أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات
“أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات” (أف 2 : 6)
وكأن القيامة لا تكفي ؛ فبعد القيامة أمجاد الوجود في الحضرة الإلهية حيث المسيح جلس بنا عن يمين الآب رهن طلب الذين أحبوا المسيح ولم يطيقوا أن يبقوا بدونه أبداً. فحيث المسيح يوجد الآن يكون لنا حق الوجود .
المسيح يدعونا أن نطلب ما فوق ، وهذه الطلبة هي من صميم طلب المسيح ومسرته التي سبق وأن ألح على الآب أن يمنحها لنا كلما طلبناها ، لأنها من حقنا بسبب بشريتا التي اتحد بها بوفاق وحب وعهد أن لا يخلعها أبداً ولا يهجرها إطلاقاً ولا ينساها لحظة ولا طرفة عين …
لذلك أن نطلب ما فوق حيث المسيح جالس ، فمعناها أن نطلب الوجود الدائم في حضرة الله ، الذي صار لنا حقاً أبدياً في المسيح . نطلبه الآن كطلب بدموع وإلحاح ؛ فإذا ما أخذناه لا يعود يُنزع منا ، لأنه نصيبنا المحفوظ لنا في السموات ، الذي لا يتدنس قط بسبب قصورنا ، ولا يضمحل أبداً بسبب اضمحلال كياننا الجسدي .
والوجود في حضرة الله ، بإحساس الاتحاد بالمسيح الذي أكمله فينا ولنا مجاناً، هو سر السعادة التي وفرها المسيح لنا في وسط أحزان العالم وعجز البشرية المحزن .
الإحساس بالوجود في حضرة الله بالمسيح كفيل أن يعطي الإنسان سلاماً قلبياً يفوق العقل . ولكن هذه الحضرة ليست مسرة نلهو فيها ؛ بل هي عينها الصلاة في ملء حرارتها وهدوئها ورزانتها. الصلاة الكاملة التي فيها يهدأ الجسد وترتاح النفس وتبتهج الروح .
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين