق طريقا في البحر، وأن يفجر من الصخرة ماء، وأن يصنع المعجزات والعجائب.. الإيمان الذي جعل بطرس يمشى على الماء (مت 14: 29). الإيمان بأن الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون (خر 14: 14).. الإيمان الذي يجعلك تقدم الحياة لأجل الرب، وتقدم عشورك وأنت تدفع من أعوازك.. الإيمان الذي يقول “إن سرت في وادي ظل الموت، لا أخاف شرًا لأنك أنت معي” (مز 23).. الإيمان بأن كل لأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الرب” (رو 8: 28).. الإيمان القوى بالأبدية الذي يجعل الإنسان يستعد لها بكل قوته..

النصرة على المحاربات الروحية :

كما ظهرت قوة يوسف الصديق في انتصاره العجيب على إغراءات زوجة فوطيفار (تك 39: 9) قوله في حزم عملي “كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟!”

الإنسان الروحي لا تظهر قوته في انتصاره على غيره، إنما في انتصاره على الخطية، مهما كانت الحروب شديدة، سواء من الشيطان، أو من الناس الأشرار، أو من أخوة كذبة (2كو 11: 26) أما الذي يضعف ويسقط فينطبق عليه قول الكتاب “وزنت بالموازين، فوجدت ناقصًا” (دا 5: 27).

4- الخادم القوي إذا أخطأ، له القوة على الاعتراف بخطئه.

كثيرون يجدون صعوبة بالغة في الاعتراف بأخطائهم.. أما القديس أوغسطينوس، فقد نشر اعترافاته في كتاب قرأه كل أهل جيله. وما تلته من أجيال.. والإنسان الروحي أيضًا، إذا أحس أنه أساء إلى أحد، تكون له القوة على الاعتذار إليه والاعتراف بإساءته، دون محاولة للتبرير أو المجادلة..

وإذا أحس أن رأيه مخطئ، يكون قادرا بسهولة أن يتنازل عن راية، بغير عناد كما يفعل البعض.

5- القوة في ضبط النفس:

الإنسان الروحي قوى من الداخل. يستطيع أن يضبط نفسه، كما قال الكتاب “مالك نفسه خير ممن يملك مدينة” (أم 16: 22). فهو يضبط أفكاره فلا تسرح فيما لا يليق، متبعا قول الرسول “مستأثرين كل فكر إلى طاعة المسيح” (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 10: 5). يضبط أيضًا حواسه، فلا يخطئ بالنظر ولا بالسمع ولا باللمس. كذلك يضبط مشاعر قلبه وعواطفه. ويضبط لسانه أيضًا، فلا تخرج من فمه كلمة خاطئة، ولا كلمة زائدة، وفي ذلك قال القديس يعقوب الرسول “إن كان أحد لا يعثر في الكلام، فذاك رجل كامل قادر أن يلجم كل الجسد أيضًا” (يع 3: 2) هنا القوة الداخلية في ضبط النفس، وضبط الفكر والحواس والمشاعر، وضبط اللسان أيضًا.

6- الإنسان الروحي يضبط أيضًا غرائزه وانفعالاته:

الإثارة الخارجية لا تثيره من الداخل، بل يكون أقوى منها. لا ينفعل مثلًا إذا تعرض لإساءة ما، ولا يقاوم الشر بالشر (رو 12: 17). ولا يرد على الكلمة الخاطئة بمثلها. لا يغلبه الشر، بل يغلب الشر بالخير (رو 12: 21). ويستطيع أن يسيطر على الغضب. ويكون قويًا في أعصابه، لا تفلت منه.

7- قوة الشخصية والتأثير:

الخادم إنسان قوى في عقله، فهمه، في قدرته على الاستيعاب وعلى الاستنتاج، قوى في ذاكرته، في سرعة بديهته، في حكمته وحسن تصرفه. هو أيضًا قوى الإرادة، قوى العزيمة، قوى في حكمة تصرفه، حُسن إراداته للأمور. وقوى أيضًا في أنه لا يهتز أمام أي تهديد أو تخويف. ينطبق عليه قول الكتاب “من أنت أيها الجبل العظيم؟! أمام زربابل تصير سهلًا” (زك 4: 7). وتظهر قوته أيضًا في كل عمل يعمله، وكل مسئولية يحملها.

هو إنسان قادر على تحمل المسئوليات، مهما بدت كبيرة أو خطيرة، ويقوم بعمله بكل جدية، وبكل أمانة ودقة والتزام، ويأتي بالنتائج المرجوة في إنجاز سليم. وهو أيضًا حازم، ولا يتردد. ومهما حدثت من عوائق، ولا يلق ولا يضطرب ولا يخاف.. بل يقف كالجبل الراسخ، واثقًا بأن كل مشكلة لها حل. وواثقا بالله يعمل معه ويعمل به..

له تأثير المجتمع الذي يعيش فيه، ربما يمتد إلى أجيال.

إن الروحيين الأقوياء لا يتأثرون بأخطاء البيئة التي يعيشون فيها “ولا يُشاكِلون أهل هذا الدهر” (رو 12: 2). بل لهم القدرة التأثير في المجتمع، في فكره. واتجاهه وروحياته، كما فعل الآباء الأول، حتى ليقال: عصر أثناسيوس، عصر أنطونيوس.. يؤثرون بقدوتهم، أو بكتاباتهم التي يمتد تأثيرها إلى أجيال وأجيال.. ننتقل إلى نقطة أخرى وهي:

8- القوة في الكلمة والخدمة:

الخادم الروحي، كل كلمة تخرج من فمه تكون قوية وفعالة، ولا ترجع فارغة، بل تعمل عمل الرب (أش 55: 11). كلماته قوية في تأثيرها على الآخرين، وخدمته ملتهبة ومثمرة. بولس الرسول، وهو أسير في سلاسل أمام فيلكس الوالي، حينما تحدث عن البر والدينونة والتعفف، ارتعب فيلكس (أع 24: 25). ولما تحدث أمام أغريباس “بقليل تقنعني أن أصير مسيحيًا” (أع 26: 28). ويعوزنا الوقت أن تحدثنا عن خدمة القديس بولس في قوتها وانتشارها. وكذلك قوة الخدمة في أيام الآباء الرسل..

في قوة خدمة الآباء، وقفت المسيحية العُزلاء أمام الإمبراطورية الرومانية بكل سلطتها وقسوتها. وأمام اليهود بكل دسائسهم ومؤامرتهم. ووقفت أمام فلسفات العصر. وبعظة واحدة من القديس بطرس انضم إلى الإيمان ثلاثة آلاف، نالوا نعمة العماد في نفس اليوم (أع 2: 41). وإنها قوة الروح القدس العاملة في الكلمة وبقوة (كو1: 29). إنه قوى في شهادته للرب، يقول مع داود النبي “تكلمت بشهاداتك قدام الملوك ولم أخز” (مز 119).

الخادم الروحى يختفى ليظهر المسيح

ذهبا اثنين لاصطياد سمك من إحدى الترع وكان احدهما ولد صغير والآخر رجـل كبيـر, اصــطاد الولــد الصــغير سمكاً كثيراً وأما الرجــل فلــم يصــطاد شــيئا! فــذهب الرجــل إلــى الولــد ليسأله عن سبب ذلك رغما مـن اسـتعدادات الرجـل مـن حيـث طعـم السـمك والصـنارة وغيرهـا ًـ
..وأكثــر مــن ذلــك إن تيــار الميــاه كــان يمــر علــى الرجــل قبــل وصــوله للفتــى. فقــال لــه الولــد:
(انك تصطاد وأنت واقف على شاطئ الترعة فتلقى بظلك علـى الميـاه فيـراك السـمك ويهـرب منك أما أنا فمختبئ وراء الحشائش فلا يرانى السمك فأصطاد سمكا كثيرا).
صديقى الخادم هل علمت السر وراء الصيد الوفير؟
لابد من صياد الناس أن يختفى ويظهر المسيح لكى يحصل على الصيد الوفير من اجل هذا قال المسيح له كل المجد لبطرس: ” مِنَ الآنَ تَكُونُ تَصْطَادُ النَّاسَ!” (لو 10:5). ولقد استطاع بطرس أن يصطاد بشبكه واحدة (عظة) ثلاثة آلاف نفس من الناس لأنه اختفى ليظهر المسيح. ليكن فى قلبك وفكرك دائماً أن تختفى أنت ليظهر المسيح مهما كانت قوتك ومهاراتك وإمكانياتك
فلتكن أنت حضرة شفافة يظهر المسيح دائما من خلالها ويجتذب هو بقوته الإلهية كل نفس إليه له المجد الدائم.
هكذا يكون الخادم الروحى.. وهكذا تكون قوة الخدمة الروحية التى تشهد للمسيح بحياتنا، وخدماتنا المختلفة للرب والكنيسة المجيدة.

فاصل

بتصرف من كتاب الإنسان الروحي لقداسة البابا شنودة الثالث

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى