الإيمان العاطل

 

1- ما هو الإيمان؟

 وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى(عب 1:11). فالإيمان يتناول الأمور التى لا تُرى وهى كثيرة جدًا منها أمجاد السماء والحياة الأبدية.

 والإيمان هو الصخرة التى بنى عليها السيد المسيح كنيسة العهد الجديد حين سأل التلاميذ: من يقول الناس أنى أنا؟ فأجاب بطرس وقال: أنت هو يسوع المسيح ابن الله الحى فقال يسوع: “أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا” (مت 18:16).

 

 2- متى يتم إعلان الإنسان للإيمان؟

الإنسان يعلن الإيمان عند قبوله إتمام سر المعمودية.

3 – أنواع الإيمان:

فى ضوء رسالة يعقوب الرسول يتضح أن هناك نوعان للإيمان:

أ- الإيمان العامل.

ب- الإيمان العاطل.

 أولاً: ما معنى الإيمان العامل؟

هو الإيمان العامل بالمحبة (غل 6:5) ووضع القديس بولس الرسول المحبة كشرط للإيمان الحقيقى أى أن: تثــمر

وهذا الإيمان ينقى القلب وهو شرط لخلاص المؤمن، والثمر يأتى من الشجرة الحية فقط نتيجة الثبات فى المسيح، لذا أعلن السيد المسيح: “بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا” (يو 5:15).

قصة:

جون رجل أمريكى ثرى، يكسب مليون دولار فى الأسبوع ولما بلغ من العمر54 سنه أصيب بمرض خطير وصرح الأطباء أنها النهاية، لا أمل.. وفيما يفكر جون اكتشف أن بالقرب من قصره يسكن جماعة من زنوج أمريكا، والفرد يموت لأنه لا يملك 20 سنتا يشترى بها الدواء، لأنهم مصابون بالانكلستوما.. فكر جون وقرر مساعدتهم وعلاجهم، وبنى لهم مستشفى، وترك لهم وديعة لكى ينفقوا من عائدها بعد موته، ولم يمت جون، ثم بنى لهم كنيسة ولم يمت جون، وبنى لهم مدارس، والمفاجأة عاش جون 40 سنة أى توفى وعمره 94 سنة، ولما سألوه عن تجربته قال: فى الخمسين سنة الأولى من عمرى كسبت كثير وعشت لذاتى ولكن خسرت صحتى، وفقدت أسنانى، وسقط شعرى، أما الأربعون سنة التالية رجع لى سلامى بل وانسانيتى، ورجع لى عمرى، عندما خرجت من ذاتى وعشت من أجل محبة الناس وخدمتهم.

أمثلة للإيمان الحى:

1- إبراهيم أب الآباء: (يع21:2-24) هو أب الشعب اليهودى الذى أظهر ايمانه العامل، إذ قدم اسحق ابنه ذبيحة، وهو يؤمن أن الله قادر أن يقيمه من الأموات، أى أنه بالأعمال أُكمل الإيمان “بِالأَعْمَالِ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ، لاَ بِالإِيمَانِ وَحْدَهُ” (يع24:2) آية للحفظ.

2- راحاب الزانية: (يع25:2) لقد شهد شعب أريحا بقوة الله (يش9:2) ولكن لم يقتنع أحد بهذه الشهادة إلا راحاب، فقبلت الرسل وأمنت خروجهم. “رَاحَابُ الّزَانِيَةُ أَيْضاً، أَمَا تَبَرَّرَتْ بِالأَعْمَالِ، إِذْ قَبِلَتِ الرُّسُلَ وَأَخْرَجَتْهُمْ فِي طَرِيقٍ آخَرَ؟” (يع25:2).

ثانياً: مامعنى اًلإيمان العاطل؟

هو الإيمان النظرى أى اعتراف بالفم بدون محبة الله والغير، فيكون بدون أعمال أى بدون ثمر كما قال معلمنا يعقوب الرسول: “هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ؟” (يع 20:2) آية للحفظ.

هذا الإيمان يجعل الأشخاص مذنبين ويفعلون الشر، ويكون كشجرة بدون ثمر أى بلا حياة.

أمثلة للإيمان العاطل (الميت):

 1- العطف على المسكين بالأقوال وليس الأفعال (يع 15:2-17) أخ وأخت فقراء فتعطف عليهم بالكلام دون أن تقدم عملاً ايجابيًا، فأنت لا تسد احتياجهم “هَكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ” (يع 17:2).

2- التشبه بالشياطين (يع 19:2) الإنسان الذى له إيمان ولكن ليس له أعمال صالحة مثل الشياطين الذين يؤمنون ويقشعرون من الخوف الشديد من الله، ولكنهم مستمرون فى شرورهم فيجعلهم مذنبون. “أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ!” (يع19:2) آية للحفظ.

كيف اقتنى الإيمان العامل بالمحبة؟

  1. محبة الله: لذا كانت أول وصية: “َتُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ” (مر12: 30).
  2.  قراءة كلمة الله يوميًا: “اَلْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ” (يو6: 63).
  3. حفظ الوصايا ليس بالفكر فقط بل بالعمل أيضاً: “إِنْ أَحَبَّنِى أَحَدٌ يَحْفَظْ كلاَمِى” (يو23:14).
  4.  قبول الآخر ومحبته: على اختلاف انتمائه ودينه وصفاته وتكون المحبة عملية “لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ!” (1يو 18:3).
    قول للقديس دوريثيؤس: “إننا جميعًا نمثل نقاط على محيط دائرة، مركزها السيد المسيح، كلما اقتربنا من بعض كلما اقتربنا من مركز الدائرة (السيد المسيح) والعكس”.
  5.  احتمال التجارب بفرح: كثيرًا ما يهمس الشيطان فى أذاننا إذ يقول: أن الله قاسٍ ولا يحبنا، إذ يسمح بهذه الآلام لنا، ولكن الشيطان كذاب وأبو الكذاب، لأن هناك أدلة كثيرة على محبة الله لنا منها:
  • 1- الله استمر فى خلق العالم ألاف السنين ليعد لآدم جنة يحيا فيها.
  • 2- الألم دخل إلى العالم بسبب خطية آدم وليس بسبب قوة الله.
  • 3- المسيح جاء ليتألم معى ويشترك معى فى الألم علامة محبة منه، والمسيح كإله قدير حوّل العقوبة لى خلاصًا، فصار الألم طريق الكمال والسماء.
  • 4- صار الألم كمشرط الجراح الـذى ينزع مـن داخلنا حب الخطايا والميول المنحرفة.
  • 5- هناك تعليم خاطئ: أن الله يجربنى ليعلم ما فى قلبى، ولكن هذا خطأ، لأن الله فاحص القلوب والكلى، ولا يحتاج أن يجربنى بل هو يسمح بالتجارب لكى أصل للكمال. “مَنْ تَأَلَّمَ فِى الْجَسَدِ كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ” (1بط 1:4) آية للحفظ. بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ يَنْبَغِي أَنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ (أع 22:14).

والعجيب أن الله لا يتركنى وسط التجارب، بل يعطينى عزاء وصبرًا، لكى أتحمل وهذا ما قالته عروس النشيد: “شِمَالُهُ (التجارب) تَحْتَ رَأْسِي وَيَمِينُهُ تُعَانِقُنِي (تعزياته)” (نش 6:2) ومن إحسان الله علينا أنه يسمح بالتجارب ولا يستجيب لطلباتنا سريعًا، بل يتركنا فى الضيق لنتعلم الوجود فى حضرته، والإلحاح فى الصلاة مع الصبر.  “أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ” (يع 13:5) آية للحفظ.

ولكن.. لماذا نفرح بالتجارب؟

قبل أن نجيب على ذلك.. نرى أمثلة للتجارب ونتيجتها:

> موت لعازر كان سبب بركة وإيمان لكثيرين.

> مجاعة مصر أيام يوسف كانت سبب بركة وخير للعالم كله، وكذلك لقاء يوسف بأخوته وأبوه، بل وأنقذهم من الموت بسبب المجاعة، حتى أن يوسف قال لأخوته: “لاِسْتِبْقَاءِ حَيَاةٍ أَرْسَلَنِيَ اللهُ قُدَّامَكُمْ” (تك 5:45) لذلك نفرح بالتجارب.

> الألم علامة حب من الله.. “لأَنَّ الَّذِى يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ” (عب6:12).

طالما سمح الله بالتجارب فهو يريد أن يخلصنى من طبيعتى الساقطة، والإنحرافات التى فى داخلى.

طالما هى شركة ألم مع المسيح فهى شركة مجد.

بالتجربة تزداد التعزيات، لذا الكتاب يأمرنا: (أفرحوا كل حين + صلوا بلا إنقطاع + اشكروا فى كل شىء) لذلك فى طقس الكنيسة المرشدة بالروح القدس.. تبدأ كل الصلوات فى كل المناسبات بصلاة الشكر.

 

أقوال آباء عن الضيقة:

> من يهرب من الضيقة يهرب من الله (الأنبا بولا)

> من ليس له صليب فليبحث له عن صليب، نفس بلا صليب كعروس بلا عريس (القمص بيشوى كامل).

 

6- تقديم التوبة والفرح بها: بالتوبة ندخل إلى الله، وبدونها لا ننتفع بالبركات الإلهية التى نلناها فى المعمودية، ولا نستحق التناول من الأسرار المقدسة للاتحاد بالرب، ولا نعرف كيف نصلى، مع ملاحظة أن التوبة لا تكون كلام ولا مجرد مشاعر بل سلوكًا، وحياة، وطهارة قلب وإتضاع. “يُقَاوِمُ اللَّهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً” (يع 6:4).

 

وأن الفرح يبدأ بحياة التوبة ويبلغ قمة الفرح فى حياة التسليم.

زر الذهاب إلى الأعلى