ألك إيمان؟

 

“ألك إيمان ؟ فليكن لك بنفسك أمام الله” (رو 14 : 23)

الإيمان لا يُسلم للجميع بمقياس واحد أو رؤية واحدة أو باتساع واحد أو بقوة واحدة . فالله بحسب سبق معرفته بالإنسان ماذا هو وماذا سيكون ، يمنحه قسطاً من الإيمان يتوافق مع جميع إمكانياته وضعفاته وطموحاته ومسئولياتها! فأصبح الإيمان لدى كل إنسان شيئاً خاصاً به وحده لا يعرضه على الناس للتباهي ولا يفرضه عليهم متجاهلاً إمكانياتهم .

القديس بولس يحذر هنا الأقوياء الذين انفتحت عليهم طاقات معرفة الروح وأدركوا اتساع فكر الله والمسيح وصار لهم إيمان قوي لا يهتم بصغائر الأمور الزمنية ، يحذرهم من أن يستعرضوا إيمانهم أمام الضعفاء في الإيمان ويعلموا أشياء تجزع منها ضمائرهم . يكفي أقوياء الإيمان أن يفرحوا بإيمانهم ، ولكن ليكن هذا فيما بين أنفسهم والله .

نعم حقاً « طوبى لمن لا يدين نفسه فيما يستحسنه » ، ولكن يا ويله إذا هو ارتاب وضغط على ضميره ونفذ ما لا يرتاح إليه ضميره أمام الله .

لا تفرض إيمانك على الضعيف ، لا تعثر الآخرين بحريتك ، لا ترغم الضعفاء أن يعملوا ما لا يؤمنون به أو يتصرفوا بغير ما ترتضي به ضمائرهم .

احترم ضعف الناس ، احترم ضمائرهم المُعثرة ، تمشَّ مع الأضعف ولا ثرهقه بسعة إيمانك وحريتك ، ولا تأت عملا قط يوجع ضمائر غير المدربين على الحرية .

الرسول بولس يريد منا أن لا نعمل أي شيء إلا إذا كانت ضمائرنا واثقة متيقنة من صحة موقفها إزاء الإيمان الموهوب لنا بحجم خلاصنا . 

الإيمان ليس هو أن تقرر أن الله يستطيع كل شيء بل أن تقرر أنت قبول كل شيء من يديه ، لذلك فإن أي شك في الصلاة أو شعور باحتمال عدم إجابتها سوف يحرمك من ثمرتها واستجابتها .

قبل أن تتقدم بالسؤال ابحث أولاً شهادة ضميرك ، هل أنت سائر حسب مشيئة الله ؟ وهل سؤالك يرضي الله ؟ إذا وثقت من نفسك فثق بالله ، ولا تكف عن السؤال حتى تنال طلبتك.

الاستمرار في الخطية يحرمنا من استجابة سؤالنا ، لأنها تقف حائلاً بينا وبين الله.

لا تكف عن سؤالك حتى تأخذ إما لا وإما انعم  ، وكثيراً ما كانت استجابة الصلاة بـ لا .

إياك والتوقف عن الصلاة حينما لا تجاب طلبتك فتظهر كطفل متمرد ، فأنت لا تعرف ما هو صالحك .

يُلخص الرسول بولس قانون إيماننا المسيحي بالآية : « إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت » ؛ فإذا كنت تؤمن بهذه العقيدة ؛ فهل المسيح فعلاً صار في قلبك ، هل تتحسسه بالحقيقة ؟!

هل العالم وشهواته ومخاوفه قد انطرحوا بعيداً عن القلب ؟ هل أنت حقاً وفعلاً لا تشتهي شيئاً ولا تخاف شيئاً؟

هل في القلب صلاة مرفوعة ، وحب قائم دائم ، وطهارة بالنية لا تتنازل ؟

هل القلب عامر بكل هذه الأشياء ؟

فاصل

من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى