أفرح في آلامي

 

” أفرح في آلامي” كو 1 : 24)

المسيح لما وقع تحت الآلام الجائرة دون أن يكون مستحقاً للألم البتة ، حوَّل مفهوم الظلم في الآلام . فبدل أن كان المتألم ظلماً يرفع عينيه للسماء ليلوم الله أو يسترحمه ، فلا يجد رداً أو جواباً أو تعزية ، لأن الخطية حجبت الإنسان عن خالقه ، وأغلقت على المتألم والمظلوم معاً في قسوة لتدفعهما دفعاً إلى الموت والهلاك ، لأن هذا هو طريق الخطية ونهايتها . نقول بدلاً من ذلك أصبح المتألم – وقد صار حراً من الخطية إلى الأبد في المسيح لا يرى في تألمه شيئاً من الظلم مهما كانت الامه ومهما كانت براءته ؛ إذ يرى ويحس أنه لا يتألم قط ليفي شيئاً عليه أو ليكفر عن ذنب جناه .

فأشد أنواع الآلام بل وكل آلام البشرية التي تجمعت معاً لا تكفر عن خطية صغيرة ، لأن الخطية خصومة مع الله وخروج من حضرته ، والآلام هي عقابها ليس إلا . فإن وفينا العقاب ؛ من يصالح ؟ وحتى إن دفعنا أجرة الخطية بالموت ، فمن يحيينا ويدخلنا إلى حضرة الله ؟

ولكن هوذا المسيح رفع الخطية وبذلك رفع صلة الآلام بالخطية المرعبة الذميمة ، فلم تعد الآلام شركة في خطية آدم ، بل شركة في حب المسيح .

إذن ، فمهما تألمنا – ونحن في المسيح- واشتدت بنا الآلام ، فنحن لا نتألم قط عن استحقاق أو غير استحقاق للألم ذاته ، قل أو كثر ، فالألم لم يعد تغريماً لشيء ولا تكفيراً عن شيء ولا عقاباً عن شيء !

فالخطية التي كانت تُسبب هذا التغريم وهذا التكفير رفعها المسيح بعد أن وفي غرامتها وكفارتها وعقوبتها . 

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

زر الذهاب إلى الأعلى