أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر
“أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر” (مت ۲۰:۲۸)
إن المسيح واقف على قلب الإنسان ويقرع ؛ فإذا فتح القلب ، يدخل ويتعشى مع الإنسان ويتعشى الإنسان معه . فصحن الإنسان الذي يأكل فيه هو همه وأمله ورجاؤه ، يجتزه كل يوم وكل ساعة . أما صحن المسيح فهو عزاؤه وفداؤه وروحه القدوس . هكذا يُشارك المسيح الإنسان ، ويشترك الإنسان مع المسيح . هو تبادل الأعواز مع عطاياه التي تجعل همومنا مقبولة عنده ، وعطاياه مبهجة لقلوبنا جداً .
شعور الإنسان بالغربة في العالم ، وإحساسه بالخوف الدائم من لصوص الكنوز القلبية ، هو الذي يعطي المسيح الإحساس بضرورة المجيء والسكنى حتى يُنشئ في قلب الإنسان خيمته السماوية ، ليشعر الإنسان أنه مواطن سماوي مهما تألبت عليه مواجع الأرض والناس والزمان . وهذا هو الذي قال عنه المسيح : إن خرافه يعرفها بأسمائها وإنه يجمعها إلى حظيرته ويطعمها نعمته وسلامه ، فتدخل وتخرج وتجد مرعي . هكذا نعيش مع الراعي الصالح الذي نصب خيمته بشبه حظيرة داخل قلوبنا ، ندخل إليه في سلامه ونخرج محملين بالعطايا .
لكن إن استثقلنا غربتنا وتآلفنا مع العالم ، بمعنى : إن خرجنا نطلب عزاءنا من أفواه الناس ، وشبعنا من خبز الشركة الدنيوية ؛ لا يجد المحبوب سبباً للمجيء إلينا . لا كأنه يُعادينا ، ولكن كأنه يستثقل نفسه علينا ، إذ يحس أنه ضيف غريب أو كمسافر ليس له مكان للمبيت ، ولكن ، للذين كرسوا القلب له وزرعوا فيه صليبه ، حتما يأتي.
من كتاب الإنجيل في واقع حياتنا للأب متى المسكين